أزمة ( عمر بن الخطاب ) ومأزق من يؤمن بعمر بن الخطاب ( 2 من 2 )

آحمد صبحي منصور في الخميس ٣٠ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أولا :

1 ـ كمؤمن بالله جل وعلا وحده لا شريك له وبملائكته ورسله ولا أفرّق بين أحد من رسله فإن ( عمر بن الخطاب ) بالنسبة لى ليس داخلا فى عقيدتى ، هو فرد وبشر لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا . هو ( عمر بن الخطاب ) شأنه مثل عمر خورشيد وعمر فتحى وعمر عفيفى وعمر سليمان وعمر الشريف وعمر المختار .وحتى ( عمر أفندى ) .. فقط أعتبره ( عمر بن الخطاب ) ينتمى الى نوعية البشر أهانت دين الله جل وعلا ، وجعلت الاسلام متهما بالعدوان والارهاب ، فقد سار على سنّة ( عمر بن الخطّاب ) آخرون مثل عمر التلمسانى وعمر البشير ..وعمر عبد الرحمن ..

2 ـ بهذه العقيدية الخالصة لله جلّ وعلا وحده فليس عمر بن الخطاب مشكلة بالنسبة لى . هو يمثّل مأزقا لمن يؤمن به . هو نفس المأزق الذى يقع فيه كل من يقدّس البشر ، ويكون أولئك البشر بتاريخهم ومؤلفاتهم خصوما لله جل وعلا ، يسرى هذا على كبار الصحابة طبقا لتاريخهم المكتوب ، كما يسرى على أئمة السّنة والتشيع والتصوف الذين يفترون على الله جل وعلا كذبا ويكذّبون بآياته طبقا للمكتوب فى مؤلفاتهم .

ثانيا : توصيف المأزق للمؤمنين بعمر بن الخطّاب :

هذا التوصيف يتجلّى فى الآتى :

 1 : إنهم ( ظاهريا ) يؤمنون بالله جل وعلا وحده لا شريك له ، ويؤمنون بالقرآن الكريم خاتم الرسالات السماوية . ولكنهم فى الحقيقة يؤمنون مع الله جل وعلا بآلهة أخرى تبدأ بالنبى محمد عليه السلام وبعض الصحابة وأئمتهم فى أديانهم الأرضية . وهم مع القرآن لا يؤمنون به إلا تابعا لدينهم الأرضى وأحاديثهم المفضلة لديهم والتى يعتبرونها وحيا تحت إسم ( السّنة ) أو ( العلم اللدنى ) أو علم الأئمة الشيعة .

 2 : هذا التناقض بين الإيمان ( الظاهرى ) بالله جل وعلا وإيمانهم الحقيقى وولائهم لأديانهم الأرضية يظل كامنا لا يظهر على السطح ولا يسبب أى مأزق . يظهر المأزق حين يتم تطبيق الفريضة الاسلامية بالاحتكام الى ىالقرآن الكريم . وهذا الاحتكام للقرآن الكريم ورد صريحا فى سياق حديث رب العزة عن الوحى  الشيطانى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ) الى أن يقول رب العزة (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) الأنعام ).

 3 : بالاحتكام للقرآن الكريم فى شأن تلك الشخصيات التاريخية والتراثية يتأكّد هذا التناقض بين الاسلام الحقيقة وأديان المسلمين الأرضية ويشمل التناقض العقائد والتشريعات والسلوكيات ، ويستلزم من المسلم أن يحدّد موقفه فى قضية لا تحتمل إلّا رأيا واحدا ، إما أن ينضمّ الى الحق الاسلامى ويتبرأ من الباطل ويعلن كفر تلك الشخصيات المقدسة وعداءها لله جلّ وعلا ليبرىء نفسه مقدما من تأييدهم ضد رب العزّة ، وإمّا أن ينضم وينحاز الى دينه الأرضى وشخصياته المقدسة ضد رب العزة والقرآن والاسلام . ليست هناك مشكلة لمن يسلم وجهه لله جل وعلا مؤمنا باليوم الآخر مستعدا وراجيا لقاء الله سبحانه وتعالى . ولكن الذى يمتلىء قلبه بتقديس تلك الشخصيات فهو يستفظع نقدها ويستنكر معاملتها كأشخاص بشرية يجوز نقدها ، فكيف بالاحتكام فيهم للقرآن وما ينتج عنه من تكفيرهم . هنا يكون المأزق وصعوبته .

 4 : يزيد من صعوبة المأزق أننا أمام قضية فيها ظالم ومظلوم . الظالم فيها هم كبار الصحابة مثل أبى بكر وعمر، ومؤسسى الأديان الأرضية مثل مالك والشافعى والبخارى ومثل أئمة الشيعة وأئمة الصوفية . والمظلوم فيها رب العزة جل وعلا ورسوله الكريم وكتابه الحكيم ، والذى أرسله الله جل وعلا رحمة للعالمين فقام أولئك الناس بجعله دين القتل والسلب والنهب والاسترقاق والسبى . المظلوم هنا رب العزة الذى يأمر بالعدل والاحسان والذى أنزل كل الرسالات السماوية ليقوم الناس بالقسط فاستغل أولئك الظالمون دين القسط والعدل والرحمة وجعلوه دين الاستبداد والظلم والقهر والاستعباد واحتلال البلاد تحت إسم الله جل وعلا ، ومن أجل تشريع هذا الظلم جاء أئمتهم اللاحقون فإفتروا أحاديث جعلوها وحيا تشرّع هذا الكفر السلوكى وتجعله دينا ، وكتبوا سيرة لخاتم النبيين تتناقض مع ما جاء عنه فى القرآن الكريم ، بل وابتدعو اسطورة النسخ بمعنى إلغاء الشريعة الاسلامية الحقة فى القرآن ليبدلوها بشرائعهم ، ولتكون شرائعهم هى شرائع الاسلام بدلا عن شريعة الله جل وعلا فى القرآن . ثم هم يصدّون عن سبيل الله وكتابه وينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ، ويعلنون حربا شعواء على من يطالب بالاحتكام للقرآن أملا فى إصلاح سلمى للمسلمين من داخل الاسلام .

 5 : صعوبة هذا المأزق ـ أيضا ـ أنهم لا يجرأون على إعلان الكفر بآيات القرآن الكريم التى نستشهد بها ، ولا يجرأون على إعلان تكذيبهم لتراثهم وأحاديثهم التى يعتبرونها وحيا ، ولا يجرأون على إعلان تبرؤهم من أئمتهم من الصحابة وغيرهم ،ولا يجرأون على إعلان تبرؤهم أسفارهم المقدسة السّنية والشيعية والصوفية،لذا يكون المخرج من مأزقهم تكفيرنا وسبّنا.  

  6  : وبالنسبة لموضوعنا عن ( عمر بن الخطاب ) فلا يجرؤ أحد من المؤمنين بعمر بن الخطاب أن يعلن براءته من عمر إبن الخطاب ، بل لا يجرؤ على مجرد عقد المقارنة بين فتوحات عمر وتشريعات القرآن الكريم فى القتال الدفاعى ، لأن هذه المقارنة ستؤكّد كفر عمر بن الخطاب بالاسلام. بل إن عبارتنا ( كفر عمر بن الخطاب بالاسلام ) يقشعر منها بدن المؤمن بعمر ، فى الوقت الذى لا يقشعرّ بدنه حين سماع القرآن بما يؤكّد أن تقديسه القلبى لعمر فوق تقديسه للقرآن ـ هذا إن كان يقدّس القرآن فعلا.  وبالعقل المجرّد فهذا المؤمن بعمر بن الخطاب يعلم أنه بشر وإنسان وليس نبيا مرسلا ، وليس الاها ، وهو يخطىء ويصيب ، وليس مالكا ليوم الدين ، وسيؤتى به يوم القيامة للحساب شأن كل أبناء آدم . ولكن إيمانه بعمر وتقديسه لعمر يضع غمامة على عقله ..وهذا شأن كل من يقدّس البشر والحجر .

7 ـ النتيجة الحتمية والمؤلمة أن ملايين المؤمنين بعمر بن الخطّاب سينحازون لعمر بن الخطاب وسيواصلون رفضهم الى الاحتكام للقرآن الكريم بشأنه ، وللتعمية على حقيقة أنهم يظلمون رب العزة ويشايعون عمر بن الخطاب وينصرونه فى ظلمه لرب العزة فإنهم سيلجأون لطريقتهم المثلى فى الهروب ، وهى توجيه السب والشتم واللعن لنا لأننا أثرنا القضية وتكلمنا فى المسكوت عنه من تاريخ عمر وغير عمر.

8 ـ ليس مهما عندهم أن ( عمر ) قد ظلم رب العزة حين إرتكب فظائع القتل والسلب والسبى باسم رب العزّة وباسم الاسلام ، ليس مهما أن يكون عمر رائدا فى ذلك لخلفاء ( مسلمين ) ساروا على طريقه وأكّدوا الاتهام للإسلام بأنه دين الغزو والقتل والظلم والاعتداء .. المهم عندهم أن يظل ( عمر ) فى عليائه مصونا عن النقد ، وأن يظل رب العزة جل وعلا متهما بجرائم ( عمر ) ، وأن  يترسّخ فى الأذهان عبر الأجيال أنّ (عمر ) قد طبّق شرع ربّ العزة بالقتل والسبى ، وأن يترسّخ فى الأذهان عبر الأجيال أن (الله ) جل وعلا ( إله الاسلام ) هو إله الارهاب والغزو والسلب والسبى والاسترقاق والظلم .  ليس مهما أنه بالعقل السليم يتبيّن للمسلم أن هذه الجرائم التى إرتكبها عمر وغيره هى طاعة لشريعة الشيطان ، وأن الشيطان هو الذى أوحى لأوليائه بإختراع أحاديث وتشريعات تجعل الجهاد فى الاعتداء وقتل الأبرياء أفرادا وشعوبا ، وليس مهما أن يتضح إن الشيطان هوالاله الذى يتبعه المؤمنون بعمر ، لأن الله جل وعلا يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)  ) ( النحل ) بينما يأمر الشيطان بالظلم والبغى والفحشاء والافتراء كذبا بغير علم على رب العزّة ، وهذا تحذير رب العزة لأبناء آدم : ( يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)...( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33) ( الأعراف ). كل ذلك ليس مهما . كل ذلك يهون حتى يظل عمر بن الخطّاب مقدسا فى عليائه مصونا عن النقد ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .

9 ـ إنّ عمر بن الخطّاب لا يستطيع خلق ذبابة ، ولكن المؤمنين بعم لا يقدّرون الله جل وعلا ، وهذا هو أساس القضية :(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)  ) ( الحج ). وسيكون مأزقهم أشد وأفظع يوم القيامة عندما يتأكدون مدى عدم تقديرهم لله جل وعلا حق قدره حين إنحازوا لعمر وغير عمر ضد ربالعزة : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً ) ( الزمر ). ظلموا رب العالمين تقديسا لعمر فياويلهم من عذاب الجحيم . فإذا إنتصرنا لرب العالمين ودافعنا عن حقّه جل وعلا وعن جلاله جلّ وعلا عوقبنا بالسب والشتم من المؤمنين بعمر . بل يتهموننا بالكفر. وهم فعلا على حق فى إتهامنا بالكفر ، فهم يؤمنون بعمر ، ونحن نفخر بأننا نكفر بعمر ، وكل أشباه عمر ..

ثالثا : من ظلم رب العالمين الى ظلم الآخر من البشر المخالف فى الدين

1 ـ  هذا هو الظلم المبين لرب العالمين أنتج ظلما للبشر غير المسلمين ،  فما إرتكبه ( عمر ) تم تشريعه دينا ليصبح جهادا مستمرا ضد المخالف فى الدين ، وطبقا لهذا التشريع فمن حق الحاكم المسلم بل من واجبه أن يغزو الأمم الأخرى وأن يحتلّ بلادهم وأن يرغمهم على دخول الاسلام ليعصموا دماءهم ، وأن يسبى ويسترق أبناءهم وان يسلب وينهب مواردهم وأن يفرض عليهم الجزية ، وأن يمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية ومن بناء بيوت عبادتهم . ثم ينسبون كل هذا التشريع الظالم لرب العزة بأحاديث مزورة وفتاوى سامّة .

2 ـ وقد سار الأمويون ثم العباسيون والمماليك والعثمانيون فى تطبيق هذا الشرع باعتباره ( جهادا إسلاميا ) . ودفعت أمم وشعوب تكاليف هذا الجهاد .. وأحيت الدولة السعودية بوهابيتها هذا الإفك ، وأقامت به دولتها السعودية الأولى والثانية والثالثة الراهنة ، ثم بقطار النفط السريع وبظروف محلية وإقليمية ودولية مواتية انتشرت الوهابية يين المسلمين على انها الاسلام ، وأتيح للمجرمين تطبيق شريعة الجهاد بالقتل العشوائى ليس فقط ضد غير المسلم بل ضد المسلم المخالف فى المذهب أو الدين الأرضى ، وما يرتكبه الارهابيون فى العراق وخارج العراق هو التطبيق الحقيقى لشريعة الغاب التى بدأها عملا عمر بن الخطّاب ثم تم تقنينها وتسويغها بالافتراء والكذب ، ثم إستمر تطبيقها بعدئذ من وقت عمر بن الخطاب الى وقت عمر عبد الرحمن وعمر البشير ..

رابعا : شريعة الكيل بمكيالين عند المسلمين المؤمنين بعمر وغير عمر .

1 ـ ترسب فى عقائد المسلمين أن من حقهم وحدهم غزو الآخرين وانتهاك حقوقهم وأن هذا هو التشريع الالهى الذى يتمتعون به من دون العالمين . وأنه ليس من حق الآخرين المعتدى عليهم رد الاعتداء ، بل لا بد أن يقبلوا غزو المسلمين لهم وأن يرضوا باحتلال المسلمين لبلادهم وبقهر المسلمين لشعوبهم واعتبارهم مواطنين من الدرجة السفلى ..وكما نعرف فإن هذا هو تشريع الشيطان وليس تشريع رب العزة الذى يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر ، وهذا أيضا يعنى أن اله هؤلاء المسلمين ليس رب العزة الذى أنزل الكتاب والذى يتولى الصالحين ، بل إن الاههم الذى يجاهدون فى سبيله هو ابليس ، وفى سبيله يقتلون البشر الأبرياء عشوائيا من عهد ( عمر ) وحتى الآن.

2 ، ترتّب على هذه العقيدة الظالمة لله جل وعلا و للبشر مأزق أخلاقى بعد المأزق العقيدى ، وهو أن أولئك المسلمين ( ممّن يؤمنون بعمر وفتوحات عمر ومن جاء بعد عمر من غزاة معتدين ) يكيلون بمكيالين . فحين يعتدون على غيرهم يكون هذا جهادا مقدسا يتمتع بمباركة إبليس الاههم ، أما حين يهب المعتدى عليهم للدفاع واسترداد الأرض يكون هذا كفرا وظلما وعصيانا لالههم المزعوم ابليس.

3 ـ فى التدليل على هذا الكيل بمكيالين ننقل هذا المقال ،والذى سبق نشره فى موقعنا ( أهل القرآن ) فى ركن ( دراسات تاريخية ) وتحت عنوان ( مذابج مجهولة باسم الجهاد ) فى الثانى من ابريل عام 2007، وكان المقال تعليقا على خبر أورده ابن الجوزى وهو الفقيه المؤرخ المحدّث ، وهو أبرز أئمة الدين السّنى وخير من يعبّر عن تقديس عمر ، يقول فى تاريخ ( المنتظم  ) ( حوادث سنة 98 ):
( وفيها‏:‏ غزا يزيد بن المهلب جرجان وطبرستان فى مائة الف مقاتل سوى الموالى والمتطوعين.‏ وجاء فنزل بدهستان فحاصرها ومنع عنهم المواد فبعث إليه ملكهم‏:‏ إني أريد أن أصالحك على أن تؤمنني على نفسي وأهل بيتي ومالي وأدفع إليك المدينة وما فيها وأهلها‏.‏فصالحه ووفى له ودخل المدينة ، وأخذ ما كان فيها من الأموال والكنوز ومن السبي ما لا يحصى ، وقتل أربع عشر ألف تركي صبرًا، وكتب بذلك إلى سليمان بن عبد الملك. ثم خرج حتى أتى جرجان و قد كانو يصالحون أهل الكوفة على مائة ألف ومائتي ألف وثلاثمائة ألف وقد كانوا صالحوا سعيد بن العاص ثم امتنعوا وكفروا، فلم يأت بعد سعيد إليهم أحد ، ومنعوا ذلك الطريق فلم يسلكه أحد إلا على وجل وخوف منهم‏.‏ فلما أتاهم يزيد استقبلوه بالصلح فاستخلف رجلا .......‏ ثم إنهم غدروا بجنده فقتلوا منهم ونقضوا العهد فأعطى الله عهدًا لئن ظفر بهم لا يرفع عنهم السيف حتى يطحن بدمائهم ويختبز من ذلك الطحين ويأكل ، فنزل عليها سبعة أشهر لا يقدر منهم على شيء ولا يعرف لها مأتى إلا من وجه واحد ، فكانوا يخرجون فيقاتلونهم ويرجعون إلى حصنهم ، فدله رجل على طريق آخر يشرف عليهم ، فبعث معه جندًا ، ونهض هو لقتالهم ، فركبهم المسلمون فأعطوا بأيديهم ، ونزلوا على حكمه ، فسبى ذراريهم ، وقتل مقاتليهم ، وصلبهم على الشجر عن يمين الطريق ويساره ، وقاد منهم اثني عشر ألفًا إلى الوادي ، فقتلوا فيه فأجرى فيه دماءهم ، وأجرى فيه الماء وعليه أرحاء فحطن واختبز وأكل. وكتب يزيد إلى سليمان‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏أما بعد فإن الله تعالى ذكره قد فتح لأمير المؤمنين فتحًا عظيمًاوصنع للمسلمين أحسن الصنع ، فلربنا الحمد على نعمه وإحسانه ، واظهر في خلافة أمير المؤمنين على جرجان وطبرستان ، وقد أعيا ذلك سابور ذا الأكتاف وكسرى بن قباد وكسرى بن هزمز وأعيا الفاروق عمر بن الخطاب وذا النورين ومن بعدهما ، حتى فتح الله سبحانه ذلك لأمير المؤمنين كرامة الله عز وجل له وزيادة في نعمه عليه ، وقد صار عندي من خمس ما أفاء الله عز وجل على المسلمين بعد أن صار إلى كل ذي حق حقه من الفيء والغنيمة سبعة آلاف ألف . وأنا حامل هذا لأمير المؤمنين إن شاء الله‏.‏ )

 وجاء فى التعليق على هذا الخبر :
( التعليق 
هذا هو تقرير تاريخى عن الفتوحات ( الاسلامية ) فى العصر الأموى فى خلافة سليمان بن عبد الملك ، والتى كان مسرحها آسيا الوسطى فيما يعرف الان بدول الكومنولث السوفيتى القديم ومنها الان جورجيا.سكان هذه البلاد لم يعتدوا على المسلمين ـ بل إن المسلمين العرب هم الذين واصلوا الغزو و الاستيلاء على تلك البلاد و الهجوم عليهم فى عقر دارهم بالاثم والعدوان

القائد هنا هو يزيد بن المهلب وهو الذى حاصر دولة دهستان ومنع عنها الطعام فاضطر الملك الى الاستسلام والنجاة بنفسه فدخل يزيد بن المهلب المدينة واستولى على ما فيها من أموال وكنوز واسترق ما لا يحصى من أهلها ، وقتل منهم 14 الف انسان ( صبرا ) أى يلقيه فى سجن محكم بلا طعام ولا شراب الى ان يموت بعد ما نتخيله من ألم يعجز الصبر عن تحمله ، وهى من الطرق الوحشية فى القتل ، حيث أن أرحم طرق القتل هو أسرعها وليس أبطأها..وكتب القائد ( المظفر ) الى الخليفة يفتخر بما فعل
.. وهاجم يزيد جرجان أو ما يعرف الان بجورجيا ، وقد كانت خاضعة للأمويين من قبل ولكنهم ثاروا على الاحتلال طالبين الحرية ، أو بتعبير الراوى ( إمتنعوا وكفروا ) فذهب يزيد لاخضاعهم بجيشه فاستقبلوه بالصلح فلما ولى عنهم بمعظم جيشه عادوا للثورة أو بتعبير الراوى ( غدروا بجنده فقتلوا منهم ونقضوا العهد ) فاقسم يزيد بن المهلب بعهد الله تعالى (عهدًا لئن ظفر بهم لا يرفع عنهم السيف حتى يطحن بدمائهم ويختبز من ذلك الطحين ويأكل ) فحاصرهم سبعة اشهر الى أن اقتحم المدينة بخيانة واحد من أهلها ، وفعل باهلها شنائع بربرية ، أو بتعبير الراوى (فسبى ذراريهم وقتل مقاتليهم وصلبهم على الشجر عن يمين الطريق ويساره ، وقاد منهم اثني عشر ألفًا إلى الوادي فقتلوا فيه فأجرى فيه دماءهم وأجرى فيه الماء ، وعليه أرحاء فحطن واختبز وأكل) أى شرب دماءهم..!! 
كل هذه الوحشية لا تقارن بجرم أكبر هو أن تنسب ذلك الى الاسلام والى الله تعالى
.. 
وهذا ما فعله القائد الأموى إذ كتب الى الخليفة مفتخرا بما فعل و ينسب كل هذه الجرائم لله تعالى (وكتب يزيد إلى سليمان‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏أما بعد فإن الله تعالى ذكره قد فتح لأمير المؤمنين فتحًا عظيمًا ، وصنع للمسلمين أحسن الصنع فلربنا الحمد على نعمه وإحسانه واظهر في خلافة أمير المؤمنين على جرجان وطبرستان ). وهو فى كل ما فعل كان خادما للشيطان
الشيطان أنساه أن الجهاد فى الاسلام لرد الاعتداء و الدفاع فقط وليس للهجوم على من لا يعتدى عليك. الشيطان أنساه أن الله تعالى لا يحب المعتدين (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) ( البقرة 190 ) أكثر من هذا أن الشيطان زين له سوء عمله فرآه حسنا (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) فاطر 8 ) ُثم أضله أكثر فأقنعه أن ينسب جرائمه لله تعالى نحن هنا لا نحكم على هذا القائد فحسب بل على الخليفة الذى أرسله ـ والى من سبقه من القادة ( الفاتحين الغزاة ) سفاكى الدماء شاربى دماء الشعوب مسترقى المساكين من الذرية والنساء والأطفال ـ باسم الاسلام تخيل نفسك يحدث هذا لبلدك فاذا قمت بثورة على الطغيان وهو ما يجب عليك اعتبر الاخرون ذلك كفرا و غدرا. تخيل أن يعتبر الاخرون اغتصاب نسائك واسترقاق أهلك وقتلهم وشرب دمائهم جهادا ، وهم يعتبرون دفاعك عن شرفك وكرامتك كفرا و غدرا الى هذا الحد ينقلب الحق باطلا و الباطل حقا!! والى هذا الحد ننسب جرائمنا لله تعالى ـ ونظلم رب الناس بعد أن ظلمنا الناس وقتلنا الناس وشربنا دماء الناسواذا كتبنا هنا لانصاف الاسلام من المسلمين فان بعضهم يحتج لأنه لا يطيق أن ينتقد أحد السلف الصالح ( المجاهد ) مع أننا نستشهد بواقع تاريخنا المكتوب الذى يعد إقرارا صريحاومن عادتنا السيئة أننا نكيل بمكيالين
بل و نفعل ذلك مع الله تعالى . ندافع عن الذين ظلموا رب العزة و نسبوا له جرائمهم. واذا كتب باحث يحاول إنصاف رب العزة والاسلام مما فعله المسلمون أصبح متهما..بسيطة..لهذا الدين رب يحميه
.. ويوم الدين آت . ولا مفر منه ولا مهرب. )

خامسا : إردهار ثقافة الكيل بمكيالين مع إنتشار الوهابية السّنية على حساب التنوير والعلمانية الاسلامية

1 ـ إزدرهر الارهاب تحت مسمى ( الجهاد ) ، وأصبح ضحاياه بالملايين مذ ظهور الدولة السعودية الأولى عام 1745 ..وعلا فى القرن العشرين مع تسيد الوهابية للحياة الدينية للمسلمين الّسنيين بالتحالف السعودى مع أمريكا ضد السوفييت ، ثم ظهرت القاعدة وتشعب نفوذ الاخوان المسلمين وسائر تنظيماتهم العلنية والسرية ، وإنضم آلاف الضحايا الى سجل الاجرام الوهابى . وبالتالى علا شأن عمر بن الخطاب وتزايدت قداسته ، وتجلى هذا فى الهجوم المستعرّ علينا حين كشفنا عن المستور فى سيرته طبقا للتراث السّنى نفسه . ومع تقديس عمر وظلم رب العزّة فى سبيل عمر إقترن هذا الظلم العقيدى لله جل وعلا بظلم للبشر ، ليس فقط فى استحلال قتلهم واستحلال أموالهم ونسائهم بل أيضا فى الكيل بمكيالين ، فكما يتضح من إفتخار ابن الجوزى بجرائم ومذابح القائد الأموى يزيد بن المهلب بن أبى صفرة ، وكيف يعتبر ثورة المظلومين كفرا فإن نفس الثقافة تم إحياؤها فى عصرنا . فالسلفيون يتحسّرون على ضياع الأندلس ويحلمون باستعادة اسبانيا ؛ يرون الفخر فى غزو اسبانيا واحتلال أرضها ويعتبرون ذلك حقا الاهيا للمسلمين ، وبنفس القدر يستنكرون إستعادة الأسبان لأراضيهم ووطنهم . يفتخرون بغزو عمر بن الخطاب لفلسطين ودخوله وتسلمه الكنيسة فى القدس واحتلاله فلسطين التى كان يملكها أهلها من اليهود والنصارى ، وفى نفس الوقت يستنكرون احتلال الصليبيين للقدس والشام ، ثم يستنكرون حاليا احتلال الصهاينة لفلسطين . العدل هو إستنكار الغزو والاحتلال بكل صوره واشكاله ، وإستنكار الظلم والقتل مهما كان الظالم ومهما كان الباغى المعتدى . ولكن تشرّب السلفيون الوهابيون الكيل بمكيالين ليصبح من اهم معالم دينهم . ولذا تراهم يهاجرون الى الغرب يتمتعون بحقوق الانسان وبحريتهم الدينية ، ويشترون الكنائس ليحولوها الى مساجد ، ويتمتعون بحرية التبشير بدينهم السّنى فى الغرب تحت مسمى الاسلام ، وفى نفس الوقت يستنكرون بشدّة حق  المسيحيين فى مصر والشرق الأوسط فى بناء كنائسهم ، ويعتبرون من أكبر الكبائر التبشير بالمسيحية بين المسلمين مع إفتخارهم بالتبشير بالاسلام فى الغرب .!!

2 ـ بل يتشعب الأمر فى ثقافة الكيل بمكيالين ليصل الى مجالات مفزعة ومسكوت عنها . منها :

:أن الوهابية هى المسئولة عن سقوط حوالى مليون قتيل فى الشام والعراق والجزيرة العربية فى غارات ومذابح ارتبطت بقيام الدولة السعودية الأولى والثانية والتلثة الراهنة. وهذه المذابح مسكوت عناه لأنها تعتبر جهادا سنيا حتى لو كان ضحاياه من المسلمين فى قرى ومدن العراق والشام والجزيرة العربية وخصوصا الحجاز . ما فعلته  الصهيونية فى إقامتها اسرائيل لا يقارن بأى حال بجرائم الوهابيين السعوديين من 1745 وحتى الآن ..ولكن نتذكر مذبحة دير ياسين وصابرا وشاتيلا وغيرها ولا أحد يعرف أصلا عن جرائم الوهابية فى قتل مليون مسلم برىء ، ليس لهم من حظ سوى بضعة سطور فى التاريخ . الوهابية أيضا هى المسئولة عن إنقسام الهند الى دولتى الهند وباكستان ، وهى المسئولة عن خلق دولة باكستان كأحد أكبر الخطايا فى القرن العشرين . ثم إن الوهابية هى المسئولة أيضا عن انفصال باكستان الشرقية ( البنغال : نبجلاديش ) عن باكستان الغربية ( باكستان الحالية ). ففى باكستان الغربية تحكمت سيطرة الوهابية وتعصبها بينما كان التصوف هو السائد فى باكستان الشرقية، وكانت السيطرة السياسية والعسكرية لباكستان الغربية الوهابية ، وكان جيشها هو المسيطر على باكستان الشرقية ، وقد ارتكب هذا الجيش الوهابى مذبحة مروعة لأهالى باكستان الشرقية قتل فيها أربعة ملايين من المسلمين إعتبرهم مشركين صوفيين ، وأدت هذه المذبحة الى انفصال باكستان الشرقية بمساعدة الهند ( أنديرا غاندى ). وسكت المسلمون عن هذه المذابح وتكتموا عليها مجاملة للوهابيين الباكستانيين . ولا تزال باكستان تؤدى دورها الوهابى الدموى ، فهى التى أسست طالبان وهى التى تنشر الفوضى فى أفغانستان حتى تظل أفغانستان تحت سيطرتها ، وهى التى تؤوى الارهابيين .

3 ـ لو حدث إعتداء إسرائيلى هنا أو هناك ونتج عنه بعض الضحايا فى ظل حرب عسكرية معلنة صاح الوهابيون السنيون إستنكارا . ولهم الحق فى ذلك الاستنكار طالما هو لنصرة الضعيف وضد الظالم المعتدى ، ولكن يجب أن يشمل الاستنكار كل من يعتدى ، ولا يصح أن نسكت عن ملايين الضحايا الأبرياء لأن الجانى ينتمى الينا ، ونصرخ بسبب آلاف الضحايا لأن الجاى خصم لنا .

4 ـ نفس الحال مع جرائم المستبد الشرقى ،إذ كان يتم السكوت عن جرائم صدام ضد شعب العراق من السّنة والشيعة والأكراد ، وجرائم القذافى ومبارك وجرائم السعوديين وغيرهم ضد شعوبهم والمناضلين الأحرار المسالمين ، ولكن ترتفع الصرخات ضد الغرب واسرائيل وضد أمريكا كما حدث فى موضوع التعذيب فى سجن أبى غريب فى العراق كما لو أن بلاد المسلمين واستبدادهم لا تعرف التعذيب .!!. المفروض أن نستنكر الظلم وتقف ضد الظالم مهما كان ، وأن ننحاز للعدل فى كل ومان ومكان ، وهذا هو شرع الاسلام الذى نسيناه تمسكا بثقافة الكيل بمكيالين التى توارثناها من عهد عمر .

شريعة الاسلام ضد ثقافة عمر فى ( الكيل بمكيالين )

1 ـ يأمر رب العزّة جل وعلا أن نشهد بالحق ، بغضّ النظر أن كانت هذه الشهادة بالحق ستضرّ القريب الحبيب أو كانت فى مصلحة العدو . لا بد من العدل فى الشهادة ولا بد من العدل فى القول ، أى نكيل بمكيال واحد بالقسط والعدل دون تحامل على عدو أو مجاملة لصديق أو قريب . يقول جل وعلا ضمن الوصايا العشر القرآنية : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) الأنعام ). ويقول جلّ وعلا فى آيتين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135) النساء ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة ). والروعة فى قوله جل وعلا  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ) , (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) تستلزم مقالات من التدبر.

2 ـ إن أوامر الله جل وعلا فى التعامل بين البشر تقوم على درجتين : العدل ، ثم درجة أعلى من العدل وهى الاحسان أى الغفران والتنازل عن الحق . يسرى هذا فى التعامل بين الأفراد ، فالعدل أن تردّ السيئة بمثلها قصاصا ، والاحسان أن تعفو وتصفح إبتغاء مرضاة الله جل وعلا :(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) ( الشورى ). وفى كل الأحوال فإن الله جل وعلا لا يحب الظالمين ولا يحب المعتدين ، لذا من العدل أن ترد إعتداء الجيش المعتدى دفاعا عن بلدك ووطنك لأن الله جل وعلا لا يحب المعتدين : (  وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة ).أى من العدل فى شرع الله جلّ وعلا أن يهب الفرس والمصريون والسوريون بالهجوم على جيوش عمر والثورة على ذلك الاحتلال . وفعلها المصريون بثوراتهم المتتابعة مرة فى ولاية عمرو بن العاص ومرات عديدة فى الدولة الأموية فأذاقهم العرب النكال من القتل والسبى وتقطيع الأطراف وتدمير الكنائس .!! وهو مسجل فى كتاب الخطط للمقريزى ، يقوله إفتخارا .!!

3 ـ ونعود الى تشريعات رب العزة . فالقصاص هو العدل فى الجرائم العادية وفى الدفاع ضد جيش يعتدى علينا . فماذا إذا قمت برد العدوان بمثله فهاجمك العدو المعتدى ؟ هنا ليس عليك حرج وليس عليك سبيل إذا رددت العدوان الجديد بمثله ، يقول جل وعلا (وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) ( الشورى ). بل إن الله جل وعلا يعد هذا المظلوم الذى قام برد العدوان بالنصر ، يقول جل وعلا : ( ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ( الحج  ).

وفى كل الأحوال يظل التسامح والإحسان والصبر والغفران الدرجة العليا فى الرقى الحضارى للتشريع الاسلامى الذى لا يعرف السنيون عنه شيئا ، يقول جل وعلا :(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43) الشورى ) ، ويقول جلّ وعلا:

(وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) ) ( النحل ).

4 ـ أرجو التدبر فى هذا التشريع الاسلامى المسكوت عنه ، وأرجو الاستضاءة به والاحتكام اليه فى نظرة السنيين الى الآخر ، وفى كيلهم بمكيالين ، وفى تقديسهم لعمر وفتوحات عمر ، والتى لا يزالون حتى الآن يصفونها بالفتوحات ( الاسلامية ) ظلما للإسلام ولرب العزة جل وعلا .

ختاما :

( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) ( الحديد )

ودائما صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 26134