جدل سياسي حول تصريحات العريان عن الاعتراف بإسرائيل

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٩ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصري اليوم


لاتزال تصريحات الدكتور عصام العريان، عضو المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، حول الاعتراف بإسرائيل ومعاهدة كامب ديفيد، تثير جدلا واسعا، فقد اختلف محللون سياسيون في تحليلهم لتصريحات الإخوان بهذا الشأن، ففي حين رأي البعض أن الهدف منها إرسال رسالة للأمريكيين، رأي الدكتور رفعت السعيد أنها تعكس خللا في مواقف الجماعة وارتباكا في القيادة.

مقالات متعلقة :


فسر ضياء رشوان رئيس، وحدة النظم بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية التصريحات بأنها علامة صحة، ودليل علي وجود حوار داخل الجماعة، بينما شن عصام سلطان المحامي والقيادي بحزب الوسط المنشق عن الإخوان هجوما علي الجماعة ووصف تصريحات الجماعة بهذا الشأن بأنها خروج علي الثوابت الشرعية والوطنية.

وقال سلطان وهو أحد قيادات حزب الوسط: إن تصريحات العريان وتعقيب عبدالحليم الغزالي المستشار السياسي للمرشد العام الذي قال فيها إن مسألة الاعتراف سابقة لأوانها، أنها سابقة خطيرة لأن مبدأ الاعتراف بإسرائيل يخالف الثوابت الشرعية والوطنية، حتي الدكتور عبدالحميد لم ينف لكنه «جه يكحلها عماها»، وأثبت ما قاله العريان لأنه قال إن مسألة الاعتراف سابقة لأوانها، ومعني ذلك أن الاعتراف آت لا محالة وهو كلام أخطر من كلام العريان.

وقال: أنا أدين كلا التصريحين ولا أصدق كلام المرشد الذي قاله في جريدة «الحياة»، لأن ميكانزم العمل داخل الجماعة علي النحو المعروف للجميع، هو أن من يخطئ تنظيميا يتخذ بشأنه قرار فوري، فما بالك إذا أخطأ في أمر يخص العقيدة والدين.

وشدد سلطان علي أن تصريح العريان اللاحق في موقع إسلام أون لاين، والذي يحاول فيه أن يلصق الاعتراف بإسرائيل بحزب الإخوان وليس بالجماعة، هو أيضا كلام يخالف ثوابت الدين والعقيدة لأنه لا يجوز للحزب أن يغير موقفه من المعارضة للسلطة فيما يتعلق بالمواقف المبدئية التي تتصل بثوابت الأمة.

و قال: «أعتقد حين قرأت تصريحات العريان الأولي أنها موقف شخصي أو أنها قد تكون نتيجة احتمال أن يكون العريان قد تناول شيئا في طعامه في سجن طرة جعله يقول هذا، لكن تصريحات الغزالي أرعبتني وشعرت أن هناك اتجاها داخل جماعة الإخوان المسلمين لا يخص عصام العريان وحده فيما يخص قضية الإعتراف بإسرائيل».

وأشار سلطان إلي أنه اتصل بالدكتور رفيق حبيب أحد أعضاء اللجنة التي وضعت برنامج الإخوان فنفي بشدة أن يكون برنامج الإخوان قد تتطرق إلي هذا بل إن البرنامج تمسك بدولة فلسطين التاريخية ويرفض فكرة قيام دولتين.

وقال عصام سلطان إن لديه احتمالين لما حدث، الأول هو أن الإخوان يرسلون رسالة إلي الأمريكيين، حيث إن العريان اختار جريدة الحياة التي يهتم بقراءتها الأجانب في مصر ولا توزع إلا عددا محدودا علي النخبة، وصرح بهذا التصريح في أيام العيد الذي يكون الناس خلاله مشغولين... فبالتالي يصل الأمر إلي من يريده العريان ولا يقرأه من لا يريد العريان ألا يقرأه.

وأشار إلي أن الموقف الذي تسببت فيه تصريحات العريان يشكل أزمة عنيفة داخل الجماعة، لأنه في الماضي حين كان المرشد الحالي أو السابق أو الأسبق لا يوفقون في تصريحاتهم، كان الناس يقولون لو كان العريان هو الذي يصرح لكان أفضل لكن الآن لم يعد حتي العريان قادرا علي القيام بهذا الدور.

وقال: أعتقد أن هذه التصريحات ستحدث زلزالا داخل الجماعة وليس شقاقا لأن قواعد الإخوان تربوا علي خلاف هذه التصريحات تماما، الاعتراف بإسرائيل لدي الإخوان المسلمين الصادقين هي مسألة دين وعقيدة وحلال وحرام ولا يجوز الإقتراب منها ولا حتي علي سبيل التلميح ولا المناورة ولا التكتيك، وبالتالي فمن وقع فيها فقد وقع في الحرام.

وأضاف: النموذج الذي يعجب به الدكتور العريان هو نموذج دولة قطر التي تفتح مكاتب تجارية لديها لإسرائيل وبينها وبين إسرائيل معاهدات تجارية وفي نفس الوقت لا توجد معاملات دبلوماسية.

وتابع: في تصوري أن النموذج الذي تربي عليه شباب الإخوان ليس نموذج دولة قطر وأن حسن البنا حين حدد أهداف الإخوان ومن بينها إقامة الدولة الإسلامية لم يقصد دولة قطر.

و أكد الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، أن هناك ظاهرة جديدة تعكسها مثل هذه التصريحات، وهي أن هناك حالة من التخبط. وقال: كان الإخوان دائما يراكمون المواقف حتي المتناقض منها، الآن هناك حالة من الإرتباك الفكري الحقيقي الذي يطفح بين الحين والأخر.

ودلل علي ذلك بالتصريح الأخير للدكتور محمد حبيب، نائب المرشد العام، حين أكد أن الجماعة أخطأت في صياغة الجزء المتعلق باللجنة المرجعية، وأشار إلي أنه كان من الأفضل أن يكون رأيها استشاريا وليس إلزاميا.

وأشار إلي أنه فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل فالإخوان يعانون من حالة إرتباك تعبر عن ضعف القيادة وخلل في التركيبة القيادية ربما بسبب غياب الشخصيات الأقوي المقبوض عليهم. إلا أن السعيد يري أنه من المستبعد أن يكون رأي العريان معبرا عن موقف الجماعة وقال: لا أعتقد أنهم يمكن أن يجازفوا بمثل هذا الموقف في الوضع الراهن إلا إذا كانت تريد أن تتقرب بهذا الموقف من أمريكا.

و قال ضياء رشوان رئيس وحدة النظم بمركز الإهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: لا أستطيع القول أن هناك تيارا داخل الإخوان يؤيد رأي العريان، لأن كل القيادات المعروفة ترفض رأي العريان، والقيادات عموما ليست مع هذا الرأي وأشك أن القواعد تكون معه لأنها تكون عادة أقل مرونة من القيادات.

وأكد أن رأي العريان لا يعتمد عليه في تمثيل جماعة الإخوان رافضا فكرة أن تكون هناك أهداف غير معلنة لتصريحات العريان بهدف إرسال رسائل لجهات معينة.

و قال: نعرف أن رأي الجماعات السياسية في قضية أساسية لا يؤخذ من رأي فرد إلا إذا كان مسؤولا ونعرف أن العريان لا يحتل موقعا مسؤولا داخل الجماعة فهو ليس عضوا في مكتب الإرشاد بل هو مجرد عضو في اللجنة السياسية.

وقال إن رأي الإخوان واضح في الوثائق التي تعبر عن إجماعهم سواء في مبادرة الإصلاح (٢٠٠٤) والبرنامج الانتخابي لمجلس الشعب (٢٠٠٥) والبرنامج العام الذي صدر مؤخرا، مشيرا إلي أن الموقف من إسرائيل في هذه الوثائق واضح وهو طرح الموقف من معاهدة كامب ديفيد للاستفتاء.

وأكد أنه إذا كانت هناك رسائل فهي ستكون لثلاث جهات وهي الولايات المتحدة والنظام المصري وإسرائيل، وهذه الأطراف ليست «عبط»، حتي يعتقدوا أن برنامج الإخوان هو رأي عصام العريان لأنهم يعرفون جيدا أنه لا يمثلها.

قال: السياق الدولي الحالي غير موات لأن يطرح الإخوان مناورات، وإذا كانت مشاكل حماس الرئيسية ـ وهي تعتبر فرعا للإخوان ـ جاءت نتيجة عدم الاعتراف بإسرائيل، فكيف نتصور أن الجماعة الأساسية في مصر تسعي إلي ذلك ...هي في حل من ذلك، لا شئ يجبرها علي اتخاذ موقف هو جوهري بالنسبة لها... ما هو الثمن؟!

وأشار رشوان إلي أن هناك تباينا في المواقف بين فروع الإخوان المختلفة سواء في العراق أو الأردن ومصر لكن الذي يجمع الإخوان في العالم كله هو الموقف في إسرائيل.

وأكد أن موقف الإخوان من إسرائيل لا يعني أنهم سيعلنون الحرب عليها بمجرد وصولهم السلطة، كما يصور النظام الحاكم، كأن هناك بديلين أمام إسرائيل إما الحرب وإما المعاهدة. وقال «إسرائيل لم تلغ المعاهدة وفي نفس الوقت مستمرة في التنكيد علينا. لكننا ندير الملف عن طريق بيروقراطية تدير دولة بدون أي إبداع».

و أضاف: الإخوان يستطيعون التنكيد علي إسرائيل بعشرين طريقة دون أن يعلنوا الحرب، فهناك وسائل أخري مثل استخدام القانون الدولي وسحب السفير...

وأكد رشوان أن الحوار الذي يحدث داخل جماعة الإخوان المسلمين يعطي فكرة أن الجماعة ليست هي الكيان الجامد الذي يقوم علي السمع والطاعة ، وإنما هناك حوار واختلاف في الأراء «يا ريت الحزب الحاكم يتعلم منهم».



اجمالي القراءات 4276
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق