أولا : المصريون والفاطميون:
1 ـ دخل المصريون ودخلت مصر فى تطور تاريخى هام بالفتح ( السلمى ) الذى قام به الفاطميون . فقد أصبحت مصر دولة للخلافة الشيعية تنافس بغداد وخلافتها السّنية العباسية ، وتحولت مصر من ولاية تتبع بغداد وبدأت تأخذ موقعها الطبيعى فى المنطقة تحت شعار التشيع المناوىء للدين السّنى العباسى . كان الفاطميون شيعة يعرفون أنهم أقلية وافدة بالنسبة للعرب المستقرين فى مصر ومعهم أتباع السلطة العباسية السابقة فى مصر، وجميعهم سنيون ، وكان لا يزال لهم نفوذ إجتماعى فى مصر حتى فى وضعها الجديد السياسى والدينى . لذا إستنّ الفاطميون سياسة التحببب للمصريين بديلا عن إضطهادهم . وقتها وفى بداية العصر الفاطمى كان المصريون أقباطا منعزلين عن السلطة الحاكمة مع أنهم الأغلبية الساحقة من السكان ، وأصحاب الأرض ، ففوجىء المصريون ( الأقباط ) بالسياسة الفاطمية فى التقرب اليهم وتوظيفهم والاحتفال بأعيادهم المسيحية والقبطية والمصرية الفرعونية، بل وفتح طرق الترقى فى المناصب أمامهم لو (أسلموا على الطريقة الشيعية). ومن هنا دخل المصريون فى ( التشيع ) أفواجا .
2 ـ ولا تزال بعض بصمات التشيع سارية حتى الآن فى المجتمع المصرى،على نحو ما شرحناه فى كتاب ( شخصية مصر بعد الفتح " الاسلامى" ) . ومن المضحك أن المصريين قد اخلصوا فى تشيعهم الممتزج بالجهل وقتها الى حدّ أن بعضهم فى مزايدة فى التشيع قد جعلوا من ( إسم عمر بن الخطاب ) شتيمة وسبّا ، فكانوا إذا شتموا بعضهم قالوا (يا عمر). وظل ذلك الى عهد قريب فى البيئات الشعبية فى تشاجر النسوة ، إذ تقول إحداهن صارخة فى إحتجاج : ( نعم .. نعم .. يا عوووومر .؟!! ) . ومن المضحك المبكى أن الجهل بالاسلام تدخّل فى هذه المزايدة فى التشيع ،فبعض المصريين بالغ فى سبّ السيدة عائشة الى درجة لعنها ولعن زوجها ، وهم لا يعرفون أن زوجها هو النبى عليه السلام.وقد أدى هذا بالخليفة الحاكم الى معاقبة من قال ذلك ، بل وجعله فى سياسته المتناقضة يمنع فى بعض الأيام سبّ الصحابة خلافا للتشيع . .
ثانيا : شخصية الخليفة الفاطمى الحاكم :
1 ـ وُلد عام 375 وتولى الخلافة طفلا عام 386 وهو فى الحادية عشر من عمره وقُتل عام 411 بعد أن حكم ربع قرن من الزمان ، كانت من أسوأ الأيام . فى كتابه ( إتعاظ الحنفا ..) بعد تسجيل قتل الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله ينقل المقريزى بعض الملامح الشخصية الغريبة العجيبة لهذا الخليفة، يقول (وكانت سيرته من أعجب السير.) . ومنها سفكه الدماء : ( وكانالحاكم شديد السطوة عظيم الهيبة جريئا على سفك الدماء.)( وكان جوادا بالمال سفاكا للدماء، قتل عددا كثيرا من أماثل دولتهوغيرهم صبرا) . ( كان الحاكم أجود الخلفاء بماله، وبه تفشت حاله فيماسفكه من الدماء التي لا يحصيها إلا الله.).
