حالف المصريين الأمريكيين: ظهور البرادعي أعاد الأمل بعد أن كان البديل هو التوريث

في السبت ٢٩ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

انتقلت حيوية الحراك الشعبي المصري في أرض الوطن إلي الأرض الأمريكية لتخرج المصريين الأمريكيين عن صمتهم ففي شهر واحد أنشأ شباب المصريين الأمريكيين جمعية مصرية للتغيير بدأت في واشنطن وسرعان ما أقام المصريون المتحمسون للتغيير فروعًا لها في نيو جيرسي ونيويورك ونورث كارولاينا وماساتشوستس وكاليفورنيا وميشيجان، ويتزايد عدد المنضمين إليها يومًا بعد يوم ، كما دعا تحالف المصريين الأمريكيين الذي تم إنشاؤه في عام 2005 عددًا من رموز المعارضة المصرية والأكاديميين المصريين الأمريكيين إلي مؤتمر في مدينة نيويورك لبحث مستقبل الديمقراطية في مصر ضم الدكتور أسامة الغزالي الذي استقال من لجنة السياسات بالحزب الوطني وشكل مع الفقيه الدستوري الدكتور يحيي الجمل حزبًا ليبراليًا باسم الجبهة الديمقراطية، والدكتور حسن نافعة - منسق الجمعية الوطنية للتغيير - التي شكلها الدكتور البرادعي، والدكتور جودة عبد الخالق عن حزب التجمع اليساري، والمستشار محمود الخضيري - رئيس حركة «مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة» وعددًا آخر من زعماء الحركات الشعبية في مصر في أول لقاء في الولايات المتحدة يجمع بين المصريين الأمريكيين ورموز المعارضة المصرية.

توجهت «الدستور» إلي الدكتور صفي الدين حامد - أحد مؤسسي تحالف المصريين الأمريكيين ورئيس قسم الهندسة البيئية بجامعة تشاسام في بتسبرج - لمعرفة أهم ما دار في المؤتمر فقال: إن الأكاديميين اتفقوا مع رموز المعارضة المصرية علي أن التغيير أصبح ضرورة حتمية لوضع نهاية للوضع المتردي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا في مصر وأن التغيير لابد أن يأتي من الداخل وأن دور المصريين الأمريكيين هو مساندة حركة التغيير من الداخل والمطالبة بحقهم في التصويت حتي يسهموا بأصواتهم في إحداث التغيير السلمي والتأكيد علي أن ابتعاد المصريين الأمريكيين جغرافيا عن الوطن الأم لا يقلل من وطنيتهم واهتمامهم بالمشاركة الفعالة من أجل التغيير لصالح الوطن والمواطن.

وسألنا الدكتور صفي الدين حامد - الرئيس السابق للتحالف - عن تقييمه لأسباب خروج المصريين الأمريكيين عن سلبيتهم التقليدية وشعار «مفيش فايدة» إلي النشاط السياسي من أجل التغيير في الوطن الأم فقال إن هناك أربعة أسباب رئيسية:

أولا: زيارات المصريين الأمريكيين المتعاقبة لمصر أطلعتهم علي التدهور السريع في الحياة المصرية واستشراء الفساد والإفساد بسبب الحكم غير الرشيد وزواج السلطة والثروة وعدم وجود إرادة سياسية في التحول نحو الديمقراطية ومسلسل التوريث من الرئيس إلي ابنه جمال مبارك وظهور مؤشرات دولية علي تخلف مصر المتواصل في العلم والتعليم والشفافية ومستوي الفقر والخدمات الصحية.

ثانيا: ثورة المعلومات مكنت المصريين الأمريكيين من متابعة ما يحدث في وطنهم الأم يوميًا علي شاشة الكمبيوتر في المنزل والمكتب كما غيرت برامج الحوار المسائية علي القنوات الفضائية المصرية والعربية كثيرا من سلبية التعامل مع بؤس الواقع المصري وأشعرتهم بضرورة التحرك للتغيير.

ثالثا: بدء تفعيل دور المصريين الأمريكيين في مناقشة كيفية الخروج بمصر من الهوة السحيقة التي هبط فيها بالوطن الأم الحزب الوطني المحتكر للسلطة عندما فكرت مجموعة من المصريين الأمريكيين المؤمنين بحق الشعب المصري في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في تنشيط المصريين الأمريكيين من خلال إقامة تحالف لهم في عام 2005 يحشدون من خلاله طاقاتهم لصالح التغيير ويساهمون في وضع تصور للحكم الرشيد وفق مبادئ عشر وإقناع المسئولين الأمريكيين بمساندة طموح الشعب المصري إلي التحول الديمقراطي والتخلي عن وهم أن مساندة الديكتاتورية توفر الحفاظ علي الاستقرار في المنطقة.

رابعا: ظهور الدكتور محمد البرادعي بما له من ثقل دولي ورؤية مستنيرة كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة وقيادته لحركة وطنية من أجل التغيير أعاد الأمل إلي نفوس المصريين الأمريكيين بعد أن كان مسلسل التوريث هو البديل الحتمي لما بعد الرئيس مبارك.

ويري الدكتور صفي الدين حامد أنه مع التسليم بأن تغيير المعادلة السياسية المختلة في مصر سيأتي من الداخل يظل للمصريين الأمريكيين أكثر من تأثير في السعي للتغيير فالحراك السياسي الشعبي بينهم وتعدد الجمعيات المصرية الأمريكية المطالبة بالتحول الديمقراطي، وبدء فتح الجسور بين نشطاء المصريين الأمريكيين والمعارضة المصرية من شأنه إقناع المسئولين الأمريكيين بحقيقة شعبية المطالبة بالتغيير بين المصريين في الداخل والخارج وأهمية عدم استعداء الشعب المصري بمواصلة مساندة النظام الحاكم، كما أن إصرار المصريين الأمريكيين علي حقهم في التصويت واعتزام رفع قضايا علي الحكومة المصرية بعد انتهاء المهلة المحددة للرد علي الطلب الرسمي بإتاحة الفرصة لهم للتصويت في المقار القنصلية والدبلوماسية المصرية في الخارج دون تزوير سيمكنهم في نهاية المطاف من استخدام أصواتهم لصالح التغيير، كما أن انخراط العديد من المصريين الأمريكيين في منظمات المجتمع المدني الأمريكي المهتمة بالديمقراطية أعطي زخمًا إضافيًا أسفر عن رسائل من وزيرة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض للرئيس مبارك لوقف العمل بقانون الطوارئ.

وفي لقاء لـ «الدستور» مع الدكتور سامر شحاتة - أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات العربية بجامعة جورجتاون، وأحد الأكاديميين الذين شاركوا في مؤتمر مستقبل الديمقراطية في مصر الذي نظمه المصريون الأمريكيون في نيويورك - أكد أن لقاء المصريين الأمريكيين برموز المعارضة المصرية أطلع المصريين في داخل مصر علي مدي المساندة القوية التي يبديها المصريون الأمريكيون للسعي من أجل التحول الديمقراطي والارتقاء بالوطن الأم من محنة انحدار الأوضاع السياسية والاقتصادية واستشراء الفساد، وإجماع المشاركين في المؤتمر علي أن النظام الحاكم في مصر قد أخفق تمامًا وأن الحاجة أصبحت ماسة إلي التغيير بناء علي المطالب السبعة التي طرحها الدكتور البرادعي بغض النظر عمن سيتولي الحكم بعد الرئيس مبارك، كما اتفق المؤتمر علي شرعية الدور النشط للمصريين في الخارج من أجل التغيير وعلي حقهم في التصويت. لكنه قال:

«من الأهمية بمكان الانتباه إلي الطريقة الماكرة التي يصور بها النظام وأدوات إعلامه رموز المعارضة أو نشطاء المصريين الأمريكيين بأنهم يمارسون لعبة الاستقواء بالخارج أو أن لهم علاقات مشبوهة بالخارج، وهو ادعاء أوقع بعض المصريين في الداخل في فخ تصوير النشطاء المصريين الأمريكيين علي أنهم تكرار لسيناريو تعاون بعض قيادات المعارضة العراقية في الخارج مثل أحمد الشلبي لتسليم مصر للولايات المتحدة علي طبق من ذهب، بينما الحقيقة هي أن نشطاء المصريين الأمريكيين ليسوا حزبًا سياسيًا في المنفي يتطلع أعضاؤه إلي العودة لاقتسام السلطة وإنما هم عقول وطنية مصرية مفكرة تحلم لمصر بمستقبل أفضل».

وردا علي سؤال لـ «الدستور» عما يستطيع المصريون الأمريكيون عمله للتأثير في المعادلة السياسية في مصر قال الدكتور سامر شحاتة:

«إذا تمكنوا من تأمين حقهم في الإدلاء بأصواتهم في السفارة والقنصليات المصرية في الولايات المتحدة وأصروا علي فرز الأصوات في أماكن التصويت وتكرر ذلك المشهد مع ثمانية ملايين مصري يعيشون في الخارج فسيحرمون النظام من التزوير المعتاد في الانتخابات وسيزودون مرشح المعارضة بما يحتاجه من أصوات من أجل التغيير، كما يمكنهم إذا وحدوا صفوفهم ونظموا مظاهرة حاشدة أمام البيت الأبيض تنقل للعالم مدي تذمرهم من إخفاق نظام مبارك في توفير الحياة الكريمة أو التحول الديمقراطي أن يمارسوا ضغطًا حقيقيًا علي إدارة الرئيس أوباما لتغيير سياسة مساندة النظام في مصر».

وكان المصريون الأمريكيون قد نظموا مظاهرة أمام السفارة المصرية في واشنطن ومظاهرة أخري في متنزه عام في تكساس أعربوا خلالها عن مطالبهم بالتحول الديمقراطي وتعديل الشروط التعجيزية التي انطوت عليها التعديلات الدستورية للحيلولة دون منافسة المعارضة لمرشح الحزب الحاكم لانتخابات الرئاسة وأجري المشاركون في المظاهرة انتخابات موازية رمزية بين عدة مرشحين هم الدكتور محمد البرادعي، والسيد عمرو موسي - أمين عام الجامعة العربية - كمستقلين، والسيد جمال مبارك عن الحزب الوطني، والدكتور أيمن نور عن حزب الغد والسيد حمدين صباحي عن حزب الكرامة وانتهت الانتخابات الموازية بفوز الدكتور محمد البرادعي بنسبة 74% وكما يقول المثل: إن غدًا لناظره قريب.

 

اجمالي القراءات 4081