اعتبر معظم المعلقين والمراقبين للشأن الأردني أن مشروع "القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر" الذي أقره مجلس الوزراء الأردني تمهيداً لعرضه على مجلس الأمة، تمهيداً لإعلان الأحكام العرفية الأردنية، خوفاً على انهيار النظام، وحماية له، وهو ما يذكرنا بالأحكام العرفية التي أُعلنت في عام 1957، وإقالة الحكومة، وحظر نشاط الأحزاب السياسية، واعتقال العديد من الناشطين بتهمة مناوئة النظام، والقيام بنشاطات ممنوعة، والتحريض على السلطة، والدعوة إلى العصيان. كما تم إعلان الأحكام العرفية في 1970، وتعيين مستشار الملك العسكري (حابس المجالي) حاكمًا عسكريًّا عامًّا للأردن، وتشكيل وزارة جديدة برئاسة الزعيم داود، خلفًا لوزارة عبد المنعم الرفاعي المستقيلة، وتعيين حُكامًا عسكريين في كل محافظات الأردن.
"قانون المطبوعات والنشر" الجديد
أقرَّ مجلس الوزراء الأردني، مشروع قانون معدل لقانون المطبوعات والنشر لسنة 2012.
ويهدف مشروع القانون المعدل إلى ما يلي:
1- تضييق نطاق الجرائم والعقوبات في قانون المطبوعات والنشر، ولتمكين المتضررين من الأفعال الواقعة خلافاً لأحكامه من الحصول على التعويض من خلال اجراءات قضائية سريعة، دون الاخلال بضمانات المحاكمة العادلة.
2- تنظيم ممارسة المواقع الالكترونية لعملها، والزام المهتمة منها بالشؤون الداخلية والخارجية للمملكة بالتسجيل والترخيص كأي مطبوعة صحفية أخرى وفقاً لأحكام القانون واخضاعها للأحكام والإجراءات والمخالفات التي تخضع لها أي مطبوعة صحفية، دون فرض أي قيد أو جزاء اضافي عليها.
3- انشاء غرفة قضائية متخصصة في قضايا المطبوعات والنشر في كل "محكمة بداية"، تتولى النظر بالجرائم التي ترتكب خلافاً لأحكام القانون والجرائم التي ترتكب بوساطة المطبوعات، أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها، خلافاً لأحكام أي قانون آخر.
4- نظر الغرفة القضائية في الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني وأحكام هذا القانون، إذا نتج الضرر عن أي فعل ارتكب بوساطة أي من المطبوعات، أو وسائل الاعلام المرئي والمسموع.
5- إعطاء صفة التعويض المدني للدعاوى، وانقاص جميع مدد تقديم اللوائح وتبادلها والبينات الى النصف ودون أن تكون هذه المدد قابلة للتمديد.
6- إنشاء في كل محكمة استئناف غرفة قضائية متخصصة للنظر في الطعون الموجهة إلى الأحكام المستأنفة إليها الصادرة عن "محاكم البداية" على أن يتم الفصل في تلك الطعون خلال شهر من ورودها إلى "قلم المحكمة".
7- اذا كان من نشاط المطبوعة الالكترونية نشر الاخبار، والتحقيقات، والمقالات، والتعليقات، ذات العلاقة بالشؤون الداخلية او الخارجية للمملكة، فتكون هذه المطبوعة ملزمة بالترخيص والتسجيل.
8- التعليقات التي تنشر في المطبوعة الالكترونية مادة صحفية، لغايات مسؤولية المطبوعة الالكترونية، ومالكها، ورئيس تحريرها، ومديرها، وأي من العاملين فيها من ذوي العلاقة بالمادة محل التعليق.
9- عدم نشر التعليقات اذا تضمنت معلومات او وقائع غير متعلقة بموضوع الخبر او لم يتم التحقق من صحتها او تشكل جريمة بمقتضى احكام هذا القانون او اي قانون اخر.
10- الاحتفاظ بسجل خاص للتعليقات المرسلة إلى المطبوعة، لمدة لا تقل عن 6 اشهر.
11- اذا اصبح الموقع الالكتروني ملزماً بالتسجيل والترخيص وفق احكامه فتطبق عليه جميع التشريعات النافذة ذات العلاقة بالمطبوعة الصحفية.
12- إعطاء مالك المطبوعة الالكترونية، مهلة لا تزيد على 90 يوماً، من تاريخ تبليغه قرار مدير المطبوعات والنشر لتوفيق اوضاعه. كما أجاز مشروع القانون الطعن بقرار المدير امام محكمة العدل العليا.
من أجل مزيد من تكميم الأفواه
إن مشروع قانون المطبوعات والنشر، الذي سترسله الحكومة الى مجلس النواب، جاء منسجماً مع قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين، الذي اعتبر المطبوعة الالكترونية نوعاً من انواع المطبوعات الصحفية، وأن إعطاء القانون المطبوعة الالكترونية حق اختيار التسجيل، لا يعفيها من استكمال اجراءات الترخيص وفق أحكام القانون قبل ممارسة أعمالها. وأن المطبوعة الالكترونية تخضع لذات شروط ترخيص المطبوعة الصحفية، المنصوص عليها في "قانون المطبوعات والنشر"، ويتوجب عليها بصفتها مطبوعة صحفية دورية، الحصول على الترخيص قبل صدورها.
مقدمة الأحكام العرفية
لقد رفض الشارع الأردني المشروع المقيّد للصحافة، واعتبره مقدمة لتطبيق الأحكام العرفية. وبدأت مظاهر هذا الرفض، من خلال اعتصام بالكرك في "جمعة حرية الرأي
|
والإعلام".
وأشار تصريح صحافي صادر عن اللجنة المركزية للحراك الشبابي والشعبي بمحافظة الكرك، أن ما يجري حالياً من استعادة لأجواء القمع والتقييد للحريات، هو استعادة لروح الاحكام العرفية التي قبرها الشعب الاردني في انتفاضة نيسان المجيدة.
فقالت أخبار عمان، أن الحراك الشبابي والشعبي الاردني بمحافظة الكرك، نظَّم اعتصاماً في ميدان صلاح الدين الأيوبي بوسط مدينة الكرك في أعقاب صلاة الجمعة (24/8/2012) للمطالبة بالإصلاح، ومحاربة الفساد والفاسدين .
"جمعة حرية الرأي والاعلام"
ويأتي الاعتصام ضمن المسيرات والاعتصامات الموحدة للحراك الشبابي والشعبي الاردني، تحت عنوان "جمعة حرية الرأي والاعلام "، احتجاجاً على الاجراءات الرسمية الاخيرة بحق حرية الرأي وحرية الاعلام الوطني، وامعان الحكومة في سياسة العودة عن المطالب الاصلاحية.
وأشار تصريح صحافي صادر عن اللجنة المركزية للحراك الشبابي والشعبي بالمحافظة، أن الاعتصام يأتي للتأكيد على رفض كافة القوى الشعبية الاردنية الاجراءات الرسمية الأخيرة، التي طالت حرية الرأي وحرية الاعلام وبخاصة الاعلام الالكتروني، والمواقف السياسية لقوى المعارضة الشعبية والحزبية الاردنية .
رفض التضييق على الحريات
ولفت التصريح إلى أن الحراك الشعبي الاردني، وهو يؤكد على استمرار المطالبة بالإصلاح، يرفض السياسية الرسمية الجديدة التي تعمل على التضييق على الحريات السياسية والاعلامية التي تقف في مواجهة السياسة الرسمية، التي تعمل على تعميق الأزمة الوطنية بإجراءات تساهم في تردي الحالة العامة للوطن اقتصادياً وسياسياً.
هبوب رياح الثورة
وبيّن التصريح أن الوطن في هذه الفترة العصيبة، والتي تستعصي فيها الحكومة والحكم معاً، في تنفيذ المطالب الاصلاحية الشرعية للشعب الاردني، واصرارهم على طي ملفات الفساد الكبيرة رغماً عن المطالبات الشعبية بمحاكمة رموز الفساد، واستعادة الاموال التي تم نهبها .
وشدد التصريح على ان الاردنيين جميعا بكل فئاتهم وعلى امتداد مساحة الوطن وهم يعانون من التهميش والاقصاء والاستغلال من تحالف طبقي حاكم، لا يفرق بين الاردنيين يعلنون استمرار احتجاجهم السلمي المطالب بالإصلاح حتى تتحقق كافة المطالب الاصلاحية في استعادة سلطة الشعب واجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقا لقانون توافقي وحكومة برلمانية ومحاكمة لكل فاسد ساهم في نهب المال العام وافسد الحياة السياسية والاقتصادية بالوطن .
وأكد التصريح ان الخراب الذي احدثته السياسات الرسمية من خلال الحكومات والقرارات الرسمية الرعناء المختلفة في بنية الدولة والمجتمع ، قد اغرق الوطن والشعب كله في حالة التوتر والاضطراب السياسي والعنف متعدد الاشكال واغراق الوطن بأكبر مديونية . ان ذلك الخراب يتطلب توحيد جهود كل الاردنيين في المطالبة بالإصلاح والوقوف في وجه السياسات الرسمية المستمرة لحماية الوطن وصيانة منجزاته الوطنية.