خاتمة كتاب ( المجتمع المصرى ..فى عصر قايتباى )

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٢ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أوّلا :

وبعد ..فقد إخترنا من السلاطين المماليك أعدلهم وأكثرهم إنصافاً وتديناً وأخلاقاً، وهو السلطان قايتباى. واخترنا للحديث عنه مؤرخاً قاضياً عايش العصر وأسهم في الأحداث وكتبها من موقع المشاهدة والمعاصرة والمعاينة، وكان بذلك ممثلاً لفئة القضاة والفقهاء الذين يدخلون على السلطان مع انحداره ــ أى إبن الصيرفى ـــــ من التربية الشعبية المصرية. ومع هذا وذاك عشنا في نبض المجتمع المصري نجلّى حياته اليومية فى ظلّ التطبيق العملى للشريعة السّنية في فترة غامضة شديدة الغموض من تاريخه، وهى الربع الأخير من القرن التاسع الهجرى،التى أقفرت من عظماء المؤرخين كالمقريزى وابن حجر العسقلانى . ونحاول الآن أن نلقي نظرة عامة على فلسفة الحكم المملوكي فى تطبيقه للشريعة السّنية من خلال أكثر سلاطينه تديناً ومن خلال ما كتبه المؤرخ القاضى ابن الصيرفي.. وما ينطبق على أكثر السلاطين المماليك في العدل لابد أن ينطبق بالتالى على غيره ممن كانوا أقلّ منه تدينا وأكثر منه ظلماً وفجوراً، ثم يتبقي لنا من ذلك العصر المملوكي العبر والعظة والدروس، وتلك هى ثمرة علم التاريخ.

الدولة المملوكية دولة دينية سنية عسكرية  

1 ــ المعروف أنها دولة نظام عسكري أجنبي احتكر وحده حمل السلاح والدفاع عن احتكاره للسلطة ضد الطامعين في الخارج والداخل، وعلى أساس كفاءته الحربية تمكن المماليك من انتزاع الملك من سادتهم الأيوبيين،ووطّدوا سلطانهم في مصر والشام بالقضاء التام على أكبر قوتين وهما المغول والصليبيين، ثم وأدوا حركات الأعراب القوة الداخلية الوحيدة المؤهلة لحمل السلاح، وامتدت دولة المماليك ما بين العراق إلى ليبيا، وضمت الأماكن المقدسة في الحجاز وفلسطين، وصارت ممثلة للقوة المسلحة في المنطقة،خصوصاً بعد أن انتقلت الخلافة العباسية إلى القاهرة بعد انقراض ملكها في بغداد، ورأينا كيف أن سلطان الهند يبعث إلى قايتباى يطلب منه تفويضاً ليحكم به بلاد حكماً شرعياً سنيّا .

2 ــ ولكن لا يقال أنّ الدولة المملوكية دولة (عسكرية دينية سنيّة).!.بل هى دولة (سنيّة دينية عسكرية.). لأتّها التى كانت تضم الأماكن المقدسة للمسلمين وغيرهم حيث يتم برعايتها ممارسة شعائر الحج لمكة والمدينة وفق شعائر الدين السّنى ، ولأن الخليفة العباسي ممثل الدين السّنى يسير في ركاب السلطان، ولأن المماليك قاموا بتمثيل المعسكر ( الذى حمل راية الاسلام بزعمهم ) ضد الصليبيين فى الغرب المسيحى فى تطبيق أمين لثقافة العصور الوسطى التى تقسّم العالم الى معسكرين متعاديين مختلفين فى الدين. ومنطق العصور الوسطي هو الحكم بالدين ، ونقصد بالدين هنا الدين الأرضى الذى ينتمى لوحى الشيطان واختراع الإنسان ويناقض تنزيل الرحمن. شهدت العصور الوسطى فى معسكرى المسلمين والأوربيين الحروب الدينية بينهما ومحاكم التفتيش داخل كل معسكر ، والتى كانت تضطهد المخالف فى الدين والمذهب. كما شهدت قيام البابا فروما بالتدخل السياسي والحربي في أوروبا باسم الدين والكهنوت، ولم يكن لدى المسلمين مثل ذلك الكهنوت البابوي السياسي الحربي، لذا قام السلطان المملوكي بتمثيل الدين والعسكرية معا، ولذلك لم تكن الدولة المملوكية دولة عسكرية دينية، وإنما دولة دينية عسكرية. شواهدنا كثيرة من خلال العصر المملوكي نفسه، ولكننا نقتصر منها على عصر قايتباى ومن خلال تاريخ ابن الصيرفي "أنباء الهصر".

