في ارتفاع مستمر.. 25 حالة طلاق كل ساعة في مصر

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٢ - نوفمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الجزيرة


في ارتفاع مستمر.. 25 حالة طلاق كل ساعة في مصر

بلغت مستويات الطلاق في مصر حدا غير مسبوق، فهناك 25 حالة طلاق في مصر كل ساعة بحسب النشرة السنوية الجديدة لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2019، مقارنة بنحو 16 حالة فقط قبل 10 سنوات، وذلك بزيادة قدرها 56%، مقابل زيادة نسبة الزواج بنحو 22% فقط خلال الفترة نفسها.

وبالعودة إلى النشرة السنوية التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الأحد الماضي، ارتفعت حالات الطلاق إلى 225 ألفا و929 حالة عام 2019 مقابل 211 ألفا و554 حالة عام 2018، بنسبة زيادة قدرها 6.8%.

أما عدد عقود الزواج فبلغ 927 ألفا و844 عقدا عام 2019، مقابل 887 ألفا و315 عقدا عام 2018، بنسبة زيادة قدرها 4.6%، ولكنها تظل أقل من أعوام كثيرة سابقة -رغم الزيادة السكانية- مثل عام 2015 الذي سجل 969 ألفا و399 عقد زواج، وعام 2016 الذي سجل 938 ألفا و526 عقدا.

لم تكن تلك الأرقام والنسب هي المفاجئة، فالنشرة السنوية حملت بين سطورها أرقاما أخرى لا تقل مفاجأة عن سابقتها، حيث ارتفعت عقود الزواج في الحضر بنسبة 5.4%، فيما بلغت 4% في الريف فقط.

الخطاب الإعلامي البائس يشجع المرأة على فعل كل شيء دون النظر للعواقب بحسب الشيخ هاشم إسلام (الجزيرة)

وعلى غير العادة، انخفضت حالات الطلاق في الحضر بنسبة قدرها 0.1%، بينما ارتفعت في الريف بنسبة 16.2%، وهي نسبة غير مسبوقة خلال العقد الماضي.

واحتلت مصر عام 2017 المرتبة الأولى عالميا، وهو المؤشر الوحيد الذي تصدرته بعد ارتفاع عدد حالات الطلاق إلى 250 حالة يوميا، مما نجم عنه أكثر من 4 ملايين مطلقة، و9 ملايين طفل ضحية الانفصال بين الزوجين.

واللافت في أرقام عدد عقود الزواج وحالات الطلاق خلال العقد الأخير هو تراجع عدد عقود الزواج في بعض السنين وزيادتها في البعض الآخر بنسب قليلة رغم الزيادة السكانية المطردة وزيادة عدد حالات الطلاق بشكل مستمر خلال الفترة نفسها بنسب أكبر.

ولمعرفة حجم الأزمة في بلد يزيد عدد سكانه على 100 مليون نسمة كأكبر بلد عربي فإن ترجمة النسب المئوية الصغيرة إلى أرقام تعني أرقاما كبيرة تكون لها توابع وخيمة في المستقبل مع استمرار زيادتها عاما تلو الآخر.

تردي الأوضاع الاقتصادية يساهم بإثارة المشاكل بين الزوجين (الأوروبية)

ميثاق غليظ

وللوقوف على دلالات هذه الأرقام ومؤشراتها، يقول عضو لجنة الفتوى في الأزهر سابقا الشيخ هاشم إسلام إن "زيادة معدلات الطلاق نتيجة متوقعة في العصر الذي نعيش فيه نتيجة البعد عن المفهوم الديني الحقيقي للزواج والأسرة، وقد وصف القرآن الكريم عقد الزواج بـ"الميثاق الغليظ" في قوله سبحانه وتعالى في سورة النساء، الآية 21 ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾".

هذا الميثاق الغليظ لم يطلق إلا على أمرين -بحسب الشيخ هاشم- هما ميثاق الزواج وميثاق الأنبياء، وجعله الله رابطا مقدسا، وجعله أبغض الحلال، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة"، من أجل الحفاظ على وحدة الأسرة، ومنح الزوجين أكثر من فرصة لمراجعة نفسيهما.

وألقى العضو السابق في لجنة الفتوى بالأزهر باللوم في حديثه للجزيرة نت -إلى جانب البعد عن الدين- على تردي الأوضاع الاقتصادية التي تثير المشاكل بين الزوجين، وأيضا الخطاب الإعلامي البائس الذي يشجع المرأة على فعل كل شيء دون النظر إلى العواقب، وتسهيل موضوع الطلاق، وهو ما ينذر بكارثة، حسب تعبيره.

اعلان
 

ورهن الشيخ هاشم تراجع عدد المطلقين بزيادة الوعي الديني للأسر المصرية من خلال الأزهر الشريف، ونشر ثقافة الزواج والأسرة في الإعلام، وتشجيع عمل المنظمات الخيرية، وقيام الدولة بواجبها نحو توفير حياة كريمة للمواطنين، وتحسين مستوى معيشتهم، وإصلاح القوانين بما يتفق مع الشرع.

مصر احتلت المرتبة الأولى عالميا في ارتفاع نسبة الطلاق وفقا للإحصائيات الرسمية (الصورة تعبيرية-الأوروبية)

معالجة الأخطاء

من جهتها، تقول خبيرة علم الاجتماع والعلاقات الاجتماعية الدكتورة أمل فتحي إن مصر احتلت المرتبة الأولى عالميا في ارتفاع نسبة الطلاق وفقا للإحصائيات، وارتفعت خصوصا في المجتمعات الريفية لأسباب كثيرة، مثل صغر سن الزوجين وتدخل الأهل ونقص الوعي والأسباب المادية وسوء العشرة واستخدام الألفاظ السيئة والإهمال وسرعة الغضب والانفعال وعدم التعاون والتشاور، وأيضا إفشاء الأسرار الزوجية والتدخل الخارجي غير الحكيم.

وحذرت الدكتورة أمل في تصريح للجزيرة نت من أنه يجب معالجة تلك الأخطاء للحفاظ على نسيج المجتمع من التحلل، وذلك من خلال وسائل عدة، من بينها نشر الوعي المجتمعي عن أضرار وعواقب الطلاق، وتوعية الشباب بضرورة حسن الاختيار ومعرفة الواجبات والحقوق.

ووفق خبيرة العلاقات الاجتماعية، فإن هناك حلولا لتجنب مشكلة الطلاق، كتعزيز الاحترام المتبادل بين الطرفين، والحفاظ على المودة والرحمة في العلاقات، وعدم السماح بالجفاء بين الزوجين، واهتمام كل منهما بالآخر، والاتفاق بين الزوجين منذ البداية على الطريقة السليمة لحل الخلافات أولا بأول، والتحلي بالصبر والهدوء وعدم الغضب السريع، والتعبير عن العواطف بالكلام والتصرفات.

تجهيزات العرس عالية التكلفة يمكن أن تسهم في ارتفاع معدلات الطلاق (الجزيرة)

الطلاق.. خلاص المضطرة

أسباب الطلاق كثيرة ومختلفة، ولكنه آخر شيء تفكر فيه المرأة إلا إذا اضطرها زوجها إليه، بحسب الطبيبة البشرية نورا محمد التي حصلت على الطلاق مؤخرا من زوجها الطبيب بعد 15 عاما من الزواج وإنجاب 3 أبناء، بعد سنوات من عدم التوافق.

وبينت للجزيرة نت أن المشكلة لم تكن اقتصادية رغم وجود مشاكل مالية، ولم تكن أخلاقية رغم وجود مشاكل تتعلق بسقطات أخلاقية، ولم تكن دينية بسبب التزامه من عدمه، رغم وجود نواقص دينية، لكنها كانت تتعلق أكثر بعدم الاعتداد بالبيت ولا بمن فيه من زوجة وأولاد.

وإضافة إلى حالة الفتور التي بدأت تتسلل للعلاقة الزوجية، وانعدام الشعور بالدفء في وجوده، وزيادة الاحتقان في الحديث، فإن البيت لم يعد سكنا ولم تعد هناك مودة ولا رحمة، وبات الزواج من عدمه سواء، و"كان الاستمرار سيمرضني بالسكر والضغط"، بحسب الطبيبة نورا.

تبدل القيم والمفاهيم

وأرجعت فاطمة عبد الرؤوف المتخصصة في قضايا الأسرة المصرية الأمر إلى أسباب عديدة، قائلة "لا يمكن تفسير ارتفاع معدلات الطلاق -خاصة في الريف المصري- بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية فقط، فرغم سوء الأحوال المعيشية فقد شهدت البلاد أزمات اقتصادية كبيرة وطاحنة، ولم يكن معدل الطلاق على مثل هذا النحو".

واستدركت استشارية العلاقات الزوجية بقولها إن العامل الاقتصادي يأتي مرتبطا بالتأكيد مع التطلع لمستوى معيشي أعلى، لكن ارتفاع معدل الطلاق يأتي في ظل غياب منظومة القيم أو ربما انهيارها تحت وطأة حالة الإحباط المنتشرة بين الشباب حديثي الزواج نظرا لانسداد الأفق السياسي وغياب النموذج الثقافي والقيمي الذي يشبع الحاجات العليا للإنسان.

وأشارت في حديثها للجزيرة نت إلى أنه تمت الاستعاضة عما سبق بمجموعة من "القيم" التافهة الرخيصة، وعمل الإعلام الموجّه على تضخيمها، فكانت النتيجة المنطقية هي انهيار كثير من مشاريع الزواج التي هي بحاجة لنوعية مختلفة من القيم الحاكمة، ولا يمكن في هذا الصدد أن نتجاهل الدور الخطير الذي لعبته الأفكار النسوية المتطرفة التي يتبناها ذلك الإعلام والمفروضة بقوة القوانين.

اجمالي القراءات 389
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق