كتاب الحج ب3 ف 11 ( تحويل الصوفية للكعبة مقرا لآلهتهم المزعومة )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٢ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين

الباب الثالث : الحج فى الدين الصوفى

الفصل الحادى عشر  :( تحويل الصوفية للكعبة مقرا لآلهتهم المزعومة )

 أولا : أصنام الصوفية في الكعبة :

1 ـ أعاد التصوف تواتر الجاهلية التى ملأت الحرم بالأصنام فجعل الصوفية الكعبة مكاناً مختاراً لآلهتهم من القطب والخضر والأولياء لتزاحم وتشارك التقديس الذى للبيت الحرام .  

2 ـ نظرا لحساسية المسلمين من الأصنام ـ وهى تماثيل تجسّم البشر ـ فقد بالغوا فى تحريمها الى درجة تحريم التصوير ، والتماثيل العادية ، فى نفس الوقت الذى عاد فيه بقوّة تقديس القبور خصوصا فى دينى التصوف والتشيع . إنمحى تقديس الأصنام والتماثيل المقدسة والصور المقدسة والأيقونات لدى المسلمين ، وحل بدله التركيز على عبادة الأولياء ( الأحياء ) والقبور المقدسة التى تنسب لأولئك الأولياء وغيرهم سواء كانوا مدفونين فيها حقيقة ، أو بزعم إن رأسه أو بعض أعضائه مدفون تحت ذلك الضريح ، أو مجرد الاسم والذكرى. 

3 ـ ولأن من المستحيل بناء قبر مقدس داخل الحرم المكى وبجانب الكعبة فقد تسلل الصوفية بعقائدهم الشركية لتحوّل بناء الكعبة نفسها الى حجر مقدس ، يشبه الضريح المقدس ، ثم جعلوها مقرا تجتمع فيه وفوق سطحها أولياء الصوفية ، وصار هذا من معالم تصنيع الكرامات لديهم فيما يخصّ الكعبة . أى إنمحى وجود الأصنام العادية والأنصاب العادية حول الكعبة ، وأصبح كافيا وجودها معنى واعتقاداً.

ثانيا : آلهة الصوفية الوهميون يجتمعون فى الكعبة

1 ـ هناك فى عقائد الصوفية ( مملكة صوفية غيبية ) تتكون من آلهة تقوم بتدبير أمور العالم ، والأغلب لديهم جعل ( الخضر) على رأس هذا الترتيب ، ثم هناك القطب الغوث،أو قطب الأقطاب ،والأقطاب الأربعة، والأبدال والأوتاد وأصحاب النوبة.وجعلوا الكعبة مكانهم المفضل لاجتماعهم وأجتماع أتباعهم بهم حسب زعمهم .

2 ـ ونستشهد بما جاء فى ( طبقات الشرنوبى ) . والمؤلف متاّثر بكتاب ابراهيم الدسوقى ( الجوهرة ) ينقل منه ما زعمه ابراهيم الدسوقى عن مكانته الالهية وتحكّمه فى ملكوت السماوات والأرض وفى الدنيا والآخرة وكونه من الأقطاب الأربعة طبقا لعقيدة الحقيقة المحمدية فى التصوف الشيعى . يقول فى مقمة الكتاب : (هذه طبقات العلامة الشيخ أحمد الشرنوبي ،نفعنا الله ببركاته يذكر فيها مناقب الأولياء الأربعة وكرامات أصحاب الأشاير الأربع رضي الله تعالي عنهم أجمعين . آمين . بســـم اللــــه الرحمــن الرحــيم . الحمد لله الذي احل أولياءه دار المقامة ،وحلّي أحبابه حلل الكرامة ، فقام قائمهم الليالي الطوال فلم يخيب مقامه ، وصام صائمهم الهجير فصان له صيامه ، فهم الذين يتجلى لهم علي القلوب ، ويطلعهم علي الغيوب ، ويعجل لهم الكرامة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من خلص من شرايب الشرك  إسلامه . وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا صلي الله عليه وسلم عبده ورسوله الذي نشرت من الملأ الاعلي أعلامه ، وزاد إلي الأبد مقامه ، صلي الله عليه وعلي آله وأصحابه إلي يوم القيامة " أما بعد" فيقول العبد الفقير إلي الله تعالي محمد البلقيني ،أنه أراد الله تعالي ومنًّ وتفضّل عليّ بأخذ العهد علي القطب الغوث سيدي أحمد بن عثمان الشرنوبي ، وسألته عن فروع الشريعة فأفادنيها ، ثم قال لي : يا مريدي وأفيدك علم الطريقة والحقيقة ، فأفادنيها . فقلت له يا سيدي : أخبرني عن كرامات السادات الأربع أصحاب الأشاير، وما سبب قسمتهم الأرض بينهم دون غيرهم ؟  فقال : يا مريدي أما كرماتهم لا تحصي . ولكن يا مريدي سأذكر لك بعضا منها . ثم قال : والله ثم والله ، اطّلعت علي اللوح المحفوظ فرأيت فيه أن أحمد الشرنوبي تابع لإبراهيم الدسوقي . وأخبرك يا مريدي إنه لما خلقت روح سيدي إبراهيم اطلع علي اللوح المحفوظ وفك طلاسمه جميعا . فقلت له يا سيدي ومن أخبرك بذلك ؟ فقال : لما منَّ الله سبحانه وتعالي علي الفقير بالقطبانية وأذن لي بالكلام اجتمعت بسيدي إبراهيم وقال لي : يا وزيري سنخبرك بكراماتنا وكرامات سيدي أحمد وسيدي عبد القادر وسيدي أحمد الرفاعي ، فأخبرني بذلك . وكنا علي سطح الكعبة المشرفة . قال  فقال لي يا أحمد اسمع فقلت حبا وكرامة فقال من كراماتنا : قال لي ربي أنت من نوريتي يا إبراهيم ، ولك البشري . ومن كراماتنا أني أُعطيت الحكم علي الحور العين . ومن كراماتنا أني لما وردت علي النيران هربت خوفا مني ، فرفصتها برجلي فصارت رمادا ، وصرخت عليها فغلقت أبوابها السبع . ومنها قال لي ربي : لك البشري أنت وأتباعك . ومنها تكرّم ربي عليّ أنا وأتباعي بدخولهم الجنة كرامة لأجلي . ومنها فتح أبواب الخير لأهل الطرق الأربع . ومنها أني أعطيت سجادة من نور ليست تعطي لأحد غيري إلي يوم القيامة . ومنها أني سددت أبواب جهنم السبع بفوطتى ، وفتحتها لأعدائي ، وأدخلتهم فيها . ومنها أني فتحت أبواب الجنة الثمانية بيدي ، وأدخلت أمة محمد صلي الله عليه وسلم فيها . ومنها أن صنج الميزان بيدي أصيّر حسنات مريدي أثقل من سيئاته ، ومسّيت عليها بيدي فصارت سيئات المنكرين عليً  أثقل من حسناتهم ولو كانوا مطيعين .ومنها أنه إذا دعاني مريدي أجبته ولو خلف قاف . ومنها أني أدخل أتباعي يوم الحشر أعلا  مرتبة من أتباع غيري. ومنها أن أول من نطق بكلمة التوحيد رسول الله صلي الله عليه وسلم والصحابة  ثم أنا . ومنها أن الله تعالي سكّن في  قلبي التوحيد قبل آدم وحوي وقبل العرش والكرسي واللوح والقلم والسماوات والأرض وقبل الماء والطين . ومنها أن جعلني ربي قطبا قبل بناء البيت الحرام وأعطاني علوما ليس يحصيها إلا هو . ومنها أن الله تعالي أجري لساني علي طلاسم القرآن العظيم . ومنها أن وهب لي علم الدنيا والآخرة وعلم الغيب وعلم النور وعلم سدرة المنتهي وعلم الساعة وحفظني طلاسم الغيوب وطلاسم اللوح المحفوظ . ومنها معرفة اسم من ينكر عليً إلي يوم القيامة . ومنها معرفة ما تحت الثري . ومنها أني حفظت علم القدرة الأبدية . ومنها أني حفظت علم الموت الذي يقبض به عزرائيل الأرواح . ومنها أني عرفت جميع الأسماء المكتوبة علي شجرة المنتهي . ومنها أني حفظت العلم الذى يسير به السحاب والعلم الذي ينزل به الغيث والعلم الذي يصعدون به الملائكة إلي السماء وهو الاسم الأعظم . ومنها أني حفظت الاسم الذي ينزلون به إلي الأرض والاسم الذي يأتي به الليل والاسم الذي يأتي به النهار. ومنها أنه لا يفرغ أجل  مؤمن حتي نعرف فروغ أجله ولا يموت أحد في ليل أو نهار حتي تأتيني روحه إن شئت رددتها إليه وإن كان فرغ أجله أجمعها من حينئذ فيموت .ومنها  أنه أذن لي ربي أن أتكلم وأقول أنا الله فقال لي قل أنا الله ولا تبالي ) .

