لمبدأ التوحيد مفهوم خاص عند المعتزلة، وهو يعني لهم:
1. التنزيه المطلق: "ليس كمثله شيء" لا تشبيه ولا تجسيم وتنزيه الله عن أن يكون مثل الأجسام أو الموجودات الحسية ونفي أي تشبيه بين المخلوقات والله، والآيات التي تفيد التشبيه لا يقبلها المعتزلة على ظاهرها بل يقومون بتأويلها مثل "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" نخرج المعنى الظاهر لكلمة (وجه) ونقول أن المقصود بها الذات.
2. التوحيد بين الذات والصفات: الله ذات ووجود وهذا الوجود يتصف بصفات ذكرها الله في كتابه وصف الله بها نفسه بأنه عالم، كبير، قدير، سميع، خالق، بصير.
ويعتبر المعتزلة هذه الصفات مضافة للذات، مثلا: الإنسان لا يولد عليم ثم يصبح عليما. المعتزلة يقولون أن هذه الصفات ليست زائدة عن الذات إنما هي عين ذات الإلهية (العلم – القدرة – الإرادة – الحياة – السمع – البصر – الكلام) سبع صفات للذات.
· صفة الذات: هي الصفة التي لا يجوز أن أصف الله بها وبضدها فلا يجوز أن أصف الله بالجاهل×عالم، ولا بالعاجز×قادر الخ..
· صفات الفعل: يجوز أن يوصف الله بضدها مثل الرزاق فأحيانا يرزق وأحيانا يمنع الرزق، والمعتزلة يقولون أن *الكلام صفة الفعل وليست صفات الذات.
يقول المعتزلة أن صفات الله الستة لا تنفصل عن الذات وإنما هي عين الذات الإلهية. سميع بذاته، بصير بذاته وهكذا... قال أبو هذيل العلاف "سميع بسمع هو ذاته وبصير ببصر هو ذاته"، والفرق ان الأول نفى الصفة والثاني اثبت الصفة وهي عين الذات.(الملل والنحل, الشهرستاني) لأنه إذا قلنا أن الصفات ليست عين الذات فمعنى ذلك أن هناك تعدد وتجزؤ في الذات الإلهية وهذا لا يجوز في رأي المعتزلة لأنه في رأيهم شرك لأنه عندي ذات قديمة وصفات هي عين الذات ومعنى ذلك أننا نقع في الشرك. والخروج من هذا المأزق يكون بالتوحيد بين الذات والصفات فصفة العلم هي الذات نفسها. وخصوم المعتزلة يسمونهم المعطلة أو أهل التعطيل أي عطلوا أن يكون للصفات وجود متمايز. وللشيعة والخوارج والإباضية رأي شبيه بهذا المبدأ.
ويترتب على هذا المذهب بعض المواقف العقيدية مثل نفي رؤية الله لا في الدنيا ولا في الآخرة."لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"، "وجوه يومَئِذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة". إلى ليست حرف جر بل تعني النعمة/ ناظرة أي تنتظر تمشيا مع مبدأ التنزيه فإذا رؤي الله بالأبصار فهو جسم.
التعليق :مبدأ المعتزلة وتفريقهم بين صفات الذات وصفات الفعل .. فكر يحتمل الصواب والخطأ ، لكن ويكفيه شرفا أنه إعمالا للعقل ويكفي أيضا أن ناظرةفي "إلى ربها ناظرة " هي بمعنى منتظرة فعلا ، والدليل في آية : "فنظرة إلى ميسرة " لكن القرآن لا يخلو من التصوير والأسلوب المجازي لتقريب الصورة لإفهام البشر ،فأعتقد ان كلمة أعمى في الآية الكريمة : " (ومن كان في هذه أعمىفهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا )"
يترتب على مبدأ التوحيد القول بخلق القرآن، فالقرآن كلام الله والكلام صفة من صفات الله فالله متكلم وكلم موسى تكليما وصفة الكلام هي إحدى الصفات التي يعتبرها بعض المسلمين صفات ذات (صفة الذات هي صفة يوصف الله بها ولا يجوز أن يوصف بضدها مثل الحياة والإرادة). ويعتقدون أن كلام الله مخلوق أو حادث أي أنه وجد بعد لم يكن موجودا وتكلم الله به بعد لم يكن متكلما.
الخليفة المأمون فرض القول بخلق القرآن وطلب من الجميع أن يقروا بذلك واعتبر القول بقدم الذات الإلهية ضرب من الشرك المضاد للتوحيد؛ إلا أن الامام أحمد بن حنبل تصدى لهذا القول فاستضعف وتعرض للسجن والتعذيب، وقد لقب بإمام أهل السنة
التعليق : المعتزلة بشر ووقعوا في نفس أخطاء البشر إذ جرتهم نظريتهم إلى اتخاذ مواقف ثابتة وصارمة وتجلى ذلك : وأنا. لا أعرف إن كان الخليفة المأمون كونه معتزلي ميزة أم عيب ؟ أنا برأي أنه أضر بفكر المعتزلة وجعل فكرهم يقترن بأزمة الإمام أحمد بن حنبل ..وقصة خلق القرآن
· و العدل مبدأ هام في فكر المعتزلة لأنهم يربطون بين صفة العدل والأفعال الإنسانية ويرون أن الإنسان حر في أفعاله وهم يقولون ذلك لكي ينقذوا التكليف الشرعي لأن الإنسان المسلم مكلف شرعيا والإنسان مسئول عن هذه الأفعال حتى يستقيم التكليف ويكون الثواب عدلا والعقاب عدلا. خلافا للجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبور عليها. إلا أن المعتزلة ترى أن عدل الله يقتضي أن يكون الإنسان هو صاحب أفعاله. يترتب على القول بالعدل الإلهي بأن الله لا يفعل الشر فأفعال الله كلها حسنة وخيرّة، الشر إما أن يوجد من الإنسان، أو لا يكون شرا إنما لا نعرف أسبابها، أو لا نستطيع أن نجد لها مبرر لكنها ليست شرا.
· يقول المعتزلة أن الله يفعل ما هو الأصلح لعباده ولا يمكن أن يفعل الشر لعباده. ويتمثل المعتزلة الذات الإلهية خيرا مطلقا، ويقولون باللطف الإلهي أن الله يهدي الناس إلى ما فيه الخير لطفا بهم.القول بالحسن والقبح الذاتيين أو العقليين، والمقصود بها أفعال الإنسان الحسنة وأفعال الإنسان القبيحة. مثلا الصلاة فعل حسن، التصدق فعل حسن، إطعام المسكين فعل حسن.../ الزنا فعل قبيح، الاعتداء.. أفعال سيئة قبيحة.
· و بالنسبة لتحديد ما إذا كان الفعل حسنا أو قبيحا فهناك إتجاهان: الأول يقول (أن الشرع قد أخبرني ذلك) يجعل الأفعال حسنة (الشرع أخبرني عن ذلك) يجعل الأفعال قبيحة إذن الإخبار الشرعي هو المعيار وهذا مبدأ التيار السلفي النقلي الذي يأخذ بظاهر النصوص. والإتجاه آخر التيار العقلي يقول أن العقل هو المسئو
· المنزلة بين المنزلتين : حكم الفاسق في الدنيا ليس بمؤمن ولا بكافر. فيظل على هذا الحال فإن تاب أصبح مؤمن وإن لم يتب حتى موته يخلد في النار. ينسب إلى الرواقيين التمييز بين قيمة الخير وقيمة الشر ويقولون هناك أشياء خيره وأشياء شريرة وأشياء بين البينين. وهذه هي فكرة المعتزلة بالقول بمنزلة بين منزلتين إذ تأثروا بالرواقيين وقد تشكل الاعتزال كمذهب في القرن الثاني.
· والسبب فيه انه دخل رجل على الحسن البصري فقال يا امام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون اصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الايمان بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الايمان ولا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة الامة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا. فتفكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء انا لا اقول ان صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا بل هو في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما اجاب على جماعة من اصحاب الحسن فقال الحسن اعتزل عنا واصل فسمى هو واصحابه معتزله.
· ووجه تقريره انه قال ان الايمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمى المرء مؤمنا وهو اسم مدح والفاسق لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمنا وليس هو بكافر مطلقا أيضا لان الشهادة وسائر اعمال الخير موجودة فيه لا وجه لانكارها لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من اهل النار خالد فيها إذ ليس في الاخرة الا فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار
· التعليق على رأي المعتزلة في مرتكب الكبيرة.. هو ليس في منزلة وسط إذ لا وسطية في الإيمان والكفر فمن يقتل أو يسرق في حالة ارتكابه للمعصية أو الكبيرة بلغة المعتزلة يظل حاملا لصفة الإيمان ..؟ لا أعتقد والدليل في القرآن لأنه وحده الفيصل فيما نختلف فيه :وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً " 93 النساء
المعتزلة في العصر الجديث "الجدد " حدثت عدة محاولات لاحياء فكر المعتزلة في مواجهة التردي الذي تعيشه الأمة الإسلامية. ولكن معظم هذه المحاولات كانت تعاني من التأثر بالفكر الغربي. وبالتالي بدت هذه المحاولات وكأنها تلحق الحضارة الإسلامية بالحضاره الغربية.
كما أن هنالك محاولات جديرة بالاهتمام تقوم على إحياء الفكر الإسلامي على أسس عقلانية ومعرفية معاصرة ترى ضرورة تحرر الدين من السيطرة التاريخية للفقهاء والعلماء الملتزمين بأصول الفقه المتجمدين عندها منذ عصور التخلف والذين راكموا مفاهيم سلبية أصبحت بديلاً عن التفكر والعصرنة وبالتالي جمدوا العقول عند أفهامهم, وينادون بضرورة الخروج بمدرسة فكرية عقلية إسلامية حديثة تحل محل المدرسة التقليدية وتواكب حركة التاريخ والمستجدات المعرفية. لكن دون الانحراف عن النص والتحول إلى التجديد ..
·