الرجال وأشباه الرجال
يُمكن أن نقول أن بني آدم في صفاتهم يحتلون مرتبة وسيطة بين الحيوان وبين الملائكة. وعندما نصف شخصا بأنه إنسان نعني أنه ارتقى في صفاته أكثر إلى الملائكية، وعندما نصف شخصا بأنه رجل كريم نعني أنه يتمتع بجميع الصفات النبيلة وهذا هو معنى الصفة "كريم" والتي من بينها الصفة التي غلبت على المعنى بين العوام وهي صفة انبساط اليد في الإنفاق.
وكذلك عندما نقول "هذا رجل فعلا" فنحن نعني أنه يحمل جميع الصفات النبيلة وأنه ليس مُجرد ذكر بيولوجي. وعندما نُعبر عن احترامنا لامرأة نقول هي "سيدة بمعنى الكلمة" فهي ليست مُجرد أُنثي بيولوجية.
وفي زمننا الأغبر هذا نشأت جماعات انحطت بتأثير شيوخ شوهوا ديننا الإسلام الحنيف وجعلوه دينا عُدوانيا ينظر نظرة دُونية للمرأة ويعتبرها شرا لا بُد منه، فهي لعبة الرجل وشيطانته، وهي عورة وصوتها عورة يجب إخفاؤها وإخراس صوتها، وهي ناقصة عقل ودين حسب أحاديث مكذوبة نسبوها لرسولنا الكريم. ولكن القرآن الكريم، فيما عدا ولاية الرجل على المرأة داخل مُؤسسة الزواج، نجد أنه يقول إن المُؤمنين والمُؤمنات بعضهم أولياء بعض، ونجد أن للنساء حقوقا كما للرجل بالمعروف، ونجد أن سُبحانه ضرب مثلا للمُؤمنين جميعا – رجالا ونساء – بامرأتين هما امرأة فرعون وابنة عمران مريم أم المسيح. فكيف يضرب بهن مثلا للمؤمنين في الإيمان وهن ناقصات عقل ودين؟
ولذلك نجد في زمننا هذا رجال، ونجد أشباه الرجال، ولأن أشباه الرجال يشعرون بنقص في رجولتهم فيُحاولون تعويض هذا بإبراز مظاهر الذكورة كاللحية الكثة، وبإبراز مظاهر السيادة على النساء بسوء مُعاملتهن، ورميهن بكل نقيصة، وإخفائهن داخل خيام سوداء وراء أنقبة، وهذا حتى يشعروا بتميزهم عن النساء. وهو مرض نفسي من نوع البارانويا حيث يتحول إحساس دفين بالنقص إلى تصرفات ظاهرة السيادة والعظمة.
وفي هذه الأيام السوداء ظهرت ظاهرة التحرش المُمنهج ضد النساء، وارتفع صوت أشباه الرجال يتهمون المرأة بأنها سبب التحرش، فيقول أحد أشباه الرجال ممن لا كرامة لديهم ولا شهامة ولا نخوة: إن المُتَحَرَّش بهن هن السبب، فما الذي أخرجهن من بيوتهن؟ وكأنه ليس للنساء الحق في الذود عن حُرية أوطانهن والمُطالبة بحقوقهن. ثم يتهم المُتظاهرات بالتبرج والعُري لأنهن لا يرتدين الأكفان التي قررها المُتأسلمون للمرأة، ويدَّعي معرفة ما بضمائرهن فيقول إنهن ذهبن لٌيغتصبن، فانتحل لنفسه ما لا يعرفه أحد إلا سُبحانه، ثم المُصيبة الكُبرى: يتهمهن بأنهن نصرانيات!!! كأن النصرانيات لسن مُحصنات وكأنه حلال الاعتداء عليهن واغتصابهن!!!! فعلا شبه رجل أحمق سفيه سافل.
والمُصيبة أن تنبري أُنثي مهزومة سليطة اللسان من زوجات أشباه الرجال هؤلاء، فتدعي أنها شاهدت من قصر الاتحادية ممارسات جنسية كاملة بين المُتظاهرين والمُتظاهرات، فاستحقت أن تُجلد ثمانين جلدة وألا تُقبل لها شهادة أبدا لرميها المُحصنات الغافلات بالباطل.
يا رجال مصر الأحرار ويا نسائها الكريمات الحرائر دافعوا عن أنفسكم ضد أشباه الرجال هؤلاء بكل وسيلة، وافضحوهم أمام أنفسهم وأمام العالم أجمع، ولا تهنوا ولا تحزنوا، وأنتم الأعلون إن شاء الله.