الباب الأول :
إتخاذ المحمديين الشيطان وليا من دون الله جل وعلا
الفصل الأول :
القاموس القرآنى : ( إتّخذ ـ يتخذ ) ( 1 ) (2 )
القاموس القرآنى : ( إتّخذ ـ يتخذ ) ( 1 )
أولا : الإتّخاذ فى غير الدين
1 ـ فى قصة موسى عليه السلام . قال جل وعلا :
1 / 1: ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿٦٠﴾ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿٦١﴾ الكهف) ( قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴿٦٣(الكهف ). الحوت ( إتخذ سبيله فى البحر )
1 / 2 : ( فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴿الكهف: ٧٧﴾. سأل موسى العبد الصالح أن ( يتخذ أجرا ).
2 ـ فى قصة مريم عليها السلام.قال جل وعلا:( فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴿مريم: ١٧﴾.مريم إعتزلت قومها و(إتخذت من دونهم حجابا )
3 ـ عن النحل قال جل وعلا : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴿النحل: ٦٨﴾. النحل ( يتخذ بيوتا ) .
ثانيا : الإتخاذ الدينى فى الاسلام
1 ـ الله جل وعلا
1 / 1 : يتخذ من المؤمنين شهداء ليشهدوا على أقوامهم يوم الحساب . أولئك هم الدعاة الى الحق . قال جل وعلا : ( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿١٤٠﴾ آل عمران )
1 / 2 : كافأ رب العزة جل وعلا ابراهيم عليه السلام ف ( إتخذه خليلا ) . قال جل وعلا : ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴿النساء: ١٢٥﴾
2 ـ المؤمن :
2 / 1 : يتخذ ربه جل وعلا وحده وكيلا يتوكل ويعتمد عليه . ( رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴿المزمل: ٩﴾
2 / 2 : يتخذ الى ربه سبيلا : أى التقوى . قال جل وعلا :
2 / 2 / 1 :(إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ﴿المزمل: ١٩﴾( الانسان 29 )
2 / 2/ 2 : (ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا ﴿النبإ: ٣٩﴾
2 / 2 / 3 : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ﴿٥٧﴾ الفرقان ).
2 / 3 : وبالتقوى يستحق أن يكون له عند ربه جل وعلا عهد بأن تشفع له أعماله لأنه قام بعهد الله جل وعلا وأوامره ، أو بالتعبير القرآنى : ( لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ﴿مريم: ٨٧﴾،
2 / 4 : وهو ينفق فى سبيل الله جل وعلا ما يقربه من الله جل وعلا ، أو بالتعبير القرآنى عن بعض الأعراب المؤمنين : (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّـهِ )﴿٩٩﴾التوبة ).
2 / 5 : لا يتخذ المؤمن :
2 / 5 / 1 : مخلوقا مقدسا مؤلها مع الله جل وعلا :
2 / 5 / 1 / 1 : لا يتخذ وليا مع الله جل وعلا ، أى يكتفى بربه جل وعلا وليا : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿الأنعام: ١٤﴾
2 / 5 / 1 / 2 : لا يتخذ زوجة أو ولدا ينسبه لرب العزة جل وعلا. قال الجن المؤمنون : ( وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴿الجن: ٣﴾
2 / 5 / 1 / 3 : قال فتية أهل الكهف عن قومهم المشركين :( هَـٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ﴿الكهف: ١٥﴾
2 / 5 / 1 / 4 : وقالها الرجل المؤمن فى قصة القرية التى أرسل الله جل وعلا ثلاثة من الرسل . ( أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ﴿يس: ٢٣﴾
2 / 5 / 2 : لا يتخذ المؤمن اولياء من الكافرين : ( الموالاة تكون فى الحرب : مع هذا ضد ذاك )
2 / 5/ 2 / 1 : فى حالة محاربة الكافرين المؤمنين المسالمين فالمؤمن إذا كان يعيش مع الكافرين المعتدين لا يواليهم فى إعتدائهم على المؤمنين المسالمين ، وعندما يخاف من الإضطهاد يجوز له أن يتقيهم أى يظهر لهم الولاء ولكن يظل قلبه متمسكا بالحق ، وهذه هى التقية فى الاسلام ، ليست فى التآمر كما يفعل الشيعة وليست فى التلون والنفاق كما يفعل المشركون أصحاب الوجوه المتلونة طلبا للجاه والسلطان ، ولكن التقية هى للمؤمنين المضطهدين للنجاة من ظلم المشؤكين المستكبرين المعتدين . قال جل وعلا : ( لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ ﴿٢٨﴾ آل عمران )
2 / 5 / 2 / 2 . لا يتخذ المؤمنون وليجة أى بطانة من المنافقين معادية لله جل وعلا : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٦﴾ التوبة )
2 / 6 : وهم عند تأدية مناسك الحج يتخذون من مقام ابراهيم مصلى ، أى يؤدون الصلاة حيث وقف ابراهيم امام البيت يدعو الى الحج . ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )﴿البقرة: ١٢٥﴾
ثالثا : الله جل وعلا لم يتخذ معه وليا ولا شريكا ولم يتخذ له ولدا
1 ـ فى نفى إتخاذه جل وعلا ولدا أو شريكا فى حكمه قال رب العزة :
1 / 1 :( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖوَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴿١١١﴾ الاسراء )
1 / 2 : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴿١﴾الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴿٢﴾ الفرقان )
2 ـ المسيحيون زعموا المسيح إبنا لله جل وعلا . ورد رب العزة عليهم فقال :
2 / 1 : ( قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿يونس: ٦٨﴾. فالله جل وعلا هو الغنى غير المحتاج لاتخاذ معين له ، وهو جل وعلا مالك السماوات والأرض ، وما عداه جل وعلا فهو ملك له ومن خلقه ، ثم أنه ليس للكافرين حُجّة تثبت هذا الإفك ، وهم يفترون على الله جل وعلا ما لا يعلمون. يتكلمون نيابة عن الله جل وعلا إعتداءا وجهلا .
2 / 2 : ( وقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) ﴿البقرة: ١١٦﴾ . هو جل وعلا وحده مالك السماوات والأرض ، وكل مخلوقات الله جل تحت هيمنته فما من دابة إلا هو جل وعلاآخذ بناصيتها ، بيده حياتها وموتها ، وله أسلم من فى السماوات والأرض طوعا وكرها . وجميعهم اليه وحده راجعون . فكيف يتخذ معه شريكا ؟
2 / 3 : ( مَا اتَّخَذَ اللَّـهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿المؤمنون: ٩١﴾. هنا دليل عقلى ينفى وجود إلاه معه ، لأنه لو كان معه شركاء ولها مخلوقات لتنافست تلك الآلهة مع بعضها بما يسبب دمار العالم .
2 / 3 : وقال جل وعلا بأسلوب الاستنكار والتهديد لمن زعم أنه إتخذ ولدا :
2 / 3 / 1 : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿95)مريم)
2 / 3 / 2 :( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ﴿ ٤﴾ مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚإِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿٥﴾ الكهف )
2 / 4 : ( ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚقَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴿٣٤﴾آل عمران )ثم تأكيد حقيقة أنه جل وعلا ما إتخذ ولدا : (مَا كَانَ لِلَّـهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٣٥﴾ آل عمران )
2 / 5 : ويوم القيامة سيسائل رب العزة المسيح عما زعموه ، وسينكر المسيح أقوالهم وسيتبرأ منها ومنهم : ( وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْن">﴾ آل عمران )
3 ـ ولم يتعظ اليهود والنصارى . لم يكتفوا بتأليه المسيح وغيره بل زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه . وهى مقولة كافرة رد الله جل وعلا عليها فقال : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّـهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖوَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٨﴾ المائدة )
5 ـ أوضح جل وعلا قصة المسيح ، ثم قال : ( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴿٥٨﴾آل عمران ) ثم قال جل وعلا عن طبيعة عيسى :( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٥٩﴾ وأن هذا هو الحق :( الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٦٠﴾ آل عمران ) ثم الدعوة الى المباهلة لو إستمروا على زعمهم : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴿٦١﴾ آل عمران ). وبرغم كل ما جاء فى القرآن الكريم عن نفى أنه جل وعلا إتخذ ولدا ، ورغم أن معظم المحمديين يحفظون سورة (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ﴿١﴾ اللَّـهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿٣﴾وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿٤﴾) إلا إنهم زعموا :
5 / 1 : أن محمدا مخلوق من النور الالهى ، أى هى نفس عقيدة المسيحيين فى نسبة الولد لرب العزة جل وعلا مع تحوير لفظى . أئمة المحمديين إفتروا حديثا يقول : ( أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ) ، وزعموا أن محمدا أول من خلق الله ، زعموا : ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ، وكنت نبيا ولآدم لا ماء ولا طين ).
5 / 2 : أن ( النور المحمدى ) إنتقل من محمد الى الأولياء ولا يزال يتنقل . وتلك ما يسمونه بالحقيقة المحمدية . وهى نفس مقولة (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّـهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖوَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿١٨﴾ المائدة )
5 / 3 :وكما يقول المسيحيون أن ( الروح ) هى جزء الاهى داخل الانسان فإن المحمديين يؤمنون بهذا الإفك ، وأبو حامد الغزالى فى كتابه ( إحياء علوم الدين ) وفى كتاب ( مشكاة الأنوار ) زعم أن ( الروح ) فى القرآن الكريم هو جزء إلاهى داخل الانسان . هذا مع ( الروح ) فى القرآن الكريم يعنى ( جبريل ) ، ولنا مقال منشور بهذا الصدد .
5 / 4 : كفر (المحمديون ) بعقيدة ( لا إله إلا الله ) وصنعوا إلاها أسموه (محمدا ) تتناقض صفاته مع صفات محمد خاتم النبيين عليه وعليهم السلام . بل تطرفوا فى تأليه هذا الإله المزعوم أكثر من تأليه ( المسيحيين ) لالههم المزعوم (المسيح ).!
التعليقات(2)
1 تعليق بواسطة سعيد علي في الجمعة 12 يوليو 2019
[91160]
وان تدعوهم الى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون
سبحانه جل و علا ... سبحانه عندما يستخدم كلمة ( سبحانه ) في رده عليهم .. ما أعظمك يا إلهي و لا نقول إلا كما قلت عن نفسك : فسبحانك سبحانك.
مقال جميل جدا كالعادة .. و فوق العادة كالعادة .. حفظكم الله جل و علا ... ما أروع الرد الذي فيه كمية هائلة من الرجاء لله عز و جل من نبيه عيسى عليه السلام بالقول : ( ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم ) فماذا إذا غفر لهم الله عز و جل ! لاحظ وصف عيسى لهم بأنهم ( عبادك ) هذا مع أن عيسى عليه السلام لا يعلم ماذا افتروا عليه من بعده و هذا الحديث المعجزة في حد ذاته و هو غيب سيتحقق سيكون يوم القيامة . لو أن المسيحيين آمنوا بالقرآن الكريم لوجدوا فيه كل الإجابات الشافية عن اسئلتهم و تساؤلاتهم و لكنهم ( إن تدعهم إلى الهدى لا يسمعوا ) . هي نفس المأساة تتكرر مع الناس و نفس الحجج تراها واضحة بينة من ( المحمديين ) و يبقى الدكتور أحمد واضحا صامدا لا يجامل في ( لا إله إلا الله ) و من يستمع بتركيز عال لحلقة ( لحظات قرآنية : عن الحج - التقوى - ) و فيها يوضح معنى التقوى بأنها ليس فقط أن ( تخاف الله جل و علا ) بل ( تخاف الله عز و جل و لا تخاف غيره ) و هو توضيح رائع جدا و جديد و دائما ما يقدم الدكتور أحمد الجديد . حفظكم الله جل و علا.
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في السبت 13 يوليو 2019
[91164]
شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:
-
ددخل أهل الكتاب فيما حسبوه إسلاما بعد قرنين تقريبا من الفتوحات الشيطانية . دخلوه يحملون أثقالا من دينهم الأرضى القديم فتحول الاسلام الى سُنة وتشيع وتصوف . وما إعتادوا قوله وفعله وإعتقاده قبل دخولهم دين الغُزاة أصبحوا يقولونه ويفعلونه ويعتقدونه بعد دخولهم دين الغزاة. الغزاة العرب مارسوا الكفر السلوكى بالاعتداء والاحتلال والسلب والنهب والسبى والاسترقاق ، ودخلت الشعوب فى دين كافر معتد للغزاة فصاغوا كفرا قلبيا.
التغيير كان فى الأسماء والمظاهر فقط ، بدلا من تقديس وعبادة المسيح قدسوا وعبدوا محمدا ، وبدلا من إتخاذ الأحبار والرهبان أربابا إتخذوا الأئمة والشيوخ احبارا ورهبانا ، وبدلا من الأناجيل التى كتبها أصحابها سيرة تاريخية للمسيح كتبوا ورووا سيرة للنبى محمد على نفس المنوال تقريبا مع بعض رتوش عربية قتالية ، وبدلا من معجزات القديسين صنعوا كرامات للأولياء.
الشيطان يتخفى خلف كثير من العمائم واللحى.
القاموس القرآنى :(إتّخذ ـ يتخذ )( 2 ):
إتّخاذ الشيطان وليا من دون الله جل وعلا :
أولا : الفاطر جل وعلا
بين ( خلق ) و ( فطر )
1 ـ ( خلق ) يفيد الخلق من خلق سابق أو الخلق بعد بعد خلق أو ( الجعل ). قال جل وعلا : ( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴿٦﴾ الزمر). أى هناك خالقون ولكن الله جل وعلا هو أحسن الخالقين. قال جل وعلا : ( فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿١٤﴾ المؤمنون ) ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ﴿١٢٥﴾ اللَّـهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٢٦﴾ الصافات ) لذا يوصف الانسان بالخلق ، ومنه خلق الإفك , قال ابراهيم عليه السلام لقومه : ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ﴿١٧﴾ العنكبوت) .
2 ـ أما ( فطر ) فهو الخلق من لاشىء . الله جل وعلا وحده هو ( فاطرالسماوات والأرض)أى فاطر كل شىء ، لأن السماوات والأرض تشمل ما فيهما ومن فيهما .
3 ـ لذا لا يوصف بالفاطر سوى رب العزة جل وعلا .
الله جل وعلا فاطر السماوات والأرض : يأتى هذا فى سياق :
1 ـ أنه جل وعلا لا شكّ فيه . هكذا قالت كل الرسل لأقوامهم : ( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ) ﴿ابراهيم: ١٠﴾ . ببساطة متناهية : انظر حولك وتفكر بصدق : من خلق كل هذا ؟
2 ـ الذى لا مثيل له جل وعلا . قال جل وعلا : ( فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿الشورى: ١١﴾
3 ـ جاعل الملائكة رسلا ، وهم بسرعات طيران لا نهائية . قال جل وعلا : ( الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴿فاطر: ١﴾
4 ـ عالم الغيب والشهادة الذى اليه وحده الحكم فى الاختلافات الدينية بين البشر يوم القيامة بما يؤكد تحريم الإضطهاد الدينى ومحاكم التنفتيش وأنه لا وجود للكهنوت الدينى ولا للسلطة الدينية فى دولة الاسلام . قال جل وعلا : ( قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿الزمر: ٤٦﴾ :
5 ـ فيما يخص موضوعنا ( أنه جل وعلا وحده هو الفاطر الولىُّ المعبود المُستعان به .
5 / 1 : قالها يوسف عليه السلام وهو فى أوج سلطانه : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿يوسف: ١٠١﴾ يوسف )
5 / 2 : وأمر الله جل وعلا خاتم النبيين عليهم السلام ان يعلنها : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗقُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴿١٤﴾ الانعام ). الله جل وعلا هو وحده الولى فاطر السماوات والأرض ، وهو وحده الذى يطعم غيره ولا يطعمه غيره ، بينما الأولياء المزعومة فهى مخلوقة وتحتاج لمن يطعمها .
الأنبياء والمؤمنون يعلنون إيمانهم بالله جل وعلا الذى ( فطرهم ) أى خلقهم من لا شىء ، وهم بذلك يعلنون التحدّى للمشركين وآلهتهم .
1 ـ قالها هود لقومه عاد (يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٥١﴾ هود )
2 ـ وقالها ابراهيم لقومه :
2 / 1 : ( إنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٧٩﴾ الانعام )
2 / 2 : ( قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٦﴾ الانبياء )
2 / 3 :( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴿٢٦﴾ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴿٢٧﴾ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿٢٨﴾ الزخرف)
3 ـ وقالها السحرة لفرعون يتحدُّونه :( قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٧٢﴾ طه )
4 ـ وقالها الرجل المؤمن لقومه فى القرية الظالمة التى كذبت ثلاثة من الرسل : ( وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴿٢٢﴾ يس )
ثانيا : الفطرة : لا تبديل للفطرة
1 ـ خلقنا الله جل وعلا من لاشىء . قال جل وعلا : ( هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴿١﴾ الانسان ). وقال جل وعلا للنبى زكريا : ( وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴿٩﴾ مريم ). أنت قبل مولدك بأعوام لم تكن شيئا مذكورا.
2 ـ بدأ خلق الأنفس كلها مرة واحدة فى البرزخ ، ثم خلق آدم وحواء ، ونفخ النفس فى جسد آدم ثم نفخ النفس فى جسد حواء ، ثم يتم نفخ كل نفس فى الجنين المخصص لها ويولد ذكرا أو انثى ، ثم يقضى الفرد العمر المقدر أن يعيشه فى هذه الأرض ثم يموت بأن تعود النفس الى البرزخ الذى أتت منه .
3 ـ ولأنه جل وعلا قد خلقنا من لاشىء ، فالمعنى أنه ( فطرنا ) . هو جل وعلا قد ( فطر) أنفسنا كلها حين خلقها على أنه ( لا إله إلّا الله ) وأخذ على الأنفس العهد بهذا . قال جل وعلا : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ) ﴿١٧٢﴾ الاعراف). إنها الفطرة المأخوذة من الفعل ( فطر ).
4 ـ هذه الفطرة هى الاسلام أو الدين القيّم الذى قال عنه الفاطر جل وعلا يأمر خاتم النبيين : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ الروم ) .
5 ـ هذه الفطرة متأصلة في البشر مهما بلغ ضلالهم ، وهى تستيقظ عندما يتعرض الانسان لخطر الموت فيصرخ مستغيثا بربه . والأمثلة كثيرة فى القرآن الكريم ، منها :
5 / 1 :( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴿٢٢﴾ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٣﴾يونس )
5 / 2 : ( قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٦٣﴾ قُلِ اللَّـهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴿٦٤﴾ الانعام)
6 ـ وأى ملحد متجرىء على ربه منكر له وهو مستريح ، فإذا وقع فى مرض ( أو وقفت شوكة فى حلقه) سيصرخ ما إستطاع متضرعا لربه جل وعلا. ومهما بلغ كفره فلن يصل الى فرعون موسى الذى حين أدركه الغرق آمن ( فى الوقت الضائع ) : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠﴾ يونس ) . الكافر يجحد الفطرة ، وهو يعلم بوجودها فى قلبه .
الشيطان يغير الفطرة ( لا إله إلا الله ) الى كفر
1 ـ تبديل الفطرة يعنى إنكارها بدرجة 100 % . أى إنكار وجود الله جل وعلا. أما تغيير الفطرة فهو تغييرها بدرجة كذا فى المائة . الله جل وعلا أكّد أنه ( لا تبديل لخلق الله ) ، بينما جاءت إشارة الى أن الشيطان يغير الفطرة . الشيطان لا يستطيع إقتلاع الفطرة من داخل الانسان ، فلا يمكن لأى إنسان مهما بلغ كفره أن ينكر وجود الله جل وعلا ، ولكن الشيطان يجعله يغير فطرته بأن يؤمن بالله جل وعلا ويؤمن معه بآلهة أخرى وأولياء آخرين .
2 ـ معنى الكفر ليس إنكار وجود الله جل وعلا ولكن تغطية الفطرة النقية بالايمان بأولياء وآلهة مع الله جل وعلا . فالكفر يعنى التغطية ( كفر ) يعنى ( غطّى ) ومنها ( الكفارة ) التى تغطى الذنب ، والزارع ( كافر ) بمعنى أنه يغطى البذور بالتراب . قال جل وعلا : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ) ﴿٢٠﴾ الحديد ) . ولهذا ففى الكفر إيمان بالله ولكنه إيمان قليل لا يأبه به رب العزة جل وعلا إذ يؤمن الكافر بالله جل وعلا ويؤمن بآلهة وأولياء معه . قال جل وعلا : ( بَل لَّعَنَهُمُ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ ﴿البقرة: ٨٨﴾ ( وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّـهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿النساء: ٤٦﴾.هنا إيمان قليل يعبر عن كفر يستحق صاحبه اللعنة، فالكفر هو تغيير للفطرة .
إتخاذ الشيطان وليا معبودا من دون الله جل وعلا
1 ـ الشيطان هو الذى يفعل هذا ببنى آدم . هذا ما أعلنه الشيطان : ( وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿ ١١٨﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ ). تغيير حلق الله أى جعل الفطرة كفرا بالايمان بالله جل وعلا وإتّخاذ أولياء معه .
2 ـ هذا الذى تتغير فطرته بأن ( يتخذ مع الله جل وعلا أولياء وآلهة ) يكون فى الحقيقة قد إتخذ الشيطان وليا معبودا ، فبقية الآية تقول : (ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا﴿١١٩﴾ النساء ).
3 : فى خاتمة قصة آدم وهبوطه من الجنة وزوجه قال جل وعلا:
3/ 1 : يحذّر بنى آدم من مكر الشيطان : ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ) بعدها قال جل وعلا : ( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾ الاعراف )
3 / 2 : يحذر بنى آدم من موالاة عدوهم الشيطان : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗأَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴿٥٠﴾ الكهف )
4 ـ : وقد قال جل وعلا عن الضالين : ( وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ) ثم قال عنهم : ( إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴿الأعراف: ٣٠﴾ . فالشيطان يُقنع أولياءه أنهم مهتدون ، فيحسبون أنهم مهتدون .
5 ـ ولهذا حذّر رب العزة جل وعلا المؤمنين من إتخاذ الشيطان وليا فقال : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴿فاطر: ٦﴾.
6 ــ ووعظ رب العزة جل وعلا المؤمنين بأن يخافوه جل وعلا وحده ، لأنهم إذا لم يتقوا رب العزة سيصبحون أولياء للشيطان وسيخيفهم الشيطان من كل شىء ، فهكذا يفعل الشيطان بأوليائه . قال جل وعلا : ( إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧٥﴾ آل عمران )
7 ـ الشيطان يدفع أولياءه للكفر العقيدى بعبادة البشر والحجر ، ويدفعهم للكفر السلوكى بالاعتداء الحربى على المسالمين . والذين يعتدون على من لم يعتدوا عليهم يكونون أولياء الشيطان ، وهذا ينطبق على قريش حين كانت تعتدى على المؤمنين فى المدينة ، وينطبق على خلفاء قريش ( الفاسقين ) الذين قاموا بالفتوحات الشيطانية . وهذا هو الفارق بين الذين يقاتلون دفاعا والذين يقاتلون معتدين ، فالمعتدون يقاتلون فى سبيل الطاغوت وهم أولياء الشيطان . قال جل وعلا : ( الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴿٧٦﴾ النساء ).
