خبراء يطالبون بمنظمة للشفافية تلاحق الفساد في العالم العربي

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٣ - نوفمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصراوى


القاهرة - محرر مصراوي - طالب خبراء عرب بضرورة انشاء منظمة عربية للشفافية تلاحق الفساد في العالم العربي في انتشاره وفق التقارير الدولية للمنظمة الدولية للشفافية والتي تتصدر فيها الدول العربية المراتب الاولى.

وناشد الخبراء جامعة الدول العربية ان تقوم بدور ريادى فى تبنى هذا المشروع الذى اصبح ضرورة في ظل تصدر الدول العربية قائمة انعدام الشفافية في التقارير الدولية التى تقيس مستوى الشفافية في العالم.

وأكدوا أن انعدام الشفافية تعد من أهم معوقات التنمية في العالم العربي، وهو سبب رئيسي وراء ازدياد الفساد الإداري الذي يحبط بدوره جهود التنمية، واضعين الية لتعريف الشفافية بأنها قبول كل أجهزة ومؤسسات الدولة مبدئياً وقانونياً للمحاسبة والمساءلة.

الدكتور علي الترهوني المحاضر في الاقتصاد والأعمال في كلية مايكل فوستر لإدارة الأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية عرف الشفافية بانها قبول كل اجهزة ومؤسسات الدولة مبدئيا وقانونيا للمحاسبة والمساءلة.

وقال: "ان انعدام الشفافية ليس بمعزل عن اسبابها وهى اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية".

ووضع الترهونى على رأس غياب الشفافية  في العالم العربى العامل السياسى حيث وصف النظام السياسى العربى بانه مبنى على قضية ملكية الحكم (ان الحاكم هو المالك) والمالك غير قابل للمساءلة والمحاسبة، ويكاد ينعدم في المحيط العربى الشكل الديمقراطى للحكم الذى يفصل بين السلطات الثلاثة (سياسية وقضائية وتشريعية).

وقال : "ان أسوأ ما افرزه الشكل السياسى السائد في العالم العربى غياب المشاركة السياسية في صنع القرار وانتشار ما اسماه "هوية
الخنوع والخوف" التى جعلت المواطن يخشى من طرح فكرة المحاسبة والمساءلة لتجنب بطش المسئولين، كما افرزت ايضا اجهزة
بيروقراطية تعادى الشفافية والمساءلة وتسعى لارضاء السلطة باى ثمن".

وأضاف: "على الصعيد الاقتصادى هناك في العالم العربى ربط كامل بين الثروة والسلطة وتم التحول الى اقتصاد السوق خلال العقود الثلاثة

الاخيرة بشكل مشوه وصفه الترهونى بـ "اقتصاد الغنائم" الذي يسعى فيه اصحاب النفوذ الى تحقيق اكبر قدرمن المغانم في اسرع وقت ممكن مهما كانت خسائر الطرف الاخر".

وتابع الترهوني قائلاً: "من الناحية الاجتماعية تفشى ما اسماه "نظام الملقن" الذى يتولى فيه ولى الامر في الدولة والقبيلة والقرية
المسئولية الكاملة عن رعاياه على فرضية انهم على غير دراية كاملة بمصالحهم وهذا يعزز حالة الخنوع وعدم المطالبة بالحقوق الاساسية على اعتبار ان رفع الصوت في وجه ولى الامر "عيب" لايصح القيام به!!."

وطالب الترهونى بعلاج الاسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتخلف والفقر لانها في رايه هى نفس اسباب انعدام الشفافية.

من جانبه استعرض الدكتور رافع بن عاشور أستاذ العلوم القانونية في جامعة السابع من نوفمبر بتونس التطور السياسى لتبنى المجتمع الدولى لمبدأ الشفافية  قائلا: إن الجهود التى بذلتها الدول النامية (بعد تحررها من الاستعمار فى النصف الثانى من القرن العشرين) من اجل تحقيق التنمية لم تسفر سوى عن مزيد من التخلف والفقر.

وأوضح أن معارك التحرر الوطني وإثر حصول الشعوب الافريقية والآسيوية على استقلالها السياسي وتخلصها من السيطرة الاستعمارية فيما بين الستينيات والسبعينيات، انطلقت الدول الحديثة بالتوازي مع الشروع في بناء الدولة وبعث المؤسسات الوطنية في معركة جديدة لا تقل أهمية عن معركة التحرر الوطني، ألا وهي معركة مقاومة التخلف بمختلف أوجهه، أو ما صار يسمى بمعركة تحقيق التنمية وقد نعت بعضهم هذه المعركة بالجهاد الأكبر مقارنة بمعركة التحرر الوطني التي كانت تمثل الجهاد الأصغر.

وقال بن عاشور: "إن برنامج الأمم المتحدة للتنمية اعتمدت معايير جديدة كمية ونوعية (كيفية) في الآن نفسه، ونسجت المؤسسات المالية الدولية على مشوار البرنامج إذ اعتمدت هي أيضا معايير نوعية لتوزيع مساعداتها وقروضها."

وأضاف : "إن التنمية غادرت الميدان الاقتصادي الكمي ولم تقد مسألة إعانة وقروض بل صارت ذات طابع نوعي يتصل خاصة بطريقة التصرف في الموارد الطبيعية والمالية والبشرية وطبيعة العلاقة بين الدولة والمواطنين وفتح المجال للمبادرات الخاصة أي ما وقع إجماله في عبارة الحكم الرشيد أو أيضا الحاكمية فالحكم الرشيد صار المعيار الأهم لقتييم أداء الدول من أجل التنمية".

ومن بين عناصر الحكم الرشيد، تحتل الشفافية موقعا مركزيا باعتبارها لا فقط إحدى مقومات التنمية بل من ضرورات التنمية، فلا تنمية بدون توفرها، ولا تنمية بدون إصلاح الأوضاع لتوفيرها . فالشفافية تمثل الآن إطار التنمية الضروري التي لا محيص عنه وهي تشمل جميع القطاعات : الحكومة، الإدارة، المؤسسات الصناعية، المؤسسات المالية، المنظمات الخيرية.

وأشار بن عاشور إلى أنه تكونت في برلين من 1995 "منظمة دولية غير حكومية هي منظمة الشفافية الدولية" لمساعدة الدول والأفراد على محاربة الفساد الذي صار يلتهم جميع الجهود المبذولة للتنمية سسواء كانت هذه الجهود وطنية أو دولية.

ومن مهام هذه المنظمة الزيادة من فرص ونسب مساءلة الحكومات والحد من الفساد حتى لا تذهب الجهود والموارد في غير هدف تحقيق التنمية والشفافية في معاناها اللفظي الطبيعي تنطبق على الأشياء فيقال إن الشيء الشفاف بمعنى أنه يمكن الضوء من اختراقه ويمكن من رؤية الطرف الآخر، على أنه لا يوجد شيء شفاف مائة في المائة فلابد للضوء أن تضيع نسيه منه.

وقال بن عاشور: "إن البلدان الأكثر فسادا في العالم هي بطبيعة الحال البلدان الأقل نموا والأكثر فقرا والأكثر عرضة للجوع والجهل
والأمراض والأوبئة، لذلك يعتبر الفساد السائد اليوم في العديد من البلدان النامية بمثابة الكارثة الإنسانية ولابد من تركيز كل المجهود الدولي على الحد من نسب الفساد والتصدي لهذه الكارثة بجميع الوسائل بما فيها المقاضاة أمام المحاكم الجنائية الدولية لأنها سلا تقل خطورة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان ويستنتج من التقرير العالمي لدول الفساد لسنة 2008 أن 50 مليار دولار (35 مليار يورو ) ضاعت بسبب الفساد".

مؤشر الفساد

ووفق مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية يقيس مستويات الفساد في القطاع العام في بلد معين، وهذا المؤشر هو مؤشر مركب يعتمد على الدراسات الاستقصائية المتخصصة والمسوحات التجارية.

ويحتوي مؤشر مدركات الفساد لعام 2008 على 180 بلدا (وهو نفس عدد الدول التي احتواها مؤشر عام 2007) مرتبة على مقياس
من صفر (فاسد جدا) إلى عشرة (نظيف جدا).

وتتشارك كل من الدنمارك، ونيوزيلندا، والسويد بأعلى الدرجات(9.3)، يليها مباشرة سنغافورة (9.2) بينما تحتل الصومال المرتبة
الأخيرة (1.0) يتقدمها بشكل طفيف كل من العراق وميانمار (1.3)، وهايتي (1.4).

من جانبه شدد الأستاذ يوهان غراف لامبسدروف من جامعة باسو في ألمانيا، والقائم على تنفيذ المؤشر بالنيابة عن منظمة الشفافية الدولية، على الآثار الكارثية للفساد والمكاسب الناتجة عن مكافحته قائلا: "تشير الأدلة إلى أن تحسنا بمقدار نقطة واحدة (من أصل نقاط المقياس العشرة) يؤدي إلى زيادة تدفقات رأس المال بنسبة 0.5 % من إجمالي الناتج المحلي للبلد وزيادة في نسبة متوسط الدخل بنسبة قد تصل إلى 4 %".

كما يعكس مؤشر مدركات الفساد لعام 2008 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية الطبيعة المتنوعة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع وجود 13 بلدا التي أحرزت أقل من 5 علامات على المؤشر، مما يشير إلى مشكلة فساد خطيرة، إضافة إلى خمسة بلدان فقط التي أحرزت ما يفوق عن 5 علامات.

توضح نتائج مؤشر مدركات الفساد للعام 2008 أنه وبالرغم من الفساد وانعدام الشفافية اللذان ما يزالان يشكلان تحديا أساسيا أمام تنمية المنطقة، فإن النقاش المتزايد بشأن قضية الفساد يسير ببطء لكن بثبات نحو خطوات الإصلاح الهيكلي.

واكتسبت مسألة مكافحة الفساد في القطاع العام زخما وشرعية ويتم الآن مواجهة ذلك بوضوح باعتباره العقبة الرئيسة أمام التنمية، بدءا من المغرب ومرورا بمصر، ولبنان، والأردن، والكويت، واليمن.

ويمتد هذا الزخم لفلسطين على الرغم من عدم إدراجها في مؤشر مدركات الفساد لعام 2008.

ويظهر مؤشر مدركات الفساد لعام 2008 مستويات أدنى من مدركات الفساد في قطر، والإمارات العربية المتحدة، وعمان، والبحرين، والأردن.

ولم يتضح بعد ما إذا كان هذا التحسن، ولا سيما في دول الخليج الغنية بالنفط والغاز ناتج عن زيادة في الإرادة السياسية لمكافحة الفساد أو يعكس قدرة الفوائض الكبيرة، والتي تغذي التنمية الاقتصادية السريعة، على إخفاء الآثار السلبية للفساد.

ففي حالة الإمارات العربية المتحدة، يوجد تفسير واحد للتحسن على نتيجة المؤشر يتمثل في تراجع لحالات الفساد التي يتورط فيها مسؤولون تنفيذيون على مستوى عال، بمن فيهم مواطنوا الدولة، فضلا عن تعزيز دائرة المراجعة المالية.

أما في الأردن، والتي استضافت المؤتمر الأول للدول الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العام 2006، وأظهرت رغبة واسعة في معالجة الفساد، فقد شهدت تحسنا على نتيجتها في المؤشر والذي شهد ارتفاعا من 4.7 في عام 2007 إلى 5.1 في عام 2008.

أما قطر فسوف تستضيف في أواخر العام 2009 المؤتمر القادم للدول الأعضاء في اتفاقية مكافحة الفساد، أما نتيجة العراق المتمثلة علامتها بـ 1.3 فتسلط الضوء على أهمية إنشاء مؤسسات على أسس متينة قادرة على الأداء، ومنع الفساد، وتنفيذ سيادة القانون.

منظمة عربية للشفافية

من ناحيته أكد الدكتور عبد السلام بشير الدويبي عضو هيئة التدريس في جامعة الفاتح بليبيا اننا مطالبون بامر الله عز وجل في القران الكريم بعدم الفساد او الافساد، ومن ثم فنحن اولى الناس بتطبيق الشفافية ومحاسبة المفسدين دون حاجة الى ان نكون نمطيين.

وأوضح ان الفساد صفة انسانية ولكن ما يميز الانظمة الديمقراطية هو سرعة ملاحقته وكشفه ايا كان موقع الشخص او نفوذه، منوهاَ إلى أن المرء مضطر احيانا لمجاراة الفساد (كاعطاء رشوة مثلا) لانه لاسبيل امامه للحصول على حق له الا بهذه الطريقة والضرورات تبيح المحظورات.

ودعا الدويبي إلى تأسيس منظمة عربية للشفافية تلاحق الفساد في العالم العربي، وناشد جامعة الدول العربية ان تقوم بدور ريادى فى تبنى هذا المشروع الذى اصبح ضرورة ملحة في ظل انتشار الفساد في العالم العربى وتصدر الدول العربية قائمة انعدام الشفافية في التقارير الدولية التى تقيس مستوى الشفافية في العالم.

 

اجمالي القراءات 4101
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق