حُكْمْ الْإِخْوَاْنْ يَتَهَاْوَىَ وَمَاَلْمْ يَعْرِفُهُ اَلْشَعْبْ

شادي طلعت في السبت ١٢ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

إن للبقاء شروط ومعطيات تستطيع أن تخرج منها إلى معرفة القوة والتأثير ومدة البقاء لحركة أو جماعة أو نظام حاكم، وقد مرت مصر بتجربة قاسية منذ يوم 25 يناير 2011، مروراً بالحكم العسكري وإنتهاءاً بحكم الإخوان، وفي مرحلة الحكم العسكري كانت المعطيات تشير إلى تهاوي منظومة حكم العسكر لقلة خبرتهم السياسية، وبالفعل سقط حكمهم، ودخلنا في عهد جديد وهو حكم الإخوان والذي تشير كافة المعطيات المطروحة على الساحة الآن إلى قرب سقوطه مع بداية عام 2013، ولكن سقوطه لن يكون فقط بسبب قلة الخبرة السياسية ولكن لعدة أسباب أخرى.

إن جماعة الإخوان تعتمد على النظرية الميكافيلية "الغاية تبرر الوسيلة" وقد كانت غاية الإخوان المسلمين الوصول إلى الحكم، وفي سبيل الغاية مارسوا كل ما هو مباح وغير مباح من أجل تحقيق مآربهم ! وبداية الحديث علينا أن نعلم اولاً أنه لولا أمريكا ما كانت جماعة الإخوان في السلطة، فما تعلمته الجماعة سياسياً منذ أن أنشأتها المخابرات البريطانية عام 1928، إلى أن إستلمت المخابرات الأمريكية ملف الجماعة عندما قامت بتدريب سيد قطب، لقد تعلمت الجماعة شيئاً واحداً وهو أن مفتاح قصر الحكم يكون من الخارج وليس من الداخل ! وحتى يعرفهم الخارج أو يؤثرهم بإهتمام، فلابد أن يكون لهم تأثير داخلي حتى وإن كان بشكل محدود، وهو ما توافر في جماعة الإخوان، والتي لم تشترك في الثورة منذ يوم 25 يناير 2011 لنهاية يوم 28 يناير من نفس العام، فقد ظلت الجماعة بعيدة عن المشهد المصري لأربعة أيام متتالية من بداية الثورة، إلى أن تفاوض معهم الفريق/ سامي عنان، والذي كان متواجداً بأمريكا إلى يوم 28 يناير 2011، فجاء إلى مصر مسرعاً ومحملاً بأجندة أمريكية جديدة، وضعها أو إشترك في وضعها مؤسستين وهما البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، بينما غابت عن الخطة المخابرات الأمريكية، والتي كانت مشغولة بالتحقيقات الداخلية لعملائها واللذين كانت تقاريرهم تؤكد إستقرار الأوضاع الداخلية في مصر، وهو ما صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" مساء يوم 25 يناير 2011 ! وفي ظل غياب مؤسسة المخابرات الأمريكية عن المشهد لفترة طويلة من الوقت إتفقت المؤسستين الأخرتين على أن تتولى جماعة الإخوان مقاليد الأمور في البلاد لعدة أسباب :

السبب الأول/ يرجع إلى أن جماعة الإخوان كانت في إتصال مباشر مع البيت الأبيض والخارجية الأمريكية لعدة سنوات سابقة على الثورة.

السبب الثاني/ أن جماعة الإخوان بالفعل كانت الجهة المصرية الوحيدة الأكثر تنظيماً.

السبب الثالث/ أن جماعة الإخوان ليست هي المحرك للثورة وبالتالي لو رفعتهم أمريكا إلى سدة الحكم فسيكون مصير الجماعة بأيدي الأمريكيين عملاً بالمثل المصري القائل "اللي طلع البغل المأذنة هو بس اللي يقدر ينزله"

السبب الرابع/ جماعة الإخوان كانت هي الحل الوحيد أمام الإدارة الأمريكية، عملاً بالمثل المصري أيضاً "إحيني إنهارده وموتني بكره" هذا بالإضافة إلى أن أمريكا ستجرب الجماعة عملياً فإن نجحت في تحقيق مصالح الأمريكيين، كان بها وظلت الجماعة في الحكم، وإن لم تنجح فسينكشف أمرها وتنتهي ولكن إلى الأبد هذه المرة.

ولكن كيف تعامل الإخوان عندما وصلوا إلى سدة الحكم، سواء في البرلمان أو بعد وصول مرشحهم إلى الرئاسة :

أولاً/ آثروا الإنتقام على مصلحة البلاد.

ثانياً/ إعتمدوا على أهل الثقة وليس أهل الخبرة.

ثالثاً/ مارسوا الكذب والتزييف.

رابعاً/ بسببهم خرجت أحزاب إسلامية أخرى لا تؤمن بأفكار الإخوان أو منهجيتهم، تتفق مع جماعة الإخوان في الهدف، وتختلف معهم في الإسلوب والمنهج ومنها ما هو أكثر تطرفاً.

خامساً/ إستلم الإخوان الحكم في حين أن البنية التحتية للدولة كانت في إنهيار، نظراً لمرور العمر الإفتراضي لها وهو 25 عاماً منذ عهد الرئيس مبارك.

سادساً/ إعتمد الإخوان إقتصادياً على أفكار خيرت الشاطر وما هو في الحقيقة سوى تاجر كبير، ولا يرقى إلى أن يكون رجل إقتصاد يدير دولة بحجم مصر !

سابعاً/ حرصت جماعة الإخوان على نيل الرضاء الأمريكي والإسرائيلي ظناً منها بأن الخارج هو من يقدر على توطيد دعائمهم في الحكم، بينما إستهانت الجماعة بالشعب وألقت بطموحاته وآماله في عرض البحر !

ثامناً/ نظراً لوجود الفريق/ أحمد شفيق في دولة الإمارات، أخذ نظام الجماعة يحاول النيل من دولة الإمارات بل وتهديدها أيضاً، عن طريق توطيد العلاقات مع إيران، مما يمثل خطراً حقيقياً ليس على دولة الإمارات فحسب وإنما على دول الخليج العربي كافة.

بعد ما تم سرده علينا أن نعرف نتيجة وعواقب الإتفاق الأمريكي الإخواني على شعب مصر وما هو مردود فعله :

أولاً/ كشف الشعب كذب وزيف جماعة الإخوان، وساعد الشعب في ذلك التكنولوجيا الحديثة من إنتشار الكاميرات عبر أجهزة المحمل وشبكات التواصل الإجتماعي على الإنترنت، وأيضاً الفضائيات وبعض الإعلاميين اللذين أخذوا على عاتقهم كشف الجماعة وعلاقاتها الخارجية.

ثانياً/ خسرت جماعة الإخوان الكثير من المتعاطفين معها ولم يكونوا محسبوين عليها، ومنهم ملايين إنتخبت محمد مرسي في إنتخابات الرئاسة الماضية.

ثالثاً/ إنصرف عن جماعة الإخوان المفكرين والمثقفين والعلماء وأهل الخبرة في الإقتصاد والإجتماع والسياسة، خاصة بعد مذبحة قصر الإتحادية يوم 4 ديسمبر 2012.

رابعاً/ بسبب ترسيخ دعائم العلاقات المصرية الإيرانية فإن مصر مقبلة على حرب بين السلفيين وجماعة الإخوان، فلن يسمح السلفيون أبداً، بعلاقات مع إيران فهي في نظرهم تمثل خطراً أكبر من خطر إسرائيل أو أمريكا ! وسيدافع السلفيين عن أهل السنة حتى وإن كلفهم الأمر حياتهم طبقاً لبعض تصريحات قادتهم.

خامساً/ بسبب التخبط الإخواني في إتخاذ القرارات وقلة الخبرة السياسية، فقد تدنى مستوى الإقصاد في البلاد وهو ما سيكون له مردود فعل عنيف نظراً للفقر وقلة الحاجة.

 

في النهاية :

إنفلت الزمام من جماعة الإخوان، وإستخدموا حبلاً تلقوه من أمريكا بطريق خطأ فلم يتدربوا على اللعب بالحبال، فهم الآن يشنقون أنفسهم بأيديهم وليس بيد غيرهم، والواقع أن حكم الإخوان إن طال فإن أطول مدة له لن تتجاوز نهاية ديسمبر 2013، فقد إقتربت نهايتهم، وللأمانة ظلمت جماعة الإخوان نفسها عندما فكرت في حكم البلاد بينما كان ينقصهم الكثير من الوقت والجهد، ففارق كبير بين العمل السري وبين العمل السياسي.

 

أقول قولي هذا وأستغفرا الله لي ولكم

 

شادي طلعت  

اجمالي القراءات 11323