هل ما زال الليل ستار كما يقول البعض .. العنوان يحتاج لفك بعض رموزه عن النمو والليل وذلك قبل الخوض في المضمون أو الموضوع ولا علاقة لذلك بقرار حكومة مصر الحالية بإغلاق المحلات ليلا والمرفوض شعبيا .. كما انه لا علاقة له بتسهيل أعمال الملاهي الليلية لعودة السياحة ..
وقبل أن تسبقني فرحا وتقول إن سرقت اسرق جمل وان عشقت اعشق قمر لتحل فزوره الليل .. وتلمع عيناك سخرية والمعني اسرق جمل لأنه أسهل بكثير من سرقة دجاجة مثلا ، فعندما تسرق جملا فهذا سيجعل كل من حولك يغضون الطرف عنك أملا في مشاركتك في لحم الجمل .. أما عندما تسرق دجاجه فسيصيح الديك فورا فأنت تستفز الجميع للجري ورائك والصياح امسك حرامي لان الدجاجة لا تكفى أحدا غيرك .. لهذا يحاول الجميع الإمساك بك ليكسبوا على الأقل الظهور بمظهر الأبطال حماة الأمانة والشرف ..
طبعا ستقول شر البلية ما يضحك .. وسأقول معك خير اللهم اجعله خير ..
لكننا سنتوقف عند موضوع السرقة فموضوعنا شائك .. الموضوع فعلا أكبر من الجمل من منطلق الصعوبة ومثال من الآية عن دخول الجمل في سم الخياط . ولكن دعنا نقرأ هذه القصة أولا ربما تلقي بعض الضوء ..
قرر عمال احد الشركات الإضراب .. وكان الحل أن يذهب رئيس مجلس الإدارة إلي رئيس هيئة الغرف التجارية يستشيره حول قرار إغلاق الشركة .. يعرف أن المنافسة شديدة والسوق مفتوحة .. المفاجأة أن الأخير طلب منه تنفيذ الزيادة وفوقها نسبة بشرط قبول العمال بالعمل ساعات إضافية .. وعندما استفسر منه عن كيفية تعويض الخسارة أجاب ..
.. تري لماذا يطلبون الزيادة .. أليس ذلك لمواجهة موجة الغلاء والمتطلبات الحياتية .. قال الرئيس وهو يهز رأسه ويحرك يديه ببطء وقد رفع حاجبيه نعم ..
.. قال هذا أفضل من البلطجة والسرقة .. ثم السنا الموردين لاحتياجاتهم .. صمت الرجل ..
ساعتها سنعوض الزيادة أضعافا مضاعفة .. أو كما يقول شعبنا العبقري ودنك منين يا جحا ..
وهذا ما يطلقون عليه في عالم الاقتصاد التضخم وتدهور سعر العملة أو الاقتصاد الورقي .. وعندها الحل السهل أطبع يا مرسي .. وبيع يا مرسي أو لطفي .. وتحية خاصة للفنان المتميز جميل راتب وأداء السهل الممتنع والعبقري محمد صبحي متعدد المواهب ورحلة المليون .. وهنا يطرح سؤالنا نفسه .. ماذا لو لم تستجب الإدارة ..
وماذا عن فرص الشباب في مجتمع يمثل الشباب أكثر من نصف سكانه ..
نستعير بعض المعاني من كتاب لوزير هندي يحمل نفس العنوان وكيف تنمو الهند ويزيد عدد سكانها بينما لا تنمو الحكومة وتخطط لتشغيل هؤلاء الشباب ..
بدون حكومة قوية سيصبح عندنا شباب غير مؤهل للعمل والإبداع ودفع عجلة النمو ..
قطعا تحمل الأسرة والمؤسسة التعليمية نصيب كبير فضلا عن الشباب أنفسهم ..
وكأنه يتحدث عن مصر رئيس غير مؤثر وحكومة ضعيفة وضباب سياسي واقتصادي وانفلات امني واجتماعي ..
نعم هذه هي الحالة الموجودة بمصر حاليا واستمرار حوار الطرشان .. ومن ثم ظهور ردود الفعل العنيفة خاصة مع حكاية الحصانة للرئيس .. ويبدو النمو في الاتجاه السالب بعيدا عن الأضواء وكارثة انهيار المجتمع ..
