دستور مرسى : وتطبيق حد الردة على صالحى المسلمين : ( 6)
قتل المصريين جميعا بحدّ الردة المزعوم .. دستور الاخوان يؤسس دولة طالبان
أولا : السلفيون والاخوان أسوأ البشر ..لماذا ؟
1 ـ أسوأ البشر هم من وصفهم رب العزة بأنهم أظلم الناس ، الذين يفترون على الله كذبا ويكذبون بآياته ، وهؤلاء تيار يسرى فى كل زمان ومكان ، ممّن يؤسسون الديانات الأرضية على أنقاض الدين الالهى ورسالاته السماوية ، بإختراع أحاديث مفتراة وجعلها وحيا الاهيا منسوبا لله ورسوله وتكذيب الرسالة السماوية . على أساس هذه الديانات الأرضية وكهنوتها تقام دول دينية ، أو نظم حكم إستبدادية تتحالف مع الكهنوت لتسيطر على الشعب باسم الدين الأرضى السائد . ينطبق هذا على تاريخ الغرب والشرق فتأسست ديانات أرضية ذات نفوذ سياسى كالبوذية والهندوسية والارثوذكسية والكاثولوكية والبروتستانتية والتشيع والسنة والتصوف ، وما تفرع عنها من انقسامات ومذاهب وملل ونحل . وبسبب ظروف دولية واقليمية ومحلية وصلت الى صدارة المشهد المصرى حاليا الحركة الاخوانية السلفية الوهابية التيمية الحنلية السنية . ينطبق عليهم أنهم ( أظلم الناس ) كما جاء فى القرآن الكريم ،وتحقّق فيهم وصفهم بالكذب والافتراء ،فدينهم الأرضى مؤسس على الكذب والافتراء على الله ورسوله لذا نراهم يمارسون الكذب والافتراء كفضيلة دينية ، ويجهرون بالكذب علنا دون خجل ، ومهما ثارت عليهم الاحتجاجات وأحاطت بهم التهكمات فلا يرتدعون لأن الكذب والافتراء لديهم دين . وتتضح ملامح السلفيين والاخوان بدقة وصراحة فى قوله جل وعلا :( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)( يونس )، ففيهم الظلم والافتراء والكذب والإجرام ، ثم الإجتراء على الله جل وعلا حين يتحدثون باسمه جل وعلا ويحتكرون لأنفسهم دين الاسلام فيشوهون الاسلام برذائلهم ووضاعتهم وجرائمهم .
2 ـ وتتجلّى الخطورة فى موضوع إتخاذ الكذب والظلم والاجرام دينا عندما يتحكمون أولئك الظالمون المجرمون المفترون الكاذبون فى القضاء . فعلى المستوى التشريعى سيحكمون بشريعة تقوم على الافتراء وتنسب نفسها زورا وبهتانا لرب العزة جل وعلا . وعلى مستوى التطبيق والقضاء فإن القاضى والشهود الذين يحكمون بهذه الشريعة ( السنية ) هم من أرذل الناس وأظلم الناس وأكذب الناس :( لا يكذب أحدهم إلّا إذا تكلم ).!!. وسبق أن قلنا إنّ آلية التطبيق مع أخونة النظام القضائى فى مصر تستلزم وجود شهود سلفيين وهابيين يشهدون أمام القاضى السنى السلفى الوهابى .وسبق أن نشرنا هنا سلسلة مقالات عن (نظام القضاء بين الاسلام والمسلمين) فى دراسة أصولية تاريخية إتضح بها تناقض وظيفة القضاء فى تاريخ المسلمين مع شريعة الاسلام ؛ فكان وجود القاضى العادل إحدى النوادر .
3 ـ الخطورة أيضا أنهم عندما يتحكمون فى القضاء فإنهم سيتوجهون به لقتل من يشاءون من الناس ممّن لا ينتمون الى السلفية ، من الأغلبية الصامتة والصوفية والعلمانيين والأقباط والشيعة والبهائيين ، حتى من يكون على أعلى خلق قويم وفعّال للخير ولكنه لن ينجو من القتل وفقا للشريعة السلفية التى سيتم تقنينها مع أخونة الدستور ، و بالشهود والقضاة السلفيين سيتاح قتل المصريين بكل سهولة . وهؤلاء السلفيون أظهروا على الملأ كذبهم وظلمهم وإعتداءهم وفجورهم ، بقذفهم خصومهم عشوائيا بالباطل وقتلهم الأبرياء عشوائيا أوبسبق الاصرار والترصد ، فإذا كانوا يفعلون هذا قبل إخونة الدستور والتشريع والقضاء والدولة فماذا سيفعلون بعد أن يصلوا الى المرحلة النهائية ، وهى ( التمكين )و ( الحاكمية )؟
4 ـ كما لا يمكن تطبيق الديمقراطية إلا بنشر ثقافة الديمقراطية وثقافتها الليبرالية فإن التطبيق الصحيح للشريعة الاسلامية يستلزم إعدادا أخلاقيا للمجتمع ، ولهذا فإن الوحى القرآنى فى مكة لم ينزل بتفصيلات التشريع ولكن بقواعدها مثل حرمة قتل النفس البريئة ، وتركزت دعوة القرآن فى مكة على إخلاص الدين لله جلّ وعلا وتعليم الناس تقوى الله جل وعلا ، أى التربية الاخلاقية ويقظة الضمير ، ونزلت فى مكة خلاصة التربية الأخلاقية جزءا من إخلاص الدين لله جلّ وعلا، جاء هذا فى سورة الأنعام فى الوصايا العشر ( 151 : 153 ) وفى سور الاسراء (22 : 39 ) ولقمان ( 13 : 19 ) والفرقان ( 63 ـ ). ثم جاءت تفصيلات الشريعة الاسلامية وتطبيقها فى المدينة بعد إعداد أخلاقى تمت فيه صحوة الضمير ليكون الشاهد شاهدا بصدق وتجرد وليكون القاضى على مستوى الكفاءة والصدق والتجرد ، يخشى كلاهما رب العزّة قبل أن يخشى الناس ، ويضع كلاهما نصب عينيه يوم الحساب ولقاء الله جل وعلا قبل كل تصرّف يفعله وقول يقوله. أما التطبيق الصحيح للشريعة السلفية فهو الذى يعبّر عن الواقع العملى للحضيض الخلقى للسلفية ، وقد إتّضح هذا الحضيض وإنكشف فى المظاهرات والقنوات الفضائية والانترنت. وسيكون التطبيق الكارثى بعد أخونة الدستور والتشريع والقضاء .
5 ـ. ليس فى الاسلام عقوبة لشرب الخمر أو الردة أو ترك الصلاة ، وليس فى الاسلام ما يعرف بحدّ الرجم ، ولنا بحث منشور هنا عن ( أكذوبة حد الرجم ). وما عدا جريمة القتل فإن كل العقوبات فى شريعة الاسلام ( الزنا ، السرقة ، القذف ، قطع الطريق ) يسقط تطبيقها بتوبة الجانى . وليس هذا هو الفارق الوحيد بين الشريعة الاسلامية والشريعة السلفية . ومع أن كلتيهما تعتمد على ( الشهود ) فى الإثبات فإنّ الشاهد فى شريعة الاسلام قد تمت تربيته على تقوى الله جل وعلا فى مجتمع نظيف قائم على العدل وعلى الحرية المطلقة فى الدين والرأى والفكر والحرية السياسية بالديمقراطية المباشرة ، والخوف من الله جل وعلا وليس من البشر . هذا الشاهد الذى يخشى الله جل وعلا يتعذّر وجوده فى مجتمع ( سلفى ) يحترف الكذب على الله جل وعلا ويجعل الظلم والكذب دينا يكذب فيه على الله جل وعلا ورسوله ويكذب على الناس .
6 ــ ويتّضح الفارق بين تطبيق الشريعة الاسلامية والشريعة السلفية فى تطبيق العقوبات التى تتطلب شهودا. فمن السهل على السلفيين والاخوان لو وصلوا الى الأخونة و(التمكين ) أن يتقدّم أربعة من الشهود باتهام زوجة عفيفة محصنة بالزنا فيقيم عليها القاضى السلفى حد الرجم . وقد يقوم بعض الشهود والقضاة بإبتزاز جنسى لزوجة شريفة لانتهاك شرفها وإغتصابها بتخويفها من إقامة حد الرجم عليها ، فهم الشهود وهم القضاة . ونفس الحال مع قطع اليد ، وهى عقوبة يستحيل تقريبا تنفيذها واقعيا فى دولة الاسلام الحقيقية وفى مجتمع مسلم يقوم على العدل وكفالة الحقوق ورعاية المحتاجين . ولكن من العادة فى نظم الحكم الاستبدادية التى تتمسح بالدين أن تقطع أيدى الجوعى بتهمة السرقة ، ويقوم كبار الحرامية بتنفيذ قطع الأيدى ، حدث هذا فى عصر السلطان قايتباى الذى امر فيه أحد القضاة بقطع يد طفل متهم بالسرقة ،وحدث هذا فى عصر النميرى فى السودان حين قطّع أيدى صبيان فقراء متهمين بالسرقة .
7 ـ وبالأخونة والتمكين سيشهد المصريون تطبيق شريعة ابن تيمية .
ثانيا : نماذج لتطبيق تشريع ابن تيمية فى قتل كل خصومه المسلمين :
1 ـ هل أنت مسلم تصلّى ؟ يفتي ابن تيمية بقتل المسلم الذي يجهر بالنية في الصلاة حتي لو كان يعتقد ان جهره بالنية يأمره به الله تعالي ،ويفتي بقتل المسلم الذي لا يلتزم بآداء الصلاة في وقتها او يؤخر صلاة الفجر الي بعد طلوع الشمس او يؤخر صلاة الظهر والعصر الي بعد غروب الشمس ، ويفتي بقتل المسلم الذي يحضر المسجد ولا يشارك في صلاة الجماعة . وفي كل ذلك يشترط ابن تيمية استتابة المتهم فان تاب والا قتل. ويقول ابن تيمية : ( والرجل البالغ إذا امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس، أو تركبعض فرائضها المتفق عليها، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ).
2 ـ هل أنت من المسلمين المتعبدين المفكرين أصحاب الرأى ولكن تخالف السلفيين ؟ القتل ينتظرك لأتك لست من( أهل السّنة والجماعة )،أى تواجه تهمتين يتم بهما قتلك : أنك مثل الخوارج،وأنك منافق زنديق .
ويتكرر كثيرا فى فتاوى إبن تيمية تشبيهه لخصومه فى الرأى بالخوارج واستحقاقهم القتل مهما بلغ ورعهم ، مستشهدا بحديث كاذب ينسب للنبى عليه السلام علم الغيب فى المستقبل يتنبأ مقدما بظهور الخوارج وجعلهم كفارا مهما بلغ ورعهم ويحثّ على قتلهم . يقول ابن تيمية عن خصومه ( قد يكون لهم زهد وعبادة وهمّة كما يكون للمشركين وأهل الكتاب وكما كان للخوارج المارقين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموها فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة ).أى يجعل فى قتلهم أجرا يوم القيامة. ويتكرر هذا المعنى كثيرا فى فتاويه ،ومنها: (وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بذمهم.. قال صلى الله عليه وسلم فيهم: (يَحْقِر أحدكم صلاتهمع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم،يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمِيَّة، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ـوفي رواية ـ أينما لقيتموهم فاقتلوهم ـ فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند اللّه يومالقيامة، يقتلون أهل الإسلام.وهؤلاء اتفق الصحابة ـ رضي اللّه عنهم ـ على قتالهم ) ويستدل ابن تيمية أيضا بقتل الخليفة المهدى العباسى للزنادقة ويجعله تشريعا :(.. فإن المهدي قتل من المنافقينالزنادقة من لا يحصي عدده إلا الله.. وكان المهدي من خيار خلفاء بني العباس وأحسنهم إيماناوعدلا وجودا فصار يتتبع المنافقين الزنادقة كذلك.) .
ونعيد التأكيد على الحقيقة الاسلامية القرآنية التى تؤكّد أن النبى عليه السلام فى حياته كان لا يعلم الغيب ولم يكن له أن يتحدث فيه ، ولم يكن يعلم ما سيجرى فى المستقبل وما سيحدث بعد موته ، ولكنّ أصحاب الديانات الأرضية من المسلمين خصوصا السنيين نسبوا له أحاديث عن غيوب اليوم الآخر كالشفاعة،وعما سيحدث بعد موته كالعشرة المبشرين بالجنة والتنبؤ بالخلفاء الراشدين والعباسيين ، وفى خضم الحروب الأهلية إخترع المتحاربون أحاديث يلعن بها بعضهم بعضا ، ومنها حديث لعن وقتل الخوارج الذى يكرّر ابن تيمية الاستشهاد به ، ويأخذ منه حجة على قتل خصومه فى الرأى ممّن ليسوا من ( أهل السّنة والجماعة )
وعن إتّهام خصومه بالنفاق يقول : ( وأما المنافقون من هذه الأمة، الذين لا يقرون بألفاظ القرآن والسنةالمشهورة فإنهم يحرفون الكلم عن مواضعه..)( ...وهؤلاء كلهم كفار يجب قتلهم باتفاق أهل الإيمان .). وضمن خصومه فى الرأى من يخالفه فى قضية الاستواء على العرش ، ويرى تحريم تزويجهم والزواج منهم وتوارثهم ، ويقول : ( أرى أنيستتابوا، فإن تابوا وإلا قتلوا.) ، والخوارج والمعتزلة . وحكى اختلاف الفقهاء فى استتابتهم ، ويرجح قتلهم بلا استتابة ، وكرّر هذا كثيرا ، يقول مثلا : ( والزنديق: هو المنافق، وإنما يقتله من يقتله إذا ظهر منه أنه يكتمالنفاق. ) أى يجعل سلطة الاتهام وتنفيذ القتل لكل شخص. ويقول عمّن جعلهم منافقين ضالين حتى :( وإن أظهروا الإسلام، وكان في بعضهم زهادةوعبادة،) لماذا ؟ لأنهم ( يظنون أن إلى اللّه طريقا غير الإيمان بالرسول ومتابعته.) أى لا يتبعون الأحاديث التى إفتراها أهل السّنة والجماعة وجعلوها طريق الايمان الوحيد بالرسول ومتابعته . وبالتالى يحكم بكفر من لا يتبع تلك الأحاديث ، ويقول عنهم ( وهؤلاء منافقون كفار يجب قتلهم بعد قيام الحجة عليهم.).
3 ـ وهو يحكم بقتل جميع الصوفية ، كالقائلين بالاتحاد بالله جل وعلا ، يقول : (وهكذا هؤلاء الاتحادية: فرؤوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم، ولا تقبلتوبة أحد منهم، إذا أخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة، الذين يظهرون الإسلام،ويبطنون أعظم الكفر، ..، ويجب عقوبةكل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهمومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو،أو: من قال: إنه صنف هذا الكتاب، وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلاجاهل، أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإنالقيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق منالمشايخ والعلماء، والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادًا، ويصدون عن سبيلالله.). ويقول : (وبالجملة، فلا خلاف بين الأمة أن من قال بحلول الله في البشر، واتحاده به،وأن البشر يكون إلها، وهذا من الآلهة، فهو كافر مباح الدم . ). كما يحكم بقتل المستحلين للمعاصى كالزنا والشذوذ : (من يقول: إن التلوطمباح بملك اليمين. فهؤلاء كلهم كفار باتفاق المسلمين.) ويقول: ( والرجم شرعه الله لأهل التوراة والقرآن، وفى السنن عن النبي صلىالله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعولبه). ولهذا اتفق الصحابة على قتلهما جميعًا، لكن تنوعوا فى صفة القتل: فبعضهمقال: يرجموا: وبعضهم قال: يرمى من أعلى جدار فى القرية ويتبع بالحجارة،وبعضهم قال: يحرق بالنار، ولهذا كان مذهب جمهور السلف والفقهاء أنهما يرجمانبكرين كانا أو ثيبين، حرين كانا أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوكا للآخر، وقد اتفقالمسلمون على أن من استحلها بمملوك أو غير مملوك فهو كافر مرتد ). ويحكم بقتل من يسقطون التكاليف الشرعية ومن يدمن ( السّماع ) أى الغناء الصوفى. ويقول ابن تيمية:(وهذا الذي اتفق عليه الصحابة،هو متفق عليه بين أئمة الإسلام لايتنازعون في ذلك، ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة: كالصلوات الخمس،وصيام شهر رمضان، وحج البيت العتيق أو جحد تحريم بعض المحرمات الظاهرة المتواترة:كالفواحش، والظلم والخمر والميسر والزنا وغير ذلك، أو جحد حل بعض المباحات الظاهرةالمتواترة: كالخبز واللحم والنكاح ـ فهو كافر مرتد، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإنأضمر ذلك كان زنديقًا منافقًا ،لا يستتاب عند أكثر العلماء، بل يقتل بلا استتابة،إذا ظهر ذلك منه.). الذى يهمنا هنا هو قوله (وإنأضمر ذلك كان زنديقًا منافقًا ،لا يستتاب عند أكثر العلماء، بل يقتل بلا استتابة،إذا ظهر ذلك منه.) ، إذ يتيح الفرصة ( الشرعية ) لاتهام خصومه على أساس أنهم ( يضمرون ) أشياء محرمة ، وبناء عليه يوجب قتلهم بلا استتابة إذا ظهر منهم بعض ما يمكن تفسيره على أنه ( يضمر ) فى قلبه تلك المحرمات . وبهذا يكون قتل خصوم السلفيين والاخوان سهلا بشريعة ( أهل السنة والجماعة ) لأنّ بعض ما يظهر منهم يشى ويومىء بمكنون قلوبهم من النفاق ، وبالتالى يجب قتلهم فورا وبلا إستتابة .!!
ثالثا : قواعد عامة فى تشريع القتل العام :
ولسنا فى مجال التفصيل والتحليل لفتاوى إبن تيمية فلهذا موضع آخر عن ( تشريع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى التقعيد السّنى ) فى جزء خاص من كتاب ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بين الاسلام والمسلمين )، والذى نتمنى إكماله ونشره لاحقا قبل مجىء الأجل المحتوم . ولكن نعطى هنا ملامح سريعة تتصل بموضوعنا عن قواعد التشريع بالقتل العام فى فتاوى ابن تيمية ، والتى سيتاح لها التطبيق تحت شعار تطبيق الحدود فى الشريعة المعبّرة عن أهل السّنة والجماعة فى دستور مرسى .
1 ـ يقول فى صياغة عامة ومطّاطة يسهل تطبيقها بالتأويل على كل خصومه وفق التفسير والتأويل السّنى :( من سب نبيًا من الأنبياء قتل باتفاق الفقهاء.).الخطورة هنا أنّ من يخالف معتقد السنيين فى الأنبياء يعتبرونه سبّا فى الأنبياء ، ومنه أى تأكيد على بشرية الأنبياء يكون سبّا فيهم ، مهما كان الدليلمن القرآن الكريم .
2 ـ ويقول ( ومن كان تكفيره لأبويه لا يندفع إلا بقتله جاز قتله ). وهنا حكم مستقبلى على أفعال لم تحدث بعد ، ولكن يستشف منها القاضى أنه يمكن حدوثها ، وأن تكفير المتهم لأبويه لا يمكن منعه إلّا بقتل الإبن عندها يجوز قتل الابن . وعلى نفس المنوال قوله : ( ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل ، مثل المفرق لجماعة المسلمين ، والداعي إلى البدع في الدين .)، أى قتل أي مسلم بدعوى انه منافق يبطن الكفر ويظهر الاسلام ،بل هو يعطى الحجة لأي فرد لكي يقتل من يشاء من المسلمين بتهمة انه منافق ودون استتابة ،يقول ابن تيمية (اما قتل من اظهر الاسلام وابطل الكفر فهو المنافق الذي يسميه الفقهاء بالزنديق فأكثر الفقهاء علي انه يقتل وان تاب ) . وقد يكون القتل على أهون سبب ، فمن ينكر السفر الى المسجد الأقصى أو الى قبر النبى فهو كافر مستحقّ للقتل:( فمن سافر إلى المسجد الحرام أو المسجد الأقصى أو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى في مسجده ؛ وصلى في مسجد قباء وزار القبور كما مضت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا هو الذي عمل العمل الصالح . ومن أنكر هذا السفر فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل . )
3 ـ ومصطلحات الرسول والسّنة والشريعة المحمدية تعنى الأحاديث التى إفتراها أئمة السنيين فى العصر العباسى ، وتوارثها عصر ابن تيمية المملوكى . ومن يخرج عنها فهو كافر مباح الدم فى قاعدة تشريعية عامة يكرّرها ويؤكدها ابن تيمية فى صياغات متنوعة ، كأن يقول : ( فأما الشرع المنزل: فهو ما ثبت عن الرسول من الكتاب والسنة، وهذاالشرع يجب على الأولين والآخرين اتباعه،)، أى ما قاله أئمة ( الحديث ) فى العصر العباسى هو الذى ثبت عن الرسول مهما كان إختلاف الأئمة مع بعضهم ومع أنفسهم وحتى فى الكتاب الواحد وللمؤلف الواحد . ومن ينكر هذا يجب قتله ، يقول :( ومنلم يلتزم هذا الشرع، أو طعن فيه أو جوز لأحد الخروج عنه، فإنه يستتاب فإن تاب وإلاقتل.) ، ويقول ( ومحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين؛ إنسهم وجنهم.فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته، فهو كافر يجب قتله.) (ومن خالف ما ثبت فى الكتاب والسنة، فإنه يكون إما كافراً، وإمافاسقاً، وإما عاصيا، إلا أن يكون مؤمنا مجتهداً مخطئًا فيثاب على اجتهاده، ويغفر لهخطؤه، وكذلك إن كان لم يبلغه العلم الذى تقوم عليه به الحجة، وأماإذا قامت عليه الحجة الثابتة بالكتاب والسنة فخالفها: فإنه يعاقب بحسب ذلك، إمابالقتل، وإما بدونه.).
وطبعا توجد أحاديث أخرى للشيعة والصوفية نسبوها أيضا للنبى كما فعل السنيون ، وإبن تيمية كما يوجب الايمان بأحديث دينه المفتراة وحدها فإنه يوجب الكفر بالأحاديث التى إفتراها الآخرون ، وكالعادة يوجب قتل من يؤمن بتلك الأحاديث ، ويقول بلهجة قاطعة وحازمة وجامعة مانعة:( جميع هذه الأحاديث أكاذيب مختلقة، ليتبوأمفتريها مقعده من النار.لا خلاف بين جميع علماء المسلمين ـ أهل المعرفة وغيرهم ـأنها مكذوبة مخلوقة، ليس لشيء منها أصل؛ بل من اعتقد صحة مجموع هذه الأحاديث فإنهكافر؛ يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ) . فالأحاديث هى فقط أحاديث السنيين ، والعلماء فقط هم علماء السنيين . ولا يرى غير ذلك لأنهم أهل السنة والجماعة..ومن يخرج عنهم فهو ضال وزنديق ومنافق وخارجى ومستحقّ للقتل . جدير بالذكر أن لابن تيمية رسالة فى الأحاديث الموضوعة بعنوان ( أحاديث القصّاص ) ولم يقتنع بها تلميذه إبن القيّم فكتب فى الأحاديث المنوضوعة كتابا آخر بعنوان ( المنار المنيف فى الصحيح والضعيف ). أى إنها أجتهادات مختلفة بين الشيخ وتلميذه مثل الاختلاف الذى كان بين البخارى وتلميذه مسلم فى ( الصحيحين ). ولكنهم جعلوا ذلك الافتراء دينا من يخالفه فهو زنديق ، ولأن هذا الزنديق مسلم مفكر يستطيع إقامة الحجّة عليهم من داخل كتبهم فهم يحكمون بقتله حال العثور عليه ، وقتله دون محاكمة وقتله حتى لو تاب .
4 ـ ويتوجّه ابن تيمية لخصومه الصوفية بقواعد عامة تشرّع قتلهم بالجملة ، فمن يقدّم النذور للأولياء معتقدا نفع الأولياء يجب قتله : ( ومن اعتقد أن بالنذور لها نفعاً أو أجراً ما فهو ضال جاهل .. فهذا كافر مشرك يجب قتله وكذلك من اعتقد ذلك في غيرها كائناً من كان ). ومن يتّخذ أولياء الصوفية واسطة لله جل وعلا يجب قتله إن لم يتب :( فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه، فهو كافر مشرك، يجب أنيستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ). ويقول فى تحريم الركوع والانحناء للشيخ الصوفى وقتل من يفعل ذلك:( بل لا يجوز الانحناء كالركوع أيضا، .. وأما فعل ذلك تدينًا وتقربًا فهذا من أعظم المنكرات، ومن اعتقد مثلهذا قربة، وتدينًا فهو ضال مفتر، بل يبين له أن هذا ليس بدين ولا قربة، فإن أصر علىذلك استتيب، فإن تاب وإلا قتل.). وكذلك من يعتقد فى كرامة الأولياء الصوفية ( ومن قال: إن لقول هؤلاء سرًا خفيًا وباطن حقٍ، وأنه من الحقائقالتي لا يطلع عليها إلا خواص خواص الخلق، فهو أحد رجلين: إما أن يكون من كبارالزنادقة أهل الإلحاد والمحال، وإما أن يكون من كبار أهل الجهل والضلال. فالزنديقيجب قتله، والجاهل يعرَّف حقيقة الأمر، فإن أصرَّ على هذا الاعتقاد الباطل بعد قيامالحجة عليه وجب قتله.)، وكذا من يؤمن بكرامة ( أهل الخطوة ) من الأولياء الصوفية الذين يستطيعون بزعمهم الحج فى طرفة عين كما ساد الاعتقاد فى العصر المملوكى ، وابن تيمية كان يؤمن بكرامات الأولياء فى عصره ولكن ينسبها الى فعل الشياطين وفى نفس الوقت يحكم بقتل صاحبها : ( ومن هؤلاء: من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس، ثم يحملهفيرده إلى مدينته تلك الليلة، ويظن هذا الجاهل أن هذا من أولياء الله، ولا يعرف أنهيجب عليه أن يتوب من هذا، وإن اعتقد أن هذا طاعة وقربة إليه، فإنه يستتاب، فإن تابوإلا قتل ). ومن يعتقد بشفاعة الأولياء الصوفية مستحق عنده للقتل:( من ادعى أن شيخًا من المشايخ يخلص مريديه يوم القيامة من العذاب،فقد ادعي أن شيخه أفضل من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ومن قال هذا فإنهيستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ). هذا مع إن إبن تيمية يؤمن بشفاعة النبى والأولياء الصوفية السابقين ، ولكنه ينكر ذلك على شيوخ الصوفية فى عصره ، ويجعل فوارق بين الشفاعة السنية والشفاعة الصوفية ، وكالعادة يحكم بقتل من يخالفه فى الرأى : ( والثاني: دعاؤه وشفاعته، وهذا أيضًا نافع يتوسل به من دعا له وشفعفيه باتفاق المسلمين. ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتديستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدًا...)( ..وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو أيضًاكافر، لكن هذا أخفى من الأول، فمن أنكره عن جهل عُرِّف ذلك، فإن أصر على إنكاره فهومرتد.).
5 ـ ولم ينج الأطفال من تشريع ابن تيمية بالقتل العام لهم . فهو يجيز قتل الطفل إذا صال ، أى إذا هاجم وإعتدى ، أى مجرد الاعتداء من ( طفل ) يوجب قتله حتى لو لم يسفر الاعتداء عن قتل ، يقول ابن تيمية : ( وقتلالصائل جائز وإن كان صغيرًا. .. وكذلك قتل الغلامكان من باب دفع الصائل على أبويه، لعلمه بأنه كان يفتنهما عن دينهما؛ وقتل الصبيانيجوز إذا قاتلوا المسلمين، )...
وحتى بدون أن يكون الطفل صائلا معتديا ، يكفى أن نتوقع منه أن يكون صائلا عندما يكبر ، وبهذا التوقّع يجوز قتله تحسبا لإجرامه الغيبى المستقبلى ، يقول ابن تيمية :( بل يجوز قتلهم لدفع الصول على الأموال ، لهذا ثبت في صحيحالبخاري أن نجدة الحروري لما سأل ابن عباس عن قتل الغلمان قال: إن كنت تعلم منهمما علمه الخضر من الغلام فاقتلهم، وإلا فلا تقتلهم.وكذلك في الصحيحين: أن عمر لما استأذن النبي صلى الله عليه وسلمفي قتل ابن صياد، وكان مراهقًا، لما ظنه الدجال، فقال: (إن يكنه فلن تسلط عليه،وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله) فلم يقل: إن يكنه فلا خير لك في قتله، بلقال: ( فلن تسلط عليه) ..وذلك يدل على أنه لو أمكن إعدامه قبل بلوغه لقطع فساده لم يكن ذلكمحذورًا .)
أخيرا
1 ـ لو حاولت أن تنجو من كل هذه التهم التى تلاحقك بالقتل مع سبق الاصرار والترصد ، وإعتزلت وإعتكفت وأغلقت عليك باب بيتك فسيطاردك تشريع أهل السّنة والجماعة يطرق بابك ليحكم أيضا بقتلك ، فقد سئل ابن تيمية عن ( رجل منقطع في بيته لا يخرج ولايدخل، ويصلي في بيته، ولا يشهد الجماعة، وإذا خرج إلى الجمعة يخرجمغطى الوجه، .. ، فهل يسلمله حاله ؟ أو يجب الإنكار عليه؟ فأجاب :هذه الطريقة طريقة بدعية مخالفة للكتاب والسنة ولما أجمع عليهالمسلمون. والله تعالى إنما يعبد بما شرع، لا يعبد بالبدع، فإن التعبد بترك الجمعة والجماعة ـ بحيثيرى أن تركهما أفضل من شهودهما مطلقًا ـ كفر، يجب أن يستتاب صاحبه منه، فإن تاب وإلاقتل. ).
2 ـ وهذا التشريع السلفى تم تطبيقه جزئيا على (أهل القرآن ) فى عصر مبارك فى حملتين لاعتقالهم( 2000 : 2001 ) و ( 2007 )، لأنهم إعتكفوا فى بيوتهم حتى لا يحتكّ بهم السلفيون فى المساجد . فاعتقل مبارك جموعا من أهل القرآن ترضية للسلفيين،وقامت مباحث أمن الدولة بتعذيبهم .
3 ـ حدث هذا ولم يكن السلفيون والاخوان فى الحكم .. فماذا إذا وصلوا الى التمكين التام وأخونة الدولة ؟ ربما لا يكون حينئذ تعذيب، بل قتل سريع ..وربما بلا إستتابة .!!
4 ـ ابشروا ..!!
المقال القادم عن تطبيق حد الردة على الأقباط ..