ترتيب المناصب يؤكّد طبيعة الدولة المملوكية الدينية

 1 ــ فترتيب المناصب الرسمي كان يفصح عن الطبيعة الدينية للنظام المملوكي، يقول ابن الصيرفي في أول صفحة من كتابه تاريخ سنة 873 ( أُهلت هذه السنة ، والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي، دام شرفه ،وليس له في الخلافة إلا اسم، وهو مقيم بالحوش السلطانى من قلعة الجبل بسكن الملك المنصور عثمان بن الظاهر جقمق في حياة والده لما كان سلطاناً، ويجرى عليه من المأكل والمشرب ما يليق به كفافاً، والسلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباى عزّ نصره وهو المحمودى الأشرفي ثم الظاهرى خلّد الله ملكه، وقاضى القضاة الشافعي الولى الأسيوطي، والحنفي قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة والمالكي السيد الشريف قاضى القضاة حسام الدين بن حريز المنفلوطي، والحنبلي قاضى القضاة عز الدين أحمد العسقلانى، وأتابك العسكر المنصور جانبك الاينالى الأشرفي برسباى المشهور بقلقسيز وهو مأسور عند شاه سوار ..إلخ.).

2 : فمع أن الخليفة العباسى كان معتقلاً في القلعة إلا أن ترتيبه الرسمى كان الأول قبل السلطان نفسه، والخلافة العباسية في القاهرة كانت قلادة تتحلى بها السلطة المملوكية وتتيه بها على بلاد العالم (الإسلامي) ، وتعطي السلطان شرعية التفرد والمكانة السامية بين ملوك (المسلمين). ومع ذلك لم يكن للخلفاء العباسيين فى دولة المماليك نفوذ. والسيوطي عاصر السلطان قايتباى وكان صديقا للخليفة العباسى فى القاهرة، وفى كتابه ( تاريخ الخلفاء ) أفرد جزءا للتأريخ للخلفاء العباسيين فى القاهرة . وفي حديثه عن علو شأن الخلافة العباسية في بغداد حتى مع ضعف سلطة الخليفة فى العصر العباسى الثانى قال السيوطى يتحسّر عن حال الخلفاء العباسيين في القاهرة:( وقد صار الأمر في زماننا إلى أن الخليفة يأتى السلطان يهنئه برأس الشهر، فأكثر ما يقع من السلطان في حقه أن ينزل عن مرتبته ويجلسا معاً خارج المرتبة، ثم يقوم الخليفة يذهب كأحد الناس ، ويجلس السلطان في دست مملكته. وقد حُدّثت أن السلطان الأشرف برسباى لما سافر إلى آمد لقتال العدو وصحب الخليفة معه كان الخليفة راكباً أمامه، يحجبه،( أى يعمل حاجباً أمامه)، والهيبة والعظمة للسلطان، والخليفة كأحد الأمراء الذين في خدمة السلطان.).كان الخليفة العباسى في القاهرة المملوكية هو المأذون الشرعى الذى يعقد قران السلطة الدينية السّنية السياسية على الدولة المملوكية العسكرية الأجنبية. ومن هنا كان ترتيبه يأتى في المقدمة من الناحية الاسمية، ولكن ( ليس له في الخلافة إلا الإسم.)،على حد قول ابن الصيرفي عن الخليفة المستنجد.كان مجرد رمز تكتمل به ملامح  الدولة الدينية للنظام المملوكي. وبعده في الترتيب الرسمى يأتى السلطان وهو الحاكم الفعلي الذى يقود الجيش ويمثل السلطة الزمنية السياسية ويحيط عنقه بقلادات السلطة الدينية ، وكان الخليفة العباسى أحد هذه القلادات.

3 :والقلادة الثانية كانت قضاة الشرع، لذا فإن ترتيب قضاة الشرع يأتى بعد السلطان مباشرة ، ثم يليهم الأمراء المماليك حسب درجاتهم ومراتبهم.والقضاة كالخليفة يعملون في خدمة السلطان وطبقته العسكرية، ونظراً لأنهم رموز دينية في دولة دينية فقد جاء ترتيبهم بعد السلطان مباشرة وقبل الأمراء المماليك، مع أن أى أمير مملوكي كان يتحكم في القضاة كيف شاء، فالقضاء مجرد رمز، أمّا أشخاصهم فلا اعتبار لهم، ورأينا كيف كان أمراء المماليك يضربونهم..

4 : لقد كان الخليفة يمثل الدين السّنى كما كان القضاة يمثّلون الشريعة السّنية، وهما معا فى خدمة السلطان المملوكى الذى كان يتمتع بما تعطيه الشريعة السّنية من تحكّم مطلق فى الناس ، فهو الذى يحكم مستبداً وهو الذى لا يُسأل عما يفعل، ومن عداه يُسألون.ولا يزال هذا موجودا فى الدول الدينية السنية الوهابية فى الجزيرة العربية ، وفى غير الوهابية فى ( المغرب ).

تقديس السلطان المملوكى بالسجود له

1 ــ لقد كان من الطقوس الدينية، أو من المراسيم المملوكية وقواعد البروتوكول أن يسجد الناس أمام السلطان المملوكي أو أن يقبلوا الأرض بين يديه. كان الجميع يفعلون ذلك من الخليفة العباسى إلى القضاة الأربعة وسائر الأمراء. وكان التعبير المعتاد أن يقال أن فلاناً "صعد" إلى القلعة وقبّل الأرض بين يدى السلطان . وكلمة "صعد" كانت تتكرر في وصف أى زيارة يقوم بها أى شخص للسلطان لتوحي بتقديس السلطان وتأليهه، يقول ابن الصيرفي عن الأتابك أزبك قائد الجيش:( وصعد القلعة بعد عصر يومه المذكور، فقبّل الأرض.)،ويتكرر مع وصف السلطان بعبارات دينية مثل(المواقف الشريفة شرّفها الله وعظّمها ،) ففي نفس اليوم (الأحد أول رجب 873) ووصل سفير الأمير حسن بك سلطان ديار بكر فيقول ابن الصيرفي :( فصعد بين يدى المواقف الشريفة شرّفها الله وعظّمها، وقّبل الأرض.).

2 ــ وعندما جاء السلطان الأسبق المنصور عثمان بن جقمق لزيارة السلطان قايتباى وبعد انتهاء مراسيم الزيارة قام السلطان قايتباى منهيا المقابلة فقبّل السلطان السابق المنصور عثمان بن جقمق الأرض أمام قايتباى، أى سجد السلطان الأسبق للسلطان القائم بالأمر، يقول ابن الصيرفى:( فنهاه السلطان عن ذلك بعد أن فعله). فالسلطان القائم في الحكم يتمتع بمظاهر التأليه، ويعترف له بذلك الجميع حتى من كان يوماً ما ...سلطاناً.!. وقايتباى حين كان أميرا فى سلطنة السلطان المنصور عثمان بن جقمق كان يسجد له أيضا.

وحتى في الرسائل الموجهة للسلطان يقال له:( وبعد تقبيل الأرض والدعاء للسلطان. )، وهذا ما كتبه الأتابك أزبك في رسالته. وحين يتعطف السلطان على أحدهم ويرفعه فوق مرتبته يسمح له بأن يقبل يده، وفي أحداث يوم الاثنين 5 جمادى الثانية 876 : ( صعد القاضى عبد البر بن الشحنة إلى السلطان وقبّل يده فأكرمه.).

3 ــ وتقبيل الأرض بين يدي السلطان عبادة صريحة لا شك فيها، و من مظاهر التألية للسلطان المملوكي . وهى مرفوضة قطعا فى الاسلام ، وحتى فى السيرة النبوية التى كتبها إبن إسحاق ، ومن جاء بعده لم يجرؤ أحدهم أن يقول إنّ الصحابة كانوا يقبّلون الأرض أمام رسول الله عليه السلام . ناهيك عمّا جاء فى القرآن الكريم من إيذاء الصحابة المنافقين وغير المنافقين للنبى عليه السلام ، وهو الذى كان رحمة لهم ، ولم يكن فظا غليظ القلب فى التعامل معهم مع كون القائد للدولة الذى يأتيه وحى الله جلّ وعلا. بل لم تعرف الدولة الأموية هذا التقبيل للأرض أمام الخليفة . إذن هى شريعة سنية نبتت فى العصر العباسى فى تأليه الخليفة العباسى فى إطار الدولة الدينية العباسية وكهنوتها،وفيها تم تأطير وتدوين وتفصيل الشريعة السنية وتطبيقها. والمماليك الذين أُتى بهم من خارج بلاد ( المسلمين ) تعلموا هذا ، وطبّقوه ، ليس فقط لأنه ثقافة المسلمين وحدهم، ولكن لأنها ثقافة العصور الوسطى فى العالم وقتها ، والتى قامت الشريعة السّنية بتطبيقها بلا حاجة لوضع أحاديث أو لسنّ قوانين أو إصدار فتاوى.

الحاكمية وتأليه السلطان 

ـويؤكد ذلك ما كان ينبض به اعتقاد القرون الوسطي فى (الحق الملكى المقدس) فى أوربا (The Divine rights of Kings)، ويعادله فى بلاد المسلمين ( الحاكمية ).ومن ملامحها إضفاء الإلهام الإلهي على السلطان واعتباره ظل الله في الأرض، وأن قراراته تأتي بإلهام من السماء. وفي المصادر المملوكية شواهد كثيرة، وفي تاريخ ابن الصيرفي بعضها، فهو يقول عن اختيار السلطان للداودار الجديد بعد موت يشبك بن مهدي الداودار الكبير: ( ولكن هذا راجع إلى رأى السلطان، وفي الحقيقة فقلوب الملوك بيد الله تعالى يقلّبها كيف يشاء كما ورد في الحديث الشريف. )، إذن وضعوا أحاديث نسبوها للنبي ( ص) تجعل السلطان يصدر قراراته عن إلهام من الله، ومعنى ذلك أنه لا مجال للاعتراض عليها أو نقدها وإلا وقع المعترض في دائرة الكفر، وهذا هو تفكير العصور الوسطى. وحتى لو أتى السلطان بالقرارات المتناقضة فتلك القرارات ينسبوها في النهاية لله، يقول القاضى ابن الصيرفي في التعليق على تولية الشيخ العدوى القضاء بدمشق ثم عزله عن القضاء بعد أربعة أيام فقط : ( وهذا الذى وقع أمر نادر عجيب من السلطان، ولكن الله يفعل مايريد ، وقلوب الملوك بيد الله تعالي يقلبها كيف يشاء.). وهكذا فكل الظلم الذى يقع فيه السلطان من السهل أن ينسبوه لله.وهذا يتفق ليس فقط مع الدين السّنى ولكن ايضا مع عقيدة الفاعل فى الدين الصوفى الذى ينسب كل أفعال البشر لله سواء كانت خيرا أو شرا.وبالتالى فأى ظلم يقع من البشر ليس من البشر بل هو عندهم من صنع الله جل وعلا عن ذلك . مع أن الله تعالى ليس بظلام للعبيد وما يريد ظلماً للعالمين، ولكنه تفكير العصور الوسطى. ولذلك كان ابن الصيرفي لا يملّ من الدعاء للسلطان بالنصر حتى فيما يرويه من أفعاله الظالمة، ولا يروى فى ذلك تناقضاً ولا تحرجاً، يقول : ( وفيه رسم السلطان ــ نصره الله ـــ بشنق رجل حرامي ، وهو مستحق لذلك ، فإنه سرق فقطعوا يده وأطلقوه فسرق ثانياً فقطعوا أرجله وأطلقوه، فسرق ثالثاً فرسم بشنقه فشنق..) فهو يقول عن السلطان ( نصره الله ) حتى لو كان ظالماً.

الكهنوت الدينى يخدم الكهنوت السلطانى

1 ــ وابن الصيرفي يمثل الطبقة التى ينتمى إليها فيما يكتب، ويعبّر عنها بصدق، وإذا كان القضاة يمثلون الشرع السّنى ،فإن ذلك الشرع السّنى وممثليه كانوا في خدمة السلطان وفي ركابه أينما سار. وكان أولئك القضاة ومشايخ الإسلام يجدّدون للسلطان عبوديتهم له في مطلع كل شهر عربي حيث يصعدون إلى القلعة ليدعو لهم وليقبّلوا الأرض بين يديه فى صلاة فيها الدعء وقراءة الفاتحة والتسليم والركوع والسجود . وهو كان يتدلل عليهم وينشغل عنهم باللعب والنزهة فيأتون له في اليوم التالى.

2 ــ والى جانب ذلك كان القضاة رهن إشارة السلطان، يصبغون أعماله بصبغة الشرع ، ويجتهدون فى تسويغها بالشرع مهما خالفت ( الشرع الاسلامى ).!. في غرة محرم 873 يقول مؤرخنا: ( وفيه صعد قضاة القضاة للقلعة لتهنئة السلطان بالشهر على العادة، وكنت في خدمة قاضى الحنفية، وقرأوا الفاتحة ودعوا وأرادوا الانصراف فأمرهم السلطان بالجلوس بحضرته ، هيئة عقد مجلس.وسألهم في مباشرة بيع مماليك الظاهر خشقدم رحمه الله، فاشترى نصره الله زيادة على خمسمائة مملوك بعد أن أقاموا وصياً عن الظاهر، واشترى الملك الأشرف أبو النصر قايتباى نصره الله كل نفر منهم بعشرة آلاف درهم،وصاروا مماليكه. وقال الجمال يوسف بن تغري بردي في تاريخه الحوادث عند ذكر هذه الواقعة: وهذا شراء لا يعبأ به الله.). فالمؤرخ جمال الدين أبو المحاسن إعتبر ذلك الشراء باطلا إسلاميا ( لا يعبأ به الله) ولكنّ كان قضاة الشرع هم الذين باشروه.

3 ــ ومن حق السلطان أو الإمام أن يقتل ثلث الرعية لاصلاح الثلثين طبقا لفتوى مشهورة فى الدين السّنى ، وقد جاء ذكرها فى العصر المملوكى، وكان من حق السلطان المملوكى ــ أو الأمير المملوكى ــ قتل من يشاء من الناحية السياسية،وهو تقليد سنّه الأمويون عمليا فى القرن الأول الهجرى ، ولا ننسى الحجّاج بن يوسف . وهذا التطبيق العلمى قام العباسيون بجهله تشريعا سنيّا ، حيث أضاف التشريع السّنى للسلطان الحاكم أن يقتل من يشاء سياسيا بحُكم الشرع ، أحيانا بحدّ الردة وقتل الزنديق ـ وأحيانا بلا سبب سوى رغبة السلطان فى قتل من يريد بسيف الشّرع ( السّنى).، وهذا ما كان مغرما به المستبدّ المتديّن بالدين الأرضى، مثل السلطان قايتباى، الذى كان يرسل أحد القضاة ومعه الأمر السلطانى مقدماً بالحكم بالإعدام على من أراد السلطان إعدامه، وكان القاضى بدر الدين الأردبيلي ت875 من أولئك القضاة يرسلهم السلطان ليحكم مقدما بمقتل من يشاء السلطان بعد وصفهم بالمفسدين ، يقول عنه ابن الصيرفي :( كان يُجهّز إلى البلاد الحلبية والشامية ليحكم بقتل المفسدين فيفعل، وتوجه مرة وحكم أيضاً بقتل جماعة بقنطرة الحاجب أن يُغزّوا بالرماح، ففُعل بهم ذلك. ) أى كان معه أيضاً طريقة تنفيذ الإعدام وهى فظيعة.. الوخز بالرماح حتى الموت. وجدير بالذكر أن ذلك القاضى قال أنه:( لا بعث ولا نشور ولا حياة بعد الموت.! )، وعقدوا له محاكمة بسبب ذلك، وكانت له قضية أخرى أنهم فيها بحيازة النبيذ، ومع ذلك فلم يكن ذلك مطعناً في كفاءته وعدالته طالما ينشط في تطبيق شريعة السلطان.

 شريعة السلطان لا شأن لها بشريعة القرآن

1 ــ فالسلطان قايتباى ( نصره الله ) حسب المعتاد من كلام إبن الصيرفى كان يحلو له أن يبالغ في عقوبة السرقة فيصل بها إلى القتل، ففي يوم الخميس أول صفر 874 :( رسم السلطان نصره الله بشنق حرامي وهو مستحق لذلك فإنه سرق فقطعوا يده وأطلقوه فسرق ثانياً فقطعوا أرجله وأطلقوه فسرق ثالثاً فرسم فشنقوه فشنق.)، وفي يوم الخميس 2 ربيع الأول 875 : ( رسم السلطان بتوسيط ابن الزردكاش، سرق سرجاً فضة وغير ذلك  للأتراك.. وشنق بإزائه شخص خياط كان يعاونه على الحرام والفساد ويفصّل ويخيّط له جميع ما يسرقه ويبيعه فجوزيا بذلك.). وفي يوم السبت 7 ربيع الأول 876 : ( طلع الوالي بثلاثة من الحرامية بين يدى السلطان فرسم بتوسيطهم )، وأمر السلطان بقطع يد طفل صغير: ( وقطعت يد صغير سرق وهو غير مكلف). وكان ذلك يوم الخميس أول صفر 874.

2  ــ وقد يأمر السلطان بقطع الأيدي بدون الوقوع في جريمة السرقة. في يوم الخميس 6 محرم 875: ( رسم السلطان بقطع يد إبراهيم الصيرفي المشهور بإبن فريعين بحضور السلطان، وسبب ذلك أنه سأل السلطان عنه في الجامكية هل هى مغلقة كاملة، فقال نعم .ثم تلعثم بعد ذلك، وكان السلطان قد ضربه مراراً ضرباً مبرحاً وأكد عليه أن لا يطلع بالجامكية من الاستادار إلا كاملة.، وآخر الأمر عُدم يمينه، وحزن عليه المسلمون حزناً كبيراً ، وصار منقطعاً بجامع الأزهر ، في حلق الذكر والعبادة..! )..هذا الموظف المسكين  أهمل وتلعثم فقطع السلطان يده...والسلطان دائما فى كل ما يفعل ( نصره الله ) فى إعتقاد مؤرخنا إبن الصيرفى . في يوم السبت 25 شوال 876 قال:( وكان السلطان ــ نصره الله ــ لما أطلق أهل السجون والجرائم، أطلق شخصاً مقطوع اليد ، فعاد فقبضوا عليه واستمر في السجن، فشاوروا عليه ، فأمر بقطع رجله، فقطعت تحت المدرج بباب القلعة. وكذا رسم بقطع أيدى ثلاثة نفر من الغلمان تعرضوا لمملوك الأمير جانبك الفقية أمير آخور فقطعت أيديهم أيضاً بالمدرج، والله على كل شيء قدير !. ) فهنا قطع السلطان أيدى ثلاثة لم يسرقوا ، وتعليق ابن الصيرفى مرتبط بثقافة عصره ، وهو أن السلطان ملهم من الله جل وعلا فيما يحكم به حيث يحكم السلطان بالهام الاهى ، لذا يختم ابن الصيرفى رواية الواقعة بقوله : (والله على كل شيء قدير. ).!. أى هو هنا ينسب هذا الظلم لله جل وعلا .

وكان الداودار الكبير على دين السلطان، يذكر مؤرخنا أنّه: ( دخل إلى بيته فوجد مملوكاً بيده خنجر مسلول ، وهو عريان ، فقبض عليه وضربه مقارع ، ثم قطع أعضاءه الأربعة، وأرسل بذلك ، والله الولى والمالك.). أيضا هنا يقحم ابن الصيرفى رب العزّة فى هذا الظلم . فهنا دين أرضى له شريعته السّنية التى يكون مصدر التشريع الحقيقى فيها هو السلطان، وحوله قضاة شرعه ينفذون له ما يشاء، ومنهم مؤرخنا ابن الصيرفي الذى سجّل ذلك كله في تاريخه ، وهو يمتدح سلطانه ولا يري في ذلك بأساً.

