اليوم نكمل ونقول عن عادات أهل الواحات في العلاج الشعبي للأمراض عندهم ومما كانوا يمارسونه في عاداتهم وحتى أيامنا هذه:
عُقَد السدايدة:
السدايدة هم جماعة نوبيون من الفقراء وقد أطلق عليهم في هذه الأيام وحديثاً (جماعة النوبة) ولكي ينضم إليهم أي عضو جديد لابد من أن يأخذ عهداً من ولي (وكيل) ـ أحمد البدوي ـ وهو أكبر المجموعة سناً ، وكانوا يطوفون بلاد الخارجة في المواسم المتخلفة للحصاد (تسول بإسم الدين) وأيضا يطوفون في موسم الحج والمناسابات الدينية المختلفة، وذلك (لجمع العوايد).
ويسير مجموعهم حاملين علماً أخضراً مكتوب عليه لاإله إلا الله وأسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، ويضعون هذا العلم أمام كل منزل ويظلون ينشدون على عُدتهم المكونة من (طبلة ورق وباز) حتى يخرج أهل البيت (ويعطونهم العوايد) .
وكانت العادة أنه إذا كان هناك طفل مريض يخرج أهل بيته ويعطون البلح والقمح ويُعِدون الطعام والشاي لهذه المجموعة نظير أن تقوم هذه المجموعة الصوفية المتسولة بعمل عُقَد من خيط علمهم معقود سبع عقدات ويربطونه في ذراع الطفل وعند كل عقدة يقولون : "ومن شر النفاثات والجان"
وكان هؤلاء السدادية يُطلبون للإنشاد في مناسبات مختلفة، فإذا كان أحد من أهل البلدة لديه مشكلة أو ينتظر عودة غائب يأتي بهؤلاء السدايدة لينشدوا في منزله ، وكان الأهالي ينذرون لهم خروفاً أو جدي إذا تم شفاء المريض خاصتهم أو عاد الغائب عنهم ، ويقوم كبير السدايدة بتقسم لحم النذر عليهم،.
والغريب في هذه الجماعة أنه عندما يموت أحدهم لايبكون عليه وإنما يطبلون خلف النعش قائلين "لا إله إلا الله" فيرد المُعَزين "مولانا يا مولانا"!!.
أربع أيوب: ـ أو (رعرع أيوب):
ويكون يوم الأربعاء السابق لعيد الفصح لدى المسيحيين ويقوم أهل الواحات جميعاً بالاستحمام بالرعراع وهو نبات منتشر على جسور الأراضي وله رائحة طيبة (نبات البرنوف في عند أهل الدلتا) لأن هناك اعتقاد قديم لدى المصريين عامة أن هذا النبات هو الذي شفى سيدنا أيوب من أمراضه عندما استحم به، ويعتقدون أن من يستحم بماء الرعراع لايصيبه مرض طوال العام.
ويختلف هذا الاحتفال في بلدة القصر بالداخلة قليلاً حيث يستحمون بالعين ويدلكون أجسامهم بالرعراع ويطلقون على الرعراع في بعض المناطق اسم (الغلبة).
خميس العدس:
وهو في الديانة المسيحية يسمونه خميس العهد وهو الذي اجتمع فيه المسيح مع تلامذته وأخذ معهم العشاء الرباني الأخير وعند عامة المصريين يسمونه خميس العدس، حيث يطبخ النصارى العدس المصفى ويهادون به جيرانهم المسلمين، مع البيض والسمك ويتم فيه المقامرة بالبيض وشراء السلاحف،لاعتقادهم بأنها تطرد الشيطان، من البيت، ويُطلق في هذا اليوم البخور ويخطونه سبع مرات مع البصق على الشيطان في كل مرة، لصرف المرض والكسل والعين الحسودة، وكانت النساء تخرج مختلطة بالرجال في هذا اليوم ويحدث فيه مشاكل كثيرة نتيجة لذلك، وللمقامرة بالبيض، والبعض كان يطبخ العدس ويرمي به أهل البيت ويقول :خذ عشاك لا هَناك".!
أما العلاج بالأعشاب:
فكان هو الوسيلة الأكثر فلاحاً في علاج الأمراض، رغم أن استخدام الأعشاب بطريقة عشوائية كان قد يضر أحياناً أكثر مما يفيد، ولكنه كان الوسيلة الوحيدة المتاحة قبل وصول الأطباء للواحات في أوائل القرن العشرين.
فقد برع الواحاتيون القدامى في التجبير والعلاج الشعبي للكسور حيث كانوا يأتون ببيض وعجينة عدس وشعر معزة ويقوم المجبراتي برد الكسر بيده ويلف حوله طابات من جريد النخل ويلف عليه العجينة من المواد السابقة وفوقها قطعة قماش.
ولعلاج ضغط الدم كانوا يقومون بالحجامة والشراطة والقصر وهى علاجات عربية موروثة ويفضلون عملها يوم الثلاثاء.!
حجر الـــحد:
ويُقصد بالحد يوم الأحد، حيث تقوم السيدات اللاتي لا تُنجبن بشحت الغلال والعدس والريحان وتبيتهم في المياة وفجر يوم الأحد تقوم بإلقاء هذه الحبوب على الحجر الموجود عند الناضورة بمدينة الخارجة بالقرب من الشيخ صبيح،حيث يعتقدون أن قدم الرسول وعكازه موجودة في هذا المكان.!.
حرامي الشيخ صُبيح:
يوجد مقام الشيخ صبيح قبلي الناضورة بالخارجة وقد قام محافظ الوادي الجديد السابق "عزت السيد" بعمل مسجد كبير بجواره،وكان يتم عمل مولد كبير له سنوياً تقام فيه ليالي الذكر،ومقام الشيخ صبيح بنيّ فوق منطقة مرتفعة، ويعتقد أهالي الخارجة منذ القدم في سره الباتع.
ويحكى أنه كان هناك أحد الرجال يريد سرقة تمر أحد النخيل وصعد ولم يستطع النزول من فوق النخلة حتى جاء الناس جميعاً وشاهدوه فقام أحد الرجال بقراءة الفاتحة للشيخ صبيح للتقرب له وما انتهت الفاتحة حتى استطاع الرجل السارق أن يحرك جسمه وينزل من فوق النخلة وكانت هذه الواقعة عام 1940تقريباً.
بركات الشيخ سعيد:
من المشايخ المشهورة بالخارجة أيضاً الشيخ سعيد ويعتقد في بركاته أهل الخارجة فإذا أراد أحدهم أن يُقضي له حاجة ..نذر أي شئ للشيخ سعيد كعمل ليلة ذكر للشيخ سعيد أو ذبح خروف أو ما شابه ذلك وعندما تُقضى حاجته يُوفِ بالنذر وتُقدم الذبائح للدراويش أو للجماعة النوبية التي سبق الحديث عنها.
وكان البعض يَنذر بكسوة لضريح الشيخ سعيد إذا أنجبت زوجته بعد عقم.