فى إستجابة فورية لطلب مصر ، تعقد جامعة الدول العربية بعد ظهر اليوم السبت ، إجتماعا إستثنائيا لوزراء الخارجية العرب ، لمناقشة الوضع المأسوى فى غزة ، ولاسيما بعد التصعيد الإسرائيلى ، وقصف المناطق السكنية المكتظة بالسكان المدنيين ، مما أسفر عن إستشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينين الأبرياء ومعظمهم من الأطفال والشيوخ .
أتمنى أن تتمخض مناقشات وإجتماع وزراء الخارجية العرب ، عن قرارات فعالة ، بعيدا عن الشجب والتنديد ، والدعم الصورى ، وأن تبتعد القرارت عن التوازنات السياسية المعتادة ، وألا تقتصر على مناشدة المجتمع الدولى على مطالبة إسرائيل بوقف العدوان فورا ، والعودة إلى مائدة المفاوضات ، والإسراع إلى إنهاء ملف المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية ، وتخصيص مبلغ هزيل لضحايا العدوان الإسرائيلى ، وغيرها من القرارات التى "لاتسمن ولاتغنى من جوع " بل أصبحت تشجع إسرائيل على مواصلة عدوانها ، بعدما إستشعرت الضعف العربى ، وأيقنت أن الخلافات العربية العربية أصبحت مرضا مزمنا ، بل قد تؤدى القرارت " الكرتونية " لوزراء الخارجية العرب فى إجتماعهم بالجامعة العربية ، إلى توسيع نطاق العدوان الإسرائيلى على غزة ، وقد تكون بداية لحرب برية ، تؤدى إلى مزيد من القتل والخراب والدمار لقطاع غزة المنكوب ، وزيادة ألام وجراح الفلسطينين هناك .
أتمنى من الجامعة العربية أن تأخذ قرارات غير تقليدية ، من أجل وقف العدوان الإسرائيلى الغاشم ، وردع إسرائيل ، مثلما فعلت مصر ، عندما قررت سحب سفيرها فى إسرائيل عاطف سيد الأهل ، عقب العدوان ، بل وقامت بمايشبه طرد للسفير الإسرائيلى فى القاهرة ،كما أن إن الدكتور هشام قنديل سافر إلى غزة امس ، على رأس وفد مصرى كبير ، وهى أول زيارة لمسؤول مصرى كبير إلى القطاع منذ سنوات ، وبالطبع فإن مغزى تلك الزيارة التى تتم تحت نيران القصف الإسرائيلى كبير جدا ، ولاتدل على التضامن فقط مع الغزاويين ، ولكن قد تمنع تلك الزيارة الإجتياح الإسرائيلى البرى المرتقب لغزة ، كما نظمت أمس مظاهرة كبيرة فى ميدان التحرير تحت شعار " ميونية نصرة غزة " والى طالبت الدول العربية بفتح باب الجهاد وإرسال المتطوعيين لمساندة مسلمى غزة ، وزيادة المساعدات إلى القطاع ، ورفع الحصار نهائيا عن أهالى غزة البؤساء .
وأتمنى أن تصدر الجامعة العربية قرارا موحدا بكسر الحصار عن قطاع غزة ، وزيادة المساعدات الإنسانية للقطاع ، وإقامة مشروعات إستثمارية عربية هناك ، وتمويل عمليات التعمير فى مختلف مدن القطاع ، من أجل توفير فرص عمل للفلسطينين هناك ، وضمان معيشة كريمة لهم ، فلايجب أن يعامل العرب سكان غزة وكانهم كلهم من تنظيم حماس ، وبالتالى يغضون الطرف عن ضرب المدنيين الإبرياء ، من أجل سقوط حكومة حماس .
ولايجب أيضا أن نعتبر حماس تخطط للزحف على سيناء ، بعد ان نبيع لهم أراضينا ، وبالتالى يكون الحل هو أن نترك إسرائيل لتدك قطاع غزة ، من أجل أن تخلصنا من حماس ولاسيما أن البعض يعتبر الإعتداء على غزة يهدف إلى توريط الجيش المصرى فى الدفاع عنها ، تمهيدا لتصفيته بعد ذلك – كما يدعى بعض قليلى الخبرة والذكاء - وكإن حماس بسبب خلاف البعض معها أصبحت إسرائيل البديلة !!
ويبقى السؤال :لماذا صعدت إسرائيل فى عدوانها على غزة بعد أن أعلن الرئيس الفلسطينى امام الجامعة العربية الأسبوع الماضى ، إنه سيعلن فى نهاية الشهر الحالى إن فلسطين ستكون دولة بصفة مراقب فى الامم المتحدة ؟!
الموضوع أكبر من تصفية حسابات مع حماس فى غزة ، لإن الهدف الأكبر هو تصفية القضية الفلسطينة ، وليس تصفية حماس ، ويجب أن يعى ذلك المصريين والعرب معا ذلك ، ولايجب ان ينسانا الخلاف السياسى مع حماس ، تلك الحقيقة ، ولايجب أن نغض الطرف عما يحدث فى غزة نكاية فى حكومة حماس ، لان ليس كل سكان أهل غزة "حمساويين " أو إخوان مسلميين ، ولايجب أن يصمت البعض صمتا مريبا على " حرق غزة " لأن تلك النيران " الصهيونية " ستحرقنا جميعا ، ولن تفرق بين اليساريين والسلفيين ، ولا بين الليبراليين والحمساويين.
حمدى البصير