د. زقزوق في " بيت الشاعر " : مستشرقو العصور الوسطى الأكثر إساءة للرسول

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢١ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: محيط


د. زقزوق في " بيت الشاعر " : مستشرقو العصور الوسطى الأكثر إساءة للرسول

 

   
 

د. زقزوق في " بيت الشاعر " : مستشرقو العصور الوسطى الأكثر إساءة للرسول

مقالات متعلقة :


محيط - رهام محمود


 
  جانب من الأمسية    

مع تصاعد نعرات العداء للإسلام على كافة الأصعدة الغربية ، تشتد الحاجة لفتح ملف الاستشراق الغربي ، أو ذلك التيار الغربي الراغب في دراسة الشرق بصورة متأنية ، آدابه ولغته وديانته وحضارته ، والذي بدأ منذ العصور الوسطى وإلى الآن واستمدت من خلاله التصورات الغربية عن الشرق عامة وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة ، وحول المستشرقين وأساليب الحوار مع الغرب استضاف " بيت الشاعر " وزير الأوقاف المصري د. محمود حمدي زقزوق ، في أمسية قدم لها الإعلامي جمال الشاعر وشهدت حضورا مكثفا وخاصة من دعاة المستقبل الأزهريين .

ولفت جمال الشاعر في البداية إلى ان مكان " بيت الشاعر " الذي تم افتتاحه مؤخرا بشارع المعز ، ذو أهمية كبيرة لإثراء حوار الثقافات لأن معظم مرتاديه من الأجانب والسائحين ، وبالتالي نتمكن عبر الحوار من التعريف بوضوح بأبرز قضايانا  .

وقال أن الاستشراق كقضية اهتم بها العديد من الدارسين العرب ، ولكن ادوارد سعيد المفكر الفلسطيني جسدها بكتاباته منذ بداياتها ووصولا للعصر الحالي وكيف حاكت أمريكا كل حروبها ضد المسلمين بزعم محاربة الإرهاب  .

من جهته أوضح د. زقزوق أن الإستشراق يتناول ليس فقط ديانات الشرق وعلى رأسها الإسلام ، وإنما أيضا الفكر والحضارة الإسلامية عموما ، وهناك إشارات قرآنية واضحة على علاقة الإسلام بالغرب والتي لا يجب قطعها ؛ ففي بداية الدعوة الإسلامية حينما كان سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه في مكة يواجهون مشركي قريش ، كانت هناك حربا كبيرا تدور بين الفرس – وهم وثنيون – والروم – وهم مسيحيون – وأنه لما انهزم الروم المسيحيون ، قال مشركو قريش :  " هزم أخوانكم أهل الكتاب وانتصر اخواننا الوثنيون ، وسنهزمكم كما هزموهم " ، وسجل القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى : " غُلِبَتِ الرُّومُ ‏.‏ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ".

ونرى أن المسلمين قد حزنوا لهزيمة الروم النصارى ، في حين فرح المشركون ، ومن هنا نرى الخيط الرابط بين الأوروبيين أو الروم قديما وبين الشرق والمسلمين ، والقرآن في نصوصه لا يمنع هذا التعاطف بين أهل الكتاب ؛ فيقول الحق تعالى : " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ".

وشهدت علاقة المسلمين والغرب توترات عسكرية كثيرة بعد ذلك ، والتي بلغت ذروتها بالحروب الصليبية التي دامت نحو قرن من الزمان ، إلى أن قام القائد المسلم صلاح الدين بحربه الشهيرة التي انتهت بطرد الصليبيين من القدس ، ومع ذلك عاملهم وفق شريعة الإسلام حتى أرسل طبيبه الخاص ليعالج ألد أعدائه ، رغم الفظاعات الوحشية التي ارتكبها الصليبيون حينما احتلوا البلاد ، كما منع صلاح الدين جيشه من تدمير أماكن العبادة والمقدسات المسيحية ، وأمن للصليبيين عودتهم لبلادهم وأعطى لفقرائهم من المؤن ما يعينهم على العودة ، وقد اقتضى في كل ذلك بالنبي – صلى الله عليه وسلم – حينما دخل مكة وأصحابه وعفا عن أهلها من قريش الذين أذاقوهم الويلات قبل الهجرة .

وحينما نتحدث عن الباحثين الغرب الذين درسوا الإسلام عقيدة وحضارة وتاريخ ، فإننا لا نعلم متى نشأت هذه الدراسات ؛ فالبعض يقول أنه كعلم نشأ في عام 1312 حينما صدر قرار مجمع فيينا الكنسي بإنشاء أقسام اللغة العربية في خمس جامعات أوروبية، هي أكسفورد، سلمنكا بأسبانيا، بولونيا، وأيضا جامعة المدينة الباباوية، وجامعة بولونيا.

وبعض المؤرخين يرجعون  تاريخ الاستشراق إلى القرن العاشر الميلادي في فترة بابا الفاتيكان الذي تقلد منصب الباباوية تحديدا في 999 وحتى 1003 ميلادية. والبعض الآخر يرجع بداية الاستشراق لبدايات القرن الحادي عشر والثاني، وكل منهم يأتي ببراهينه.

يواصل د. زقزوق : حينما نشأ الإستشراق كانت الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها ، وكانت أوروبا لا تزال تقبع في ظلام العصور الوسطى، ودائما الشعوب المتخلفة تسير على نهج المتقدمة ؛ فنشط الأوربيون في القرن الحادي والثاني والثالث عشر في ترجمة كل ما وصل أيديهم من التراث العربي إلى اللغة اللاتينية، التي كانت لغة ثقافية في كل أنحاء أوروبا، فهي لغة علمية لكن لا يتحدث بها.

 

 
  واحدة من المستشرقين    

ترجمت هذه الكتب والمؤلفات العربية الإسلامية إلى اللغة اللاتينية ليستفيد منها الباحثون والعلماء الأوروبيون. وتم الترحيب بالجانب العلمي فقط من الحضارة الإسلامية ، في حين تم التعامل مع الناحية الدينية برفض كبير ، وبدأ الهجوم العنيف على الإسلام يتضح في كتابات علماء هذا الزمان من الأوروبيين . وترجم القرآن للغة اللاتينية لأول مرة في عام 1143 ميلادية، وكانت ترجمة سيئة للغاية ومغايرة للمعنى ؛ لأن من ترجمه لم يكن يجيد العربية.
وما جرى حينها يذكرنا برسوم الصحيفة الدانماركية المسيئة للرسول – صلى الله عليه وسلم – لكن ما صدر عن الكتاب والباحثين في العصور الوسطى كان أشد قسوة بحق الإسلام ونبيه ، وكانوا ينعتون أكرم الخلق بأفظع الصفات والأفعال ، واتهموا المسلمين بعبادة الأوثان ، وأن له آلة متعددة ، ولم تكن وسائل الإعلام متطورة كما نشهد اليوم ، ولا تتمكن من إظهار الحقائق .

استمر الشد والجذب بين الحضارة الأوروبية والإسلامية ، ولكن كانت هناك نقاط إيجابية في الطريق ، ومنها مرحلة الوجود الإسلامي بالأندلس ( أسبانيا حاليا ) حيث انتشرت الحضارة الإسلامية ، وتعايش المسلمون والمسيحيون واليهود هناك بدرجة كبيرة ، وتعاونوا في شتى مناحي الحياة ، وكان اليهود يكتبون بالعربية ، حتى أن أحد أكبر فلاسفة اليهود في ذلك الزمان " موسى ابن ميمون " ألف كتابا شهيرا في العربية " دلالة الحائرين " ، وكذا الحال في جزيرة صقلية جنوب إيطاليا ، والتي كان يحكمها فريدريك الثاني، وكان من عشاق الفلسفة العربية، فكان يعقد في قصره ندوات فلسفية، كما أنه كان مشاركا بها ، وأهدى عدد من الجامعات الأوروبية مجموعة من المترجمات عن الفلسفة الإسلامية العربية.

المدهش أن أوروبا لم تعرف الفلسفة اليونانية الأوروبية في البداية إلا عن طريق اللغة العربية؛ حيث أنهم عرفوها عن طريق ترجمات اللغة العربية إلى اللاتينية، وبعد عام 1453 عندما استولى العثمانيون على القسطنطينية هاجر كثير من العلماء اليونانيين إلى إيطاليا ، وترجموا الفلسفة اليونانية إلى اللاتينية مباشرة ، وذلك بعد أن تعرف الأوروبيون على الفلسفة العربية، وعلى شروح ابن رشد لفلسفة أرسطو، والأخير – اي ابن رشد - كان له أثرا كبيرا في إثارة حماس الأوروبيين للتفكير الفلسفي والعلوم الأخرى المختلفة.

ساعدت آراء ابن رشد على إنعاش عصر النهضة الأوروبية، والعصر اللاحق به الذي تقدمت فيه العلوم والفنون ، ولذا فهم يعتبرون ابن رشد من دعاة التنوير ليس على المستوى العربي فقط بل الأوروبي أيضا، وقد أخذوا منه مبادئه العقلية وليس الدينية ، وكانوا حينها في صراع مع الكنيسة خلال القرون الوسطى وفي حاجة لأفكار يحاربونها بها  ، وقد كان  .

