اًلْمَاَلِكْ لِلْمُلْكِ وِاْلْمِلُوْكْ

شادي طلعت في الإثنين ١٤ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

قال الله تعالى في كتابه العزيز  قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" صدق الله العظيم

أمر الله رسوله الكريم (ص) بأن يقول/ اللهم مالك الملك ! أي أن الله هو مالك كل الملك مهما عظم أو تعدد، وقد عرفنا اَلْمَاَلِكْ وهو الله، فما هو اَلْمُلْكْ إذاً؟

إن مُلْكُ الله يشمل كل شئ فالأرض والسماء وما بينهما مِلْكُ له، واليابس والماء بكامل مساحتهما مِلْكُ له، والمساحات على اليابس مجزأة لعدة مَمَاْلِكْ، وكل مَمْلَكَةِ لها مَلِكْ ! وكل يخضع في النهاية إلى مُلْكُ الله فهو صاحب ومَلِكْ كل شئ، هو مَلِكْ ما نعلم وما لا نعلم، فهو وحده علام الغيوب،ومن لا يرضى بالواقع دون أن يعلم الغيب، قد يرضى به إن علم الغيب، وما قصة سيدنا موسى والخضر في سورة الكهف إلا دليل على حكمة الله في إدارة شؤن خلقه ومُلْكِهْ.

ومُلْكُ الله لا يشمل فقط ما نعلم كما ذكرنا آنفاً، فالغابات أيضاً لها مُلْكُ خاص بها، كذلك الحشرات لها مُلْكُ، وكذلك الطيور وباقي مخلوقات الله، والكون يسير بحكمة وإدارة فائقة التدقيق والتدبير، وقد يتعجب الإنسان من آلية إدارة المؤسسات الكبرى ومعرفة كل موظف لدوره والدقة في المواعيد والتفاني في العمل، فكيف رأيك أيها الإنسان عندما تتدبر وتمعن التفكير في منظومة الكون، أو منظومة الأرض ومن عليها.

إن قول الله لرسوله (ص) صريح في قرآنه فالله هو مَاَلِكْ اَلْمُلْكْ يؤتي اَلْمُلْكَ من يشاء وينزع اَلْمُلْكَ ممن يشاء، وهنا يثور سؤال هام وعلى كل عاقل أن يتدبر في السؤال جيداً وهو/ هل كل مَلِكْ يأتي بإرادة الله ؟ أم أن قول الله لرسوله يعني أن المُلْكَ يجب أن يكون من عند الله ؟

ففي السؤال الأول المطروح هل كل مَلِكْ يأتي بإرادة الله ؟ أرى أن الإجابة عليه ستكون لا ! وتبريراتي على رد السؤال تأتي من خلال الآتي :

قال الله تعالى في سورة النساء الآية 79 "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ" صدق الله العظيم، فقول الله لعباده صريح في الآية الكريمة ونقدر أن نستشف منها بإختصار أن الله لا يأتي إلا بالخير، ولكن على أرض الواقع يمكن أن يأتي إلى اَلْمُلْكِ مَلِكُ فاسد، فكيف أتى هذا اَلْمَلِكْ ؟ هل أتي بإرادة الله أم أنه أخذ الحكم عنوة ! وأنا أقول إن كان اَلْمَلِكُ قد أتى إليه اْلْمُلْكِ بإرادة الله فإن الله قد إختاره ليكون خليفة له في هذا المُلْكْ، وإن كان المَلِكُ فاسداً فإنه لم يصل إلى اْلْمُلْكِ بإرادة الله فالله لا يأتي لعباده بفاسد ليكون وبالاً عليهم أبدا ! ولكن هذا اَلْمَلِكُ الفاسد قد أخذ اْلْمُلْكَ عنوة.

وأما عن السؤال الثاني/ هل اَلْمُلْكْ يجب أن يكون من عند الله ؟ فإن الإجابة نعم، ذلك لأن نيل اَلْمُلْكِ تتنوع وتختلف الوسائل للوصول إليه، فقد تكون عن طريق البيعة، وقد تكون عن طريق الإرث، أو عن طريق الإنتخابات، أو عن طريق إنقلاب، وقد يأتي اَلْمُلْكُ بعد ثورة شعبية، أو بعد إحتلال .... إلخ.

المهم في الحصول على اَلْمُلْكِ أن لا يؤخذ عنوة، فلو أخذ عنوة فهو لا يكون من عند الله ! ولو أن اَلْمُلْكَ لم يكن من عند الله فإن الله سيوكل اَلْمُلْكَ إلى اَلْمَلِكْ، ووقتها لن يقدر اَلْمَلِكْ عليه، فليست إدارة أمور الدول بالشئ الهين أو البسيط ! إنها إبتلاء حتى وإن صغر حجم الدول أو كانت حتى غنية، فلن يقدر على اَلْمُلْكِ أي إنسان إن لم يكن الله في عونه، فإن كان اَلْمُلْكِ من عند الله فإنه سيكون صعباً أيضاً نظراً لطبيعة المهمة التي هي إبتلاء فحسابها في الآخرة عسير، إلا أن الله عز وجل إن اعطاه لأي من عباده فإنه سيعين عبده عليه، وما هزم أحد من قبل كان الله في عونه.

في النهاية :

أعيد عليكم قول الشيخ/ محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه إذ قال "أنصح كل طامع في اْلْمُلْكِ ان لا يسعى إليه وأن ينتظر أن يؤتيه الله اَلْمُلْكِ، لأن الله إن أتاه اَلْمُلْكْ فسيعينه عليه، أما وإن اخذه عنوة فإن الله سيوكل اَلْمُلْكَ إليه" رحم الله الشيخ الجليل، بقي أن أقول/ أن كل من يأخذ اَلْمُلْكَ غصباً أو بالتهديد أو بالدماء أو بالتزوير، فعليه أن يعلم أنه قد أخذه عنوة وأن الله لن يعينه عليه أبدا، بل سيوكل اَلْمُلْكَ إليه، وعليه أن يعلم أنه قد سرقه وأن الله لا يحب سارق سرق إنساناً ! فكيف يكون الحال لو سرق إنسان شيئاً إختصه الله لنفسه ! وكيف سيكون عقابه في الدنيا و في الآخرة.

 

أقول قولي هذا وأستغفرو الله لي ولكم

 

شادي طلعت

اجمالي القراءات 9389