تتشابه طبائع البشر فى كل المجتمعات الديمقراطية وغيرها حيث توجد مجموعات متطرفة تخرج عن السياق الذي تفرضه ثقافة المجتمع ، ولكنها تظل هامشية وتحظى بدرجات متفاوتة بنفور المجتمع منها طبقا للأعراف المنتشرة ، ولكن غباء السلطة سواء الأسرة او السلطة السياسية في بعض الأنظمة قد يعجل بارتفاع نبض المواجهة ويجعل هؤلاء في صدارة المشهد ويضفى على أعمالهم الخارجة على القانون ثوب النضال المشروع بسبب سوء التعامل معهم، وتبدو الغالبية وكأنها تدفع ثمن فشل الإدارة مرغمة مع انفلات الغضب واختلاط النوايا السيئة بالنوايا الحسنة. لكن استمرار غباء الإدارة بحجة الصندوق أو حتى الشرعية الدستورية .. وقد رأينا كيف تم تمرير الدستور المسلوق مما يطيل مرحلة استنزاف الوطن وإهدار موارده وقتل الأمل في قلوب مواطنيه، الذين تفاءلوا خيرا بالثورة فلم يجدوا بعدها إلا مزيدا من الخوف والدماء والفزع، الصامتون في بيوتهم غير راضين عن النظام الحاكم ولا عن معارضته ويزداد كفرهم يوما بعد يوم بكل هؤلاء، ويتساءلون هل يخاف هؤلاء على الوطن........؟
ما هذه الأسئلة الغبية وهل تشاركني في أننا ما زلنا على حالنا، نطلق ذات الشعارات، نحلم بذات أضغاث الأحلام، والى جانب ذلك فإننا لا نفعل شيئا في ضوء ما يجري حولنا والعوالم التي تحولت أمام ناظري من رفعوا الرايات السود والخضر وذات السيوف (كما ظهرت رايات حمراء بمناجل ومطارق مضى زمانها وانقضى وهى برغم حماقتها المفارقة لعدوانية وعنف الرايات الأخرى إلا أنها تنويعة بائسة على التفكير التحت أرضى، وغير ذات شأن فيما نحن فيه لكنها تتفرغ وتُشرِّع لنفسها كافة الأسلحة غير المشروعة فى إقصاء الغير، الكذب والاستحلال والاستباحة والاستغفال، فى سبيل الإمساك بزمام السلطة، وما أن تمسك بهذا الزمام حتى تجمح فى تكريس دوام هذه السلطة لنفسها، وتُصبح الديمقراطية مجرد سلم يوصل الجماعة أو التنظيم إلى ارتقاء سُدَّة الحكم، ثم يُركَل هذا السلم أو يُحرَق، بسفورٍ فج، أو بالمداورة والمناورة وبيع مقولات تبدو ديمقراطية لكنها في السلوك العملي تطيح بأي معنى للديمقراطية، وهذا ما رأيناه يتكرر ويشكل نوعا من العنف المعنوي ضد غالبية المصريين ممن لا ينضوون تحت رايات هذه الجماعات ..
هل النمو في اتجاه الحرية والعدالة الاجتماعية هو ما يحدث الآن والذي قامت الثورة من اجله ..
وكان السؤال الآخر الذي لم يلتفت له أحدٌ أبدا يومها، الهتاف كان بإسقاط النظام ..
إن كان الرجل قد سقط استجابة لنداء شعب يريد «إسقاط النظام»، فهل الذين استلموا الأمور بقرار منه أو صبيانه كما يقولون من إخوان ومعارضة كرتونية كانوا يريدون أيضا «إسقاط النظام»؟
تقول الشواهد، كما يعرف الذين اقتربوا من دوائر صنع القرار وقتها أن الإجابة لم تكن هكذا بالضبط. فقد كان كل واحد يغني علي ليلاه .. وهكذا لا يصنع سوء الفهم او اللخبطة نموا في الاتجاه الصحيح .. وتظل ظلال الثورة تتراقص علي الجدران بإشكال مختلفه.. .. وعودة إلي ظاهرة السرقة وكيف يعتقد البعض إن الثورة تمت سرقتها من فصيل واحد نلاحظ أن الفوضى المنتشرة لا تتوقف وكأنها مخطط لها حيث ينشغل الجميع بالحوادث ثم يصحون علي نتائج معروفة .. استرقنا يا جدعان ..
الواضح وعودة إلي قصتنا وظهور النهار لنجد أن مفهوم «الشركة» لا «الدولة» يهيمن مجددا على المشهد السياسي والاجتماعي بصورة أكثر خطورة وإرباكا تضع مصر في دائرة الخطر الداهم، فرئيس الجمهورية الجديد يبدو قريبا من صورة «رئيس مجلس إدارة» لشركة توشك على الإفلاس وعليه العودة دائما إلي المرشد المشغول بأخونة الدولة وعودة مسألة أهل الثقة .. المعضلة هنا أن الدولة التقليدية بلا دور خوفا وتوجسا والدولة الاخوانية الموازية بلا كفاءة وولادة مجتمع مشوه