مقدمة :
طبقا لما أوردته جريدة ( المصرى اليوم ) بتاريخ 29 نوفمبر 2012 فقد حكمت محكمة أمن الدولة بإعدام ٧ متهمين فى قضية الفيلم المسىء للرسول ، والمتهمون هم موريس صادق ومرقس عزيز خليل، وعصمت زقلمة ونبيل أديب بسادة موسى، ونيقولا باسيلى وناهد متولى ونادر فريد فوزى . وقد صدر الحكم برئاسة المستشار سيف النصر سليمان، وعضوية المستشارين محمد عامر جادو، وحسن إسماعيل حسن، رئيس المحكمة، وبحضور خالد ضياء، رئيس نيابة أمن الدولة العليا، وأمانة سر عادل عبدالحميد. وطبقا لما ذكرته ( المصرى اليوم ) فإنه وعقب النطق بالقرار ( قام المحامون بالتهليل والتكبير ورددوا: الله أكبر.. الحمد لله). وهذه سابقة لا مثيل لها فى تاريخ القضاء المصرى ـ أن يتحالف الدفاع مع النيابة ضد المتهمين ، وأن يتم الحكم بالاعدام غيابيا فى قضية تندرج تحت قانون ( إذدراء الدين ). ومع إنه قانون سىء السمعة إلّا إنه العقوبة فيه مجرد السجن سنة أو أعدة سنوات ، ولا تصل الى الاعدام .
2 ـ وقد سبق أن قامت السلطات المصرية بتجريد المحامى موريس صادق من الجنسية المصرية ، وبالرغم من الخلاف الهائل بيننا وبينه إلا إننا نشرنا هنا مقالا يستنكر هذا ، ثم أصدرنا بيانا باسم المركز العالمى للقرآن الكريم نستنكر فيه هذا الحكم القضائى باعدام المسيئين للنبى محمد عليه السلام ، لأن هذا الحكم يسىء الى الاسلام ويخالف شريعة الله جل وعلا ، ونطالب المفتى فى مصر بعدم التصديق عليه وإلّا كان عدوا لله جل وعلا ورسوله ، ونطالب بعزل القضاة الذين أصدروه لأنهم شوّهوا سمعة مصر وسمعة القضاء المصرى . وأوضحنا أن هذا الحكم الظالم يؤكد تغلغل الوهابية الحنبلية السنية المتطرفة فى عقول المصريين ، وبالتالى فإن الانتصار على الاخوان والسلفيين سياسيا لا يكفى ، لأن الأخطر منهم هو تغلغل دينهم الوهابى المعادى للاسلام بين المصريين المسلمين ، ولا بد من إثبات كفر الوهابية بالاسلام ، وهذا ما يقوم به أهل القرآن وحدهم ، دون مساعدة من ضحايا الوهابية . ونشرنا الجزء الأول من الرد ، والذى يؤكد تناقض هذا الحكم مع السّنة الحقيقية للنبى عليه السلام.
وأكّد المقال الثانى الحرية الدينية كأول مبدأ من مبادى الشريعة الاسلامية وجذوره فى العقيدة الاسلامية، ويبقى هنا أن نتوقف مع التطبيق العملى للحرية الدينية المطلقة فى واقعنا الراهن لإثبات أن هذا الحكم القضائى باعدام موريس صادق وزملائه ليس سوى تطبيق للشريعة السّنية الوهابية ، قام به قضاة لا ينتمون رسميا للإخوان أو السلفيين ، ولكن رضعوا الدين السّنى الوهابى خلال التعليم والاعلام والمساجد ، وهنا تكمن الخطورة ، وهنا أيضا يجب مواجهة هذا الخطر برفع كل القيود التى تُحدّ من حرية الفكر وتمنع التعرّض لما يسمونه بالمقدسات ، أى لا بد من تطبيق الحرية الدينية المطلقة فى كل إتجاهاتها الفكرية والبحثية والدعوية والتعبدية وليس مجرد الأمور الاعتقادية ، وهذا على النحو التالى :
أولا : مبدأ الحرية المطلقة فى مجال الدعوة الدينية :
1 ـ لا تتدخل الدولة على الاطلاق فى مجال الدعوة الدينية السلمية، بل تكون مهمتها تأكيد حرية هذه الدعوة للجميع أفرادا وطوائف على قدم المساواة المطلقة . وبالتالى لا بد من إلغاء كل القوانين التى تصادر أو تُحدّ من حرية الدعوة مثل قانون ( إزدراء الأديان ) والذى يتم تطبيقه لحماية الدين السّنى الوهابى فقط بينما يتم إزدراء الدين القبطى والدين الشيعى والدين البهائى ، بل يتم إزدراء الدين الاسلامى الحقيقى بتطبيق هذا القانون على ( أهل القرآن ) وسجن بعضهم عدة سنوات عام 2001 . ولا بد من الوقوف بحسم ضد دستور الاخوان الحالى والذى يمنع التعرض للأنبياء والذى يجعل الشريعة الوهابية السنية هى مصدر التشريع طبقا للمادة :(220): ( مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنه والجماعة ).
2 ـ حرية الدعوة الدينية السلمية للجميع تعنى واقعيا حرية المسيحى للتبشير بدينه بين المسلمين ، وحرية المسلم فى التبشير بدينه بين غير المسلمين ، وحرية السّنى الوهابى فى التبشير بدينه بين غير السنيين ، وحرية الشيعى فى التبشير بدينه بين السنيين وغير الشيعة ، وحرية الصوفى فى الدعوة للتصوف بين السنيين وغيرهم وحرية البهائى فى الدعوة لدينه بين غير البهائيين ، بل حرية الدعوة الى الالحاد ..
3 ـ حرية الدعوة الدينية السلمية هذه لا بد أن تبتعد عن الإكراه فى الدين ، هى ( عرض ) لا ( فرض ) ، أى أن الداعية يعرض على الناس دينه ولا يفرضه على الناس . فإذا لجأ الى الاكراه فى الدين فلا بد من عقابه قانونا لأنّه تعدى على حق الأخرين فى حريتهم الدينية .
4 ـ حرية التبشير تعنى حرية التكفير ، وبلاحرج . إنّ لبّ الدعوة الدينية هو التكفير للآخر ، فأنت حين تدعو الى دينك يعنى أنك تعتقد أن دينك هو الصحيح وأن غيره هو الباطل ، وأن دينك هو الحق وغيره هو الكفر ، والاسلام فى عقيدته ( لا اله إلا الله ) تبدأ بالكفر بكل إله مع الله ، للتأكيد على ألوهية الله جل وعلا وحده ، والله جل وعلا يقول : (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)( البقرة )، أى لا إكراه فى الدين ، وقد إتّضح بالقرآن الرشد وتميّز عن الغىّ،وهنا أتهام للأديان الأخرى بأنها غىّ مع تقرير أنه لا إكراه فى الدين ، ثم إن المؤمن طبقا للقرآن هو من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله ، أى يكفر أولا بالطاغوت لكى يؤمن بالله جل وعلا وحده ، وبهذا يكون هو إستمسك بالعروة الوثقى ، وبالتالى فإن غيره يعتبر ضالّا طبقا للقرآن . ويتأكد هذا فى قوله جل وعلا : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ (19)( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (85)( آل عمران ) ، وهذا واضح فى أن من يعتنق دينا غير الاسلام الحق الذى جاء فى القرآن فهو من أهل الجحيم . من حقّى أن أدعو بهذا وأن أحكم بكفر من يعبد المسيح ومن يقدس محمدا والصحابة والأئمة والأولياء ، ومن حقى أن أعلن أن من يحج الى القبر المنسوب للنبى محمد يكون كافرا، وأن هذا القبر هو رجس من عمل الشيطان ، ولكن ليس من حقى أن أفرض رأيي هذا على أحد ، بوسعى أن أعزز رأيى بكل الحجج ، ولكن دون إكراه للغير . وأيضا من حق هذا الغير أن يكفر بالقرآن وأن يقول ما شاء فى الاسلام وفى النبى محمد عليه السلام ، سواء كانت معه حجة أو لم تكن . من حق البهائى أن يطعن فى أديان الغير ، ومن حق المسيحى أن يحكم بكفر المسلمين وكل من لا يؤمن بالمسيح الاها ومخلّصا ومنقذا . لكل إنسان الحق فى تكفير الأخرين سواء كانت معه الحجة والمنطق أو كانت حجته تدليسا وإفتراءا وتحريفا ، أو لم تكن لديه حجة على الإطلاق . وموعدنا جميعا يوم الدين أمام الرحمن جل وعلا ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون. أى إن حرية التبشير هى حرية التكفير للمخالفين ولكن دون الإكراه فى الدين . وطبعا لا يستتبع التكفير هنا إقامة ما يعرف بحدّ الردّة ، فهذا فى شريعة السنيين والشيعة ، وكان من قبل ضمن أصول الدين الكاثوليكى فى عهد سيطرة بابوات روما . هنا نتحدث عن حرية الدعوة بلا قيود ، وحرية التبشير والتكفير بأى دين بلا فرض أو إكراه .
5 ـ ينتج عن حرية التبشير والتكفير بين الدعاة من كل نحلة ودين أن تتسع مجالات الإختيار بين الناس لتكون بلا سقف أعلى . فمن يشاء الخروج عن الاسلام والدخول فى المسيحية فهذا شأنه وحسابه عند ربه ، ومن شاء التحوّل عن المسيحية والدخول فى الاسلام فلا عائق أمامه، ولا يحتاج الى شهادة رسمية من الأزهر أو خلافه لأنه ليس فى الاسلام مؤسسة دينية أو كهنوت. ومن أراد التشيع أو الانخراط فى التصوف أو إعتناق البهائية فلا يحق لأحد منعه . ومن أراد الكفر بكل الأديان أو حتى عبادة الشيطان فهذا شأنه وتلك مسئوليته ـ مثل غيره ـ أمام الواحد القهار يوم القيامة .
6 ـ ينتج عن حرية التبشير والتكفير وحرية الايمان والكفر وحرية الإختيار بين الناس فى الدين أن يتحرر الناس من الخضوع لأحقر أنواع البشر ، وهم رجال الدين الذين يجعلون أنفسهم واسطة بين الله جل وعلا والناس ، وأحقر منهم من يستخدمون إسم الله جل وعلا فى الوصول للسلطة والثروة . هذه الحرية الدينية تؤسس الوعى السياسى بين الجماهير، كما تقوم بتطهير المجال السياسى من المتاجرة بالدين ، وتحصر المنافسة السياسية بين من هو الأقدر على خدمة الناس فى حياتهم الدنيا مع إحترامه لإختياراتهم الدينية . كما أن هذه الحرية الدينية فى التبشير والتكفيرينتج عنها حرية حقيقية فى التفكير ، بما يؤدى الى تقليص الايمان بالخرافات الدينية الغيبية ، والتشجيع على نقد تقديس البشر والحجر والسخرية من الخزعبلات الدينية الى تحولت الى مقدسات بسبب السكوت عن نقدها ونقاشها .
7 ـ معنى الخصومة هو إختلاف فى الرأى ، أى إن لكل خصم رأيه ، ويأتى الحكم النهائى من الله جل وعلا يوم القيامة . أنا أقول رأيى معززا بالحجة أقصد به الوعظ ، وأومن بأن الحكم النهائى لله جل وعلا يوم القيامة . هو فى النهاية رأيى أنسبه لنفسى وليس للاسلام، لذا أقوله معتقدا تماما أننى سأؤاخذ عليه يوم القيامة ، وسيتم حسابى عليه إن كان حقا أو باطلا . ومن حق خصمى كذلك أن يقول رأيه وأن يسفّه رأيى ، والحكم النهائى لرب العزة ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون . وهنا يكون العدل بين حقوق الخصوم . لكل منهم نفس الحق فى التعبير عن رأيه وعمّا يعتقده . وهنا أيضا تتعانق الحرية مع العدل .
8 ـ ولكن فى تشريعات الاسلام قيمة تعلو وتسمو عن العدل هى الاحسان . وقد تعرضنا لها من قبل فى المقال الأول من هذه السلسلة وكان عن مناقضة هذا الحكم القضائى للسنة الحقيقية للنبى محمد عليه السلام ، وكيف كان يرد على الأذى بالصفح والغفران . ونفس الحال هنا فى موضوع تطبيق الحرية الدينية السلمية، ففى مجال الدعوة والجدال يأتى التشريع الالهى بأن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يكون الجدال بالتى هى أحسن وليس بمجرد الحسنى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (125)( النحل )، والحوار بالتى هى أحسن جاء تطبيقه فى قوله جل وعلا :( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)( فصلت ). وتطبيق الجدال بالتى هى أحسن مع أهل الكتاب جاء فى قوله جلّ وعلا : (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)( العنكبوت )، أى لا جدال مع الذين ظلموا منهم بالسلوك والأذى ، ويكون التعامل معهم بالاعراض عنهم وفق قوله جل وعلا : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)(القصص). هنا تشريع الإعراض عن الظالمين المتعصبين من أهل الكتاب، وليس بمحاكمتهم والحكم باعدامهم. أما المعتدلون منهم فالرد عليهم بأن نقول : ( وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ، أى نؤمن بالكتب السماوية كلها ونسلم لله جل وعلا عقيدتنا وديننا .
9 ـ ومن عجب أن يصل الغرب اليوم الى ما قرّره القرآن من 14 قرنا فى الحرية المطلقة فى الدين بينما يكفر بها الوهابيون وأضرابهم . فى أمريكا تنتشر الدعوة الى الاسلام بلا عائق ، ويتحوّل امريكيون مسيحيون الى الاسلام بلا إعتراض أو إستنكار لأنها حرية شخصية ، بل إن بعضهم يشترى كنائس ويحولونها الى مساجد، ويجدون المساعدة من الأمريكيين المسيحيين، أقول هذا عن دراية وعلم . وفى نفس الوقت فإن المساجد الوهابية السّنية والتى تتمتع بكل حريتها فى أمريكا لا تسمح للشيعة بدخولها . وفى نفس الوقت فإنه من أكبر الكبائر أن يقوم مسيحيون بالتبشير بدينهم بين المسلمين . إنهم يفهمون الحرية الدينية من جانب واحد فقط : حرية التحول من المسيحية الى الاسلام ، وليس الردة عن الاسلام والدخول للمسيحية . بل إن المسيحى إذا دخل فى الاسلام ثم أراد الخروج عنه فعقابه القتل بتهمة الردّة . ولقد سبق لنا تفصيل ذلك كله فى كتاب ( حد الردة ) ومقالات : ( التسامح الاسلامى بين مصر وأمريكا ) و ( بناء الكنائس والدفاع عنها حق مقرر فى الاسلام ) و ( أيها الأفغانى المتنصر يجب إحترام حريتك فى الاختيار ) ( كل هذا الهلع من التنصير ) ( الاسلام دين السلام ).
10ـ ولكن .. ولكن ..ولكن ..! فى التعليم الرسمى لا بد أن يكون منزها عن التعصب والدعوة لأى دين . يجب إلغاء مادة التربية الدينية وأن يحل محلها مادة فى التعليم الأساسى يتربى فيها التلميذ على الأخلاق الحسنة والقيم العليا ومعرفة الدستور المصرى ( فى حالة كونه دستورا حقوقيا يدافع عن الحرية والعدل وحقوق الانسان والمواطنة) . ويجب إصلاح الأزهر ليكون مدافعا عن الحرية المطلقة فى الدين ، كما يجب الحدّ من سيطرة الكنيسة فى مصر على مسيحيى مصر .
ثانيا : فى مجال إقامة الشعائر الدينية
1 ـ يجب إلغاء كل القوانين التى تعرقل بناء الكنائس وبيوت العبادة والأضرحة والقبور المقدسة ، لتكون حقا متاحا لكل شخص وكل طائفة بغض النظر عن توجهاتها . وأن تسرى عليها القوانين العادية شأن أى منشأة عامة أو خاصة .
2 ـ الحرية المطلقة فى ممارسة الشعائر داخل بيوت العبادة وخارجها ، مع الالتزام بحماية أصحاب هذه الشعائر ، دون تمييز لطائفة على حساب أخرى .وإذا إستدعى الأمر تنظيما فلا بد أن تسرى على الجميع على قدم المساواة ودون إخلال بالحق المطلق فى إقامة الشعائر . هذا يشمل إقامة القداسات والاحتفالات المسيحية داخل وخارج الكنائس ، ومثلها الموالد الصوفية والشيعية واليهودية و البهائية ..الخ . وبهذا .. تنصرف الدولة ومؤسساتها لإقامة دولة العدل والقانون وتوفير حياة كريمة للمواطنين فى هذه الحياة الدنيا تاركة أمر الدين لصاحب الدين ليحكم فيه بين عباده يوم الدين .
أخيرا
1 ـ ولنتذكر أنه لو شاء الله جل وعلا لأنزل مع الدين ملائكة ترغم الناس على إعتناقه فى الدنيا ، وتخيل أن يقيم الله جل وعلا نارا فى كل ميدان وكل قرية وعليها ملائكة تلقى بمن يكفر فى الجحيم حيث يراه الناس. لو شاء الله جل وعلا إكراه الناس فى الدين ما كان هناك إختبار فى هذه الدنيا ولن يكون هناك يوم للدين . ولو شاء الله لجعلنا روبوت بشرية تؤمن بالسليقة وتطيع بالغريزة ، وحينئذ لن يكون هناك إختبار فى هذه الدنيا ، ولن يكون هناك يوم للدين . ولكن الله جل وعلا شاء أن نكون أحرارا فى الايمان به أو الكفر به ، ونحن فعلا نمارس حريتنا هذه، ولهذا نحن مختلفون فى الدين ، ولهذا فإن يوم الدين هو الموعد الذى ينتظرنا جميعا فيما يخص الاختلاف فى الدين . وأى بشر يريد تأليه نفسه فى هذه الدنيا ليضطهد غيره فى الدين لا يستحق سوى الاحتقار !!.
2 ـ أكتب هذا المقال يوم الأربعاء الخامس من ديسمبر والأنباء تترى بهجوم عصابات الإخوان والسلفيين على الأحرار المصريين المعتصمين حول قصر الاتحادية مقر الرئيس الاخوانى محمد مرسى . وقد سبق وحذرنا كثيرا من خطورة الاخوان ودينهم الوهابى ، و كالعادة لم يلتفت لنا أحد . ولازلنا نحذّر منهم ومن ثقافتهم التى تشوّه الاسلام والتى تجعل الشاب المخدوع يهاجم إخوانه المصريين صارخا ( واسلاماه ) كما لو كان يحارب المغول والتتار.والحقيقة أن هؤلاء الاخوان لا يستحقون إلّا الإحتقار. وعندما اعتبرهم المصريون ممثلين عن الاسلام وحملوهم الى حكم مصر ظهروا على حقيقتهم أحقر الناس . وأؤكدها مرارا ، إنه لو إكتفى المصريوم بالانتصار على الاخوان والسلفيين سياسيا وتركوا دينهم الوهابى بدون مناقشة من داخل الاسلام فسيعود خطرهم أكبر مما كان ..وتذكروا هذا جيدا ..
3 ـ وأقولها متحملا مسئولية ما أقول أمام رب العزة يوم القيامة : إنهم الآن وبما يفعلون بمصر هم أسوأ من المنافقين الذين قال عنهم رب العزة : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ(12)( البقرة ).
4 ـ ودائما .. صدق الله العظيم ..!!