سألنى الإعلامى محمود الوروارى، على قناة العربية «٤/٩/٢٠١٢» هل أعترف بالدكتور محمد مُرسى رئيساً شرعياً لمصر؟ فلما كان ردى بالإيجاب استغرب، وبادرنى بسؤال «لماذا تدعو إذن لانتخابات رئاسية جديدة؟»
وفيما يلى ما قلته للإعلامى محمود الوروارى، وما سبق أن رددته مراراً، كتابة وفى برامج إذاعية وتليفزيونية:
١- إننى كمواطن مصرى، وكأحد نشطاء المجتمع المدنى، أريد الأمن والاستقرار لوطنى، خاصة أن مُعظم المصريين، مازالوا يلهثون من سرعة وتدافع الأحداث بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١. أى أنهم فى حاجة لالتقاط الأنفاس.
٢- لذلك، رغم الشكوك التى ساورت نسبة كبيرة من المصريين حول نتائج الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية فى يونيو الماضى، والتى خاضها الدكتور محمد مُرسى والفريق أحمد شفيق، إلا أننى وكثيرين، بمن فيهم الفريق أحمد شفيق تقبّلنا النتيجة، لكى تستأنف عجلة الحياة والاقتصاد دوراتها، بعد خمسة عشر شهراً من القلاقل والتوترات. ويُثير المُتشكّكون أسئلة حول الصمت الرهيب تجاه واقعة تزوير آلاف البطاقات الانتخابية فى المطابع الأميرية، ولماذا لم يتم التحقيق فيها أو يصدر بشأنها تقرير رسمى. كذلك لم يصدر أى تكذيب، ولم يتم التحقيق بخصوص شكاوى عشرات القرى، ذات الأغلبية المسيحية فى مُحافظات الصعيد، والتى حاصرها مُتشددون إسلاميون لمنعهم من التصويت فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لاعتقاد هؤلاء المُتـشددين أن مواطنى هذه القرى سيصوتون للمُرشح غير الإخوانى.
٣- ومع ذلك ظلت قوى اجتماعية وبعض مؤسسات الدولة فى حالة سخط أو صدام. من ذلك أن الإخوة الأقباط وأقليات دينية وعرقية أخرى تضاعفت مخاوفها مع صعود التيار الإسلامى إلى السُلطة، وظهرت تقارير وأقوال تفيد بأن مُعدلات الهجرة إلى الخارج قد ارتفعت بين الأقباط ورجال الأعمال. ومعهما هروب رؤوس الأموال. هذا فضلاً عن مُحاولات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتى أصبح يُطلق عليها «قوارب الموت»، حيث ينتهى معظمها إلى الغرق فى مياه البحر المتوسط، قبل الوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
٤- أما الأكثر تعطيلاً وإثارة للبلبلة فهو تكرار الصدام بين مؤسستى الرئاسة والمحكمة الدستورية العُليا، ولجوء الرئيس محمد مرسى إلى إلغاء الإعلان الدستورى المُكمل، الذى كان المجلس الأعلى للقوات المُسلحة قد أصدره قبيل الانتخابات الرئاسية، والاستحواذ لنفسه، فى غياب مجلس الشعب، على السُلطة التشريعية.
٥- ولذلك نقترح إجراء انتخابات عامة جديدة، ليس فقط للاستفتاء على الدستور الجديد، ولكن أيضاً لمجلسى الشعب والشورى، والمجالس المحلية، ولرئاسة الجمهورية. وأن يكون الاقتراع فى هذه جميعاً خلال سنة، وتحت إشراف دولى، ورقابة مُنظمات المجتمع المدنى المصرية.
٦- إن فحوى هذا الاقتراح هو فتح صفحة جديدة فى الحياة السياسية المصرية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة طبقاً لمعايير شفافة، وفى وضح النهار، وبشهادة مُراقبين دوليين، سواء من الأمم المتحدة، أو منظمة الوحدة الأفريقية، أو مركز جيمى كارتر، أو منها جميعاً. وتكون الشهور الستة السابقة للاقتراع، هى لإعطاء القوى السياسية المصرية فرصة كافية لإعداد برامجها، وتنظيم صفوفها، واختيار مُرشحيها الذين ستتنافس بهم، ضد مُنافسيها.
٧ - كذلك نقترح ألا يُستبعد أحد من المُشاركة فى هذه العملية السياسية الشاملة، إلا إذا كانت هناك أحكام قضائية باتة ونهائية لهذا الاستبعاد. وينطوى هذا الاقتراح على الكف عن استخدام ذرائع أو سمات من قبيل «الفلول»، و«العهد البائد»، فإن الأمر سينتهى باستبعاد ثلاثة أرباع الجماعة السياسية المصرية. من هنا يجىء اقتراحنا بعدم استبعاد أى مصرى أو مصرية من العمل السياسى، مُشاركة، أو ترشيحاً أو انتخاباً.
٨- إن من طيبات ثورة يناير المجيدة «أ» أنها كسرت جدار الخوف عند أغلبية المصريين لأول مرة خلال الستة آلاف سنة من تاريخهم المُسجل. «ب» أنها سيّست معظم المصريين، أى جعلتهم يهتمون بالسياسة رجالاً ونساءً، ومن كل الطبقات. «ج» أنها رفعت مُعدل المُشاركة فى العمل العام بين المصريين، كما شهدت بذلك النسبة المُتزايدة للإدلاء بأصواتهم - من الاستفتاء على الدستور «١٩ مارس ٢٠١١» إلى الانتخابات الرئاسية «١٦ يونيو ٢٠١٢». ومع هذه المُستجدات، فإن الرأى العام المصرى حقق طفرة هائلة من حيث النُضج السياسى، وهو ما يُمكّنه من اختيار مُمثليه بوعى ومسؤولية، دون حاجة للوصاية عليه.
٩- كذلك شهدت الساحة المصرية ثورة اتصالية تجلّت فى الزيادة الضخمة لوسائل الإعلام التى أصبحت فى مُتناول المواطن المصرى، من أكبر المُدن، مثل القاهرة والإسكندرية إلى أصغر القرى والنجوع، بدين «دقهلية»، وأبوقتادة «جيزة»، فلم تعد الإذاعة المصرية أو التليفزيون الحكومى، ولا «الأهرام» و«أخبار اليوم» هى وسائل ومصادر المعلومات الوحيدة للمواطن المصرى، بل تعددت وتنوعت تلك الوسائل والمصادر. ١٠- إن سنة «٣٦٥ يوماً»، على الرئيس محمد مُرسى فى السُلطة تُعطيه أكثر من ثلاثة أمثال ما طلبه لمواجهة بعض المُشكلات المُزمنة. أى سيكون لديه فُرصة كافية لإظهار قدراته كرئيس، ولإظهار مُقدرات حزب الحُرية والعدالة «الإخوان المسلمين». أى أنه وحزبه سيكونان فى أفضل وضع للمُنافسة. فإذا وفقا هذه المرة فإن شرعيتهما المشكوك فيها ستتكرّس دون لغط أو غموض. وما دام الرجل وجماعته مُتأكدين أنهم موضع ثقة الأغلبية، فلا ينبغى أن يترددا فى تجديد هذه الثقة، من خلال انتخابات رئاسية جديدة.
وعلى الله قصد السبيل.