رسالة نور للألفية الثالثة " 2 "
خطاب إلى عقلاء التيارات الإسلامية إن وجدوا ؟
انتم ياسادة تكفيريون بتكوينكم
وياليتكم تكفيريون لغيركم فحسب
بل تكفيريون لبعضهم والعياذ بالله
قال الله تعالى
بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ 14 الحشر
رغم أن الموصوفين غيرنا إلا أن الوصف ينطبق علينا
وخطابي بالأخص للضالين عسى أن يهديهم الله بفضله
فكامل التيارات الاسلامية تيارات تكفيرية .
والأمر واضح للعيان أمام حديث الفرقة الناجية الذي جعل كامل التيارات الاسلامية تكفر بعضها بعضا .
وجعل كل منها تدعي أنها الناجية وباقي الفرق والمذاهب والطوائف غيرها في النار .
وعليه كان التكوين الوجداني لكل هؤلاء قد امتنع عليه قبول المسلم الآخر المختلف معه في الطائفة .
بل ويناصبه العداء والاقصاء بل والابادة إذا ما تعارضت مصالحه معه ، ناهيك عن المختلف معه دينيا
وقد نبهت لذلك مرارا وتكرارا دون أن ينتبه أحد لفداحة هذه الحالة .
وإلا فليقل لي أي من حضراتكم :
ما سبب هذا التوتر والصراعات الدائمة والقتل الممنهج وغير الممنهج داخل أمتنا طوال تاريخها ؟
وسأوفر عليكم الجهد واجيبكم بكلمة واحدة :
" البغي "
فإن كان لدى أحد من حضراتكم سبب آخر فليقله ؟ .
هذا البغي تم تكريسه باطلا بإقرار اختلاف المسلمين دينيا ، وبالتالي تفرقنا ، ورفضنا بعضنا بعضا ونحن مسلمين جميعنا نقول " لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ناهيك عن عدم قبولنا للآخر .
وتتكيء تلك الجماعات في حشد الجماهير الراغبة في رضى الله برفع كل منها " راية الشريعة " .
زاعمة أنها من ينقل عن الله ورسوله دون غيرها ، وفي احسن الآحوال أصح من غيرها .
والتساؤلات الواجبة :
· هل تصلح هذه الأفكار التكفيرية للولوج داخل الألفية الثالثة والتي تتسم بالمنهجية العلمية ؟ .
· هل يمكن أن تنصلح تلك الأفكار بالربيع العربي الذي نعيشه ، وما صاحبه من كسر كافة الخطوط الحمراء " ثورات " على كامل المستويات وعلى رأصها " الفكر الديني " ؟ .
· هل هؤلاء التكفيرية قادرين على الصمود أمام الرؤي النقدية لأفكارهم واطروحاتهم ؟
· أم أنه الجمود ثم التلاشي ؟ .
هذا رغم أننا لا نجد اختلاف يذكر بين أي أحد من الأمة على مناسك العبادات ، ويتبلور ذلك في قبلة المسلمين " الواحدة " .
وكذلك القيم فهى قيم انسانية عامة يتوق إليها الجميع ، ولا يستطيع أحد أن يزايد عليها .
وهذا والحمد لله ما وقر في وجدان كافة بسطاء المسلمون ، والذي تبلور أيضا جميعه في " تقوى الله " .
ولا اعتقد أن هذا الإيمان يتسق مع حال الأمة من اختلافات وفرقة .
فالمسألة إذن ليست الشريعة ، ولم يقل أحد اعتراضا على تأدية العبادات والمناسك .
ولكن المسألة ياسادة هى البغي على حقوق المسلم قبل غير المسلم " المعاملات " باسم الشريعة " لتحقيق " القوامة والاستحواز والسيطرة " والحقيقة أنه " البغي ".
فكيف يتعامى عقلاء المسلمين إن وجدوا عن عدم الاتساق بين هذا الواقع المرير لأمتنا وما يدعونا إليه ديننا من عدل ، والأدهى والامرهو تعتيم هذه الحقيقة على الناس سواء جهلا أو تعمدا بأن ما نعيشه من اختلاف طبيعي وصحي ، ويموهون على البسطاء بقول الله تعالى :
" وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ 118 هود " .
وبالنظر ولو قليلا نجد المقصود هم الناس جميعا لاختلاف مرجعياتهم ، أما أصحاب المرجعية الواحدة مثلنا فقد نهانا الله عن الاختلاف والذي منشأه " البغي " .
في حين ينعم قادة هذه الجماعات بالخيرات غير مبالين بغضب الله عليهم وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا .
ألا يجب أن يفيقوا من غفوتهم ويكتفوا بما أنعم الله عليهم ؟ .
أم هذه الخيرات الزائلة أهم لديهم من السؤال أمام من لا يغفل ولا ينام ؟ .
ولكن السؤال :
كيف يكرسون لذلك ؟
وكيف يموهون على الجماهير لتحقيق مآربهم ؟ .
يتم هذا بالخلط بين معنى الاختلاف الذي هو الجمود " الثبات " كما ورد في كتاب الله ، ومعنى التنوع الذي هو حركي لتكامل البشرية .
الأول يؤدي إلى الفرقة التي يكرسون لها بمقولة " الاختلاف رحمة " .
والثاني يؤدى إلى التكامل الذي لا يريدونه لأنه يلفظ جهلهم واطروحاتهم الباطلة والتي جمدوا بها ، ويكشف عوار تفكيرهم ، وجهلهم بدينهم .
لذا جعلونا ننسلخ عن المساهمة في تطور حضارتنا الانسانية ، وأصبحنا مستهلكين لها وتحت رحمة منتجيها .
هل سنستمر يا سادة في التعامي عن هذا الخطأ القاتل ؟
أليس وجود هذا الناقض تعارض مع أبسط الحقوق الانسانية في أن يصل إليهم دينهم بصورة غير مشوهة ، مما جعل الكثيرين يفقدون ثقتهم بالدين ومنهم من انسلخ عن دينه .
بل كنا ومازلنا خطر على أنفسنا قبل أن نكون خطر على الآخر الخارجي .
فالأمر جد خطير وفي نفس الوقت غاية السهولة واليسر .
وهى قبول الآخر المختلف عنا في الدين والعرق والنوع ، فما بالنا إن كان مسلم مثلي ومثلك يقول " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، وحين قبولي لهذا الآخر سيقبلني :
" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ 34 فصلت " ، فما بالنا بإخوتنا الذين صنعنا نحن العداوة بيننا وبينهم ، واقرار أن كل منا حر في تصرفاته والحكم لله وليس لأحد .
مع وضع ضوابط لحفظ كيان المجتمع وهو ما يعرف بالدستور ، والذي يجب أن يتوافق عليه الجميع تحت إطار " العدل "
وبذلك نخرج من حالة الكفر بوحدتنا إلى حالة الإيمان بالمشاركة الانسانية والتي رفع لواءها الإسلام في قوله تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ 107 الأنبياء "
احمد شعبان محمد