أغلى جائزة حصلت عليها

حمدى البصير في السبت ٠٨ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

رزقنى الله بطفل فى أول شهر سبتمبر الحالى ، ليكون اخا لبناتى الثلاث ، قد إعتبترت ذلك أغلى هدية من السماء ، ولا أعتقد أن تلك المنحة الإلهيه أو الجائزة السماوية يضاهيها أو يساويها أى جائزة أو منصب رفيع أو كسب ملايين الجنيهات ، فهى فرحة مابعدها فرحة .

بل هناك من يشفق على مثلى من بلغ الخمسين عاما ، ويرزقه الله بطفل وهو فى مثل هذا العمر ، ولاسيما أننى أنجبت ثلاث بنات ، وهناك ظروف أقتصادية صعبة تمر بها البلاد بصفة عامة ، وبالتاكيد تأثرت بها على المستوى الشخصى ، وفى عملى ، لأننى أتقاضى مرتبا شهريا من جريدتى فقط ، وقد يؤثر ذلك على المستوى المعيشى لأسرتى فى المستقبل ، ويصبح بالتالى إنجاب الطفل " نقمة " لا " نعمة " .

ولكن التجربة الإنسانية التى مررت بها ، جديرة بأن أكتبها فى هذا المقال ، كى يشاركنى فرحتى أصدقائى وأحبائى وقرائى ، ولاسيما أننى أعتبر ماحدث هو تتويجا لرحلة كفاح طويلة عشتها ، ووقوفى بجانب أسرتى بعد وفاة والدى ، ولاسيما أننى الأخ الأكبر الذى عليه تحمل المسؤلية ، طبقا للتقاليد العائلية ، لدرجة أننى تزوجت وأنا عمرى أكثر من 35 عاما ، وأيضا – وهذا ليس من مدح الذات والتباهى – لا أتذكر مرة أننى قمت بإيذاء شخص ما أو ظلمت احدا ، ولم أتخل مطلقا عن مساعدة محتاج ماديا ومعنويا قدر إستطاعتى ، بل لم أضمر شرا لأحد ، بل كنت مخلصا لمن احب ووفيا لكل أصدقائى ، ومحبا لجيرانى ، ولايمنع ذلك من كونى إرتكبت أخطاء " بسيطة " ، فى حق بعض ممن تعاملت معهم ، لأننى بشر .

أعترف أننى بعد إنجاب بناتى الثلاث ، كنت أرغب فى رؤية طفل ذكر ، وكثيرا ماحلمت أننى أحضنه ، وتمنيت أن يكون إمتدادا لى ، ولكن بعد أن أنجبت إبنتى سلمى ، فى أول سبتمبر أيضا ولكن فى عام 2004 أى منذ 8 سنوات بالتمام والكمال ، وكانت ومازالت قريبة إلى قلبى ، تلاشت تلك الفكرة رويدا رويدا ، بعد أن غمرتنى هى وياسمين وحبيبة ، بحنانهن وإهتمامهن الزائد بى ، بل وغيرتهن على ، وقد ساعد على صرف النظر عن التفكير فى الإنجاب من جديد ، تقدمى فى العمر نسبيا ، وكذلك زوجتى ، وصعوبة الأوضاع الإقتصادية ، وعدم قدرتى على تحمل مسؤلية تربية مولود جديد وتأمين مستقبله ، ولكن إرادة الله كانت لها اليد العليا ، بل ورغبة زوجتى الشديدة  فى خوض تلك التجربة وتحمل مخاطرها ، من اجل إسعاد أسرتها ، لدرجة أنها عندما فاتحتنى فى هذا الامر قبل شهر من حملها ، وحاولت أن تضعنى امام الامر الواقع ، وتستعد طبيا لذلك ، رفضت بشدة وقمت بإرجاع بعض الادوية إلى الصيدلية قبل أن تتناولها ، وكان من بينها دواء لمعالجة السكر على ما أذكر ، ولكن إرادة الله كانت هى الأقوى ، وحملت فى الشهر التالى ، دون أن تتعاطى أى أدوية ، وكان على أن أفوض أمرى لله ، ودعوت الله أن يقف إلى جانبى ، ويرعى زوجتى ، لأنها كانت منذ الشهور الأولى من الحمل تعانى من الضغط والسكر وألام المرارة وضيق فى التنفس ، ورغم تلك الألام كانت على يقين أن الله سيمنحنا هدية ستجعل حياتنا اكثر سعادة ويعطى لنا مكافأة لايضاهيها كنوز الدنيا .

عشت على أعصابى على مدى تسعة شهور ، وانا أرعى زوجتى وأسرتى فى صمت ، وكان يقوينى قربى من الله ودعوات أمى الحبيبة ووقوف أشقائى بجانبى ، وكان الطبيب يحذرنى دائما من خطورة هذا الحمل ، خاصة أن زوجتى بلغت الأربعين عاما ، وتعانى من أمراض الحمل التى ذكرتها ، بل كنت اخشى من موت مفاجىء للجنين بسبب ذلك ، ولكن قربنا من الله ، والإيمان الشديد به ، كان يبدد مخاوفنا ، بل إن زوجتى رفضت الإفطار فى نهار رمضان وهى فى شهرها الأخير من الحمل ، لانها كانت متاكدة أنها فى رعاية الله وحماه ، ولم تلتفت إلى تحذيرات الأطباء.

وجاءت لحظة الولادة العصيبة ،يوم السبت الماضى أول سبتمبر ، وكتبت إقرارا على نفسى بأن تلد زوجتى ولادة قيصرية ببنج نصفى نظر لظروفها الصحية ، ومن خلال حقنة تعطى لها فى العمود الفقرى ، وفهمت إن اى خطأ فى تلك الحقنة ، قد يؤدى إلى شلل نصفى ، ولكن كنت واثق من رعاية الله لنا ، وإنتظرت لحظة ولادتها الصعبة ، فى المستشفى ، ولم أكن أملك سوى الدعاء ، حتى جاءت البشارة من الدكتور عمرو رياض أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس ، وأبلغنى بقدوم المولود ، وسجدت لله شكرا ، وماهى إلا ساعة حتى شاهدت أختى سامية وهى تحمله لى ، وكان معها زوجة أخى أشجان ، وأعطته لى ، وحملته بين ذراعى ونظرت إليه وأحتضنته ، وقتها شعرت بسعادة غامرة لاتوصف ، وأيقنت إن الله تعالى يكافىء عباده المخلصين ، وإن أى خير يفعله الإنسان فى الدنيا لايذهب سدى ، حتى ولو زمن طويل ، فإذا نسى العبد " المعروف " فإن الله سبحانه لاينسى ، ويكافىء الإنسان فى الدنيا والأخرة ، والأن زوجتى وبناتى فى قمة السعادة بسبب الوافد الجديد ، بل فرحة بناتى باخيهم لاتوصف إطلاقا ، فقد تغيرت حياتنا للأفضل .

لقد تحمل جسد طفلى النحيل الكثيروالكثير ، خاصة من أثار الأدوية التى تناولتها امه أثناء الحمل ، وبالتالى أرجوكم منكم أن تدعو لإبنى محمد حمدى البصير .

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 9268