السكن في العراء والقوارب والحافلات المركونة أصبح مشهدا شائعا في السعودية حيث يعيش ربع ابنائها تحت خ

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٠ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: وطن


أين ثروات النفط.. السكن في العراء والقوارب والحافلات المركونة أصبح مشهدا شائعا في السعودية حيث يعيش ربع ابنائها تحت خط الفقر الكاتب حبيب طرابلسي
الاثنين, 20 أبريل 2009 19:53
قرابة ‏ربع المواطنين السعوديين تحت خط الفقر، أسرة تسكن في العراء تحت الجسر وأخرى في قارب على البحر، وثالثة تتخذ من باص يعمل عليه رب الأسرة ملجأ للنوم، أب يجبره الفقر على تزويج ابنته الشابة لكهل باكستاني، ومتسولون ومتسولات بشهادات جامعية وثانوية: هذه حقائق مذهلة كان يعتبرها البعض قبل سنوات "عارا" يجب إخفاؤه في بلد يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم.

مقالات متعلقة :




أكبر دليل على تخطي السعودية الحاجز النفسي في التعامل مع قضية الفقر تتمثل في إفصاح وزارة الشؤون الاجتماعية في تقريرها السنوي عن وجود 665.6 ألف أسرة يشملها الضمان الاجتماعي بنهاية العام 2007، أي نحو 3.8 مليون نسمة، أو قرابة 22 في المائة من السعوديين تحت خط الفقر.


وقد أثار التقرير ردود فعل واسعة في مجلس الشورى، حيث رأى بعض الأعضاء أن هذا الرقم "غير معقول ولا غير مقبول" في دولة غنية مثل المملكة العربية السعودية.

وذكرت صحيفة عكاظ أن أحد الأعضاء تساءل قائلا "لماذا هذا العدد وهذه النسبة الكبيرة من الأسر الفقيرة في ‏دولة غنية مثل المملكة، بينما نسبة الفقراء في ماليزيا مثلا 5 في المائة فقط، وفي باكستان 26 في المائة وفي ألمانيا 11 في المائة؟".


ويرجع الفضل للملك عبد الله بن عبد العزيز في "كسر تابو" الحديث عن الفقر بعد زيارته لبعض الأحياء الفقيرة في الرياض، في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 عندما كان وليا للعهد، وتأكيده على ضرورة اجتثاث جذور الفقر من المملكة.


ومنذ إعطائه إشارة البدء في تطبيق "إستراتيجية وطنية لمكافحة الفقر" ومنذ تأسيس "الصندوق الخيري" لمكافحة هذه الظاهرة عام 2003، بدأت الصحافة المكتوبة والالكترونية تنشر، بدون خجل، قصصا تدمي القلوب لعائلات سعودية تقطن في بيوت الصفيح الآيلة للسقوط وفي بيوت متهالكة صنعت من القش والحجارة أو حتى على أسطح المنازل.


فهذه أسرة سعودية مكونة من سبعة أفراد اتخذت من سيارتها الخاصة مقرا لسكنها في العراء تحت جسر شرق الرياض، و أخرى اتخذت من باص يعمل عليه الأب مقرا لمبيتها، وثالثة اضطرت إلى العيش في قارب على كورنيش جدة.


وهذا سعودي يجبره الفقر على تزويج ابنته، خريجة الثانوية من كهل باكستاني يبلغ من العمر ستين عاماً ويعمل تاجرا في بيع وتصدير وتوزيع المواد الغذائية في محافظة جازان.


كما دفع العوز والفقر بعض السعوديات إلى القبول بمهن كانت محتقرة أو غير مرغوب فيها حتى كخادمات منازل أو عاملات نظافة أو مربيات للأطفال.


ثم جاء التقرير السنوي الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية ليقول حرفيا أن "دائرة مكافحة التسول في المملكة سجلت ارتفاعا في نسبة المتسولين من السعوديين والسعوديات حيث بلغ العدد لهذا العام 5306 وبلغت النسبة 19% مقارنة بالعام الماضي الذي كانت النسبة فيه تساوي 15% وكان العدد يساوي 4952".

كما كشف التقرير عن أن "النساء اللاتي تم ضبطهن من حملة الثانوية العامة وأن معظم الذكور هم من خريجي الجامعات".


وما أن نشر التقرير حتى توالت التحليلات اللاذعة والتعليقات الساخرة، تحت عناوين مثل "متسول بشهادة جامعية" و"سعودة التسول" و"بكالوريوس يا محسنين".


ومن ضمنها مقال في "المدينة" للدكتور حمود أبو طالب يقول فيه "أصبحنا نتعامل مع أصحاب الشهادات والعلم، وبالتالي لا يجب أن نساوي بين حامل الشهادة الابتدائية وحامل الشهادة الجامعية لأن المقام يختلف، والمكانة تختلف، والاحتياجات تختلف".


وينصح الكاتب المحسنين بأن "لا يخدشوا مشاعر جامعي أو جامعية بمبلغ زهيد، تقديرًا للجهد والتعب والمثابرة، وتعويضًا عن الأمل المفقود والخيبة والصدمة في وطن أصبح فيه أصحاب الشهادات الجامعية يتسولون في الأسواق وعند إشارات المرور الحمراء، بعد أن أضأنا إشارة حمراء لمسيرة أحلامهم".


ويتساءل زميله خالد حمد السليمان في صجيفة عكاظ "أين ملايين إستراتيجية الفقر؟"، في إشارة إلى أكثر من مليار ريال تخصصها وزارة الشؤون الاجتماعية شهرياً لمستحقي الضمان الاجتماعي في إطار إستراتيجية مكافحة الفقر. وتأتي معظم المبالغ التي يصرفها الضمان الاجتماعي للمستفيدين من أموال الزكاة.


وكانت بعض الصحف المحلية تحدثت في عام 2007 عن اكتشاف تسرب 300 مليون ريال من أموال الضمان الاجتماعي لأشخاص لم يعودوا مستحقين لتلك الأموال.


وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، أكد مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة، علي بن سليمان الحناكي، لـ"عكاظ" أن الشؤون الاجتماعية وضعت يدها على "اشتراطات" بعض الجمعيات الخيرية بأن يكون طالب المساعدة "غير حليق"، ولا يملك لاقطا فضائيا (دش) وأن يحفظ جزءا من القرآن الكريم، وأن يكون مواظبا على صلاة الجماعة في المسجد.


وحسب دراسة نشرت في 4 أبريل/نيسان في "الاقتصادية"، يحرم نظام الضمان الاجتماعي أطفال الأسر الفقيرة الذين يأتي ترتيبهم بين أشقائهم الثامن فما فوق من المخصصات التي تصرف لكل أسرة في النظام ممن تنطبق عليها شروط الاستحقاق، وهو الأمر الذي يراه بعض المختصين خللا كبيرا في نظام الضمان الاجتماعي في السعودية.


بعد حوالي أسبوعين من الإفصاح عن العدد الرسمي لعدد المواطنين تحت خط الفقر، يستذكر العديد من الكتاب زيارة الملك عبد الله للأحياء الفقيرة في الرياض قبل ما يربو على أربع سنوات و يتساءلون عن الأسباب والحلول.


"فقراء في ثالث أغنى دولة في العالم حسب متوسط الدخل؟"، "فقراء رغم أننا نملك ثلث احتياطي البترول في العالم كله؟"، يتساءل عبد الله باجبير يوم السبت 18 أبريل/نيسان في "الاقتصادية".


ويضيف الكاتب "طلب مجلس الشورى من وزارة الشؤون بيانات تفصيلية عن عدد المعتمدين من المساعدات من حيث المؤهلات أي المستويات العلمية والاجتماعية ومناطق وجودهم (..) قد يكون هذا مفيداً، ولكن المفيد أكثر هو عدالة توزيع الدخل القومي. واضح أن عدالة التوزيع مفقودة".


ولم يستثن الكاتب الأثرياء من المسؤولية عن انتشار الفقر في المملكة إذ أردف قائلا: "أن مواجهة الفقر ليست مهمة الحكومة وحدها (...) فليس هناك دولة تستطيع معالجة الفقر إلا بمساعدة الأغنياء والأثرياء من مواطنيها تحت مظلة التكافل الاجتماعي".

اجمالي القراءات 2279
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق