ولا : 1ـ : ترك موسي وطنه مصر هاربا إلي مدين ، معتمدا على الله جل وعلا ، قائلا : "( عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ ). لم يكن لديه علم بما سيجرى له أو بالبلد الذى يتجه اليه ، إذ كانت أول مرة يخرج فيها للعالم الخارجى بعد أن بلغ أشده و استوى . كل سلاحه كان إيمانه بربه جل وعلا الذى علّمه :(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)(القصص14). كان متعبا جائعا بعد سفر طويل من الع&te;ناء والخوف واحتمال المطاردة . وكشأن أي إنسان متعب بحث عن الماء فوجد زحاما يبدو علي البعد فاتجه إليه وصدق ظنه ، فالزحام هو جمهور من الرعاة حول عين ماء يتزاحمون للسقيا ، وكل منهم يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يسبق غيره بغنمه وأنعامه ومواشيه ، ونظر موسي إلي ناحية فوجد فتاتين تكفان أنعامهما من الاختلاط بقطعان القوم ، ولفت نظره ما تفعلان ، فاتجه إليهما وسألهما عن السبب فقالتا له أنهما لن تسقيا أنعامهما العطشى حتي ينتهي الرعاة من السقيا ، وسألهما عمن يعاونهما فقالتا له إن اباهما شيخ كبير يعجز عن مساعدتهما ، وأخذته النخوة والشهامة فتولي عنهما سقاية أنعامهما، وودعهما ، وابتعد إلي ظل شجرة يشكو إلي الله تعالي الجوع والفقر والاحتياج. كان كل ما لديه هو الصحة والعافية ، وقد جاد بهما في مساعدة من لا يعرف ودون أن ينتظر أجرا ، وهو في جوعه وفقره أحوج الناس إلي حقه في الأجر ، ولكن رجولته وشهامته أبت عليه أن يسال الفتاتين أجرا أو حتي كسرة خبز تسد رمقه بعد سفر طويل بدون طعام ..
2 ـ في ذلك الوقت كانت الفتاتان قد رجعتا إلي أبيهما مبكرا علي غير العادة ، وقبل أن يسألهما شرحتا له حال ذلك الرجل الغريب الشهم الذي عاونهما وبكل أدب واحتشام ، وكيف أن حياءه منعه من أن يسأل حقه في الأجر ، وأن حياءهما منعهما من عرض الأجر عليه .. وأن دور الأب قد حان لمكافأة ذلك الغريب وإعطائه أجره .
3 ـ وبادر الأب بإرسال إحدى البنتين إلي موسي لتستدعيه إلي أبيها ليجزيه أجر السقيا ، وأتت الفتاة إلي موسي تحت الشجرة وهي تمشي علي استحياء ، كأن قلبها يحدثها أن المستقبل يدخر دورا لهذا الرجل الغريب في حياة تلك الأسرة الوادعة الطيبة ، وكانت تلك الدعوة لموسي استجابة فورية لدعاء موسي حين ناجي ربه قبلها بقليل قائلا : " رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ".
4 ـ وبينما كان موسي يسرع الخطا إلي بيت الرجل الصالح كانت الفتاة الأخرى تجهز له المائدة ، وكان الترحيب بموسي علي أشده ، وبعد الطعام أحس موسي بالاطمئنان لذلك الرجل الصالح فقص عليه قصة حياته منذ الولادة إلي الحياة المزدوجة بين قصر فرعون ومعيشة قومه المضطهدين إلي أن قتل المصري المعتدي خطأ حتي هرب ، ووصل إلي مدين ، وأحس الشيخ الصالح أن ذلك الشاب القوي يحمل بين جوانحه قلبا طاهرا يحتاج إلي الإحساس بالأمان بعد أن افتقد الإحساس بالأمان بين جنبات القصر الفرعوني الظالم ، والشيخ الصالح يستطيع بحبه وحنانه أن يعطي ذلك الشاب الطيب البيت الآمن والزوجة الصالحة والأسرة التي افتقدها ، وفي نفس الوقت يستفيد بوجوده معه ابنا وزوجا لابنته ورجلا يعوض ما ضاع من شبابه ومن حرمانه من الأولاد الذكور . هذا ما نتخيل أنه كان يدور في عقل الشيخ الصالح .
5 ـ أما الفتاة التي اصطحبت موسي إلي بيت أبيها فقد كان لها رأي آخر ، وبادرت بطرح هذا الرأي الذي أصبح مثلا وحكمة وأساسا من أسس الإدارة الناجحة قالت :" يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ". وجاء عرض الشيخ الصالح مزيجا من رغبته ومن اقتراح ابنته أن يتزوج موسي من إحدى الفتاتين وأن يكون الصداق استئجار موسي للعمل لديه ثماني سنوات ، فإن أتم عشر سنوات فذلك تطوع من عنده .
6 ـ ونعود إلي قول الفتاة الحكيمة : ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ): فالمقياس الإسلامي في اختيار من يتولى الإدارة أن يتمتع بصفتين أساسيتين القوة والأمانة . والقوة ليست مجرد القوة العضلية بل القوة في المعرفة وفي التخصص وفي أداء العمل علي أكمل وجه ، سواء كان ذلك العمل جسديا أو ذهنيا أو مكتبيا أو تجاريا . والأمانة هي التي تحصن القوة بالخير ، وتوجهها إلي صالح العمل ، وإلا كانت القوة في الشر وفي الخيانة والفساد والخداع ، ولذلك فإن من السهل علي بعض الأقوياء ومراكز القوي الاقتصادية حين ينسون الأمانة أن يتحولوا إلي مراكز شر تعصف بالمجتمع وتدمره وتدمر نفسها. الأمانة هي الإحساس بالمسئولية والضمير اليقظ كما أن القوة هي كل أنواع النبوغ والتخصص والكفاءات بمختلف أنواعها . والإدارة الحديثة تبحث عن الكفاءات الأمينة ، وتلك الكفاءات الصالحة هي عماد أي مشروع تجاري ناجح.
7 ـ وموسى عليه السلام اجتمعت فيه القوة و الأمانة . وتجلت فى موقف عفوى حين تقدم بالمساعدة لمن لم يعرف ، وحين تعفف عن طلب الأجر رغم حاجته الشديدة للأجر . كما نفهم أن رحمة الله جل وعلا قريب من المحسنين كما جاء فى كتابه الكريم . فموسى الذى تعفف عن سؤال الأجر من البشر سأل الله تعالى الأجر فقال بصيغة مؤثرة إنه فقير لأى خير ينزله ربه جل وعلا عليه . لم يحدد نوعية الخير ، وترك الطلب مفتوحا ، ربما كان يطمع فى مجرد كسرة خبز أو بضعة دراهم ، ولكن الخير جاء له بأكثر مما يتوقع ، وهو السكن والاقامة و الزوجة والبيت والعائلة التى تعطيه ما افتقده من أمن ، والتى تعوضه عن غربته عن وطنه واهله .
8 ـ ملامح هذه القصة مرشحة لأن تتراءى وأن تحدث لكل انسان فى غربته أو فى محنته . والدرس المستفاد هنا ان تكون امينا تفعل الخير لوجه الله جل وعلا دون ان تسأل الناس جزاءا ولا شكورا . حين تفعل الخير ابتغاء وجه الرحمن جل وعلا فإنه جل وعلا كما قال فى كتابه الكريم لا يضيع أجر من أحسن عملا . ويعجل لك الأجر فى الدنيا ولا يحرمك من أجر الآخرة، لو تمسكت بالحق والخير الى نهاية العمر.
9 ـ هذا بعض التدبر فى قوله جل وعلا : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ )( القصص 22 : ـ )
ثانيا : فماذا قال المفسراتية فى الآيات الكريمة ؟.
1 ـ ما يعرف بالتفسير هو استغلال علماء الدين الأرضى للقرآن الكريم لتسويغ أكاذيب دينهم الأرضى ونشر جهلهم الأزلى ، سواء فى التشريع أو حتى فى القصص. الافتراء والكذب على الله جل وعلا أسوأ ملمح فى كل الأديان الأرضية ، وبالافتراء و التكذيب العملى الصريح و الضمنى تعاملوا مع الكتب الالهية السماوية قبل القرآن ومع القرآن . غاية ما هنلك أن الله جل وعلا حفظ القرآن من تحريفاتهم وأكاذيبهم فلم تجد تلك الأكاذيب و التحريفات مكانا لها إلا فيما يعرف بالتفسير و الحديث وما يسمى بعلوم القرآن التى تطعن ـ فى معظمها فى القرآن الكريم. إن الله جل وعلا قد فضح أولئك الذين يفترون على الله كذبا ويكذبون بآياته فى أكثر من عشر آيات قرآنية ومع ذلك فإن تبعيتهم للشيطان والهوى جعلتهم يتجاهلون هذه الآيات الكريمة ، ويكفرون بمئات الآيات غيرها التى تجعل التكذيب و الكذب على الله جل وعلا و الكفر بآياته من أهم علامات الخاسرين يوم القيامة.
2 ـ وفيما يخص موضوعنا هنا عن ملمح من قصة موسى فان افتراءهم على الله جل وعلا جعلهم يسندون لأنفسهم علم الغيب الذى لم يعطه الله جل وعلا لخاتم المرسلين محمد عليهم السلام . إن الله جل وعلا بعد أن قصّ قصة موسى فى سورة القصص أكّد حقيقة معروفة أن محمدا عليه السلام لم يكن يعرف شيئا عن قصة موسى ، ولم يكن محمد موجودا حين نادى الله جل وعلا موسى فى جبل الطور فى سيناء ، يقول جل وعلا : (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون) ( القصص 44 : 46 ). وتكررت نفس الحقيقة بعد أن قصّ الله جل وعلا قصة نوح (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) ( هود 49 ) وبعد قصة يوسف (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) ( يوسف 102) وبعد قصة مريم (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ( آل عمران 44) خاتم النبيين لم يكن يعلم غيب الماضى أو غيب الحاضر فى وقته ، ولم يكن يعلم غيب المستقبل. أما شياطين الإنس من علماء الأديان الأرضية للمسلمين فقد أسندوا لأنفسهم علم الغيب فى الماضى والحاضر و المستقبل بما فيه علم الساعة وما سيحدث فيها. 3 ـ مرة أخرى فيما يخص موضوعنا هنا عن قصص الأنبياء ، فهناك تفصيلات تركها رب العزة لأن منهج القصص القرآنى هو فى التركيز على العبرة ، ومن أجل هذا تتحرر القصة القرآنية من أسر الزمان والمكان والأشخاص لتظل عظة سارية المفعول فوق الزمان والمكان والأشخاص . فيما يسمونه بالتفسير انصب جهد شياطين الإنس من علماء الأديان الأرضية للمسلمين على صناعة أحداث وافتراء أقوال وصياغة أسماء للشخصيات ، كلها اخترعوها من أدمغتهم ، فلم يكونوا حاضرين وشهودا وقت حدوث تلك الأحداث ، ولم تكن لديهم مصادر مكتوبة سابقة ينقلون عنها تلك الأحداث . كلها أكاذيب مخترعة اختراعا. أو بمعنى آخر فإذا كان الله جل وعلا قد أكّد أكثر من مرة بأن محمدا عليه السلام لم يكن موجودا حاضرا فى تفاصيل تلك الأحداث ولم يكن يعلم غيب الماضى فإن تلك الشياطين الإنسية تزعم معرفتها بما لم يكن يعرفه خاتم المرسلين ، وتزعم وجودها هناك وقت الأحداث فتخبر عن تفصيلات وتقولها عن جهل فاضح ، مع أنه لا يعلم هذا الغيب إلا الله جل وعلا. 4 ـ وحتى لا يتهمنا بعضهم بالتجنى هيا بنا ننقل بعض ما كتبه القرطبى فى تفسيره : ( الجامع لأحكام القرآن ) ، ونعلق عليه : ثالثا : 1 ـ يقول القرطبى فى تفسير :(الآية رقم (20 : 22 ){وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بكليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين، فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القومالظالمين، ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل } قوله {وجاء رجل}قال أكثر أهل التفسير: هذا الرجل هو حزقيل بنصبورا مؤمن آل فرعون، وكان ابن عم فرعون؛ ذكره الثعلبي وقيل: طالوت؛ ذكره السهيليوقال المهدوي عن قتادة: شمعون مؤمن آل فرعون وقيل: شمعان؛ قال الدارقطني: لايعرف شمعان بالشين المعجمة إلا مؤمن آل فرعون وروي أن فرعون أمر بقتل موسى فسبق ذلكالرجل بالخبر؛ فـ {قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك}أي يتشاورون في قتلكبالقبطي الذي قتلته بالأمس). هنا إفتروا أسماء مختلفة للرجل الذى نصح موسى بالهرب خشية أن يقتله ملأ فرعون . فهل كانوا يعرفون اللغة الهيروغليفية ؟ والمضحك أنهم اختاروا له أسماء توراتية . ثم اخترعوا رواية تزعم أن فرعون هو الذى أصدر أمرا بقتل موسى لأنه قتل الرجل المصرى . ولأنها أكاذيب فهم يختلفون فيها ، كل يكذب كما يحلو له ، ويتم تسجيل أقوالهم كأنها حق مطلق ـ مع اختلاقها واختلافها . 2 ـ ( قوله {ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواءالسبيل}لما خرج موسى عليه السلام فارا بنفسه منفردا خائفا، لا شيء معه من زاد ولاراحلة ولا حذاء نحو مدين، للنسب الذي بينه وبينهم؛ لأن مدين من ولد إبراهيم، وموسىمن ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم؛ ورأى حاله وعدم معرفته بالطريق، وخلوه من زادوغيره، أسند أمره إلى الله تعالى بقوله {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}وهذهحالة المضطر.) قلت: روي أنه كان يتقوت ورق الشجر، وما وصل حتى سقط خف قدميه قالأبو مالك: وكان فرعون وجه في طلبه وقال لهم: اطلبوه في ثنيات الطريق، فإن موسىلا يعرف الطريق فجاءه ملك راكبا فرسا ومعه عنزة، فقال لموسى اتبعني فاتبعه فهداهإلى الطريق، فيقال: إنه أعطاه العنزة فكانت عصاه ويروى أن عصاه إنما أخذها لرعييالغنم من مدين وهو أكثر وأصح قال مقاتل والسدي: إن الله بعث إليه جبريل؛ فاللهأعلم. وبين مدين ومصر ثمانية أيام؛ قال ابن جبير والناس وكان ملك مدين لغيرفرعون.) هنا إفتراء يجعل قوم مدين من ذرية ابراهيم عليه السلام. ثم يفترى القرطبى نفسه الكذب فيزعم أن موسى كان يأكل ورق الشجر ، ويروى أكاذيب أخرى تجعل فرعون يرسل جندا لمطاردة موسى ، وتزعم أن ملكا من السماء نزل لارشاد موسى يركب فرسا ويصطحب معه عنزة . وتجرأ بعضهم فقال ان ذلك هو جبريل . أى إن افتراءتهم لم تقتصر على الأرض بل وصلت للملأ الأعلى فى السماء. 3 ـ ( الآية رقم ( 23 : 28 ) قوله {ولما ورد ماء مدين}....وقيل: قبيلة من ولد مدين بن إبراهيم؛ ...قالت فرقة: كانتالآبار مكشوفة، وكان زحم الناس يمنعهما، فلما أراد موسى أن يسقى لهما زحم الناسوغلبهم على الماء حتى سقى، فعن هذا الغلب الذي كان منه وصفته إحداهما بالقوة . وقالتفرقة: إنهما كانتا تتبعان فضالتهم في الصهاريج، فإن وجدتا في الحوض بقية كان ذلكسقيهما، وإن لم يكن فيه بقيه عطشت غنمهما، فرق لهما موسى، فعمد إلى بئر كانت مغطاةوالناس يسقون من غيرها، وكان حجرها لا يرفعه إلا سبعة، قال ابن زيد ابن جريج:عشرة ابن عباس: ثلاثون الزجاج: أربعون؛ فرفعه وسقى للمرأتين؛ فعن رفع الصخرةوصفته بالقوة . وقيل: إن بئرهم كانت واحدة، وإنه رفع عنها الحجر بعد انفصال السقاة،إذ كانت عادة المرأتين شرب الفضلات. روى عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب أنهقال: لما استقى الرعاة غطوا على البئر صخرة لا يقلعها إلا عشرة رجال، فجاء موسىفاقتلعها واستقى ذنوبا واحدا لم تحتج إلى غيره فسقى لهما. إن قيل كيف ساغ لنبي الله الذي هو شعيب صلى الله عليه وسلم أن يرضىلا بنتيه بسقي الماشية ؟ قيل له: ليس ذلك بمحظور والدين لا يأباه؛ وأما المروءةفالناس مختلفون في ذلك، والعادة متباينة فيه، وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم،ومذهب أهل البدو غير مذهب الحضر، خصوصا إذا كانت الحالة حالة ضرورة. ) هنا تأكيد على نفس الافتراء بأن ( مدين ) هو ابن ابراهيم عليه السلام ،وأن تلك البلدة تنتمى الى خليل الله ابراهيم . واختلفت الروايات الكاذبة فى الكيفية التى سقى فيها موسى ماشية البنتين ، ولكن الجهل الفاضح هنا هو أنه يجعل الرجل الصالح والد الفتاتين هو نبى الله شعيب ، يقول: (إن قيل كيف ساغ لنبي الله الذي هو شعيب صلى الله عليه وسلم أن يرضىلا بنتيه بسقي الماشية ) 4 ـ ونعود الى المزيد : (قوله {ثم تولى إلى الظل}تولى إلى ظل شجرة ، قاله ابن مسعود ..{إني لما أنزلت إلي من خير فقير}وكان لم يذق طعاما سبعةأيام، وقد لصق بطنه بظهره؛ .. قالابن عباس: وكان قد بلغ به الجوع، وأخضر لونه من أكل البقل في بطنه، لإنه لأكرمالخلق على الله ويروي أنه لم يصل إلى مدين حتى سقط باطن قدميه .) قوله {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء}في هذا الكلام اختصاريدل عليه هذا الظاهر؛ قدره ابن إسحاق: فذهبتا إلى أبيهما سريعتين، وكانت عادتهماالإبطاء في السقي، فحدثتاه بما كان من الرجل الذي سقى لهما، فأمر الكبرى من بنتيه- وقيل الصغرى ـ أن تدعوه له، {فجاءت}على ما في هذه الآية قال عمر وابن ميمون:ولم تكن سلفعا من النساء، خراجة ولاّجة وقيل: جاءته ساترة وجهها بكم درعها؛ قالعمر بن الخطاب وروي أن اسم إحداهما ليا والأخرى صفوريا ابنتا يثرون، ويثرون وهوشعيب عليه السلام وقيل: ابن أبي شعيب، وأن شعيبا كان قد مات وأكثر الناس علىأنهما ابنتا شعيب عليه السلام وهو ظاهر القرآن، قال الله تعالي{وإلى مدين أخاهمشعيبا}كذا في سورة الأعراف}وفي سورة الشعراء}كذب أصحاب الأيكةالمرسلين إذ قال لهم شعب} قال قتادة: بعث الله تعالى شعيبا إلىأصحاب الأيكة وأصحاب مدين وقد مضى في الأعراف}الخلاف في اسم أبيه فروي أن موسىعليه السلام لما جاءته بالرسالة قام يتبعها، وكان بين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال،فهبت ريح فضمت قميصها فوصفت عجيزتها، فتحرج موسى من النظر إليها فقال: أرجعي خلفيوأرشديني إلى الطريق بصوتك وقيل: أن موسى قال ابتداء: كوني ورائي فإني رجلعبراني لا أنظر في أدبار النساء، ودليني على الطريق يمينا أو يسارا؛ فذلك سبب وصفهاله بالأمانة؛ قال ابن عباس فوصل موسى إلى داعيه فقص عليه أمره من أوله إلى آخرهفآنسه بقوله {لا تخف نجوت من القوم الظالمين}وكانت مدين خارجة عن مملكة فرعونوقرب إليه طعاما فقال موسى: لا أكل؛ إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهبا؛فقال شعيب: ليس هذا عوض السقي، ولكن عادتي وعادة أبائي قرى الضيف، وإطعام الطعام؛فحينئذ أكل موسى.) هنا يتكرر نفس الافك فى وصف جوع موسى ومعاناته كما لو كانوا يسايرونه فى الطريق . ويتكرر الافك بصناعة أسم لكل بنت ، وكالعادة يختلفون فيما يختلقون من أكاذيب ، ولكن المضحك هو ذلك السيناريو الذى تخيله الراوى المجهول وهو يحكى سير موسى خلف الفتاة ليقابل أباها ، فيفترى أن الريح هبت فضمت الفتاة قميصها على جسدها فأظهرت ( عجيزتها ) لموسى ، فطلب منها موسى أن يسير أمامها و ليس خلفها وأن تدله على الطريق بصوتها .! وقال لها : إنه رجل عبرانى ( يهودى ) لا ينظر الى مؤخرات النساء ، فأعجبت به الفتاة ووصفته بالأمانة . إفتراءات ساخنة وكوميدية تغرى بالتعليق الساخر . ولكن نمسك القلم عنه بسبب قضية الجهل الذى يصاحب هذا الافك ، ونقصد به إصرار القرطبى على جعل والد الفتاتين هو النبى شعيب . 5 ـ يقول القرطبى عن الرجل الصالح فى تلك القصة : (إن قيل كيف ساغ لنبي الله الذي هو شعيب صلى الله عليه وسلم أن يرضىلا بنتيه بسقي الماشية ) .ويقول أيضا(وأكثر الناس علىأنهما ابنتا شعيب عليه السلام وهو ظاهر القرآن، قال الله تعالي{وإلى مدين أخاهمشعيبا}كذا في سورة الأعراف}وفي سورة الشعراء}كذب أصحاب الأيكةالمرسلين إذ قال لهم شعب} قال قتادة: بعث الله تعالى شعيبا إلىأصحاب الأيكة وأصحاب مدين وقد مضى في الأعراف} ) وهذا جهل فاضح خصوصا حين يقول (وأكثر الناس علىأنهما ابنتا شعيب عليه السلام وهو ظاهر القرآن ). وظاهر القرآن عندهم أن الله تعالى ذكر ( مدين ) فى قصة موسى وفى قصة شعيب ، فافترضوا أنهما نفس المدينة و فى نفس الزمن ، ودون تدبر للسياق القرآنى ـ كعادة للمفسراتية ـ خلطوا بين القصتين وجعلوا الرجل الصالح فى قصة موسى هو نفسه النبى شعيب . هنا يقترن الجهل بالافك . وبالتدبر القرآنى يتضح الآتى : 5 / 1 : من حيث الزمان هناك قرون تفصل بين عصر موسى وعصر النبى شعيب عليهما السلام . ففى سور الأعراف وهود والشعراء والعنكبوت تأتى قصة شعيب بعد قصة لوط : ( الأعراف 85 : 93 ) ( هود 84 : 95 ) ( الشعراء 176 : 191 )( العنكبوت 36 : 37 ) ومفهوم من السياق فى القصص القرآنى ان الأقدم هى قصة نوح ثم قصة هود وقومه عاد ثم قصة صالح وقومه ثمود ثم قصة ابراهيم وابن أخيه لوط ثم قصة شعيب وقوم مدين .ثم قصة اسماعيل واسحاق ابنى ابراهيم ، ثم قصة يعقوب بن اسحاق أو اسرائيل ، ثم يوسف بن يعقوب الذى انتهى أمره الى مصر و استقدم أباه يعقوب وأهله واخوته ، ثم تكاثر أبناء يعقوب أو اسرائيل فى مصر ، وبعد قرون أصبحوا إثنتى عشرة قبيلة ، وتعرضوا لاضطهاد ال فرعون ، وهنا ظهور موسى ، بعد شعيب بقرون طويلة . وشعيب كان يحذّر قومه من أهل مدين أن يحل بهم التدمير والاهلاك الذى حلّ بالأمم السابقة التى كذبت الأنبياء ، وكان أقربهم زمنا النبى لوط ، قال شعيب لقومه :(وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ)( هود 89 ).أى كان قوم لوط أقرب زمنا لقوم شعيب ومدين التى كانت وقتها . ومعلوم أن لوطا هو ابن أخ ابراهيم عليه السلام ، وهناك عشرات الأجيال بينه وبين موسى. 5 / 2 : ومدين شعيب تم تدميرها واهلاكها ، فهى من الأمم البائدة المذكورة فى القرآن الكريم ، وعن هلاكها يقول جل وعلا : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ) ( الأعراف ـ : 93 ) أى أخذ شعيب يندب قومه بعد هلاكهم ، ويقول جل وعلا عنهم (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ) ( هود ـ : 95 ) ، ويقول جل وعلا أيضا (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )( الشعراء ـ : 191 ) (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) ( العنكبوت 36 : 37 ).أى تم اهلاكهم فى حياة النبى شعيب ، قبل عصر موسى بقرون طويلة . 5 / 3 : ثم ظهرت مدين أخرى فى عصر موسى ، يتضح الفارق بينها وبين مدين القديمة الهالكة البائدة ، مدين النبى شعيب . مدين البائدة كانت مدينة تجارية ثرية رأسمالية تحترف الفساد وطرق الاحتيال و الغش فى الميزان فى التعامل مع الواردين اليها ، ولو كانت موجودة فى عصر موسى ما اتجه اليها وتلك طريقتهم فى استغلال وامتهان المارين بها و الوافدين عليها . وبلغ فسادهم هذا الى درجة أن يبعث الله جل وعلا تركزت دعوته لهم على مراعاة الأمانة فى التعامل التجارى . وبهذا تميزت دعوة شعيب : (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( الأعراف 85 : ـ ) (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ( هود 84 : ـ ) (كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ )( الشعراء 176 : ـ ). 5 / 4 : و ( القرية ) فى المصطلح القرآنى تعنى المجتمع الذى تتكون فيه دولة ونظام حكم ، وقد تتبعها عدة مدن ( يس 13 ، 20 )، وقد كانت مدين شعيب دولة بنظام حكم ، يقول جل وعلا عن أهل مدين أنهم هددوا شعيبا بالطرد من قريتهم أو دولتهم: (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا)( الأعراف 88 ) وكان الحكام هم الملأ المستكبر بينما كان العوام هم الواقعون تحت تأثير ونفوذ الملأ المتحكم : (وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ)( الأعراف 90 ) 5 / 5 : مدين الأخرى فى عهد موسى لم تكن مدينة بل قبيلة بدوية تتجول فى الصحراء فى شرق سيناء ، أهلها رعاة مسالمون بدليل أن موسى اتجه اليهم فى خوفه وهربه . لم يكونوا دولة ـ ولم تتكون لهم دولة أو نظام حكم وإلا كان سيكون تحت تأثير وسيطرة فرعون مصر العاتى الذى استكبر فى الأرض وزعم أنه ربهم الأعلى . لذا نرى دقة التعبير القرآنى عن طبيعتهم البدوية الصحراوية فى قوله جل وعلا : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ )..أى توجه ناحية قبيلة مدين ومضاربها ، ومكان الوصول اليهم هو البئر التى يستسقون منها ، لذا فإن التوجه تلقاء قبيلة مدين يعنى التوجه الى بئر قبيلة مدين . أما مضاربهم ففى مكان آخر ، لذا سار موسى مع الفتاة للقاء أبيها فى مكان آخر . الله جل وعلا لم يذكر اسم ذلك الرجل الصالح والد الفتاتين . ولكن صار نبيا بسبب جهل المفسراتية وأكاذيبهم . آخر السطر : كلام المفسراتية فى القرآن خيانة مرفوعة الرأس .
