فى قوله جلّ وعلا ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) النساء ) الضمير فى قوله جل وعلا (قَبْلَ مَوْتِهِ ) ترجع لبعض أهل الكتاب الذين كانوا أحياء وقت حياة المسيح عليه السلام . وقوله جل وعلا (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) يعنى ( بعض أهل الكتاب ) أى ( من ) هنا ( تبعيضية ) وليست بيانية . وعليه فالمعنى أن بعض أولئك الذين عاشوا فى حياة المسيح عليه السلام قد آمنوا به رسولا وبشرا . ويوم القيامة سيكون شاهدا وشهيدا عليهم طبقا لقوله جل وعلا عما سيقوله المسيح يوم القيامة فى التبرؤ ممّن قام بتأليهه بعد موته (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) ثم يقول عن شهادته علي أولئك الذين شاهدهم فى حياته:(وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)( المائدة ). وكل نبى يكون شهيدا وشاهدا على قومه الذين عايشهم فقط .
ولقد كان هناك مؤمنون حقيقيون من أهل الكتاب آمنوا بنبوة عيسى وبشريته ولم يعتقدوا كالآخرين فى الوهيته ، وتحدث رب العزة عنهم فى نفس سياق الآية الكريمة من سورة النساء ، ونقرأ السياق القرآنى كله هنا : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159) فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (160) وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (161) لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (162)
صدق الله العظيم .