3 ـ إضطررنا الى الاتيان بكل هذا الهُراء للإستدلال ليس فقط على مدى كُفر أولئك الصوفية ، ولكن أيضا استخدامهم الكعبة فى خيالاتهم مركزا لاجتماع الأولياء الأحياء بالأقطاب الأربعة الذين ماتوا من قبل . ونعيد التأكيد بأن هذه الخرافات مع أكاذيبها وفُجرها فهى صادقة فى تصوير عقائد الدين الصوفى وسيطرته على الحياة الدينية فى العصرين المملوكى والعثمانى . فلا يجرؤ إنسان فى عصرنا مهما بلغ كفره على ان يقول هذا ، لأنه لم يعد عصر تسلط الدين الصوفى .

ثالثا : الخضر والكعبة والحجاج الى الكعبة

1 ـ فى العصر المملوكى جعل الصوفية من الكعبة – خصوصاً وقت الحج – مكاناً لإجتماع لخضر والقطب وكبار الأولياء ، والخضر عند الصوفية ولي أزلي لا يموت ، وأنه هو الذى قابل موسى عليه السلام.

2 ـ والعبد الصالح المذكور في سورة الكهف كان نبياً، فقد وصفه الله تعالى بما يصف به الأنبياء عادة. وصفه بالعلم الالهى : ( فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65 )الكهف ).  والأنبياء وحدهم هم محل العلم الإلهي تمكيناً لهم من آداء الرسالة المنوطة بهم، يقول تعالى عن رسوله الخاتم : (  وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) (113)   النساء ). وبعض هذا العلم ما يكون مختصاً ببعض نواحي الغيب لبعض الأنبياء. يقول تعالى مخاطباً المؤمنين ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ  (179).آل عمران ). وقد ظهر في قصة العبد الصالح مع موسى عليهما السلام ان موسى كان يجهل بعض الغيب الذي أعلمه الله جل وعلا للعبد الصالح ، فالعبد الصالح نبي يأتيه الوحى يأمره بملاقاة موسى ليتعلّم منه موسى كيف يضبط إنفعالاته ويهدّىء من سرعة ردود أفعاله . يقول العبد الصالح نبى الله لرفيقه موسى عليهما السلام : ( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82) الكهف ).  لا نعرف اسم ذلك النبى العبد الصالح ، ولا يقدح ذلك في نبوته، فنحن لا نعلم أسماء كل الأنبياء ، والقرآن الكريم لم يقص علينا كل قصص الأنبياء :( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ )(164) النساء )، وحتى فى القصص القرآنى فقد عرض رب العزّة لبعضهم  بالوصف دون الإسم ، كأن يقول سبحانه وتعالى مثلاً عن واحد من أنبياء بنى اسرائيل :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )البقرة 246 )، ويذكر قصة أنبياء ثلاثة دون ذكر أسمائهم : (  وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)) ( يس ) . 

فالعبد الصالح نبى من أنبياء الله جل وعلا صاحب علم لدني واعلمه الله ببعض الغيب . إلا أن الصوفية اعتبروا ذلك العبد الصالح فى قصة موسى وليا صوفيا ، وأسموه الخضر ، ليجعلوا الولى الصوفى أعلى قدرا من النبى ، فالخضر يعلم علما لدنّيا يفوق علم النبى موسى ويقوم بتعليم النبى موسى ، وبحثوا لنحلتهم عن سند يؤيدها فكان السند بتأويل الآيات القرآنية ، وبوضع أحاديث باطلة في حياة الخضر الخالدة ولقائه بالرسول عليه السلام .

3 ـ ونرجع إلى موضوعنا فنجد أن الخضر عند الصوفية مع تجوله الأزلي في العالم إلا أنه يكون حاضراً وقت اللزوم عند الكعبة ، أو في طريق الحجاج . فإذا إحتاج الصوفي شيئأً أو وقع في ورطة ، فالخضر يحضر ويجيبه ويغيثه ، يقول بعضهم ( بقيت في برية الحجاز أياماً لم آكل، فاشتهيت باقلاء حارا وخبزاً من باب الطاق .. فلم أتم خاطري حتى نادى إعرابي من بعيد: باقلاء حاراً وخبزاً، فتقدمت إليه ، فبسط مئزراً كان عليه ، وأخرج خبزاً وباقلاء حاراً وقال لي : كل فأكلت.. وقلت : بحق الذي بعثك في هذه البرية ألا ما قلت لي من أنت ؟ فقال : أنا الخضر.! ،وغاب عني فلم أره ، سلام عليه ورضوان )[1]. فالصوفي حين يسعى للحج فى الصحراء متوكلاً – أى بلا زاد – فإنه يعتقد أنه سيلقى الخضر في الطريق يحمل له الباقلاء الحار والخبز من باب الطاق ..

وعن اجتماع الخضر وإلياس – وهو نبي افترى عليه الصوفية وجعلوه يحيا خالداً – يقول الغزالي قبل العصر المملوكي (يقال أن الخضر وإلياس إذا التقيا من كل موسم – أى في الحج ـ لم يفترقا إلا عن هذه الكلمات : بسم الله ما شاء الله كل نعمة من الله ..)[2].

4 ـ ويجعلون  من الخضر رأساً للملكة الصوفية الوهمية المكونة من الأقطاب والأبدال وهم الذين يحكمون العالم ويسيرون دفته ، ومركز حكمهم مكة .. وقد نقل ابن حجر في العصر المملوكي عن الصوفي ابن أبي فارس قوله (إن الأقطاب سبعة والأبدال والأعين، وهم النجباء كذلك ،والغوث – أى القطب الغوث – يجمعهم  وهو مقيم بمكة .. والخضر يجول ولا حكم له إلا على أربعة أشياء: إغاثة ملهوف أو إرشاد ضال ، أو بسط سجادة شيخ ، أو تولية الغوث إذا مات. والغوث يحكم على الأقطاب ، والأقطاب على الأبدال ، والأبدال على الأوتاد ، فإذا مات الغوث ولَّى الخضر من يكون قطباً بمكة غوثاً، وجعل بدل مكة قطباً،وعين مكة بدلاً،و بدل مكة رشيداً.. وهكذا).. أى أجرى الخضر بينهم حركة ترقيات (فإن مات الخضر صلى الغوث في حجر اسماعيل تحت الميزان فتسقط عليه ورقة باسمه فيصير خضراً، ويصير قطب مكة غوثاً.. وهكذا قال الخضر في هذا الزمان وهو حسن بن يوسف الزبيدي اليمني )[3]..

رابعا : الكعبة والأقطاب

1 ـ جعلوا الكعبة مكة مركز الآلهة الصوفية التي تتحكم في العالم على مستوياتها المختلفة من خضر وقطب وغوث وقطب عادي وابدال وأوتاد .. ألخ . ومعلوم أن الصوفي الذي يحج إلى مكة يعي هذا جيدا ويتمنى أن يلقى فيها الخضر أو القطب ،وهى آلهة مزعومة لا تختلف عن هبل والعزى ومناة وغيرها التي كان الجاهليون يحجون إليها مع الكعبة . بل أن تقديس الصوفية للأقطاب أكبر من تقديس الجاهليين لآلهتهم ، يقول بعضهم عن القطب : ( القطب هو الذي تدور عليه الرحا والبكرة ، وقطب الكون هو الرجل الذي لأجله وجد الكون ،وعليه مدار الكونية للدارين ، ولكل عصر قطب وهو صاحب الوقت ، وقطب الأقطاب هو الذى لم يكن قبله ولا بعده مثله..)[4].                                                                              

2 ـ  يقول اليافعى أن أحدهم رأى بمكة القطب الغوث (على عجلة من ذهب، والملائكة يجرون العجلة فى الهواء بسلاسل من ذهب ، فسأله إلى أين ؟ قال إلى أخ من إخوانى إشتقت إليه، فقال :لو سألت الله تعالى أن يسوقه إليك فقال : وأين ثواب الزيارة )[5]وقيل نحو ذلك على ابى العباس المرسى (كان هو القطب، وقد رؤى فى مكة على كرسى بين السماء والأرض)[6].

3 ـ ولقد سئل الخواص (عن القطب الغوث هل هو دائماً مقيم بمكة كما قيل؟ فقال رضى الله عنه : قلب القطب دائماً طواف بالحق الذى و سعه ، كما يطوف الناس بالبيت فهو يرى وجه الحق في كل وجهة ، كما يستقبل الناس البيت ويرونه من كل وجهة ، إذ مرتبته رضى الله عنه التلقي عن الحق تعالى جميع ما يفضيه على الخلق، وهو بجسده حيث شاء الله من الأرض ..)[7].   

أخيرا : الحج ليس للبيت الحرام فقط ولكن لآلهة الصوفية

1ـ وفي أواخر العصر المملوكي اشتهر أن الأقطاب الأربعة هم البدوي والرفاعي والدسوقي والجيلاني، وقد ألف فيهم البلقيني طبقات الشرنوبي ، يقول أنه اجتمع بهم بعد موتهم بثلاثة قرون على سطح الكعبة. وكل منهم حكي له مناقبه وكراماته.ونعيد بعض ما قاله في مقدمة كتابه:( اجتمعت بسيدي ابراهيم (الدسوقي ) وقال له وزيري سنخبرك بكراماتنا وكرامات سيدي أحمد وسيدي عبد القادر وسيدي أحمد الرفاعي ، فأخبرني بذلك وكنا على سطح الكعبة المشرفة ، فقال من كراماتنا: قال لي ربي أنت من نوريتي يا ابراهيم، ولك البشرى ، ومن كراماتنا أني أُعطيت الحكم على الحور العين ،ومن كراماتنا أني لما وردت على النيران هربت خوفاً مني ، فرفصتها برجلي فصارت رماداً،وصرخت عليها فغلقت أبوابها السبع)[8]. . أى إن الكعبة صارت مصطبة يتسامر عليها آلهة الصوفية المزعومة، ويحكون افتراءاتهم فوق سطحها..

2 ـ  لذا لم يكن غريباً أن يسعى الصوفية للكعبة والحج أملاً في مقابلة الأقطاب والأولياء ، فيقول اليافعى، أن بعضهم ترك بضاعته وسافر للحج ( فقيل له في ذلك فقال : والله لو حصلت لي الدنيا كلها ما اخترتها على الحج ورؤية من يشهده من أولياء الله تعالى بعد أن رأيت ما رأيت وحكى كرامة صوفية حدثت في الحج عند الكعبة ثم قال (فهل يسمح بفوت مشهد يشهده مثل هؤلاء القوم ؟). ويقول اليافعي إن بعضهم أطال الإقامة في مكة فقيل له في ذلك فقال : ( ما من ولي لله تعالى صحّت ولايته إلا وهو يحضر هذا البلد في كل ليلة جمعة لا يتأخر عنه ،فمقامي هنا  لأجل من أراه منهم .. وقد أخبرني بعضهم أنه يرى حول الكعبة الملائكة والأنبياء والأولياء عليهم السلام ، وأكثر ما يراهم ليلة الجمعة وكذلك ليلة الإثنين وليلة الخميس ، وعد لي جماعة كثيرة من الأنبياء والأولياء، وذكر انه يرى كل واحد منهم في موضع معين يجلس فيه حول الكعبة) [9].

أى جعلوا من آلهتهم أصناماً لكل منها مكانا معينا حول الكعبة، وإليهم يتجهون بزعم الحج .. والهدف واضح : أن ينعم الأولياء بقدر من التقديس الذي يتوجه به الحجاج للكعبة والحرم، وفي نفس الوقت فإنهم يحتكرون لأضرحتهم وأشخاصهم في شتى أنحاء مصر  حق شد الرحال إليهم واستقدام الحجيج لهم من كل فج عميق ، وفق تشريع الحج الصوفي .



[1]
روض الرياحين 59.

[2]الأحياء جـ1/285..

[3]الدرر الكامنة جـ2/483: 484.

[4]الإلمام للنويرى جـ1/178.

[5]روض الرياحين 187.

[6]المناوى. الطبقات الكبرى مخطوط 341(ب).

[7]الشعرانى الطبقات الكبرى جـ2/145.

[8]مقدمة طبقات الشرنوبى .مخطوط.

[9]روض الرياحين 53، 54.

اجمالي القراءات 11307