بروكينجز: الهوس الأمني لدى السيسي أضر بمصالح أمريك

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٣ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


بروكينجز: الهوس الأمني لدى السيسي أضر بمصالح أمريك

خلال أعوام عملي في العلاقات الأمريكية المصرية، لم أر أبدا العلاقة على أنها غير متوازنة وغير فعالة بالنسبة للمصالح الأمريكية كما هي في هذه اللحظة.

وعلى مدى العقد الماضي، خاصة في الإدارة الحالية، انتقلت السياسة الأمريكية تجاه مصر من شراكة شاملة متبادلة إلى شراكة يتم تحديدها بشكل حصري تقريبا من خلال العلاقات العسكرية.

ولنأخذ في الاعتبار اتجاه المساعدة الأمريكية لمصر على مدى العقود الثلاثة الماضية. في السنة المالية 1990، كانت نسبة المساعدة العسكرية الأمريكية إلى المساعدة الاقتصادية المقدمة لمصر تزيد قليلا عن 1 إلى 1. أما في السنة المالية 2018، كانت نسبة المساعدات العسكرية إلى الاقتصادية أعلى بكثير من 4 إلى 1.

 سيطر الجيش المصري بطرق مختلفة على السياسة والاقتصاد والإعلام. ويبدو أن مسار الدعم الأمريكي لمصر يعزز ويكافئ هذا الاستيلاء العسكري على الدولة والمجتمع. ولا أعتقد أن هذه كانت نية السياسة الأمريكية، لكنها بلا شك هي النتيجة.

"السيسي" ليس شريكا فعالا

وبدءا من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، والتي تم التفاوض عليها في كامب ديفيد، تمتعت الولايات المتحدة بشراكة قوية مع القادة المصريين.

وكانت هذه الشراكة تتضمن الأهداف الاستراتيجية والأمنية المشتركة في المنطقة، بما في ذلك السلام العربي الإسرائيلي، ومقاومة النفوذ السوفيتي في المنطقة، ومنع أي دولة إقليمية من الهيمنة على الدول الأخرى، ومكافحة الجماعات الإسلامية.

ولا يستطيع الرئيس "عبدالفتاح السيسي" القيام بمتطلبات هذه الشراكة. ومع تركيزه على أمن النظام، أصبح "السيسي" شريكا بخيلا وغير موثوق به في الشؤون الإقليمية، وغير مهتم بالتعاون لتحقيق الاستقرار في منطقة مضطربة.

بل على العكس من ذلك، تؤدي مقارباته القسرية على الصعيدين المحلي والخارجي إلى تفاقم عدم الاستقرار والمشاكل الأمنية، ليس فقط للمنطقة ولكن لأوروبا والولايات المتحدة.

وبدلا من أن تقود مصر في عهد "السيسي" السياسات العربية مثلما فعلت في عهد الرئيس السابق "حسني مبارك"، فإنها تتبع خطى الداعمين الرئيسيين، السعودية والإمارات.

وفي الوقت نفسه، يصر "السيسي" على خوض حرب إقليمية من أجل السلطة والنفوذ ضد خصومه المتصورين، وهم الحركات السياسية الإسلامية وقطر وتركيا، والأهم من ذلك كله، أي شخص داخل مصر يجرؤ على معارضة آراء "السيسي".

وأدت رعاية "السيسي" للجنرال "خليفة حفتر" إلى إطالة الحرب الأهلية الليبية وتفاقمها، ما أعطى مساحة أكبر لـ"الجماعات الإرهابية" في بلاد المغرب الإسلامي، وسمح بنزوح آلاف الأشخاص، وعزز أعداد المهاجرين واللاجئين الذين يسعون إلى الفرار من ليبيا إلى أوروبا.

وتضمنت الكثير من حملة "السيسي" لمكافحة التمرد في سيناء تكتيكات الأرض المحروقة، التي شملت هدم القرى وتشريد الآلاف من السكان، وهو نهج وصفه لي أحد الإسرائيليين بأنه "مدمر".

وعلى نطاق أوسع، يثير قمع "السيسي" المكثف، والأعداد الكبيرة من السجناء السياسيين، مخاوف حقيقية حول ما إذا كان نهج الحكومة المصرية يغذي التطرف أكثر من محاربته.

ويحافظ "السيسي" على علاقات دبلوماسية واتصالات مفتوحة مع نظام "بشار الأسد" في دمشق، وكذلك مع طهران.

وقام "السيسي" بعمليات شراء عسكرية كبيرة من روسيا، ويحافظ على التجارة مع كوريا الشمالية، ويرحب بالاستثمارات الصينية في مصر، ويواصل التمييز ضد المجتمع المسيحي القبطي، ويحتجز المواطنين الأمريكيين وأفراد أسرهم. ويواصل اضطهاده للمجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان.

 

بعض تأثيرات شروط المعونة الصارمة

وفي مواجهة هذه المخاوف، وضع الكونجرس شروطا صارمة بشكل متزايد على جزء من المساعدة العسكرية الأمريكية للقاهرة.

وكان لهذه المشروطية بعض التأثير في تقديم ردود مصرية على مخاوف أمريكية محددة بشأن حقوق الإنسان والأمن. وأعتقد أنه حتى مسؤولي إدارة "ترامب" سيوافقون على أنها كانت أداة مفيدة.

وتُظهر هذه الجهود الأخيرة أن الضغط المركز والمستمر، مع توصيل مطالب واضحة باستمرار، يمكن أن يكون له بعض التأثير المحدود على الإجراءات المصرية.

ويجب تجديد هذا الشرط وإلغاء الاستثناءات الخاصة بالأمن القومي لضمان إنفاذ إرادة الكونجرس.

الاستثمار في الشعب المصري

وتحتاج القواعد القديمة المتعارف عليها حول الشراكة الأمريكية المصرية إلى المراجعة والتحديث في ضوء التغيرات العميقة في مصر والمنطقة.

ويمكن للولايات المتحدة أن تعمل بشكل بنّاء مع الحكومة المصرية بشأن المصالح المشتركة، بطريقة مركزة ومشروطة، مع استخدام المساعدة الاقتصادية وغيرها من المساعدات لدعم الشعب المصري خلال فترة مليئة بالتحديات، ولأجل مواجهة التحديات الموجودة بالفعل على أعتابهم.

على سبيل المثال، مصر بحاجة ماسة إلى استراتيجية شاملة للحفاظ على المياه، ولدى الولايات المتحدة الخبرة التي يمكنها تقديمها.

لكن يجب ألا يغفل المسؤولون الأمريكيون طبيعة هذا النظام أو هذه الشراكة. والأمر المطلوب هو وضوح النوايا، مع وجود شروط واضحة للدعم والمساعدة الأمريكية، وخطوط حمراء واضحة للولايات المتحدة يتم فرضها.

ويمكن أن ينتج عن التخلص من الأوهام والتفكير القائم على التمني، شراكة محدودة مع بعض الفوائد الملموسة والهادفة.

والأهم من ذلك كله، يجب على الولايات المتحدة أن تخرج من مسارها الحالي، حيث يؤدي دعم إدارة "ترامب" لـ"السيسي"، إلى جانب النسبة الهائلة من المساعدة العسكرية، إلى جعل الولايات المتحدة تظهر للمصريين بشكل متزايد على أنها ماكينة أموال داعمة لجيش مستبد يقوم بقمع شعبه وإساءة معاملته بلا هوادة.

ومن مصلحة الولايات المتحدة أن ترى الشعب المصري يحقق تطلعاته في الأمن والكرامة والحرية. وهذه هي التطلعات التي يجب أن نستثمر فيها.

اجمالي القراءات 269
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق