قوانين منحطة السمعة
الأحد, 16-05-2010 - 12:12السبت, 2010-05-15 19:06 | إبراهيم عيسى
-
مبارك حين صعد للحكم منذ ثلاثين عامًا شن حملة إلغاء علي ما أطلقت عليه المعارضة أيامها قوانين سيئة السمعة، وهي تلك القوانين التي اخترعها الرئيس أنور السادات - رحمه الله - كي يتمكن من أن يحكم حكمًا فرعونيًا واستبداديًا ولكن بالقانون!!.
هلل البعض للرئيس مبارك حين ألغي هذه القوانين تباعًا، لكن المدهش المضحك المبكي أن الرئيس مبارك نفسه هو أكبر حاكم في تاريخ مصر استخدم قوانين سيئة السمعة، بل إنه تفوق علي السادات مليون مرة في استخدام القوانين وتعديلاتها لتخدم حكمه المطلق الانفرادي الفرعوني الاستبدادي شبه الإلهي، فلم يتوقف مبارك منذ تولي الحكم عن إصدار قوانين سيئة السمعة ومسيئة للسمعة، بل منحطة السمعة!
ما نعيشه كل يوم في عصر مبارك هو ابتذال القانون، وهي ظاهرة لا ينفرد بها مبارك، لكنه ينفرد بالتوسع فيها والاستمرار بها والإكثار منها والإفراط في الاعتماد عليها، زمان أصدر قراقوش قانونًا يمنع أكل الملوخية ونزول النساء للشوارع وخروج المرأة من البيوت، وقد كان قانونًا لكن هل كان عادلاً؟ هل كان طبيعيًا؟ هل كان عاقلاً؟
بالطبع لأ.
وهو ما نحياه هذه الأيام المباركة من قوانين وتعديلات زي الرز، لكنها قوانين مشوهة ومستبدة وظالمة ولا تجبر أحدًا علي احترامها حتي لو أطاعها!
ابتذال القانون يبدأ من تفصيله وتصنيعه إلي تمريره وإقراره، وأخيرًا تنفيذه وتطبيقه!
أما تفصيل القوانين فهي مهمة ترزية من الخبراء الأوغاش وأغوات القوانين التي لم تعدمهم مصر في كل عصر، وهؤلاء هم مجموعة من كهنة المستبد الذين يعملون تحت أقدام مقعد الرئيس يؤلفون مواد في القوانين ويغيرون نقاطًا وحروفًا ويحذفون ويضيفون حتي يمنعوا عن الناس حقوقهم ويصوغوا للرئيس سلطاته المطلقة ويجمعوا في يد البوليس والدولة رقاب الناس وأعناق الأمة، ثم انحدرت المسألة إلي حد أنه أي قيادي في الحزب ممكن يصنع قانونًا يخدم مصالح شركته أو تجارته، ويمكن أن يتألف قانون في يومين خدمة أو مجاملة لواحد معرفة أو تتغير قوانين عشان خاطر مليونير مزنوق في صفقة!
ثم ابتذال أشد حين يتم تمرير هذه القوانين في دقائق بأغلبية مزورة ومزيفة وبإجماع، مصفقين مهللين يوافقون بغمزة العين ورفعة الرمش ورسالة علي المحمول، وكأن الأمة غائبة ومغيَّبة، غافلة أو مغفلة، تركت مصيرها في يد لصوص الشرعية!
أما مرحلة الابتذال الفادحة فهي في تنفيذ القانون وتفعيله علي النقاوة وعلي المزاج وحسب الهوي، فإذا سرق الشريف الغني صاحب السلطة والنفوذ والوساطة والمصاهرة تركوه، وإذا سرق الضعيف الغلبان أو المعارض المغضوب عليه طبقوا عليه الحد!
مصر تطبخ قوانين الآن علي طريقة إعلانات الوظائف التي تطلب شابًا من خريجي دفعة مايو 2007 ويبلغ من العمر خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام وعسلي العينين وأسود الشعر وعنده وحمة في خده الشمال وأول حرف من اسمه ميم وأول حرف من اسم والده عين وساكن في شارع الحجاز بمصر الجديدة وبواب عمارته اسمه شوقي والمفاجأة أنه عندما ينتهي رئيس اللجنة التشريعية من القراءة يقول رئيس المجلس: موافقة وألف مبروك الوظيفة يا ميمي!