أخيرا :
1 ـ حين أخذ الله جل وعلا عهد الفطرة على الأنفس البشرية حذرهم وهم فى عالم البرزخ مقدما ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴿١٧٣﴾ الاعراف ). حذرهم رب العزة مقدما من عودتهم اليه يوم القيامة ضالين وقد إتخذوا الشيطان وليا ، ويعتذرون بالغفلة وإنهم وجدوا آباءهم هكذا فساروا على ما كان عليه السلف : ( أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ )
2 ـ وسيتحقق هذا يوم القيامة حيث سيقول لهم رب العزة جل وعلا يؤنبهم : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٦٠﴾ وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚهَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖأَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴿٦٢﴾ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴿٦٣﴾ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿٦٤﴾ يس )
3 ـ إذا كان بنو آدم لا يرون الشيطان وقبيله . فكيف يتخذونه وليا ؟
التعليقات(2)
1 تعليق بواسطة سعيد علي في الإثنين 15 يوليو 2019
[91165]
و يحسبون أنهم مهتدون!
كالعادة و كالعادة فوق العادة مقال يكتب بماء الذهب و لتأكيد فكرة المقال الرائعة هناك من حقت عليهم الضلالة لأنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله عز و جل و هم يحسبون أعمالهم هذه و اتخاذهم الشياطين أولياء أنهم يحسنون صنعا ! يقول جل و علا : ( فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة أنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ) و مازالوا يحسبون أنهم مهتدون و هم تتملكهم حالة – شيطانية – من الغضب الأعمى عند نقد ( أولياءهم !! ) هذه الحالة يجب أن ندرسها و نحللها علنا نجد خيطا و لو رفيعا نتمسك به لنقول : بالقرآن و كفى تهرب من خطوات الشيطان و تبدأ الطريق الطويل و لكنه آمن و سالك لتصل إلى لا إله إلا الله بنسبة 100 % . و تسقط من قلبك أي تمسك أو إيمان بغيره و تبدا في تنظيف عقلك من جبال شاهقة من ( العك الكروي !! ) و ( غابة من السيقان !! ) – هذا تعبير رياضي يعرفه المتخصصون في كرة القدم و نحن نشاهد بطولة كاس إفريقيا بمصر و وصول الجزائر لنهائي البطولة – معذرة دكتور أحمد لهذه الجزئية.
و ما أجمل وصف الحق جل و علا لهم بأن ( سيحلفون له جل و علا ) يحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون .. هم كاذبون .. كذبوا على الله جل و علا بعدم توحيده بنسبة 100 % و عدم ( تنظيف عقولهم و قلوبهم ) من ما علق و لصق و صعب عليهم إزالته ( يا ترى ما هو نوع الغراء الشيطاني الذي لصقوا به تلالا و جبالا من ما وجدوه في خطوات الشيطان ) ؟
لذا يقول جل و علا : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء الا أنهم هم الكاذبون ).
2 تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور في الأربعاء 17 يوليو 2019
[91170]
شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:
من مظاهر غسيل المخ الذى يمارسه الشيطان على أوليائه أنهم يظلون مصممين على انهم غير مشركين حتى عند لقاء الله جل وعلا . سيحلفون يوم الحشر : والله ربنا ما كنا مشركين ، يكذبون على أنفسهم ( الأنعام 22 : 23 ) . من اجل فإن الذى يبحث عن الهداية مخلصا لله جل وعلا قلبه يتحرر من أسر الشيطان ويزده ربه جل وعلا هدى.