دين السّنة يطبّق شريعة التعذيب ويجعلها ضمن طقوسه ا

1 ــ ـ وفي هذا العصر المملوكي كان الظلم مرتبطاً بهذا الدين الأرضى السّنى ومن أهمّ طقوسه، لذلك نجد أشدّ السلاطين ظلما هم أكثر الناس تديناً وتقوى بالمفهوم المملوكي، فالتعارض بين الظلم والدين لا يوجد إلّا فى دين الله جل وعلا الحق فقط . أمّا أديان البشر الأرضية التى يصنعونها وبها يصلون للحكم والثروة والسلطة فلا بد أن تتأسّس على الظلم والاستبداد ، وأن يكون الظلم أهم طقوس عبادتها ، وكلما إزداد أحدهم تقوى إزداد ظلما . ولهذا لم أكن أعجب وأنا فى مصر فى عصر مبارك ، حين كانوا يستدعوننى الى مقر مباحث أمن الدولة فأجد صفوفهم تكتمل وقت الصلاة بعد الجهر بالأذان ، ثم أرى سجّادة الصلاة على مكتب الضابط الذى يحقّق معى . هو لا يجد تعارضا بين وظيفته الحقيرة الظالمة ودوره فى تعذيب الأبرياء وكونه كلب حراسة لمستبد حقير ( واطى ) يسلب وينهب ويقتل . فيكفيه ان يؤدى الصلاة ليضمن الجنّة ، أى تكون تأديته المظهرية للصلاة مشجعا له على إستمراره فى الظلم ، ومبررا له فى الاستمرار فى الظلم .   2ــ وهو نفس ما كان يحدث فى العصر المملوكى وشريعته السّنية . فالسلطان قايتباى صاحب الأوراد والصلوات كان محباَ لإنشاء المساجد، ولو كان في يدك عزيزى القارئ جنيه مصري لرأيت على وجهه صورة لمسجد قايتباى ، ومع ذلك رأينا طرفاً من مظالمه التى حكاها مريده ابن الصيرفي.

3 ــ والمحتسب يشبك كان مشهوراً بالتدين والمحافظة على الصلوات والصيام مع اشتهاره بالظلم وسوء الخلق، يقول عنه ابن الصيرفي "وباشر يشبك المذكور الوظيفة المذكورة لم يكشف البلد بنفسه ولا مرة واحدة ، ولا يعرف أحوال الرعايا والمسلمين إلا من أعوانه الذين في خدمته، فصاروا أرباب أموال وأقمشة ودور وخيول وبغال وحمير، وهو ماسك البقرة يحلبها فإنه لا يتعاطي شيئاً.. وهذا في غاية الترفع أن يقف على سوقي أو وزّان أو بيّاع ويعتبر أوزانهم ، بل تحضر أعوانه له بمن لا يعطونهم المعلوم المعهود عندهم فيضربهم ثلاث علقات: واحدة على مقاعده وأخرى على رجليه وأخرى علي أكتاقه.. وأما أحكامه فبالبحت وأما أخلاقه ففي غاية الشراسة.. هذا مع دينه المتين ومحافظته على الصلاة والصيام.)

4 ــ ولذلك نرى الصفات المتناقضة في سيرة أرباب الوظائف، من أعمال البر والصدقات ثم إلى جانبها الظلم وخراب البيوت، ونقرأ في سيرة يحيي بن عبد الرازق ت874 ( أنّه عمّر الجوامع العظيمة .. وعمّر الحمامات الهائلة والدور المفتخرة العظيمة، وعمل معروفاً زائداً في الفضل من مغسل وأكفان ومواراة الميت برمسه من الحمّالين والحفّارين وغير ذلك، وصنع أيضاً صنيعاً جميلاً  في الغلاء للفقراء من تفرقة خبز ودقيق وقمح لكل أحد بقدر ما يلائمه، وكان يحسن لذوى البيوت ويتفقدهم . ) وإلى هنا كلام جميل.. إلا أننا نقرأ أيضاً أنه : ( كان قد أخرب دور أمر المدركين والفلاحين والمباشرين، وقال عنه أبو المحاسن: وأما أفعاله في مباشرته فكانت بالضد أيضاً ، وهو أنه كان كثير الظلم والجور والعسف وأخذ الأموال الخبيثة ثم يعمّر من ذلك الجوامع والمساجد والأوقاف على البر ويرسل السحابة (الطائفة التى ترافق الحجّاج لرعايتهم ) إلى الحجّاج في كل سنة لأجل الفقراء والمساكين، فهذا أيضاً بالضد.). وقد اشتهر العصر المملوكي بكثرة العمائر الدينية من خوانق ورُبط، وزوايا ومساجد وتكايا وأسبله (جمع سبيل) وكان تمويل إقامتها يأتى من السحت وبأموال الظلم وبالسخرة وآهات المقهورين، ولا تزال تلك العمائر الدينية قائمة حتى الآن دليلاً على ذلك التعانق بين الظلم والدين السّنى وشاهداً على شريعة العصر المملوكي ودينه القائم على الظلم والقهر.

5 ــ وقايتباى والمحتسب ويحيي بن عبد الرازق  لم يكونوا وحدهم ممثلين لتلك الشريعة الظالمة، وهنا نضطر لذكر أمثلة خارج تاريخ ابن الصيرفي. فالمؤرخ جمال الدين أبو المحاسن يقول عن الأمير المملوكي تمراز: ( كان يّظهر التدين ، وبه بطش وجبروت . وكان يعاقب العقوبة الشديدة المؤلمة على الذنب الصغير. )، أى كان التدين عنده بطشاً وجبروتاً وتطرفاً في إيقاع العقوبات. ويقول السخاوى في الأمير تمراز يلبغا السالمى أنه كان يضرب المظلوم ، ( ثم يقوم يصلّى الضحى ثمانى ركعات مع إطالة ركوعها وسجودها ولا يجسر أحد أن يترك الضرب دون فراغه من الصلاة . ). أى كان يطيل الصلاة ليطيل في تعذيب الضحية.. وكلما ازداد الضحية في صراخه كلما ازداد صاحبنا في ابتهاله..وهو نفس ما كان يفعله زبانية مبارك فى أقبية التعذيب بأمن الدولة .

6 ــ وهذه الحالة الفريدة التى تجمع بين الدين الأرضى والظلم كان لا بد أن تستوقف انتباه الشعراء فالشاعر المملوكي الحراتي يقول ساخراً:

قد بُلينا بأمير
 

 

ظلم الناس وسبّح
 

فهو كالجزار فينا
 

 

يذكر الله ويذبح
 

 

والقاضى الأيشبهي في عصر قايتباى وضع كتابه المستطرف وجمع فيه الأمثال الشعبية في عصره ومنها ما يعبر عن ذلك الظلم المملوكي، يقول المثل الشعبي : ( فم يسبّح وقلب يذبح ).!

7 ــ وقضاة الشرع السنى المملوكي كان شهوداً على ذلك الظلم الراسخ باسم الدين والذى يستمد مشروعيته من الدين السّنى الذى يؤله السلطان ويحكم بما لم ينزل الله تعالى به من القرآن.إنّ الله تعالى يرسل الرسل وينزل الكتب لكى يقوم الناس بالقسط،( الحديد 25 )وهو جل وعلا يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر( النحل 90 ). ولكن الدين السّنى الأرضى وغيره يجعلون الظلم أهم طقوس عبادتهم ، ثم لا يخجلون من أن يرفعوا لواء الإسلام ليظلموا الإسلام. شريعتهم هى السّنة الأرضية وليست القرآنية فقد كان صحيح البخاري كتابهم المقدس، وكان القضاة هم أدوات الظلم باسم الشرع.وشرع الله تعالى برئ من ذلك كله.

من العصر المملوكى وشريعته السّنية الى عصرنا البائس

1 ــ ونحن هنا لا نتكلّم فقط على قايتباى والعصر المملوكى وإنّما نتكلم عموما على كل دولة دينية تستخدم دينا أرضيا لتذلّ به الناس وتقهرهم . وكل ما قيل هنا ينطبق على المملكة السعودية ومن يسير فى فلكها الشيطانى وشريعتها الوهابية الشيطانية . وهذه شهادتنا التى سنلقى الله جل وعلا بها يوم القيامة.

2 ــ لقد انتقل أبن الصيرفي وقايتباى والداودار وكل رجال العصر المملوكي إلى متحف التاريخ ولكن بقيت منهم العظة والدرس الذي ينبغي أن نتعلم منه في عصرنا، وتلك هى ثمرة علم التاريخ. صحيح أن العصر المملوكي قد انتهى سياسياً بسقوط الدولة المملوكية أمام العثمانيين 921هـ/1517م ولكن العصر المملوكي استمر حضارياً، فهو يمثل طائفة من الأفكار والقيم والمعتقدات، أنه يمثل حالة معينة من الثقافة إن كانت لا تصلح لزمنها فهي بالقطع لا تصلح أبداً لعصرنا. ولكن بعض المصريين كان يعمل بجد واجتهاد تحت لواء ( تطبيق الشريعة ) ليستعيد العصر المملوكي وتطبيقه للشريعة. ونجح فى ذلك سياسيا. ويريد أن يكمل نجاحه السياسى بفرض شريعته السنية المملوكية دستوريا .

3 ـ وهناك فارق بين العمر والعمر الزمني.قد نرى شيخاً في الستين ولكن عقليته قد توقفت عن سن العاشرة..

وهناك من الناس من يركب سيارة فارهة ويتحلى بساعة روليكس ويلبس قماشاً صنعه الغرب فى عصرنا ، ومع ذلك فإن عقله يعيش في العصر المملوكي، ودينه الأرضى الموروث من العصر العباسي. ثم هو يعمل جاهداً لكى يستعيد العصر المملوكي سياسياً وحضارياً ويرجع بنا إلى العصور الوسطي. وفى الوقت الذى يفكّر فيه الغرب فى استعمار كوكب المرّيخ فإن هؤلاء السنين فى عصرنا يفكّرون ويعملون فى سبل تطبيق شريعة العصر المملوكى العباسية وفرضها علينا فى القرن الحادى والعشرين .

4 ــ الغرب مشغول عن المسلمين بابتكارته التى تترى كل دقيقة ، والوهابيون منشغلون بتأكيد نظريتهم فى أنّ الغرب يتآمر علينا وذلك فى سبيل تأكيد نظريتهم المنتمية للعصور الوسطى والتى تقسّم العالم الى دار السلام ودار الحرب. لو كان الغرب عدوا لنا كما يقولون لبذل كل وسعه لإرجاعنا الى جاهلية القرون الوسطى ، ولكن الذى يفعل بنا هذا هم من يتسترون بالاسلام سواء من وصل منهم للسلطة أو يحاول الوصول اليها. وفارق هائل بينهم وبين الغرب ، فبينما يبشّر الغرب بالديمقراطية وحقوق الانسان وكرامته فإن أولئك لا يعرفون سوى الإكراه فى الدين والاستبداد واحتكار السلطة والثروة والفساد والانحلال وسرقة الشعوب والتعذيب والقهر ، وكل ذلك تحت شعار الاسلام .ومن يناضل منهم للوصول الى الحكم يحترف الارهاب بالقتل العشوائى للأبرياء ويجعله جهادا إسلاميا.هذا مع ان الله جل وعلا أرسل رسوله رحمة للعالمين وليس لارهاب العالمين ، ولكنهم فى شريعتهم السّنية قلبوا الأمور وخلطوا الأوراق كى يصلوا التحكم فى السلطة والثروة . الغرب لم يفعل بنا هذا ، والغرب لم يفعل بالاسلام هذا . هم الذين فعلوا هذا بالاسلام وبالمسلمين. فى الخليج والجزيرة العربية نهبوا ثروات الشعوب هناك من البترول الذى هو حق لهذا الجيل وللاجيال القادمة حتى قيام الساعة ، وفى مصر إختطفوا أنبل ثورة شعبية سلمية ، ويخططون لتطبيق الشريعة السنية المملوكية الوهابية السعودية الوهابية . أى شريعة سنية تحقق لهم الحاكمية ، أى أن يحكم السلطان باعتياره لا ينطق عن الهوى ، وأنه ينطق بالالهام الالهى، ومن يخالفه فهو عدوّ لله جل وعلا ومستحق ليس فقط للقتل بل لدخول الجحيم ، لأنهم يتحكمون فى الدنيا والآخرة ، ولأن السلطان فى الدولة الدينية قد أوتى تفويضا إلاهيا ليمتلك الناس ويركب ظهورهم باسم الله جل وعلا. الغرب لا يريد بنا ذلك . الغرب مضطر للتعامل مع من يملك السلطة فهذه هى السياسة ، إذ كيف تتعامل أمريكا مع مصر بدون قيادة فيها ، وطالما رضى المصريون طوعا أو كرها بحكم فلان فلا مناص لدول العالم إلا بالتعامل مع هذا الفلان . ولكن الغرب يحاول التكفير عن هذا بمساعدة الناس فى أن يتعلموا أن يتحرّروا من الاستعباد ، بأن يعلمهم ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان ، فيأتى المستبدون والطامعون فى الوصول للحكم المستبد ويهاجمون المساعدة الغربية للمنظمات المصرية والعربية التى يموّلها الغرب ببعض الأموال . لا يستحى أولئك من أنفسهم وهم يسرقون البلايين ويهربونها للخارج ، ثم يتهمون النشطاء الذين يتلقّون مساعدات ضئيلة من الغرب تعينهم على الاستمرار فى التثقيف السياسى والحقوقى . هذا هو ما يفعله الغرب ، وذلك ما يفعله الاخوان المسلمون والسلفيون والمستبدون العسكر وغير العسكر فى بلاد المسلمين من افغانستان وباكستان الى الايران والخليج والجزيرة العربي ومصر والسودان وشمال أفريقيا والمغرب وموريتانيا ..وأخيرا ( مالى ).

5 ــ كل  الأخبار السيئة فى العالم تأتى من بلاد المسلمين بسبب سيطرة أديانهم الأرضية الحقيرة عليهم . ولأننا ( أهل القرآن ) نناضل فى سبيل الاصلاح محتكمين الى القرآن فى تلك الأديان الأرضية من سنة وتشيع وتصوف ، ولأننا نثبت أن الاسلام هو دين الرحمة والسلام والعدل والاحسان والحرية المطلقة فى العقيدة فإننا نعانى ولا زلنا من ظغمة الفاسدين المستبدين ، سواء من هم فى الحكم او من يسعى للوصول منهم للحكم .

ومن أسف فإن الغوغاء معهم بسب التعليم الفاسد والاعلام الفاسد . ولكن لم ولن نفقد الأمل ..

لا نريد العودة الى عصر قايتباى والداودار الكبير وابن الشحنة وابن الصيرفى .

نريد العودة المخلصة للقرآن الكريم والى السّنة الحقيقية القرآنية التى كان عليها خاتم المرسلين .

والله جل وعلا هو المستعان ، وهو خير حافظا ، وهو أرحم الراحمين .

1) الهصر: 1.

2) السيوطي: تاريخ الخلفاء 651.

3) الهصر: 51، 62، 69، 360.

4) الهصر: 507، 514، 127.

5) الهصر: 252: 253، 127، 210، 333، 190، 425، 440.

6) الهصر: 42: 43، 174: 175.

7) حوادث الدهور: 3/598.

8) التبر المسبوك: 134.

9) المستظرف: 1/29.

10) الهصر: 37: 38، 174، 143، 445، 188، 34، 71، 74، 189، 202، 56، 24، 23: 26، 44: 45.

اجمالي القراءات 14072