أنا شخصياً واحد ممن لا يصدقون أن مصر قد سقطت بالفعل وانتهى الأمر، وأن أمامها عدة عقود تتحلل وتتهدم فيها، وأنه من المبكر جداً انتظار نور الشمس!!. . حقيقة مُرَّة ولكنها الحقيقة: الإخوان والسلفيون غير الجهاديين يعبرون عن هوية أغلبية الشعب المصري. . على الجدار في صالة استقبال طبيب الأسنان كانت الشهادة معلقة داخل برواز متواضع: الجمعية الطبية الإسلامية- لجنة طب الأسنان. . شهادة تقدير وتهنئة بحصول الدكتور (. . . . .) على دبلوم صحة الفم - العام الجامعي 1992- 1993. . الأخونة إذن لم تبدأ بعد ثورة يناير، فلقد بدأت منذ بداية عصر السادات، وهم الآن في مرحلة جني الثمار. . خدعوك فقالوا أن الفكر الإرهابي المصري والعالمي وارد السعودية، فهو صناعة مصرية أصيلة!!.
• جلس والخوف بعينيه، يتأمل فنجان بلادي المقلوب:
خلال عشر سنوات ستكون الدولة المصرية التي نعرفها قد تفككت تماماً، وحلت محلها مراكز بدائية تديرها العقلية البدوية التي تحكمنا. . خلال عشر سنوات تالية ستكون مصر قد صارت أطلالاً وخرائب كما كان الحال أيام الخليفة العباسي المأمون. . بعد عشر سنوات أخرى قد تبدأ إرهاصات الثورة والرفض لكل ما هو كائن. . خلال العشر سنوات الرابعة ستبدأ معالم حياة جديدة تتشكل ببطء. . بعدها ستبدأ مصر تسلك طريقاً جديداً صاعداً في النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين. . من حقك أن تتفاءل أو تتشائم، لكن هذا لن يغني عن محاولة استقراء الواقع بأكبر قدر ممكن من الموضوعية، حتى لو كان الواقع شديد الالتباس والسيولة كما هو حادث الآن بمصر. . ما حدث أن ثورة 25 يناير "جابت عاليها واطيها"، بمعنى أنها قلبت الأوضاع دون أن تأتي بجديد للساحة، ونحن الآن نحتاج إلى الجديد لنخرج من المستنقع الذي دخلنا منذ قرون طويلة، هذا البديل المرتجى لن يتشكل في بضع أسابيع أو شهور أو سنوات، نحتاج لعدة عقود يا سادة لو تعقلون. . أفسحوا طريقاً للعلمانية بينكم يا سادة، ففيها الخلاص والحرية وبر الأمان الحقيقي.
• ما يسمى "الكيل بمكيال واحد" هو خطيئة منطقية وليس مجرد خطأ عابر، فلكل حالة ملابساتها وتقييمها الخاص، وإلا ستساوي محاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي مثلاُ، مع التظاهر السلمي المتحضر أمام أي جهة أو مؤسسة حكومية. . "الكيل بمكيال واحد" حوَّل لندن إلى عاصمة للإرهاب المتأسلم بدعوى أنهم لاجئين سياسيين. . احذروا "الكيل بمكيال واحد" فهو جريمة لا يرتكبها سوى الحمقى.
• تسليم "أحمد قذاف الدم" إلى ليبيا لو تم سيكون عاراً جديداً لنظام هو بذاته عار على مصر.
• لو صح هروب حمدين والبرادعي يبقوا استبدلوا مثل "خربوها وقعدوا على تلها"، بمثل "خربوا وسابوها وجريوا"!!. . لكن بالتأكيد ليس عيباً بأي حال هروب المستهدفين من نظام قمعي غشوم. . فالانتحار ليس بطولة أبداً!!. . عجيبة هي دورات التاريخ، أيام المد الثوري الناصري هرب الإسلاميون إلى دول الخليج، وعادوا منها ليحكموا مصر، الآن في عهد الثورة الإسلامية يهرب الليبراليون إلى ذات الدول، ربما يعودون منها ذات يوم لينتشلوا سفينة مصر الغارقة!!
• أخيراً عرفنا أن هناك "كاميرات هدامة موجودة، تصور وتكبر والناس تتفرج". . لابد من تجريم استخدام الكاميرات، عشان النهضة تشتغل دكاكيني!!. . صوابع بتلعب وحمام وثعابين من جراب الحاوي. تهديدات. أوامر ضبط وإحضار. تضحيات. قرارات استثنائية. . الثورة نجحت والنهضة بدأت، أحمدك يا رب!!. . هو لم يأت بجديد، فكما يتم أحيانا "التضحية بالجنين والأم عشان الدكتور يعيش"، سيضحي هو بالمعارضة والشعب عشان الإخوان تعيش. . إن لم يفعلوها الآن سيفعلونها غداً أو بعد غد، فهم لا ينتوون التسليم بعودتهم للسجون. . عندما يدخل الإخوان مرحلة القمع والتوحش، نكون قد انهينا جزءاً لا بأس به من مشوار الضياع.
• نظرة عابرة لمن هم في كل من السلطة والمعارضة كفيلة بأن تكشف لنا أن مصر تعاني فقراً مدقعاً في الرجال (بالمعنى الاصطلاحي للكلمة) وفي الكفاءات، وإذا كنا نشترك مع العديد من الشعوب ومنها اليابان في الفقر في الموارد الطبيعية، فإن الفقر والتدني في الموارد البشرية هو رابطة العقد فيما نعانيه من تدهور يتفاقم. . أسوأ ما في الأمر أن يكون مطلوباً منا الآن وضع أيدينا من جديد بأياد الحثالة من "عاصري الليمون"، لكي نحاول إصلاح ما ساهموا هم في إفساده، بعد أن قاموا بدور "السَنِّيد" للعصابة التي سرقت الأمل والبسمة والثورة!!. . أغالب بكل صعوبة الشماتة في الإعلاميين الذين استضافوا كائنات غير بشرية قبيحة يجعلون بها مساءاتنا كئيبة ومريرة، اشربوا الآن عصير ما زرعتم!!. . كان يمكن تصديق الفنانة رغدة، لو لم تكن صديقة حميمة لمجرم القرن العشرين والواحد والعشرين صدام حسين.
• قال المفكر القبطي الكبير الذي فصله الأنبا شنودة من الكنيسة لآرائه المعارضة، أن الكنيسة لا يجوز أن يكون بها معارضة، بل ينبغي أن يكون الجميع بروح واحد. . ولا يتعجب أحد أن يصدر هذا عن "معارض" كبير وشهير، فهذا حال كل أصحاب الدوجما، فهم يتصورون الساحة صراعاً بين الله والشيطان، أو بين الخير والشر، وبين الصواب المطلق والخطأ المطلق، هكذا عندما يقف صاحب الدوجما موقف المعارضة فإن كل ما يستهدفه هو أن يحل هو بأفكاره كصاحب حقيقة مطلقة محل الديكتاتور فاسد الرأي الذي يناهضة. . ينطبق هذا على الجميع باختلاف الانتماءات الدوجماطيقية، فالصراعات التي يدخلونها لا تكون بأي حال من أجل الانفتاح وحرية الرأي والجدل الإيجابي البناء، وإنما هي صراع الديناصورات التي تسحق الإنسان والإنسانية تحت أقدامها الغليظة.