أولا :
من المكر السىء فى صياغة دستور مرسى
1 ـ إحتواؤه على كثرة كاثرة من المواد الإنشائية والوعظية كما لو كان الدستور يخاطب طفلا فى التعليم الالزامى . كما جاء مثلا فى ديباجة الدستور:(خامسا: سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، تضمن حرية الفرد، ومشروعية السلطة، وخضوع الدولة وغيرها من الأشخاص للقانون، والتزامها باستقلال القضاء، وألا يعلو أى صوت على قوة الحق، ليبقى القضاء المصرى شامخًا صاحب رسالة سامية فى حماية الدستور وإقامة موازين العدالة وصون الحقوق والحريات. سادسا: احترام الفرد، حجر الأساس فى بناء الوطن، وكرامته امتداد طبيعى لكرامة هذا الوطن. ولا كرامة لوطن لا تكرم فيه المرأة؛ فالنساء شقائق الرجال، وهن حصن الأمومة، ونصف المجتمع، وشريكات فى كل المكتسبات والمسئوليات الوطنية. سابعا: الوحدة الوطنية فريضة واجبة على الدولة والمجتمع، وهى قاعدة الاستقرار والتماسك الوطنى، وركيزة بناء الدولة المصرية الحديثة وانطلاقتها نحو التقدم والتنمية، ويرسخ هذه الوحدة الوطنية نشر قيم التسامح والاعتدال والوسطية وكفالة الحقوق والحريات لجميع المواطنين دون تفرقة بين أبناء الجماعة الوطنية. ثامنا: الدفاع عن الوطن شرف وواجب وطنى تحشد له الموارد البشرية والاعتمادات المالية، وللقوات المسلحة مكانة خاصة راسخة فى وجدان الشعب المصرى؛ فهى الدرع الواقى للبلاد..الخ )، وماجاء فى صلب الدستور مثل المادة (14) يهدف الاقتصاد الوطنى إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، وزيادة الإنتاج والدخل القومي. وتعمل خطة التنمية على إقامة العدالة الاجتماعية والتكافل، وضمان عدالة التوزيع، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين، والمشاركة بين رأس المال والعمل فى تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها. ويجب ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى فى أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون. المادة (15) الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتعمل على تنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها، وتحقيق الأمن الغذائى، وتوفير متطلبات الإنتاج الزراعى وحسن إدارته وتسويقه، ودعم الصناعات الزراعية. وينظم القانون استخدام أراضى الدولة؛ بما يحقق العدالة الاجتماعية، ويحمى الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال. المادة (16) تلتزم الدولة بتنمية الريف والبادية، وتعمل على رفع مستوى معيشة الفلاحين وأهل البادية. المادة (17) الصناعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطني، وتحمى الدولة الصناعات الاستراتيجية، وتَدْعُم التطور الصناعي، وتضمن توطين التقنيات الحديثة وتطبيقاتها. وترعى الدولة الصناعات الحرفية والصغيرة. ).والمادة (9) تلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، دون تمييز.).والمادة (31) : الكرامة حق لكل إنسان، يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها.) والمادة (33) المواطنون لدى القانون سواء؛ وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك. والمادة34 ( الحرية الشخصية حق طبيعى؛ وهى مصونة لا تمس. )
2 ـ الإحالة المسبقة الى القانون بعد ثرثرة إنشائية مثل المادة (8)( تكفل الدولة وسائل تحقيق العدل والمساواة والحرية، وتلتزم بتيسير سبل التراحم والتكافل الاجتماعى والتضامن بين أفراد المجتمع، وتضمن حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتعمل على تحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين؛ وذلك كله فى حدود القانون. )، وسيكفل ترزية القوانين بما يريده الاخوان والسلفيون .والمادة (38): ( لحياة المواطنين الخاصة حرمة، وسريتها مكفولة. ولا يجوز مصادرة المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال؛ ولا مراقبتها، ولا الاطلاع عليها إلا فى الأحوال التى يبينها القانون، وبأمر قضائى مسبب. ) ومجلس الشعب الإخوانى سيتيح إصدرا قوانين تبيح وتتيح لعصابات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الوهابية أن تتجسّس ،وسيقوم القضاة الاخوانيون بإصدار الأوامر القضائية لهم مقدما . ونحو ذلك تقول المادة (39) : ( للمنازل حرمة. وفيما عدا حالات الخطر والاستغاثة، لا يجوز دخولها ولا تفتيشها، ولا مراقبتها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبأمر قضائى مسبب يحدد المكان والتوقيت والغرض. ويجب تنبيه من فى المنازل قبل دخولها أو تفتيشها ) ، أما حصار البيوت ومؤسسسات الدولة فلا غبار عليه . وطبقا للمادة 43 يقوم القانون الوهابى الاخوانى بكفالة حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وليس البهائية مثلا ، (وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.) وعلى ألّا يتعارض هذا مع المادة التالية :(44) ، وهى ( تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة. ) ومع هذا تزعم المادة التالية المادة (45) أن ( حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير. ) والتطبيق العملى سيكون على النقيض هو القتل بحد الردة وقتل الزنديق . أما المادة التالية : المادة (46) فمع أنها تزعم أنّ ( حرية الإبداع بأشكاله المختلفة حق لكل مواطن. وتنهض الدولة بالعلوم والفنون والآداب، وترعى المبدعين والمخترعين، وتحمى إبداعاتهم وابتكاراتهم، وتعمل على تطبيقها لمصلحة المجتمع.) . فإنّ المأزق فى العبارة الأخيرة الغامضة المطاطة وهى (وتعمل على تطبيقها لمصلحة المجتمع.)، فهم طبعا الذين يعرفون مصلحة المجتمع ، وهم الذين يقومون بتأديبه بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وحد الردة . أما المادة (48) فهى عجيبة ، إذ هى تثرثر عن : ( حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة. وتؤدى رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأى العام والإسهام فى تكوينه وتوجيهه فى إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع ) أى إن حريتها واستقلالها فى حدود خدمة المجتمع ..وفى إطار المبادىء الأساسية للدولة والمجتع . أما ماهية هذه المبادىء الأساسية للدولة والمجتمع فهى عبارة مطاطة غامضة تفسيرها عند أولى الأمر من خدم الوهابية والسعودية . ولنضحك الى درجة البكاء مع المادة (68) ، وهى : ( تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التى ترسخ مساواة المرأة مع الرجل فى مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية .). أى أحكام شريعتهم الوهابية هى الحاكمة عندهم وفقا لمذاهب أهل السّنة والجماعة ، وبالتالى لا يجوز للمرأة أن تسافر إلّا بولى أمر أو زوج ، وربما يصل الأمر الى حرمانها من قيادة السيارة كما يقررشيوخهم آل سعود.
3 ـ ومن خلال الصياغات الفضفاضة والمطّاطة جاء تشريع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالشريعة الوهابية فى صناعة المادة (10) ( الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. ..) والمادة (11) : ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية، والثقافة العربية، والتراث التاريخى والحضارى للشعب؛ وذلك وفقا لما ينظمه القانون. ) أى يحتاج الأمر لترزية القوانين الوهابية كالعادة .
4 ـ والأهم أن المواد البرّاقة الحقوقية المزعومة تقع تحت سلطة مواد دستورية حاكمة ، وبها تكون المواد الأخرى مجرد بهرج زخرفى للخداع ، فالمادة (2) التى تجعل الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.) تأتى تفسرها المادة (220) ( مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنه والجماعة ) أى لهم أن يختاروا ما يروق لهم من (مذاهب أهل السنه والجماعة )، وطبقا لما هو معروف لديهم فهو رسائل ابن تيمية وابن عبد الوهاب . وبدلا من المحكمة الدستورية العليا التى تتخصص وحدها فى الحكم على مدى دستورية القوانين ( الوضعية ) يقوم بدلا منها كهنوت ( الأزهر ) الذى يحظى بمادة حاكمة فى هذا الدستور هى المادة (4) ، أى سيقوم ترزية القانون الوهابى بتمكين الأزهر من أخونة التشريع والقضاء وتعديل الدستور لمنع التناقض فى مواد هذا الدستور، أو بمعنى آخر : تقنين فكر ابن تيمية فى الحسبة والجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
ثانيا :
لمحة عمّا قال ابن تيمية فى الحسبة والجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:
1 ـ عما يسميه بالغش والتدليس في الديانات ،وتحت هذا العنوان يقول ابن تيمية في رسالة الحسبة التى نشرتها جريدة الجمهوية: (فأما الغش والتدليس في الديانات كمثل البدع المخالفة للكتاب والسنة واجماع سلف الامة من الاقوال والافعال مثل اظهار المكاء والتصدية في مساجد المسلمين، ومثل سب جمهور الصحابة وجمهور المسلمين، او سب ائمة المسلمين ومشايخهم وولاة امورهم المشهورين عند عموم الامة بالخير ،ومثل التكذيب بآحاديث النبي صلي الله عليه وسلم التي تلقاها اهل العلم بالقبول ،ومثل رواية الاحاديث الموضوعة المفتراه علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومثل الغلو في الدين بأن ينزل البشر منزلة الاله، ومثل تجويز الخروج عن شريعة النبي صلي الله عليه وسلم .ومثل الالحاد في اسماء الله تعالي وآياته وتحريف الكلم عن مواضعه والتكذيب بقدر الله ومعارضة امره ونهيه بقضائه وقدره ، ومثل اظهار الخزعبلات السحرية والشعبذة الطبيعية وغيرها التي يضاهى بها ماللاولياء والانبياء من المعجزات والكرامات ليصد بها عن السبيل او يظن بها الخير فيمن ليس من اهله، وهذا باب واسع يطول وصفه فمن ظهر منه شئ من هذه المنكرات وجب منعه من ذلك وعقوبته عليها اذا لم يتب حتي قدر عليه بحسب ما جاءت به الشريعة من قتل او جلد اوغير ذلك ، وأما المحتسب فعليه ان يعزر من اظهر ذلك قولا او فعلا .)
هنا يتضح الآتى :
1 ـ عقوبة القتل أو الجلد ( أو غير ذلك ) على أصحاب البدع ، وهم من يجتهدون فى الفكر( الاسلامى ) بالمخالفة لابن تيمية و اجماع سلف الامة أو ( مذاهب أهل السنة والجماعة )، مثل من يرتكب الآتى : (اظهار المكاء والتصدية في مساجد المسلمين) مثل قيام الصوفية بالذكر الصوفى ومثله طقوس الشيعة ، ( ومثل سب جمهور الصحابة وجمهور المسلمين، او سب ائمة المسلمين ومشايخهم وولاة امورهم المشهورين عند عموم الامة بالخير . ) أى إنتقاد الصحابة وعموم المسلمين وأئمة المسلمين والمستبدين من الحكام . ( ومثل التكذيب بآحاديث النبي صلي الله عليه وسلم التي تلقاها اهل العلم بالقبول ) أى إنتقاد البخارى وأئمة الحديث من مالك الى ابن تيمية فى العصر المملوكى الى الألبانى والقرضاوى فى عصرنا . ( ،ومثل رواية الاحاديث الموضوعة المفتراه علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، ) أى إن الاستشهاد بالأحاديث التى يجيزها الشيعة والصوفية والإباضية ، ( ومثل الغلو في الدين ) وهو عنوان عريض يقبل أى تفسير ، ومنه تفسير ابن تيمية نفسه : ( بأن ينزل البشر منزلة الاله،) ومنه ( ومثل تجويز الخروج عن شريعة النبي صلي الله عليه وسلم .) أى الشريعة السنية وما يقوله ابن تيمية ثم من بعده ابن عبد الوهاب وابن باز ..الخ ..( ومثل الالحاد في اسماء الله تعالي وآياته وتحريف الكلم عن مواضعه) وهذا يعنى أى إتّجاه فكرى عقيدى فى التفكير الاسلامى يخالف السلفية كمثل مسألة خلق القرآن أو الاستواء على العرش أو المجاز فى القرآن أو رؤية الله ، من يخالفهم فهم ملحد ويقوم بتحريف الآيات ، وأيضا من يقول بحرية الارادة أو من كانوا يطلقون عليهم ( القدرية) وكان السنيون يتهمونهم بالتكذيب بقدر الله جل وعلا ، أو على حدّ قول ابن تيمية : ( والتكذيب بقدر الله ومعارضة امره ونهيه بقضائه وقدره ).ويقول أيضا : ( ومثل اظهار الخزعبلات السحرية والشعبذة الطبيعية وغيرها التي يضاهى بها ماللاولياء والانبياء من المعجزات والكرامات ليصد بها عن السبيل او يظن بها الخير فيمن ليس من اهله،). كان ابن تيمية يؤمن بكرامات الأولياء الصوفية السابقين ، وفى نفس الوقت يحكم بكفر الأولياء الصوفية فى عصره ، وهو هنا يجعلهم مشعوذين . ونعيد التذكير بأنه يحكم على أولئك جميعا بالقتل أو بالجلد أو غير ذلك ، معطيا حرية إختيار العقوبة لولى الأمر . بل يعطيه حرية إضافة أى تهم أخرى ينطبق عليها عقوبة القتل والجلد وغير ذلك، يقول : ( وهذا باب واسع يطول وصفه فمن ظهر منه شئ من هذه المنكرات وجب منعه من ذلك وعقوبته عليها اذا لم يتب حتي قدر عليه بحسب ما جاءت به الشريعة من قتل او جلد اوغير ذلك . ). ثم يعطى المحتسب حق تعزيرهم:(وأما المحتسب فعليه ان يعزّر من اظهر ذلك قولا او فعلا .)
2 ـ وحتى لا يظن أحد أن عقوبة التعزير هى هيّنة وفقا لما ساد فى بعض أقاويل الفقهاء بأنها أقل من حد شرب الخمر فإن إبن تيمية يصل بعقوبة التعزير الى القتل فى موضوعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، يقول : (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم الا بالعقوبات الشرعية فان الله يزغ بالسلطان ما لم يزغ بالقرآن ... ومنها عقوبات غير مقدرة قد تسمي التعزير ،وتختلف مقاديرها وصفاتها بحسب كبر الذنوب وصغرها وبحسب حال المذنب وبحسب حال الذنب في قلته وكثرته ، والتعزير اجناس فمنه ما يكون بالتوبيخ والزجر بالكلام، ومنه ما يكون بالحبس ،ومنه ما يكون بالنفي عن الوطن، ومنه ما يكون بالضرب .وأما اكثر التعزير ففيه ثلاثة اقوال احدها عشر جلدات ،والثاني دون اقل الحدود اما تسعة وثلاثون سوطا واما تسعة وسبعون سوطا .والثالث انه لا يتقدر بذلك) الي ان يقول ابن تيمية: ( ومن لم يندفع فساده في الارض الا بالقتل قتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين والداعي الي البدع في الدين .. ، وفي الصحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال (اذا بويع لخليفيتين فاقتلوا الاخر منهما ) وقال (من جاءكم وامركم علي رجل واحد يريد ان يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان ) . أى قتل الداعى للبدعة فى الدين ، أى كل من يجتهد مفكرا بما يخالف السلف وما وجدوا عليه آباءهم ، بل حتى من يرفع رأسه لشيخ الطائفة أو لحسن البنا أو بديع يستعمل عقله ، عندئذ تكون جريمته تطبيق حديثهم القائل : (من جاءكم وامركم علي رجل واحد يريد ان يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان ).!
3 ـ ثم يقوم إبن تيمية بربط الامر بالمعروف بالجهاد ، فيقول : (وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يجب علي كل واحد بعينه بل هو علي الكفاية كما دل عليه القرآن ) أى تتخصص طائفة بالأمر بالمعروف تأمر وتنهى غيرها ولا يجرؤ أحد على أمرها بمعروف أو نهيها عن منكر . ويقول يربطه بالجهاد: ( ولما كان الجهاد من تمام ذلك فأن الجهاد ايضا كذلك، فاذا لم يقم به من يقوم بواجبه اثم كل قادر بحسب قدرته ،اذ هو واجب علي كل انسان بحسب قدرته ،كما قال النبي صلي الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه ، فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان )واذا كان كذلك فمعلوم ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واتمامه بالجهاد هو من اعظم المعروف الذي امرنا به. )
ولحاجته الي السلطة كي تؤيده في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر نري ابن تيمية قد تحدث عن صلة الجهاد بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويخاطب السلطة في رسالته (السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية) ويكرر ما قاله في رسالة الحسبة عن التعزيرالي ان يقول : ( وقد يستدل علي ان المفسد متي لم ينقطع شره الا بقتله فأنه يقتل . بما رواه مسلم في صحيحه عن عرفجة الاشجعي رضي الله عنه ،قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : (من اتاكم وامركم جمع علي رجل واحد ،يريد ان يشق عصاكم ،أو يفرق جماعتكم فاقتلوه). نعيد عبارته (ان المفسد متي لم ينقطع شره الا بقتله فأنه يقتل ). هم الذين يحددون من هو المفسد ، وهم الذين يحددون أن هذا المفسد لا ينقطع شرّه إلّا بقتله..ثم هم الذين يحكمون بقتله ..!!
4 ــ وعن ربط الجهاد في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يكرر ما قاله في الحسبة الي ان يقول : ( فالواجب علي ولي الامر ان يأمر بالصلوات الخمس المكتوبات جميع من يقدر علي امره ،ويعاقب التارك بإجماع المسلمين ،فان كان التاركون طائفة ممتنعة قوتلوا علي تركها بالاجماع ،وكذلك يقاتلون علي ترك الصلاة والصيام وغيرهما ،وعلي استحلال ما كان من المحرمات الظاهرة المجمع عليها ،كنكاح ذوات المحارم والفساد في الارض ،ونحو ذلك ،فكل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الاسلام الظاهرة المتواترة يجب جهادها ،حتي يكون الدين كله لله ،باتفاق كل العلماء ،وان كان التارك للصلاة واحدا فقد قيل بأنه يعاقب بالضرب والحبس حتي يصلي ،وجمهور العلماء علي انه يجب قتله اذا امتنع من الصلاة بعد الاستتابة ،فأن تاب وصلي ،والا قتل ،وهل يقتل مسلما كافرا او مسلما فاسقا ؟ فيه قولان ، واكثر السلف علي انه يقتل كافرا وهذا كله مع الاقرار بوجوبها .اما اذا جحد وجوبها ،فهو كافر باجماع المسلمين.).هنا قتال من يخالفهم من الجماعات والأفراد وقتل تارك الصلاة والمفطر فى رمضان .
5 ــ ثم يقول ابن تيمية عن جهاد غير المسلمين كالأقباط (والعقوبات التي جاءت بها الشريعة لمن عصي الله ورسوله نوعان ،احدهما :عقوبة الطائفة الممتنعة ،كالتي لا يقدر عليها الا بقتال فاصل ،هذا هو جهاد الكفار اعداء الله ورسوله ،فكل من بلغته دعوة رسول الله صلي الله عليه وسلم ،الي دين الله الذي بعثه به ،لم يستجب له ،فإنه يجب قتاله (حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ).واذا كان اصل القتال المشروع هو الجهاد ،ومقصوده هو ان يكون الدين كله لله ،وان تكون كلمة الله هي العليا ،فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين .) . ويستبيح قتل النساء والأطفال من غير المسلمين لو تكلموا : ( واما من لم يكن من اهل الممانعة او المقاتلة ،كالنساء والصبيان ،والراهب والشيخ الكبير ،والاعمي والزمن ونحوهما ،فلا يقتل عند جمهور العلماء ،الا ان يقاتل بقوله او فعله. )
6 ــ ومرة أخرى عن قتال المسلمين المختلفين عن السنيين الحنابلة يقول ابن تيمية : (إن الداعية الي البدع المخالف للكتاب والسنة ،يعاقب بما لا يعاقب به الساكت .وجاء في الحديث : (ان الخطيئة اذا اخفيت لم تضر الا صاحبها ،ولكن اذا ظهرت فلم تنكر ضرت العامة )وايما طائفة ممتنعة انتسبت الي الاسلام ،وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة ،فأنه يجب جهادها باتفاق المسلمين ،حتي يكون الدين كله لله ) الى أن يقول : ( واختلفت الفقهاء في الطائفة الممتنعة لو تركت السنة الراتبة كركعتي الفجر ،هل يجوز قتالها ؟علي قولين ،) أى أجاز بعض الفقهاء قتال من لم يقم بأداء صلاة السنة كركعتى الفجر..!!. ولكنهم لم يختلفوا على قتال من لايلتزم بالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج،يقول ابن تيمية : ( فأما الواجبات والمحرمات الظاهرة والمستفيضة ،فيقاتل عليها بالاتفاق ،حتي يلتزموا ان يقيموا الصلوات المكتوبات الظاهرة ،ويؤدوا الزكاة ،ويصوموا شهر رمضان ،ويحجوا البيت ويلتزموا ترك المحرمات ..).
أخيرا
هذا كله يحتاج من الاخوان والسلفيين تقنينا خلال مجلسهم النيابى ، وبذلك تتم أخونة الدستور والقانون والقضاة . وبدون ذلك بل حتى قبل أن يتم ذلك فقد سبق حازم صلاح أبو اسماعيل بعصاباته فرض الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ..
ونتوقف فى المقال القادم عن صور نتوقعها فى قتل المصريين بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تطبيقا لشرع ابن تيمية الذى عكفوا عليه ثمانين عاما يدرسونه ويتمنون تطبيقه ، وقد جاء أوان تطبيقه .