آن الأوان لمراجعة الشرعية.. هل يمهد قيس سعيد لتغيير نظام الحكم في تونس؟

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢٦ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الجزيرة


آن الأوان لمراجعة الشرعية.. هل يمهد قيس سعيد لتغيير نظام الحكم في تونس؟

أثارت تصريحات الرئيس قيس سعيد -في أعقاب تكليفه وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل الحكومة المقبلة- سجالا سياسيا ودستوريا، حين دعا بلا مواربة لمراجعة الشرعية، مما فتح باب التأويلات بشأن سعي الرئيس لتغيير النظام السياسي وتحجيم دور البرلمان.

مقالات متعلقة :

وقال الرئيس التونسي في خطاب التكليف إنه "يحترم الشرعية، لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية".

ويعرف عن سعيد الذي جاء لسدة الحكم من خارج المنظومة الحزبية، انتقاده الدائم للنظام السياسي الحالي وللمشهد البرلماني برمته، ويتبنى الرجل مشروع "الديمقراطية المباشرة"، التي تنطلق من إرادة الشعب عبر تركيز المجالس المحلية، فضلا عن أحقية الناخبين في سحب الوكالة ممن انتخبوه في أي وقت.

وسبق أن أعلن سعيد في تصريحات إعلامية محلية إبان ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2019 بأنه "سيُقدم مبادرة تشريعية من أجل تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي بهدف دعم الحكم المحلي والتنمية المحلية".

ولا يفوت الرئيس الفرصة في كل مناسبة دون أن يوجه سهام نقده للبرلمان ولأداء النواب، ولعل آخرها ما صرح به منذ مدة بمحافظة قبلي منتقدا النقاشات حول تغيير القانون الداخلي للبرلمان لمنع انتقال السياحة الحزبية.

وقال سعيد إنه "لو كان النائب مسؤولا أمام ناخبيه وكان بإمكان الناخب أن يسحب الثقة لما احتاجوا أصلا لمثل هذا الخرق الجسيم.. الخرق الذي يجسّد مرضا دستوريا ومرضا سياسيا".

أحزاب تستنكر
وكانت أحزاب سياسية قد عبرت عن استنكارها للأسلوب الذي اعتمده الرئيس في اختيار رئيس الحكومة المكلف، وذلك برفضه آلية المشاورات المباشرة مع الأحزاب، والاكتفاء بتلقي ترشيحاتهم في رسائل مكتوبة.

ويصف القيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة محمد بن سالم دعوة قيس سعيد لمراجعة الشرعية بالأمر الخطير، لافتا إلى أن "الشرعية تتغير في آجال معلومة، ووفق ضوابط وليست على مزاج الرئيس".ويعبر بن سالم في تصريح للجزيرة نت عن خشيته من إصرار الرئيس على الذهاب للمرة الثانية نحو تعيين شخصية بعيدة عن توافقات الأحزاب، مذكرا بموقف سعيد المعلوم من الأحزاب وتبرؤه منها.

ويضيف "رغم قسم الرئيس على احترام الدستور غير أنه ما فتئ ينتقد بشدة النظام الذي أفرز هذا الدستور، وينتقد منظومة الأحزاب المشكلة للمشهد السياسي الحالي كلما سنحت له الفرصة".

ويتساءل بن سالم عن طبيعة الديمقراطية التي يؤمن بها الرئيس سعيد، "وهو الذي لم تكن له مواقف نضالية ضد الدكتاتورية زمن بن علي"، وفق قوله، محذرا من تمهيده الطريق نحو تغيير نظام الحكم والعودة إلى سطوة النظام الرئاسي.

وكانت حركة النهضة قد عبرت في بيان لها عن "استهجانها لدعوات إقصائها من المشهد السياسي والحكومي خدمة للأجندات الأجنبيّة المشبوهة".

ويقر المحلل السياسي عدنان منصر في تدوينة مطولة بأن تونس أصبحت واقعيا "تحت نظام رئاسي بدستور لنظام شبه برلماني"، محذرا من استئثار الرئيس بكامل القرار التنفيذي وما يمثله ذلك من تهديد للديمقراطية، في ظل غياب محكمة دستورية.

ويشدد منصر -وهو مدير ديوان الرئيس السابق المنصف المرزوقي- في تدوينته على أن المستهدف في كل ذلك ليس النهضة، كما يعتقد كثيرون، بل جميع الأحزاب والبرلمان.

من جهته، يقول النائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار إنه من المبكر الحديث عن سعي الرئيس لتهميش دور الأحزاب والبرلمان، مشددا على أن رؤيته ستتوضح بحسب المشاورات التي سيجريها رئيس الحكومة المكلف وطبيعة الحكومة التي سيشكلها.

وعن رفض الرئيس ترشيحات الأحزاب ومن بينها الأسماء المقترحة من قبل التيار الديمقراطي، يعتبر النائب أن سعيد ليس ملزما دستوريا باختيار أي شخصية مقترحة من قبل الأحزاب.

ويقول عمار للجزيرة نت إن "الصورة المزرية التي وصل إليها البرلمان وترذيل العمل النيابي الذي ساهمت فيه بعض الأحزاب والكتل أعطى حجة للرئيس للدعوة لمراجعة الشرعية".

ويلفت إلى عدم قدرة الرئيس على تمرير أي مبادرة أو إحداث أي تغيير في النظام السياسي دون العودة للبرلمان، سواء إن كان في شكل مبادرة تشريعية أو الدعوة لاستفتاء شعبي وفق مقتضيات الدستور.

ويعطي الفصل 143 من الدستور لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب حقّ المبادرة باقتراح تعديل الدستور، ولمبادرة رئيس الجمهورية أولوية النظر.

وينص الفصل 144 على عرض كلّ مبادرة لتعديل الدستور من قبل رئيس مجلس نواب الشعب على المحكمة الدستورية -لم يتم تشكيلها بعد- لإبداء الرأي في كونها لا تتعلق بما لا يجوز تعديله حسبما هو مقرر بهذا الدستور.

"ويتمّ تعديل الدستور بموافقة ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب، ويمكن لرئيس الجمهورية بعد موافقة ثُلثي أعضاء المجلس أن يعرض التعديل على الاستفتاء، ويتم قبوله في هذه الحالة بأغلبية المقترعين".

خطوة نحو جمهورية ثالثة
وأثنى الأمين العام لحركة "مشروع تونس" محسن مرزوق على الخطوات التي أقدم عليها الرئيس قيس سعيد، معتبرا أنها تتطابق مع مطالب حزبه في الذهاب نحو "الجمهورية الثالثة"، وإرساء نظام رئاسي ديمقراطي وإعلان القطيعة مع المنظومة السياسية الحالية.

ودعا مرزوق في تدوينة له إلى منح رئيس الجمهورية صلاحيات إضافية تجعله في وضع مساواة مع البرلمان، مشددا على أن "نظام الأحزاب المغشوش قد تلقى ضربة يستحقها"، وفق تعبيره.

اجمالي القراءات 532
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق