تشريع الزكاة

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٠ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
نريد موجزا لتشريع الزكاة فى القرآن الكريم .
آحمد صبحي منصور
قلت فى بحث النسخ المنشور هنا ما يلى عن الزكاة :
وقالوا إن آية: ﴿إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة 60) قد ألغى حكمها ما جاء فى الآيات الأخرى عن الإنفاق والصدقات، مثل ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنِ السّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (البقرة 215). وآية ﴿وَأَنفِقُواْ مِن مّا رَزَقْنَاكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلآ أَخّرْتَنِيَ إِلَىَ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصّدّقَ وَأَكُن مّنَ الصّالِحِينَ﴾ (المنافقون 10). وآية ﴿وَفِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ (الذاريات 19). وآية ﴿وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ الذّهَبَ وَالْفِضّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (التوبة 34).
والقائلون بهذا الرأى لم يعرفوا الفرق بين الإنفاق التطوعى فى سبيل الله وبين الزكاة الرسمية التى يجمعها الحاكم فى الدولة المسلمة وينفقها فى مصارفها المحددة فى آية ﴿إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ فالدولة هى التى تحدد المستوى الاقتصادى للفقراء والمساكين وهى التى تنفق على الموظفين (العاملين عليها) أى القائمين على الزكاة، وهى التى تقيم أماكن إيواء لأبناء السبيل، ثم تنتهى الآية بقوله تعالى ﴿فَرِيضَةً مّنَ اللّهِ﴾ أى أن ذلك التوزيع فرض إلهى لابد من تنفيذه.. فكيف يجرؤ بعضهم على إلغائه بدعوى النسخ؟
وقد عرفنا مصارف الزكاة وتوزيعها الذى تقوم به الدولة، أما الصدقة التطوعية فقد تحدث القرآن عن مستحقيها فى قوله تعالى ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىَ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنِ السّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ فأحق الناس بالصدقة التطوعية هو الوالدان والأقربون ومن يعرفه الإنسان من اليتامى والمساكين ثم ابن السبيل، والله تعالى عليم بما يفعله كل إنسان يتطوع للخير. والذى ينفق تطوعاً فى سبيل الله يجعل فى ماله حقاً محدوداً معلوماً لكل سائل يقابله، ولكل محروم يعرفه، وهو الذى يقدر ظروفه واحتياجاته، والله تعالى يقول: ﴿وَالّذِينَ فِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ مّعْلُومٌ. لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ (المعارج 24،25).
ومقدار الصدقة التطوعية هو ما يزيد عن حاجة الإنسان، وبالقدر المعقول، والله تعالى يقول ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾. والعفو هو الزائد عن الحاجة ومعناه الاعتدال فى الصدقة بدون إسراف أو تقتير، يقول تعالى ﴿وَالّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾ (الفرقان 67). ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىَ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مّحْسُوراً﴾ (الإسراء 29).
وينبغى على الإنسان أن يسارع بالزكاة والصدقة حتى لا يندم عند الاحتضار، وفى ذلك يقول تعالى ﴿وَأَنفِقُواْ مِن مّا رَزَقْنَاكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلآ أَخّرْتَنِيَ إِلَىَ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصّدّقَ وَأَكُن مّنَ الصّالِحِينَ﴾. وإذا بخل بماله ومات وقد اكتنز الأموال دون أن ينفقها فى سبيل الله، فالقرآن يقول عنه ﴿وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ الذّهَبَ وَالْفِضّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
باختصار إن كل الآيات التى تتحدث عن الصدقة والزكاة يكمل بعضها بعضاً ولا يناقض بعضها بعضاً، وليس هناك نسخ فى أحدها بمعنى الإلغاء والحذف. وليس هناك عوج فى كتاب الله ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَنْزَلَ عَلَىَ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لّهُ عِوَجَا. قَيّماً﴾ (الكهف 1،2).
وقلت فى بحث ( الصلاة فى القرآن الكريم ) المنشور أيضا هنا ما يأتى:
معنى اقامة الصلاة وايتاء الزكاة

التطبيق العملى لاقامة الصلاة هو الجمع بين الخشوع فى الصلاة والمحافظة عليها.
فالصلاة تستلزم اثناء تأديتها خشوعا كما تستلزم تقوى ومحافظة على السلوك القويم فيما بين الصلوات الخمسة. أى أن يوم المؤمن المصلى ينقسم الى قسمين : قسم أصغر هو الدقائق التى يؤدى فيها الخمس صلوات الموزعة على أوقات اليقظة فى اليوم . والقسم الأكبر هو بقية الوقت الواقع بين تـأدية الصلوات الخمس ، وفى تلك الأوقات يجب المحافظة على الصلوات بالتقوى والالتزام الخلقى القويم.
وهناك علاقة وثيقة بين الخشوع أثناء تأدية الصلاة والمحافظة على الصلاة بعد تأديتها بعدم الوقوع فى المعاصى بين الصلوات الخمس. فالخشوع أن يِؤكد المؤمن على اخلاصه فى كل كلمة يناجى بها ربه جل وعلا فى صلاته خصوصا وهو يقول فى كل ركعة فى الفاتحة " اهدنا الصراط المستقيم "، الخشوع هو الصدق فى مخاطبة رب العزة والاخلاص التام فى دعائه وعبادته. ولا يمكن أن تخشع فى صلاتك بهذا الشكل وانت تفعل الفحشاء وترتكب المعاصى بعد الصلاة وتصمم عليها اثناء الصلاة وبعدها و تصلى لربك وتقول له جل وعلا : اهدنا الصراط المستقيم. اّذا فعلت هذه فانما ترائى الناس ولا تخدع سوى نفسك.
اقامة الصلاة هو المصطلح القرآنى الذى يعنى الخشوع فى الصلاة والمحافظة عليها معا. وهذا يؤكد ان الصلاة مجرد وسيلة لغاية أسمى هى التقوى،أو الابتعاد عن الفحشاء والمنكر. على هذا الأساس نستطيع أن نقرأ معا الآيات الأولى من سورة المؤمنون فى ضوء ما سبق قوله عن الصلاة؛ الخشوع فيها والمحافظة عليها.( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون َالَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَفَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَوَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ )
وتكرر ذلك المعنى وفى سورة المعارج (22-34)
ومن اجل ذلك تقول الاية توضح معنى اضاعة الصلاة عند الخلف الذى جاء بعد الانبياء "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) مريم59 - 60 (
هم أضاعوا الصلاة حين اتبعوا الشهوات والمعاصى ومن تاب منهم وآمن ايمانا حقيقيا وعمل صالحا اصبح محافظا على صلاتة غير مضيع لها واستحق بذلك دخول الجنة. ينطبق هذا على الخلف الماضين كما ينطبق علينا الذين خلفنا اللاحقين ، ولذلك ذكر الله تعالى لنا هذه الحقائق فى آخر رسالة سماوية كى نعتبر ونهتدى.
فى اللغة العربية والمصطلح القرآني تجد مفهوم " قام على الشىء" بمعنى حافظ عليه ورعاه.
الله تعالى وصف ذاته باسم من اسمائه الحسنى هو " القيوم" الذى لا تدركه سنة ولا نوم :" اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) البقرة 255 )
الآية الكريمة تشرح معنى القيوم، أى القائم على كل شىء ولا يغفل عن شىء، ويصف تعالى ذاته كقيوم يحفظ أعمال كل انسان وأقواله ليحاسبه عليها يوم القيامة : " أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) الرعد 33) القيوم هنا بمعنى الذى يحفظ أعمال كل انسان ، يتم ذلك عن طريق ملائكة الحفظ (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) الرعد 11 ) (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) الانفطار 10 -) ( أيضا سورة ق :16 - )
لذلك يأمرنا ربنا جل وعلا أن نكون ( قوامين بالقسط ) اى قائمين على رعاية العدل والقسط :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ) النساء 135 ).
ولأن العرب فى الجاهلية وقريش فى عهد النبوة كانت تصلى وتعرف الصلاة ولكن لا تقيم الصلاة لذا نزلت الأوامر لهم فى مكة باقامة الصلاة ، أى بالمحافظة عليها بعدم الوقوع فى الشرك والمعاصى والخشوع أثناء تأديتها. على سبيل المثال جاء الأمر باقامة الصلاة فى الفترة المكية فى السور الآتية ( فاطر 18 ، 29 ) الشورى 38) (الروم 31).
لم تعلمهم الصلاة لأنهم كانوا فعلا يعرفونها ويؤدونها . أمرتهم فقط بفعل ما لم يكونوا يفعلون وهو اقامةالصلاة بالخشوع فيها والمحافظة عليها لكى تقوم الصلاة بدورها فى سمو السلوك الخلقى وتهذيبه.

ايتاء الزكاة هى نفسها اقامة الصلاة

للقرآن الكريم مصطلحاته الخاصة المخالفة لمفاهيم التراث الذى صنعه المسلمون بعد نزول القرآن بعدة قرون.
اقامة الصلاة فى مصطلحات القرآن تعنى الخشوع فى أثناء الصلاة والتزام التقوى والسمو الخلقى بين الصلوات. لكن اقامة الصلاة فى حياتنا الدينية التراثية تعنى رفع الأذان للمصلين فى المسجد بأداء الصلاة بعد الأذان العام للصلاة.
ويفهم معظم المسلمين – تبعا للفقه التراثى – ان ايتاء الزكاة هو اعطاء الصدقة فقط ، وبذلك يفهمون الأمر باقامة الصلاة وايتاء الزكاة على انه أمر بشيئين مختلفين هما الصلاة واعطاء الزكاء وهى عندهم لا تعنى سوى شىء واحد فقط هو اعطاء الصدقة للفقراء والمستحقين.
طبقا لمفاهيم القرآن الكريم ومصطلحاته فان اقامة الصلاة هى نفسها ايتاء الزكاة ، أى أنه أمر واحد بشىء واحد هو التطهر والسمو الخلقى والتقوى. الخلاف الوحيد هو أن وسيلة اقامة الصلاة تتركز فى الخشوع فى الصلاة اثناء تأديتها - ثم بعد تأديتها تكون المحافظة عليها بالتزام السلوك القويم . أما الزكاة فهى تزكية النفس وتطهيرها والسمو بها بوسائل كثيرة من الصلاة والذكر لله تعالى واعطاء الصدقات وكل فعل صالح مقصود به وجه الله تعالى.
نبدأ توضيح ذلك باختصار.
1- ان الاسلام باختصار هو تزكية النفس بالعقيدة الصحيحة والسلوك القويم ، لذلك فان موسى حين دعا فرعون للاسلام قال له كلمة واحدة : (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ) النازعات 18 ) بل ان رب العزة قد أوجز مفهوم المشرك بأنه الذى لم يقم بتزكية نفسه : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) فصلت 6-7 ) فالمشرك يضع كل همه فى الدنيا ويبيع من أجلها الآخرة. يرتكب كل المعاصى فى دنياه غافلا عن تزكية نفسه بالتقوى لذا ينتهى الى الجحيم .
لقد خلق الله تعالى النفس الانسانية على أساس الفجور والتقوى ، تقبل أن تكون تقية أو فاجرة، ثم يختار الانسان بارادته طريقه ، ان اراد الهداية قام بتزكية نفسه ، وان أراد الفجور سقط بنفسه الى مستنقع الغواية. اذن فالانسان يختار بين اثنين : تزكية نفسه أى تطهيرها والسمو بها ، أو الهبوط بنفسه الى حضيض الرذيلة. وليس هناك من طريق وسط . المهم هنا أن الزكاة للنفس تعنى السمو بها. اقرأ هذا المعنى فى قوله تعالى :" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا " الشمس 7- )
2- ولذلك فان الهداية للحق من معانى الزكاة . والهداية هى اختيار شخصى يبدأ باختيار الانسان لنفسه طريق الهداية ثم تأتيه هداية الله له تؤكد ما اختاره لنفسه. والهداية كالزكاة هى عملية تطهير للنفس من الأحقاد والشرور وتقديس غير الله تعالى. ومن اهتدى فقد اهتدى لنفسه حسبما قال رب العزة :" مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) الاسراء 15 ) وبالمثل فان من يتزكى أى يتطهر فانما يتزكى لنفسه (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ) فاطر 18 )
وفى النهاية فان الجنة هى مكافأة من تزكى وتطهر فى الدنيا أو اهتدى ، يقول تعالى (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ) طه 76 )
ان وظيفة النبى هى أن يزكى قومه بالكتاب السماوى الذى يدعوهم اليه، أو يهديهم اليه ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ . ) البقرة 151 ) وتكررت التزكية كوظيفة للنبوة القائمة على الكتاب فى مواضع أخرى فى القرآن الكريم : (البقرة 129 – آل عمران 164 – الجمعة 2 )
ولارتباط الهداية بالزكاة فقد وصف الله تعالى عيسى وعن يحيى عليهما السلام بالطهر والعفاف والسمو الخلقى، أى كان "غلاما زكيا " أو كان "زكيا" ( مريم: 19 ، 13 ) .
3- هناك وسائل للزكاة ، بمعنى ان ايتاء الزكاة يعنى اختيار "أزكى " أو أطهر أو أسمى الخيارات وهى التشريعات القرآنية ،ومنها الاحسان فى التعامل مع الزوجة المطلقة( البقرة 232 ) وفى الاستئذان وفى غض البصر والعفاف الخلقى ( النور 28 ، 30 ) وتلك وسائل للوصول الى " ايتاء الزكاة " أو تزكية النفس التى هى الهدف الأعلى للمؤمن.
وهناك وسائل أخرى أشار اليها القرآن مثل الصلاة وذكر الله تعالى ، ومعروف ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر- أو يجب أن تكون كذلك – وكذلك ذكر الله تعالى بمعنى تعظيمه وتقواه . (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) المجادلة 45) وكذلك من وسائل التزكية – أو ايتاء الزكاة - الصلاة وذكر الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) الأعلى 14-15 ) ومنها خشية الله تعالى واقامة الصلاة (إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر 18 )
وأخيرا منها اعطاء الصدقة المالية فالمؤمن المفلح فى الآخرة هو (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ) الليل 18 ) ولذلك أمر الله تعالى خاتم النبيين بأن يأخذ صدقة من المؤمنين ليتطهروا ويتزكوا :(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) التوبة 103 )
اذن فايتاء الصدقة هى مجرد وسيلة من وسائل ايتاء الزكاة ، لأن الزكاة هى التطهر القلبى والسلوكى الذى يجعل المؤمن طاهرا مستحقا للجنة.
4- أكثر من ذلك فان تشريع الصدقة فى القرآن لم يرد فيه مطلقا لفظ الزكاة ، وانما جاء بلفظ الانفاق وايتاء الأموال و الصدقات.
وتراث المسلمين الفقهى يخالف ذلك كله ، ليس فقط فى اختيارهم لمصطلح الزكاة بمعنى مخالف للقرآن ولكن أيضا فى تشريعات الصدقة ذاتها.
ونعطى لمحة سريعة عاجلة :
فعندهم وطبقا لمصطلحاتهم فان الزكاة :
(ا)- تجب بالحول - أى اخراج الزكاة بعد مرور عام وليس قبل ذلك ، أى على الجائع أن ينتظر عاما ليأخذ حقه.
(ب)- وليس اخراج الزكاة عن كل ما يملك الانسان بل على أصناف محددة مثل الذهب والفضة – اى لا زكاة عندهم على بقية المعادن مثل النحاس والقصدير والبلاتين .. الخ . ..ولا زكاة عندهم على الجواهر والمعادن الثمينة مثل الماس واللؤلؤوالياقوت - وعروض التجارة – وليس على البيوت والايجارات -والزروع والمواشى – وليس على مزارع الدواجن مثلا .
(ج)- وبشرط أن يبلغ ما يمتلكه الانسان حد النصاب .
( د )- ثم قرروا اخراج الزكاة فيما يزيد عن النصاب – زكاة بنسبة محددة - تتراوح بين ربع العشر ونصف العشر.
هذا كله يتناقض مع القرآن الكريم.

فليس فى القرآن الكريم مصطلح زكاة بمعنى الصدقة ، بل ايتاء المال أو الصدقة أو الانفاق بالمال . وقد حددت تشريعات القرآن كل التفاصيل المطلوبة بما يخالف التشريع الفقهى بدون استعمال مصطلح الزكاة.
ا - فالصدقة واجبة عليك بمجرد ان يأتيك رزق من الله – عندها يجب اخراج حق الله تعالى فيه دون انتظار لمرور عام او الحول كما يقول الفقهاء بل بمجرد الحصول عليه ، أو بالتعبير القرآنى (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) الأنعام 141 ) فالحصاد ليس فقط فى الزرع وانما يشمل مجىء الرزق من مرتب أو مكسب تجارى أو ريع آت من تأجير عقار وغيره. ولقد تكرر فى القرآن كلمة " ومما رزقناهم ينفقون " للتأكيد على ذلك ( البقرة 3 – الانفال 3 – الحج 35 – السجدة 6 – القصص 54 الشورى 38 )
ب - بل وصف القرآن الكريم المتقين الصالحين بالانفاق باستمرار سرا وعلانية ليلا ونهارا (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة 274 ) وأنهم ينفقون من أحب ما يملكون – هذا من حيث الجودة ( وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ) البقرة 177 ) (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) الانسان 8 )
ومن حيث الكمية فهم ينفقون حتى وهم لايملكون الفائض ، أى يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة. ( الحشر 9 )
وفى كل الأحوال لا ينفقون الا من الكسب الحلال الطاهر الذى لم يدخله سحت أو سرقة أو اختلاس أو ظلم أو جور كما هو السائد فى عصرنا . ان الله تعالى يقول :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حميد ) البقرة 267 )
ولا بد لمن يتصدق أن يبتغى وجه الله تعالى وحده وأن يعطى الفقيروالمستحق لأنه فقير ومستحق بغض النظر عن دينه أو صلاحه أو عصيانه فليس المتصدق مسئولا عن هداية أحد سوى نفسه وعليه اعطاء الصدقة لمستحقها وكفى (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) البقرة 272 ) ثم عليه وهو يعطى أن يتذكر انما يعطى المحتاج (حقه ) فليس له أن يمتن عليه أو أن يجرح شعوره ( البقرة 264) ، يقول تعالى فى التأكيد على حق مستحق الصدقة: "فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ) الروم 38 ) (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) الاسراء 26 )
ج - وخلافا لما قاله الفقهاء فان الله تعالى لم يحدد نسبة معينة لاخراج الصدقة ، لأن الأساس فيها هو التنافس فى الخير والسعى لتزكية النفس والتعامل المباشر مع الله تعالى. فالذى يسارع فى الخير هو المتقى الذى ينفق فى السراء والضراء ( آل عمران 133- 134 ) وكل المتقين مدعون للتنافس فى هذا المضمار ن وللقرآن الكريم نداء شديد الوقع يجعل المتصدق كمن يقرض الله تعالى قرضا حسنا ، والله تعالى سيرد له الأجر مضاعفا .( البقرة 145) ( الحديد 11 )( التغابن 17 ) (المزمل 20)
ومع ذلك فان الله تعالى جعل للمؤمن مقياسا يتصرف على أساسه هو الاعتدال فى الانفاق العادى ، والاعتدال فى الانفاق فى سبيل الله تعالى بالصدقة ، أى ينفق المؤمن معتدلا على حاجاته دون اسراف ، ثم ما يزيد عن حاجته فهو لله تعالى صدقة.لقد سألوا النبى محمدا عن المقدار الذى ينبغى أن ينفقوه صدقة فنزل الوحى يقول انه "العفو ". والعفو فى مصطلح القرآن هو الفضل والزائد عن الحاجة.( وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) البقرة 219 ) . وقبلها فى مكة نزل تشريع القرآن يؤكد على ذلك التوسط فى الانفاق العادى وفى اخراج الصدقة بحيث لا يقع المؤمن فى التبذير أو الاسراف (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) الفرقان 67 ) (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) (----وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الاسراء 26 – 29 )
وفى كل الأحوال فالمؤمن هو الذى يجعل بينه وبين نفسه حقا محددا معلوما لديه للصدقة يلتزم باخراجه ابتغاء وجه الله تعالى عن كل مال يصل اليه ، وهذه صفة من صفات المتقين : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) المعارج 24 -25 ) ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) الذاريات 19 )
د - والصدقة لها نوعان من المستحقين تبعا لنوعيتها . هناك صدقة يعطيها المؤمن للدولة ، وهى تقوم بجمع الصدقات وتوزيعها على مستحقيها المذكورين فى قوله تعالى :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة 60 ) الدولة هنا هى التى تحدد وتعين مستوى الفقير، والمسكين ، والغارم ،و المؤلفة قلوبهم ، والعاملين عليها وابن السبيل اى الأجنبى الغريب السائح الزائر الذى يجب اكرامه وليس تكفيره وقتله - وعتق الرقيق – اى اذا كان هناك من لايزالون رقيقا – ولا يزال الرق موجودا بصفة غير رسمية فى بعض دول الخليج برغم الغائه رسميا من السعودية سنة 1962 – أولئك هم مستحقو الصدقة الرسمية من الدولة.
وهناك مستحقون للصدقة الفردية، وهم أقارب المؤمن المتصدق ومن يعرفهم من المحيطين به من اليتامى والمساكين وابن السبيل المار ببيته، وقد سئل النبى محمد عليه السلام فى هذا الموضوع فلم يفت كعادته وانما انتظر الاجابة من الوحى فنزل قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) البقرة 215 )
ه - لقد جعل الله تعالى من صفات المتقين الأبرار الصادقين انهم ليسوا فقط الذين يراءون الناس بالتوجه للصلاة صوب المشرق والمغرب ، ولكنهم الذين يؤمنون ايمانا حقيقيا بالله تعالى واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين ، ثم يعطون المال صدقة لمستحقى الصدقة من الأقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل ومن يسأل الناس احسانا ، ويقومون باطلاق سراح المستعبدين – اذا كان ثمة استرقاق لا يزال موجودا ، وهم الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة والذين يوفون بالعهد والصابرين فى الشدائد والمصائب وفى الجهاد ،.( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة 177 )
الملاحظ هنا ان الآية الكريمة قامت بالفصل بين الصدقة واقامة الصلاة وايتاء الزكاة، اذ تكلمت على ايتاء المال صدقة للمستحقين بعد صفة الايمان مباشرة ، ثم بعد الصدقة ذكرت اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وصفات أخرى كريمة لتجعل فاصلا بين ايتاء الصدقة ومفهوم اقامة الصلاة وايتاء الزكاة .
وقد تكرر هذا الفصل بين اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وبين تشريع الصدقة فى موضعين آخرين فى القرآن الكريم ، ففى الحديث عن الميثاق الذى أخذه رب العزة على بنى اسرائيل فى عهد موسى جاء الأمر باقامة الصلاة وايتاء الزكاة ثم الايمان بالرسل وتأييدهم ، ثم اعطاء الصدقة ، ولو كانت اعطاء الصدقة هو نفسه الزكاة ما جاء هذا الفصل بينهما ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) المائدة 12 ) وجاء الاقراض أيضا بمعنى الصدقة تاليا للعبادة وقراءة القرآن وقيام الليل واقامة الصلاة وايتاء الزكاة فى خطاب للنبى محمد عليه السلام وأصحابه فى بداية اقامتهم فى المدينة.
فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ) المزمل 20 ).

لذا أتمنى مراجعة ما كتبت من قبل.


اجمالي القراءات 28603