دستور مرسى والأوقاف:( 9 /6) الاخوان والاوقاف والأزهر وأخونة الخليج

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٦ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة

1 ـ بدأنا نشر هذه السلسلة عن دستور الاخوان فى ديسمبر من العام الماضى ، مع عقد اجتماعات تأسيسية الاخوان لوضع دستورهم ، ونحن مستمرون فيها الى ما بعد إقرارهذا الدستور باستفتاء زائف . وسننشر هذه المقالات فى كتاب فيما بعد . وحتى لا يظن القارىء لهذا الكتاب أننا كتبناه تعليقا عما فعله ويفعله الاخوان، فإننا نكرّر ونؤكد أنّ مقالاتنا هذه ـ وما سبقها عن الاخوان من سنوات ـ كاشفة ، تتجوّل فى عقل الاخوان وتتنبأ مقدما بتصرفاتهم .

2 ـ تفرعت هذه المقالات لتتوقف مع الأوقاف لأن دستور الاخوان نصّ عليها بما يشى ويشير الى خطة مبيتة لسلب أموال المصريين بالأوقاف، وكان لا بد من توضيح الاوقاف اصوليا وتاريخيا لأننا نتعامل مع جماعة تريد العودة الى العصور الوسطى حيث فساد الأوقاف وازدهارها . ودستورهم نصّ أيضا على دور الأزهر فكان لزاما الربط بين الأزهر والأوقاف ، بالاضافة الى ربط سابق بين الأزهر والمادة التى تجعل شريعة أهل السّنة والجماعة هى مصدر التشريع . وندخل الآن فى هذه المقالة الكاشفة عن حلم الاخوان بأخونة الخليج توطئة لتحقيق حلمهم فى استرجاع دولة الخلافة ، ولنتذكر سقوط الخلافة العثمانية عام 1924، وتقاعس عبد العزيز آل سعود عن إستعادتها وقت أن كان ملء السمع والبصر وقد استولى على الحجاز . ويأتى الدور على الاخوان فى تحقيق هذا الحلم بعد تأسيس جماعتهم بأكثر من ثمانين عاما . وليس هذا بعيدا عن موضوعنا فى الأوقاف والأزهر . ونعطى بعض التفاصيل :

أولا : الأزهر وشيخ الأزهر الحالى

1 ـ أشرنا من قبل الى تجهيز الأزهر ليحتل مكانة المحكمة الدستورية العليا ولأن يلعب دورا سياسيا وتشريعيا . ونجد تطبيقا لهذا فى هذه الأيام ( من شهر يناير 2013 ) فى أخبار شيخ الأزهر وهو يستقبل الوزراء(حتى وزير الداخلية ) وكبار السياسيين الغربيين . هذا مع أن شيخ الأزهر الحالى ( د . الطيب ) ليس من الاخوان ، بل هو ينتمى لدين أرضى مخالف هو( التصوف )، وكان ( د . الطيب ) من قبل من غلمان جمال مبارك ولجنة السياسات وظل مخلصا لآل مبارك حتى آخر لحظة ، وكتبنا مقالا وقتها ـ وهو منشور هنا ـ يجعل العار على شيخ الأزهر الذى جعل نفسه مطية لحاكم مستبد. ولكن الاخوان يستخدمونه مؤقتا لخدمتهم،ويبهرونه بنفوذ سياسى وتغطية اعلامية ويعطونه صلاحيات سياسية لم تكن لشيخ من قبله حتى ينتفخ ويتعود على هذا الوضع ويحرص على الاستمرار فيه ، فيتمسك بطاعة الاخوان، الى أن يصبح غير صالح للإستهلاك الآدمى فيتخلصوا منه .

2 ـ وجود شيخ الأزهر هذا بالذات مهم جدا للإخوان برغم الاختلاف العقيدى بينه وبينهم . فلأنه صوفى فهو يتمتع بكراهية السلفيين واحتقارهم ، وهم لا يتورعون عن الجهر بذلك علنا ، والسلفيون فى غبائهم السياسى يحتاجون الى تربية وسيطرة ومناورات ليتمكن الإخوان من إستغلالهم والاستفادة من غبائهم بأدنى قدر من الأضرار . والاخوان اساتذة فى فنّ المناورة، واستغلال شيخ الأزهر ضد السلفيين واستغلال السلفيين ضد شيخ الأزهر من وسائل تلك المناورة .

3 ـ ثم إنّ شيخ الأزهر متهم علنا بوجود فساد فى جنبات الأزهر ، وهناك شكاوى بهذا الشكل ، ثم إنه ليست له مؤلفات علمية وليس خطيبا مفوّها بل ليس خطيبا من أساسه ، وكتب بعضهم يتهمه بأنه كلّف بعض الباحثين بأن يؤلف بعض الكتب ليضع عليها شيخ الأزهر إسمه . أى نحن أمام شخص يحتل مكانة لا يصلح لها ولا تصلح له ، فليس عالما وليس فقيها وحتى ليس واعظا ، مجرد موظف ارتفع بالفساد فى عصر جمال مبارك ليكون شيخا للأزهر فى حملة التوريث، ثم ورثه الاخوان بحالته التعسة هذه، وبهذا البؤس يمكن إستغلاله لخدمة الاخوان بالترغيب والترهيب .

4 ـ ووجود مؤسسة الأزهر فى جيب الاخوان مهم جدا جعلهم يضعون هذا النّص على ( الأزهر ) فى دستورهم ، ليس فقط لتمكين الاخوان من أخونة مصر، ولكن بهدف (أخونة) وحكم الخليج والتحكم فى بتروله وقيادة العالم ( الاسلامى ). فالاخوان ومنذ البداية أنشأوا التنظيم العالمى لهذا الغرض، و( مصر) هى مجرد البداية ، وعندما يتحدث بعض المصريين عن الانتماء لمصر الوطن بديلا عن الانتماء للعقيدة الوهابية السنية، فإن مصر لا تستحق ـ فى أحلامهم الشمولية ـ إلّا تعبير (طُظ) الذى قاله مرشدهم السابق عاكف . ولكنّ الأزهر بعراقته وبكونه أيقونة (العالم السنى والصوفى ) وسيلة خطيرة فى تحقيق أمل الاخوان فى  تحقيق ما يسمى حلم (الخلافة الاسلامية ) بمصر وأزهرها. وهذا يحتاج الى أموال وأوقاف تأتى من مصر والخليج . لذا نعيد التذكير بنصوصهم الدستورية عن الأوقاف والأزهر ومصدرية التشريع لأهل السّنة والجماعة .

5 ـ وفى المقال البحثى السابق توقفنا مع الأزهر وشيوخ القزلباش الايرانيين ، ودورهم فى إسقاط الدولة المملوكية ممّا أثّر فى تاريخ العالم وقتها.  كان هناك صراع  وقتها بين القوى الاقليمية الكبرى:( الدولة المملوكية ومقرها مصر ) والدولة الايرانية ( الشاه اسماعيل الصفوى ) والدولة العثمانية ومقرها تركيا . وأدى الى سقوط الدولة المملوكية وتبعية مصر لتركيا العثمانية . وكان دور الأزهر وأوقافه فى بؤرة هذا الصراع .  تحمّلت المشقة فى كتابة هذا المقال البحثى  لأنّه إسقاط على حال مصر الآن ، حيث يحكمها الاخوان ـ ويتعاملون بالدهاء والتقية مع ( الشاه الشيعى المعاصر فى ايران ) و (رئيس تركيا باتجاهاته الدينية العثمانية ) ثم الدولة السعودية التى تم تخليقها مؤخرا كإحدى الخطايا الكبرى للقرن العشرين. وهذا اللاعب الجديد الوهابى ( السعودية ) يحتاج وقفة توضيحية فى توضيح علاقته بالاخوان الوهابيين.

ثانيا : منبع العداء بين السعوديين الوهابيين والاخوان الوهابيين

1 ـ قلنا من قبل إنّ عبد العزيز آل سعود هو المؤسس الحقيقى للجمعيات السلفية والاخوان المسلمين فى مصر، ولكن ما لبث أن وقعت السعودية فى عداء سياسى مع ربيبتهم ( الاخوان المسلمين ). تمكن عبد العزيز من تأسيس دولته بالاخوان ( النجديين ) الذين قام بتعليمهم الوهابية،وبسيوفهم وصلت أملاكه الى الحدود الحالية ومنها الحجاز ، بعد عدة مذابح فيه إشتهر بها أولئك الاخوان . دخل إخوان عبد العزيز فى خلاف سياسى معه؛ طبقا للوهابية هم يؤمنون باستمرار الجهاد ضد الجميع : صوفية وشيعة وحتى من السنيين الذين هم ليسوا وهابيين، وتؤيدهم تعاليم ابن عبد الوهاب التى علمها لهم فقهاء عبد العزيز، لذا نقموا عليه أنه يتعامل مع المصريين (المشركين ) والانجليز (الكافرين )، بينما يضطر عبد العزيز كرجل دولة أن يتعامل مع هؤلاء المشركين والكافرين، وهو مضطر لأن يكبح جماح الاخوان خصوصا بعد عدوانهم على الكويت واستمرار غاراتهم على العراق، وهو المسئول عن مذابحهم واعتداءاتهم .

2 ـ  ليس هذا فقط كل مظاهر الخلاف بين عبد العزيز وأتباعه الاخوان النجديين . الخلاف الأصلى هو فى مصدرية الحكم ومشروعيته.عبد العزيز يرى أنه هو مصدر الحكم وأنه يسعى لاسترداد ملك أجداده مستخدما الوهابية والاخوان النجديين وغيرهم ، بينما يرى الاخوان النجديون أن الوهابية التى تشربوها هى مصدرية الحكم لهم ولعبد العزيز، وأنهم شركاؤه بالعقيدة وبالسلاح .

3 ـ كان عبد العزيز يعتمد سياسة الصبر والنّفس الطويل ، لذا صبر على متاعب الاخوان النجديين وعمل على عزلهم واستبعادهم شيئا فشيئا بعد أن فتحوا له الحجاز ، وشغلهم بمؤتمرات الصلح ومفاوضاته ، وبعد أن أصبح مسيطرا على الحج وبامكانه التواصل مع ( المشركين ) أى المسلمين الحجاج من مصر وغيرها بدأ يعمل على إنشاء فروع له فى الخارج بين المسلمين ( المشركين) لنشر الوهابية بينهم . لذا  بدأ عملاء عبد العزيز فى إنشاء الجمعيات السلفية، وكان أهمها ( الاخوان المسلمين ) عام 1928 ليستعيض بهم مقدما عن ( إخوانه ) المشاغبين النجديين ، ثم بعدها قضى على الاخوان النجديين فى موقعة السبلة 1929 / 1930 . ثم حقّق أمنيته وهى تسمية الدولة الجديدة باسم عائلته السعودية عام 1932 ليحكمها بلا منازع ،اى إنّه استغل الوهابية والاخوان النجديين لاقامة دولته واستعادة ملك آبائه ، وتوقف تاركا عملاءه الاخوان المسلمين المصريين ليواصلوا الدور خارج حدود دولته وليخدموه شريطة ألا يكون لهم دور فى مملكته حتى لا يزايدوا عليه كما فعل الإخوان النجديون.

4 ـ قدّم الاخوان ( المصريون ) أكبر خدمة للسعودية والوهابية ، هم الذين نشروها فى مصر وخارجها ، وهم الذين صاغوا فقه ابن عبد الوهاب وابن تيمية فى لغة معاصرة ميسّرة ، وهم الذين استخدموا مصر وموقعها ومكانتها فى تعزيز الوهابية ودورالسعودية . ثم جاء عصر البترول والعلاقات الدولية والاقليمية لتزيد هذا نجاحا وإزدهارا .

5 ـ ولكن هذا النجاح الاخوانى كانت له آثار جانبية شديدة الخطور على الأسرة السعودية . فقد أدى إضطهاد عبد الناصر للإخوان الى هرب الكثيرين منهم الى السعودية ليعملوا هناك فى التعليم والاعلام وغيره . هؤلاء الاخوان المصريون عاشوا الليبرالية المصرية وشهدوا فاوق ملكا مصريا ليبراليا يختلف تماما عن الحكم المطلق لآل سعود وفسادهم وجهلهم وانحلالهم . وهؤلاء الإخوان المصريون تربوا على يد إمامهم حسن البنا فى  التقية والنفاق والخداع والتحدث بأكثر من لغة وبأكثر من وجه . فطبيعة الوضع فى مصر إختلفت عنها فى نجد والجزيرة العربية،فإخوان ( نجد ) الذين ربّاهم عبد العزيز كانوا لا يعرفون المدهنة أو المراوغة ، يتكلمون بالسيف قبل اللسان وبالسيف بلا لسان ، وإما أن تكون معهم مجاهدا أولا تكون معهم فتصبح فريسة لسيوفهم . إختلف الأمر مع حسن البنا ، فالمسلمون المصريون معظمهم يمقت الوهابية ، وهو مضطر لنشرها ليصل للحكم على أكتاف هؤلاء الكارهين للوهابية ، لذا تم التعتيم التام على مصطلح الوهابية والحنبلية ، واستعملوا بدلها مصطلحى ( السلف ) و ( السنة )، وكانت تعليمات الوهابية سرية للموثوق بهم من أعضاء الجماعة. هى جماعة سياسية تسعى بالتآمر للوصول للحكم وتتبع اسلوب الاغتيالات بينما تعلن أنها جماعة دعوية مسالمة لا شأن لها بالسياسة . هذه المراوغة استعملها الاخوان المسلمون المصريون فى داخل السعودية، فأفسدوا الأمر على آل سعود.

6 ـ وتزامن هذا مع عصر سيد قطب ومؤلفاته ونهايته المأساوية فى عهد عبد الناصر. آمن كثيرون بمقولة سيد قطب فى تكفير كل المسلمين وتكفير الحكام المسلمين بما فيهم حكام السعودية والخليج الوهابيين،وآمنوا بالجهاد فى سبيل استعادة الخلافة على أنقاض حكم أولئك المستبدين المفسدين  لمواجهة الغرب فى معركة فاصلة تنبأت بها كتب السّنة . هذه ( القطبية ) أو فكر سيد قطب تم نشره فى السعودية فى وقت عصيب للسعوديين ، كانت فيه التبعية السعودية لأمريكا والغرب على أشدها وقت احتياج أمريكا للسعودية فى حربها الباردة ضد الالحاد الشيوعى .

7 ـ ثم آتت دعوة الاخوان المسلمين أكلها فى حرب الخليج التى أظهرت عجز الأسرة السعودية عن حماية دولتها برغم التسليح الهائل ببلايين الدولارات ، فظهرت المعارضة السعودية تعتنق فكر سيد قطب ، وهى التى تتوجت بابن لادن والقاعدة. فالقاعدة هى التجسيد الحىّ المفزع المنفّذ لفكر سيد قطب. وكل هذا خرج من عباءة الاخوان المسلمين شأن كل التنظيمات الارهابية ما ظهر منها وما بطن . ولهذا تعتبر الاسرة السعودية الاخوان المسلمين عدوا سياسيا برغم تبعيتهم للوهابية. هذا بينما تغدق السعودية على السلفيين الذين ينشرون الوهابية مغلفة بطاعة أولى الأمر من مبارك الى آل سعود .

ثالثا : منبع العداء بين الاخوان المسلمين الوهابيين ودول الخليج الوهابية

1 ـونؤكد مجددا أن مصدرية السلطة أساس الخلاف، يرى آل سعود أنهم مصدر السلطة ويرى الاخوان القطبيون أن الوهابية هى مصدر السلطة ، لذا يريدون إسقاط الأسرة السعودية التى استغلت الوهابية لتعود السلطة للوهابية وقادتها ودعاتها.

2 ـ وينطبق الأمر على دول الخليج التى تحكمها أسرات تنتمى فى الأصل الى منطقة نجد وتعتنق الوهابية وتضطهد الشيعة. وكما توغّل فكر سيد قطب فى السعودية وخلق معارضة داخلها فقد تغلغل أيضا داخل دول الخليج . خطر الاخوان ماثل بالذات فى الكويت التى لا تزال تحتفظ بذكريات مؤلمة من غارات فيصل الدويش ـ زعيم إخوان النجديين فى عهد عبد العزيز ـ والمذابح التى قام بها داخل الكويت. ولكن نجح الوهابيون فى ارساء الوهابية ، ورآها كويتيون ثائرون أصوليون فرصة لتحجيم استبداد الأمير فى ( دولة الكويت ) ، لذا تنتشر القطبية ( فكر سيد قطب ) بقوة فى الكويت منافسا للشيعة ونفوذ ايران المستتر هناك .  وهناك بذرة إخوانية فى الامارات أخذت فى التحرك بأوامر من الاخوان فى القاهرة . ولكن يقف لهم بالمرصاد رئيس شرطة دبى ضاحى خلفان . أما السلطة الحاكمة فى قطر فهى تجيد اللعب على الحبال، من أمريكا الى ايران ومن سعد الدين ابراهيم الى الاخوان. ومنذ إنشاء قناة الجزيرة تحاول قطر إحتواء الاخوان لتأمن شرّهم ، باستضافة القرضاوى وتقديم الدعم لاخوان مصر ومشاركتهم فى نهب مصر .

رابعا : تحييد امريكا واسرائيل بالترغيب والترهيب:

1 ـ الترغيب بتهدئة الأوضاع مؤقتا مع اسرائيل وأمريكا باستخدام حماس مع تقديم شتى التنازلات فى سيناء لتأجيل الصراع مع اسرائيل الى ما بعد الأخونة والتمكين .  

2 ـ ودور حماس مشهور فى التدريب العسكرى لميليشيات الاخوان التى ستؤسس لهم التمكين فى مصر. حماس الوهابية لا يهمها عدد الضحايا من الغارات الاسرائيلية ، بل كلما زاد عدد الضحايا زادت الاحتجاجات على اسرائيل لصالح حماس. ولهذا فإن الظاهرة الواضحة فى الصراع بين حماس واسرائيل هو محاولة اسرائيل تفادى قتل المدنيين وقتل من تعتبرهم ارهابيين من حماس فقط ، يقابل هذا حرص أكبر من قادة  حماس على إطلاق الصواريخ من وسط المبانى ثم التخفى فى عمق التكاثف السكانى الهائل فى غزة، بل فى المستشفيات وسيارات الاسعاف. أى يتخذون المرضى والنساء والأطفال دروعا بشرية يحتمون بها ، أو يتخذونهم رهائن يهددون بهم اسرائيل لارغام اسرائيل على أن تخطىء فى التصويب وتقتل المدنيين ، وبعد أن تنجح حماس فى جعل إسرائيل تقتل المدنيين وتهدم بيوتهم تقوم بتصوير الضحايا لاستجداء عطف العالم ونقمته على اسرائيل . تعبت إسرائيل وأمريكا من هذه اللعبة ، فظهر الاخوان لحلّ المشكلة مقابل تأييد الأمريكان والاسرائيليين للأخونة والتمكين فى مصر.

3 ـ وقبلها استخدم الاخوان حماس فى الهجوم على الجنود المصريين فى رمضان الماضى مما أدى الى سهولة التخلص من المجلس العسكرى، فخرج مجللا بالعار ، وجاءت وزيرة الخارجية الأمريكية تبارك هذا الانقلاب. ثم استخدم الاخوان حماس وصواريخها فى ضرب اسرائيل فردّت اسرائيل بعنفها المعروف ، وإحتدمت أزمة كبرى فهرعت أمريكا تريد الحل وتوسط الاخوان ليقبضوا الثمن من أمريكا، وجاءت مرة ثانية وزيرة الخارجية الأمريكية تبارك انفراد مرسى بكل السلطات ، وتمرير هذا الدستور الاخوانى .

4 ـ ولدى الاخوان فزّاعة أخرى يهددون بها العمق الأمريكى نفسه ، فهناك ملايين المسلمين الأمريكيين يسيطر عليهم الاخوان خلال مئات المساجد والمراكز ( الاسلامية ) والمنظمات المختلفة ، وكلها تتمتع بالتمويل من الخليج وتتمتع بالحرية وفقا للدستور الأمريكى نفسه . وهم عنصر ضغط هائل على أهبة التحرك عند اللزوم .

5 ـ بالاضافة لما سبق يستخدم الاخوان التقرب من ايران فزّاعة ضد اسرائيل وأمريكا.

خامسا : أخونة الخليج

1 ـ التقارب المؤقت مع ايران الشيعية مباح وفق البراجماتية الاخوانية مهما إحتج السلفيون بغبائهم المعهود والمحمود ، فالاخوان قادرون على توظيف هذا الغباء السلفى لصالحهم كالعادة ..

2 ـ هذا التقرب المؤقت ( المحسوب بدقّة) من ايران هو تهديد مباشر ضد السعودية ودول الخليج يساعد على سرعة الأخونة وتمكين الاخوان فى الخليج . ولو حدث تحالف مؤقت وفعلى بين مصر وايران فإن سقوط السعودية ودول الخليج أمر حتمى لأنها دول ترانزيت مؤقتة ومرحلية تقع فى مناطق النفوذ بين القوتين الاقليميتين فى ايران ومصر . وبهذه الفزاعة يمكن للاخوان فى مصر الضغط على حكام الخليج لاتمام التمكين فى مصر وخارجها .

3 ـ هناك أيضا الاستفادة من تجربة التيار الدينى الإيرانى الخومينى فى التمكين .التيار الشيعى الخومينى إختطف الثورة الايرانية الشعبية التى قام بها اليساريون ومجاهدو خلق ضد الشاه فحكم الخومينى بعد الشاه،وأدخل الثوار السجون وشتتهم .  وكذلك إختطف الاخوان الثورة المصرية وفعلوا ويفعلون وسيفعلون نفس الشىء مع الثوار المصريين . ووصل الخومينويون الى التمكين فى ايران ، وأصبح لهم الحرس الثورى والسيطرة على الجيش والاقتصاد، وهذا ما يسعى اليه الاخوان فى مصر بالتعلم من التجربة الايرانية الشيعية.

4 ـ ولكى تكتمل أدوات الضغط الخارجى ولكى يكتمل التمكين وتكتمل الأخونة فلا بد من تدعيم دور الأزهر داخليا وخارجيا، ولا بد من إرجاع أوقافه اليه، بل لا بد من إضافة أوقاف جديدة له داخل مصر وخارجها .   ويقع هذا العبء المالى على دول الخليج والسعودية منبع الوهابية . بعقيدة الاستحلال الوهابية السّنية يرى الاخوان أنهم الأحق بمئات البلايين المكتنزة داخل حسابات حكام الخليج ، ويرى الاخوان أن تلك الأسرات الحاكمة قد نهبت الكثير باستغلال الوهابية وقد آن الأوان لقادة الوهابية أن يأخذوا ( حقهم ) من البترول وعوائده ، وأن يسودوا ( العالم الاسلامى ) بدلا من ابن سعود الذى قنع بمملكته وتراخى عن تحقيق الحلم العتيد فى إقامة الدولة الاسلامية الموحدة بخلافتها التى تستعيد عظمة العثمانيين والعباسيين والأمويين .  

5 ـ فى المرحلة التالية وبعد خداع ايران بالتقرب المؤقت منها فلا بد من القضاء على دولة الشيعة فى ايران لتحقيق الزعامة المنفرد للاخوان الوهابيين للمسلمين وإقامة دولة الخلافة . أى فى النهاية سينحصر الصراع بين الاخوان الوهابيين والشيعة الإيرانيين .

6 ـ كلاهما يطمع فى بترول الخليج ، إيران الشيعية ترى أنها هى الأحق ببترول الخليج ( الفارسى ) والاخوان الوهابيون يرون أنهم الأحق ببترول الخليج ( العربى الاسلامى السّنى  ). كلاهما يريد تزعم ( العالم الاسلامى ) وكلاهما محتاج لبترول الخليج للوصول الى هذه الزعامة . الاخوان لديهم الفرصة الكبرى، فمعظم العالم ( الاسلامى ) يدين بالسنة أو بالتصوف السنى بينما يظل الشيعة أقليات متفرقة . وايران لا تبلغ مكانة مصر فى العالم (الاسلامى )، ولا يعلم المسلمون شيئا عن ( قم ) المدينة الشيعية الفارسية المقدسة، بل إن معظم الحوزات الشيعية والأماكن المقدسة للشيعة تقع فى العراق ، بينما يعرف المسلمون كلهم الأزهر ، وشيخه هو ( الامام الأكبر ) للمسلمين ، أو هكذا يقولون . الشىء الوحيد الذى تتفوق به ايران والشيعة عموما هو نصيب العُشر الذى يؤديه كل شيعى لمرجعيته الدينية . هذا لا يوجد لدى أهل السّنة . وبهذا التمويل السنوى تتأصل قوة أئمة الشيعة سياسيا . ولكى يتعادل الاخوان ( ماليا ) فلا بد من ثروة الخليج ، ولا بد من تبعية الأوقاف لهم ، ولا بد من تقوية ( أزهرهم ) بأوقافه ليحكموا من خلاله العالم الاسلامى من داخل القاهرة ( الاخوانية ).

7 ـ يعتقد الاخوان أن دول الخليج تدفع إتاوة للقاعدة كى لا تنفذ أعمالا ارهابية فى مدائن الخليج من دبى الى الدوحة وغيرها . ويطمع الاخوان فى الوقت الراهن فى حصّة مالية من صاحب العرش فى الخليج الى أن يصلوا الى مرحلة التمكين ويأخذوا العرش نفسه .

8 ـ يعتقد الاخوان بأنّ ظروف دول الخليج تساعد على سقوطها . فأغلبية السكان أجانب مسلمون وافدون يسهل حشدهم وأخونتهم ، بل إن معظم السكان الأصليين فى الخليج من الشيعة والبدون ، وهم تحت سياط الاضطهاد، والتحالف معهم ميسور ضد الأقلية الحاكمة . وأخونة هذه الأغلبيات الساكنة فى الخليج يجرى على قدم وساق ، بل تساعده بقوة أجهزة الاعلام والتعليم والمؤسسات الدينية الرسمية هناك ، حيث يتم فرض الفكر الوهابى وتتم حمايته من النقد ووقايته من شرّ النقاش . أى يتولى حكام الخليج أنفسهم نشر الوهابية والقطبية وفكر القاعدة على أن ذلك هو الاسلام ، فيقدمون للقطبية الاخوانية أكبر خدمة مجانية تساعدهم على ضم مئات الألوف من الوافدين والحانقين والحاقدين والمهمشين الى فكر الاخوان . هذه هى المرحلة الأولى عند الاخوان ، وهى مرحلة الدعوة والتربية وغسيل المخ . تليها مرحلة الأخونة والتمكين وإحتدام المواجهة بين الاخوان وحكام الخليج . وعند المواجهة سيشتعل الخليج بالنار والدماء والدمار ، فكل مدائنهم مقامة فوق فوّهة بركان يملك الاخوان مفاتيح تفجيره.

أخيرا

1 ـ هذه رحلة فى عقل الاخوان .. وقد تحققت لنا نبوءات سابقة عن الاخوان ، ونطلب من القارىء أن يراجع مقالاتنا السابقة وتواريخ نشرها ليرى تأكيدا على صدق توقعاتنا .

2 ـ ونتوقع أن ينجح الاخوان فى أخونة مصر والخليج عبر حمّانات دم قادمة تهون الى جانبها حمامات الدم التى يشعلها القطبيون الآن فى سوريا والعراق بتخطيط من الاخوان وتنظيمهم الدولى .

4 ـ هذا إذا إستمرت الغفلة ، ولم يؤخذ بنصيحتنا فى تأسيس قنوات فضائية تقيم اصلاحا دينيا سلميا ثقافيا تنويريا يواجه الوهابية من داخل الاسلام . إن لم يتم هذا فتمتعوا بالسىء فإن الأسوأ قادم .. وسريعا ..

5 ـ اللهمّ بلّغت .. اللهمّ فاشهد ...!!

اجمالي القراءات 10219