هذه المقالة تمت قرائتها 595 مرة
|
التعليقات (5) |
[47552] تعليق بواسطة عابد اسير - 2010-05-02 |
شكرا أستاذى ولى سؤال
|
أستاذى الفاضل
|
[47555] تعليق بواسطة خـــالد ســالـم - 2010-05-02 |
((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))
|
حقيقة قرآنية مؤكدة يقول تعالى((((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))العنكبوت : 69
|
[47556] تعليق بواسطة خـــالد ســالـم - 2010-05-02 |
لماذا يصر هؤلاء على أن خاتم النبيين عليهم السلام يعلم الغيب الماضي والحاضر والمستقبل
|
من خلال ما وضحه الدكتور منصور فى هذه القصة أستشف سببا رئيسيا وراء الاصرار المستمر لمعظم أو كل المفسرين على أن خاتم الأنبياء والمرسلين يعلم الغيب فى الماضي والحاضر والمستقبل وهنا ندخل فى موضوع الأمانى والتمنى عند المسلمين لو أسبتوا هذه الحقيقة حقية علم الغيب للنبي بمعنى انه يعلم الغيب عن السابقين ودللوا على ذلك وصدق الناس إذن من العادى أن ينسبوا له عليه السلام علم غيب المستقبل وهو الأهم عندهم لأن الماضي لا منفعه من وراءه إلا أنه يساعدهم فى سهولة تصديق أن خاتم النبيين يعلم الغيب المستقبلى من علمه بميعاد الساعة والعشرة المبشرين بالجنة ومن سيدخل الجنة ومن سيدخل النار والشفاعة وكيفية الحساب وأن الحساب سيكون مناصفة بينه وبين ربنا جل وعلا تعالى علوا كبيرا عن ذلك وأمور غيبية مستقبلية لكنها ترتبط ارتباطا وثيقا بأمانى وأمنيات يتمناها هؤلاء ويريدونها أن تكون حقيقة لا كذب فهم دائما ما يفسرون القرآن بهذه الطريقة وصولا لهدف معين مرتبط بعقيدة الأمانى عند المسلمين .
|
[47580] تعليق بواسطة فتحي مرزوق - 2010-05-03 |
|
سورة يوسف تمثل سهولة ويسر القرآن الكريم ومع ذلك فإن المفسرين حاولوا إفسادها بكل ما أوتوا من وحي شيطاني .. فعندما أقرأ مثلا عن الرجل المؤمن الذي هو من آل فرعون لا يهمني إسمه أو عنوانه أو لونه إنما ما يهمني هو موقفه مع الحق وكيف أنه تصدى للدفاع عن الحق معرضا حياته للخطر متحديا فرعون وهامان وجنودهما وكيف أن هذا الرجل كان متشربا لدعوة يوسف عليه السلام ، ولكن المفسرسن كالعادة لا يهمهم كل هذا ‘إنما يهتمون بتفاصيل ليس لها قيمة وهم بذلك يحاولون إيصال رسالة مفادها أن القرآن ناقص لأنه لم يحوي على هذه التفاصيل التي أضافوها ..ولهذا فإن هؤلاء المفسرين لا يكتفون بالقرآن الكريم ( {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }العنكبوت51)
|
[47583] تعليق بواسطة احمد صبحي منصور - 2010-05-03 |
شكرا لكم واقول
|
1 ـ يقول جل وعلا : ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ( الشعراء 105 ). قوم نوح لم يروا سوى رسول واحد هو نوح ، وكل الرسل الباقين جاءوا فيما بعد من ذرية نوح . ولكن قوم نوح حين كذبوا رسالة نوح فقد كذبوا كل الرسالات وكل الرسل لأن كل الرسالات السماوية تقول ( لا اله إلا الله ). ولذك تكرر فى سورة الشعراء نفس النسق : ( كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ) ( الشعراء 123 ) ونفس الحال مع ثمود واخيهم صالح . فمن يكذب برسالة سماوية إنما يكذب بكل الرسالات وكل الرسل .
|