مفهوم الحرية بين أهل الشمال وأهل الجنوب
مفهوم الحرية بين أهل الشمال وأهل الجنوب

لطفية احمد في الجمعة ١٩ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

ما زال الإنسان يبحث عن الكنز المفقود  وربما يكون الفردوس المفقود  وهو إحساسه الداخلي بالحرية  عبر تاريخ وجوده على كوكب الأرض،منذ أن أسكنه الله تعالى الفردوس أو الجنة الأرضية هو وزوجه.

وكانت أولى معصيات آدم هو خضوع آدم لوسوسة الشيطان بالأكل من الشجرة وكان ذالك نوعاً من التمرد على الأمر الإلهي بمنع وتحريم الأكل من تلك الشجرة، وبعبارة أخرى كانت نوعاً من الهروب  من عبودية الخالق جل وعلا إلى حرية زينها الشيطان لآدم وزوجه بزعم أنهما والسعي ليسا ملكين وأنهما ليس من الخالدين.

 لذلك تبقى  قضية الحرية وإشكالاتها هى الهاجس الأكبر عند أبناء آدم وبناته   وهم البشرية جمعاء، وفي جميع الرسالىدم ات السماوية والأعراف الإنسانية المتعاقبة

حاول آدم أن بعد ظلمه لنفسه أن يتمرد على عبوديته لربه هو وزوجه ويهرب إلى حرية زائفة مكذوبة  مل من الشجرة والقربن جانب إبليس الملعون فوقع فيما وقع فيه من عصيان وغواية

فكان جزاءه الطرد من الجنة الأرضية التي لا لغوب فيها ولانصب!  إلى الأرض وإلى عناء العيش والكد لكسب العيش بالصيد والزراعة والمعاناة  والقفز وراء الحيوانات للصيد  واستنبات النبات  والسعي على الرزق .

 وكان ذلك لعلة  يعلمها الله تعالى تعالى والسؤال الآن :

أليست الحرية والتمرد على الأمر الإلهي بتحريم الأكل من الشجرة هو سبب معاناة آدم  ومن بعده ذريته وهبوطه من الفردوس إلى الفلاة؟

 

بين النسبي والملطق:

 وأسأل نفسي  وإياكم هل العبودىة المطلقة موجودة بالفعل وكذلك  هل الحرية المطلقة موجود بالفعل؟

 إن مفهوم الحرية عند أهل الأرض قد اختلف بإختلاف مفهوم أهل كل بقعة في الأرض لنصوص الرسالات السماوية. وبالتالي  فالمفهوم للحرية يختلف في نصف الكرة الشمالي عنه في نصف الكرة الجنوبي.

إن أصحاب مدرسة العقل وإعلاء شأنه في نصف الكرة الشمالي قد فهموا النص السماوي بطريقة مختلفة عن أصحاب مدرسة النقل وفهمهم للنصوص السماوية في نصف الكرة الجنوبية وبعبارة أدق  إعمال العقل  بين شعوب الشرق وشعوب الغرب.

مما لاشك فيه أن شعوب الغرب قد تفوقت على شعوب الشرق في إعمال العقل وإعلاء شأنه.  وبناء مفهوم وإن شئت قل مفاهيم الحريات وآلياتها في المجتمعات الغربية مما نتج عنه طفرة في الحياة الاجتماعية والعلمية والاقتصادية. جعلت الفروق الفردية والدولية  بين الشرقيين والغربيين فروقاً كبيرة لحد بعيد.

سؤال مهم جدا:

هل البيئة تؤثر في القيم الخلقية أو المثل العليا مثل الحرية وحب المغامرة والتمسك بالفردية؟!

يجينا الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه (قصة عقل) عن هذا التساؤل فيقول بعد  إعماله لعقله الذي تغلب عليه النظرة العلمية الصارمة فيقول:

   يمكن رد هذا الأمر وهو تمسك الأوروبي بحريته وفرديته وحبه للمغامرة عن الإنسان الشرقي إلى عوامل بيئية بحتة وهى:

أن طبيعة التنفس في الهواء البارد والتنفس في الهواء الدافئ أو الحار، وبالتالي فهى حقيقة تمس  نوع الطعام الضروري في كلتا الحالتين، وأخذ الدكتور زكي نجيب محمود رحمه الله يسلسل الحلقات حتى انتهى إلى الحرية والتشبث بها بين سكان الجهات الباردة أكثر مما تشبث بها أهل الجهات الحارة.

  قال في ذلك البحث العلمي ما يأتي لما كان الإنسان في الجهات الباردة يتنفس من الأكسجين أكثر من زميله ساكن الجهات الدافئة،أولاً لأن الهواء أكثف في الجهات الباردة، فيكون مقدار الأكسجين في الشهقة الواحدة أكثر مما لو كان الهواء مخلخلاً خفيفاً، وثانياً لأن الإنسان يتنفس في الجهات الباردة مرات أكثر عدداً في الفترة الزمنية المعينة مما يحدث لساكن الجهات الدافئة، ومن شأن هذا التنفس السريع  من هواء كثيف ،أن يضاعف كمية الأكسجين الداخل في الجسم، فينتج عن ذلك ضرورة أن يزود ساكن الجهات الباردة جسمه بمقدار من الكربون ، أكثر جداُ مما يتطلبه ساكن الجهات الدافئة، ومعنى ذلك أن ساكن الجهات الباردة لابد له في طعامه من لحوم بمقدار أكبر من زميله في الجنوب الدافئ أو الحار ، بل إن هذا الأخير يستطيع أن يعيش على نبات صرف ... ثم يمضي الدكتور زكي فيبين كيف أن الحصول على لحوم الحيوان أشق من الحصول على النبات ، وبالتالي لا بد بحكم الضرورة أن تقل نسبة الزسادة في سكان الشمال عنها في سكان الجنوب ، والنتيجة هي ندرة الأيدي العاملة في الشمال وكثرتها في الجنوب ، فتعلو قيمة العامل في الحالة الأولى وترخص في الحالة الثانية ، فينتهي الأمر في الحالة الثانية بفروق شاسعة بين الأغنياء من أصحاب الأعمال والفقراء من العمال المأجورين ، على خلاف ما يحدث في الشمال ، فيكون أستعباد الغني القوي للفقير الضعيف أيسر في الجنوب منه في الشمال ، فلا تكون أمام الإنسان في الجنوب فرصة يتمسك فيها بحريته وكرامته كالتي سجدها إنسان الشمال .

رحم الله مفكرنا الحر وجعلنا نسير على خطاه في دروب العلم والحرية 

اجمالي القراءات 14443