2 ـ وارتبطت عن جرأته فى سفك الدماء بتصرفاته الغريبة ، يقول المقريزى : ( وقتل الحاكم ركابيا له بحربة في يده على باب جامع عمرو بن العاص وشقبطنه بيده.وعمّ بالقتل بين وزير وكاتب وقاض وطبيب وشاعر ونحوي ومغن ومختاروصاحب ستر وحمامي وطباخ وابن عم وصاحب حرب وصاحب خبر ويهودي ونصراني ، وقطّع حتى أيديالجواري في قصره.وكان في مدته القتل والغيلة ( الاغتيال ) حتى على الوزراء وأعيان الدولة ) (وكان المقتول ربما جُرّ في الأسواق فأوقع ذلك فتنة عظيمة..)( إستدعى الحاكم أحد الركابية السودان المصطنعة ليحضر إلىحانوت ابن الأزرق الشواء، فوقفه بين اثنين ورماه برمح ، ثم أضجعه واستدعى سكينا فذبحهبيده،ثم استدعى شاطورا ففرق بين رأسه وجسده ، ثم استدعى ماء فغسل يده بأشنان ثمركب.وحمل المقتول إلى الشرطة فأقام ليلة ثم دفن بالصحراء. ثم بعث المؤتمن بعد ثلاثة أيام فنبشه وغسله وأنفذ إليه أكفانا كفنبها ثم أمر قاضي القضاة بالصلاة عليه وأمر ألا يتخلف أحد فحضر الشهود وأهل السوقوصلى عليه قاضي القضاة ودفن بالقرافة ، وواراه قاضي القضاة وجعل التراب تحت خده وأمرببناء قبره وتبيضه في وقته ففعل ذلك) وبلغ رعب الناس منه مداه، فقد : ( ووقف رجل للحاكم فصاح عليه فمات لوقته.)
3 ـ وقال عن تصرفاته الغريبة:(وكان يركب الحمار وعليه ثياب الرهبان ووراءه غلام اسمه مفلح يحملالدواة والسيف والورق في كيس معلق في كتفه وهو يمشي وراءه فإذا مرّ بسوق انهزم الناسواستتروا عنه ، ويطرق أبواب الحوانيت فلا ينظرون إليه إلا أن يكون لأحد منهم حاجةفإنه يقف عليه ويكتب العبد بين يديه ما يأمره به في رقعة إلى الوزير.) ..( وكان الحاكم يركب حمارا يسمى القمر ويعبر به على الناس.وكان له صوفية يرقصون بين يديه ولهم عليه جار مستمر )،أى راتب مستمر
4 ـ وعن سياسته مع النساء يقول المقريزى:( ومنع النساء الخروج من البيوت فقيل إن فيهن من لا تجد من يقومبشأنها فتموت جوعا،فأمر الباعة بالتطواف في السكك وأن يبيعوهن من خلف الأبوابويناولوهن بمغارف طوال السواعد.وكان أمر ألا يكشف مغطى فسكر رجل ونام في قارعة الطريق وغطى نفسهبمنديل فصار الناس يمرون به ولا يقدر أحد أن يكشف عنه.فمر به الحاكم وهو كذلك فوقف عليه وقال له: ما أنت فقال: أنامغطى وقد أمر أمير المؤمنين ألا يكشف مغطى.فضحك وطرح عنده مالا وقال: استعن بهذا على ستر أمرك.) (.ومنع النساء من الخروج إلى الطرقات ليلا ونهارا ، ومنعالأساكفة من عمل الخفاف لهن فأقمن على ذلك سبع سنين وسبعة أشهر إلى خلافةالظاهر .)
5 ـ وعن إدعائه الالوهية ، فقد وظّف الحاكم من يدعو لالوهيته ، وهو ( الدرزى ) منشىء الطائفة الدرزية الموجودة حتى الآن فى لبنان وفلسطين، يقول المقريزى عن الحاكم : ( وكان له سعي في إظهار كلمته، فبعث دعاته إلى خراسان وأقامفيها مذهب الشيعة واستجاب له عالم ، وكان أبو عبد الله أنوشتكين النجري الدرزي أولرجل تكلم بدعوته، ...) ( وسيّر مذهبه إلى بلاد الشام والساحل ولهممذهب في كتمان السر لا يطلعون عليه من ليس منهم.وكان الدرزي يبيح البنات والأمهات والأخوات.فقام الناس عليه بمصر وقتلوه فقتل الحاكم به سبعين رجلا.وأنفذ الدرزي إلى الحجر الأسود برجل ضربه وكسره ، ) ويقول المقريزى عن الحاكم ( وادعى الربوبية.) ( وقدم رجل يقال له يحيى اللباد ويعرف بالزوزني الأخرم فساعده على ذلك، ونشط جماعة على الخروج عن الشريعة.وركب يوما من القاهرة في خمسين رجلا من أصحابه إلى مصر ودخل الجامعبدابته وأصحابه كذلك فسلم إلى القاضي رقعة فيها: باسم الحاكم الرحمن الرحيم ، فأنكرالقاضي ذلك وثار الناس بهم وقتلوهم وشاع هذا في الناس فلعنوه.) ( وفي السنة التي قتل فيها الحاكم أشاع أنه يريد أن ينزل فيأول رمضان إلى الجامع ومعه الطعام فمن أبى الأكل قتله.وكان دعاته إذا ركب يقولون: السلام عليك يا واحد يا أحد ويغلونفيه الغلو المفرط.). وخاصمه بعض الشيعة المغاربة بسبب ذلك فأمر بتدريس الفقه المالكى السّنى نكاية فيهم ، يقول المقريزى : ( وبلغه أن المغاربة تلعنه فقرب الفقهاء المالكية وأمرهم بتدريس مذهبمالك بن أنس في الجامع.).
ثالثا : إضطهاد الأقباط فى عهد الخليفة الحاكم الفاطمى
1 ـ وكان إضطهاد الأقباط المصريين إحدى تفصيلات الجنون لدى هذا الخليفة ، نرى هذا مثلا فى تسجيل أحداث عام ( خمس وتسعين وثلثمائة) : ( في سابع محرم قرئ سجل في الجوامع يأمر اليهود والنصارى بشد الزنارولبس الغيار وشعارهم بالسواد شعار الغاصبين العباسيين.وفيه فحش كثير وقدح في حق الشيخين ( أبو بكر وعمر )رضي الله عنهما.وقرئ سجل في الأطعمة بالمنع من أكل الملوخية المحببة كانت لمعاويةبن أبي سفيان والبقلة المسماة بالجرجير المنسوبة إلى عائشة رضي الله عنهاوالمتوكلية المنسوبة إلى المتوكل.وفيه المنع من عجن الخبز بالرجل والمنع من أكل ( سمك )الدلنيس والمنع منذبح البقر التي لا عاقبة لها إلا في أيام الأضاحي وما سواها من الأيام لا يذبح منهاإلا ما لا يصلح للحرث.وقرئ سجل آخر بأن يؤذن لصلاة الظهر في أول الساعة السابعة ويؤذنلصلاة العصر في أول الساعة التاسعة.وإصلاح المكاييل والموازين والنهي عن البخس فيهما والمنع من بيعالفقاع وعمله ألبتة لما يؤثر عن علي رضي الله عنه من كراهة شرب الفقاع.وضرب في الطرقات بالأجراس ونودي ألا يدخل الحمام أحد إلا بمئزر وألاتكشف امرأة وجهها في طريق ولا خلف جنازة ولا تتبرج.ولا يباع شيء من السمك بغير قشر ولا يصطاده أحد من الصيادين.وتتبعت الحمامات وقبض على جماعة وجدوا بغير مئزر فضربوا وشهروا. وكتب في صفر على سائر المساجد وعلى الجامع العتيق من ظاهره وباطنهفي جميع جوانبه وعلى أبواب الحوانيت والحجر والمقابر والصحراء بسب السلف ولعنهمونقش ذلك ولون بالأصباغ والذهب وعمل كذلك على أبواب القياسر وأبواب الدور وأكره علىعمل ذلك.وأقبل الناس من النواحي والضياع فدخلوا في الدعوة وجعل لهم يوموللنساء يوم فكثر الازدحام ومات في الزحمة عدة.ولما دخل الحاج نالهم من العامة سب وبطش فإنهم طلبوا منهم سب السلفولعنهم فامتنعوا.ونودي في القاهرة: لا يخرج أحد بعد المغرب إلى الطريق ولا يظهربها لبيع ولا شراء فامتثل الناس لذلك.وفي ربيع الأول تتبعت الدور ومن يعرف بعمل المسكرات وكسر من أوعيتهاشيء كثير.)
2 ـ ومن الطبيعى أن يعانى من بقى على قبطيته من المصريين جانبا من حمق هذا الخليفة الذى عمّ الجميع. وهنا نعود الى الاستشهاد بالمقريزى فى الخطط ، يقول عن معاناة البطرك زخريس اليعقوبى من حمق الخليفة الحاكم: ( وفي سنة ثلاثوتسعين وثلاثمائة قدم اليعاقبة زخريس بطركًا فأقام ثماني وعشرين سنة، منها فيالبلايا مع الحاكم بأمر الله...تسع سنين اعتقله فيهاثلاثة أشهر، وأمر به فألقي للسباع هو وسوسنة النوبي ). جاء الحاكم للخلافة وكان أعيان الأقباط مسيطرين على إدارات الدولة وكثرت أموالهم ، فحسدهم الموظفون المسلمون ، والمقريزى يعبّر عن وجهة نظر كارهى الأقباط ،يقول :( نزلبالنصارى شدائد لم يعهدوا مثلها، وذلك أن كثيرًا منهم كان قد تمكن في أعمال الدولةحتى صاروا كالوزراء وتعاظموا لاتساع أحوالهم وكثرة أموالهم فاشتدّ بأسهم وتزايدضررهم ومكايدتهم للمسلمين فأغضب الحاكم بأمر الله ذلك، وكان لا يملك نفسه إذا غضب. ) .
4 ـ ويوجز المقريزى أنواع الاضطهاد والتعذيب التى أوقعها الخليفة الحاكم بالمصريين الأقباط بقوله :( نزلبالنصارى شدائد لم يعهدوا مثلها). ثم يشرح هذه العبارة فى هذا التقرير المفزع : (فاشتدّ بأسهم وتزايدضررهم ومكايدتهم للمسلمين فأغضب الحاكم بأمر الله ذلك، وكان لا يملك نفسه إذا غضب؛فقبض على عيسى بن نسطورس النصرانيّ وهو إذ ذاك في رتبة تضاهي رتب الوزراء وضرب عنقه، ثم قبض على فهد بن إبراهيم النصرانيّ كاتب الأستاذ برجوان وضرب عنقه ، وتشدد علىالنصارى وألزمهم بلبس ثياب الغيار وشدّ الزنار في أوساطهم ، ومنعهم من عمل الشعانينوعيد الصليب والتظاهر بما كانت عادتهم فعله في أعيادهم من الاجتماع واللهو، وقبض علىجميع ما هو محبس على الكنائس والديارات ( أى أوقاف الكنائس والأديرة ) وأدخله في الديوان وكتب إلى أعماله كلهابذلك ، وأحرق عدّة صلبان كثيرة ، ومنع النصارى من شراء العبيد والإماء ، وهدم الكنائسالتي بخط راشدة ظاهر مدينة مصر ، وأخرب كنائس المقس خارج القاهرة ، وأباح ما فيها للناسفانتهبوا منها ما يجلّ وصفه ، وهدم دير القصير وانهب العامة ما فيه ، ومنع النصارى منعمل الغطاس على شاطئ النيل بمصر، وأبطل ما كان يُعمل فيه من الاجتماع للهو ، وألزمرجال النصارى بتعليق الصلبان الخشب التي زنة كل صليب منها خمسة أرطال في أعناقهم، ومنعهم من ركوب الخيل ، وجعل لهم أن يركبوا البغال والحمير بسروج ولجم غير محلاةبالذهب والفضة، بل تكون من جلود سود ، وضرب بالحرس في القاهرة ومصر أن لا يركب أحد منالمكارية ذمّيًا ولا يحمل نوتيّ مسلم أحدًا من أهل الذمة ، وأن تكون ثياب النصارىوعمائمهم شديدة السواد ، وركب سروجهم من خشب الجميز ، وأن يُعلق اليهود في أعناقهمخشبًا مدوّرًا زنة الخشبة منها خمسة أرطال وهي ظاهرة فوق ثيابهم . وأخذ في هدمالكنائس كلها ، وأباح ما فيها وما هو محبس عليها للناس نهبًا وإقطاعًا ، فهُدمت بأسرها، ونهب جميع أمتعتها ، وأقطع أحباسها ( أى أوقافها )، وبني في مواضعها المساجد ، وأذّن بالصلاة في كنيسةشنودة بمصر، وأحيط بكنيسة المعلقة في قصر الشمع ، وكثر الناس من رفع القصص ( أى الشكاوى ) بطلب كنائسأعمال مصر ودياراتها ، فلم يردّ قصة منها إلاّ وقد وقع عليها بإجابة رافعها لما سأل، فأخذوا أمتعة الكنائس والديارات وباعوا بأسواق مصر ما وجدوا من أواني الذهب والفضةوغير ذلك ، وتصرفوا في أحباسها . ووجد بكنيسة شنودة مال جليل ، ووجد في ( الكنيسة ) المعلقة من المصاغوثياب الديباج أمر كثير جدًّا إلى الغاية . وكتب إلى ولاة الأعمال بتمكين المسلمين منهدم الكنائس والديارات ، فعمّ الهدم فيها من سنة ثلاث وأربعمائة ، حتَى ذكر من يوثق بهفي ذلك أن الذي هدم إلى آخر سنة خمس وأربعمائة بمصر والشام وأعمالهما من الهياكلالتي بناها الروم نيف وثلاثون ألف بيعة . ونهب ما فيها من آلات الذهب والفضة وقبض علىأوقافها وكانت أوقافًا جليلة على مبان عجيبة . وألزم النصارى أن تكون الصلبان فيأعناقهم إذا دخلوا الحمام ، وألزم اليهود أن يكون في أعناقهم الأجراس إذا دخلواالحمام . ثم ألزم اليهود والنصارى بخروجهم كلهم من أرض مصر إلى بلاد الروم ، فاجتمعوابأسرهم تحت القصر من القاهرة ، واستغاثوا ولاذوا بعفو أمير المؤمنين حتى أعفوا منالنفي . وفي هذه الحوادث أسلم كثير من النصارى.) .أى تنوع هذا الاضطهاد من قتل زعماء الأقباط الى هدم وسلب الكنائس والأديرة ، وتحقير الأقباط واليهود فى موضوع الزى ، ومنعهم من ركوب الخيل ، ومن أن يتاح لهم ركوب الحمير بالأجرة أو ركوب السفن بالأجرة إذا كان صاحب الحمار ( المكارى ) مسلما ، أو كان صاحب المركب مسلما.
5 ـ وكانت نتيجة هذا الاضطهاد دخول كثيرين من الأقباط فى ( التشيع ) أو الاسلام بزعم المقريزى القائل:( وفي هذه الحوادث أسلم كثير من النصارى.).وبالتالى فقد شهد العصر الفاطمى بداية تحول معظم المصريين عن النصرانية القبطية الى أديان المسلمين الأرضية رغبة وطمعا بتشجيع الخلفاء الفاطميين المعزّ لدين الله الفاطمى وابنه العزيز بالله ، ثم أحفاد الحاكم الفاطمى، بينما دخلوا فى عهد الحاكم فى التشيع خوفا ورعبا من جنونه . بدأ المصريون بإعتناق التشيع فى العصر الفاطمى رغبة ورهبة، ثم تحولوا من التشيع الى التصوف السنى فى الدولة الأيوبية بعد أن قضى صلاح الدين الأيوبى على الدولة الفاطمية وتشيعها ، ثم تمكن التصوف السّنى من عقائد المصريين المسلمين فى العصرين المملوكى والعثمانى ، وتراجعت أمامه الديانة القبطية واللغة القبطية . وهنا دخل فى إضطهاد الأقباط المصريين عنصر جديد ، أتى ليس فقط من الحكام المستبدين بل من عوام المسلمين السّنيين ، فقد كان التعصب الدينى هو الظاهرة السائدة فى ثقافة العصور الوسطى فى أوربا وبلاد المسلمين على السواء ، وأجّج هذا التعصب الحروب الصليبية .
6 ـ ونعيش فى الحلقة الأخيرة مع ملامح هذا التطور وتحامل المقريزى على المصريين ( الأقباط ).