الأعمال التي قام بها المستشرقون كثيرة ومتنوعة، واليوم لا تكاد تخلو جامعة في أي دولة أوروبية من قسم الاستشراق، حتى ولو كان عدد الطلاب الملتحقين به قليل . وقد اهتم المستشرقون كثيرا بالمخطوطات والتراث الإسلامي ، وجمعوها بطرق مشروعة وغير مشروعة من كل الأماكن ، ولذلك تجد في مكتبات الجامعات الأوروبية مئات الآلاف منها، وحينما كانت هناك مخطوطات في مكتبة برلين بلغ حرص الألمان عليها أن نقلوها أثناء الحرب العالمية الثانية إلى مدينة أرلنجن النائية؛ حتى تكون بعيدة عن المعارك، وعندما استقرت الأوضاع أعادوها ثانية .

درس أيضا على أيدي المستشرقين كثير من أبناء العالم الإسلامي، وحصلوا على درجات علمية هامة ، كما قاموا بعمل دائرة المعارف الإسلامية، والتي ظلوا يعملون فيها أكثر من خمسين عاما، فجيل يموت ويحل مكانه آخر، وتعد هذه الدائرة من المراجع الأساسية لكل الدارسين في الاستشراق.

كما ترجموا القرآن الكريم ترجمات كثيرة جدا، وحتى يومنا هذا يترجم القرآن للعديد من اللغات. درسوا أيضا الحديث النبوي الشريف، وهذا مجال صعب بالنسبة لهم، كما درسوا الرواة ووالتعديل وكتب السنة والأحاديث الصحيحة والموضوعة والحسنة، ثم أخرجوا موسوعة من أفضل الموسوعات والتي بدأنا بعدها عمل المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي؛ ولذلك فهم خدموا الثقافة الإسلامية.

ولكن نتيجة نشأة المستشرقين في حضارة مختلفة وفي ظل العقيدة المسيحية ، كانوا بالفعل مختلفين عن الباحثين الإسلاميين ، ولابد لصاحب العقل أن يميز بين آرائهم في الحضارة الإسلامية وآراء أصحاب الحضارة ذاتها . وأحيانا يكتب المستشرقون أشياء مغايرة لحقيقة الإسلام ، هذا يحدث بحسن نية تارة وبسوء نية أحيانا أخرى وهذا نعلم أمثلته الكثيرة .

والحل الذي لا غنى عنه للتعامل مع الباحث الأوروبي في الحضارة الإسلامية ، هو النقاش والحوار الدائم ، وليس القطيعة ، وعلينا تفنيد ما يكتبونه وإظهار الحقيقة من غيرها وإزالة سوء الفهم والأحكام المسبقة من الجانبين ، فهناك تيار إسلامي لا يزال يرفض ما يذكره المستشرقون جملة وتفصيلا ، ومع ذلك يستعين بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم والأحاديث! 

وعلينا كذلك ألا نغضب مما يقوله الآخرون ، إذا لم يكن عن سوء نية مسبقة ، لأن العالم الذي نعيش فيه يحتم علينا التفاعل وليس العزلة والرفض المسبق ، وهي لغة إنسانية أساسية للإنسان في كل عصر .

-- المحرر

من أين إستقى المستشرقون معلوماتهم يا شيخ زقزوق

 

 

اجمالي القراءات 4311
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٢٢ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45164]

الاستشراق لماذا يتظر له نظرة ريبة

ليس من المعقول أن تنخرط نظرية المؤامرة على كل من يقترب من ثقافتنا الإسلامية ، فالقرآن كلنا يعرف أن أي ترجمة له هي ترجمة لمعانيه  في المقام الأول ولا يجب وضعه في سلة واحدة مع كل ما وصل لنا من رصيد بشري آخر  يتم من خلاله طرح رأي بشري يخطئ ويصيب ، ويتم ترجمته والتعامل معه وفق وجهة نظر مؤلفه البشري  التي لا تخلو من التحيز والميول البشرية بالطبع ،فيأتي المستشرق ليرى هذا الكم من التحيز والإنصاف،  فيتم التقييم  على الكل  والدليل على ذلك مقولة للمستشرق الفرنسي رجاء جارودي التي أتذكر معناها أنه عندما اعتنق الإسلام  كان لقراءته عن الإسلام كقاعدة  ولم ينظر لتطبيق المسلمين  وبالطبع تراثهم .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق