أكبر أزمة تمر عليه منذ 35 عامًا.. ما هي خطط «حزب الله» للهروب من عنق الزجاجة؟

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٠١ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


أكبر أزمة تمر عليه منذ 35 عامًا.. ما هي خطط «حزب الله» للهروب من عنق الزجاجة؟

يواجه «حزب الله» أزمات كُبرى، هي الأولى في تزامنها منذ تأريخ تأسيس التنظيم في الثمانينات، سواء كانت داخلية تتمثل في عجز التحالف الحاكم المدعوم من جانبه في العبور بالبلاد من الأزمة المالية الصعبة، أوخارجيًا مثل تصنيفه من جانب عدد من الدول الأوروبية «جماعة إرهابية». 
وسط هذه التحديات الصعبة وغيرها، يبدو الجيل الجديد الذي يقف حاليًا على خط الدفاع عن التنظيم سياسيًا وعسكريًا في أزمة كُبرى، للبحث عن مخرج منها. في التقرير التالي نحاول التعرف على إستراتيجية ومستقبل التنظيم فى ظل حصار إيران، الداعم السياسي والمادي الأول بالعقوبات الأمريكية، وتمرير واشنطن «قانون قيصر»، فضلًا عن تأزم الوضع الداخلي اللبناني، وتدهور نفوذ الجماعات الموالية له في العراق.

لأول مرة.. أزمات التنظيم تحاصره من كُل جهة

في عام 1985 وبعد ست سنوات من اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، أُعلن عن تأسيس تنظيم «حزب الله» اللبناني، بخطاب تأسيسي لمنهاج كوادره، يعتبر فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي عدوَّي الإسلام الرئيسين، ويحشد الجميع تجاه «تدمير إسرائيل»، بوصفها «محتلة لأراضي المسلمين».

الربيع العربي

منذ 8 شهور
«نصر الله واحد مِنُن».. لماذا لن يستطيع حزب الله الإفلات من المسؤولية في لبنان؟

الخطاب الذي دعا كذلك «لتبني نظام إسلامي يقوم على الاختيار الحر والمباشر من الجماهير، وليس على أساس الإكراه»، لم يحمل تصورًا عن هيئته كتنظيم مُسلح يحمل أعضائه السلاح أمام من يعتبرهم «أعداءً»، أم هيئة دعوية تحشد بخطاب دعوي متأثر بنظرية ولاية الفقيه، التي جاءت في أدبيات التنظيم. سنوات معدودة على خطاب التأسيس، حتى زال هذا الغموض في أول اختبار لحضور الحزب ونفوذه داخليًا، سواء دعائيًا أو عسكريًا، في نهاية التسعينات بعدما نجح جناحه العسكري الذي أعلن عنه آنذاك في إجبار إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000. بمرور السنوات توسع هذا الجناح عددًا وكمًا، وبات رقمًا صعبًا في معادلة الأمن الداخلي بلبنان. 

تكررت الاختبارات بعد ذلك؛ لينجح التنظيم في أهم مواجهة مُسلحة مع إسرائيل عام 2006، على مدار 34 يومًا، انتهت بنجاح التنظيم في الصمود، وتوسيع جناحه لعسكري، مع تحقيقه شعبية واسعة في العالم العربي، أكسبته زخمًا وحضورًا نافذًا في الكثير من القضايا.

مع توسع جناحه العسكري وتطويره بالعتاد والأسلحة الحديثة، نشط الحزب سياسيًا في الداخل اللبناني، تحديدًا عام 1989، بعدما أيد اتفاق الطائف الذي وزع السلطات بين الطوائف منهيًا الحرب الأهلية بعد 15 عامًا من نشوبها، كانت المرة الأولى للمشاركة في الانتخابات عام 1992، ونال 12 مقعدًا نيابيًا، وكثف حضوره السياسي بتمثيل دائم في الحكومة، وتحالف سياسي مع طرف مسيحي هو ميشال عون. 

بمرور السنوات، أصبح الحزب نافذ سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، قادرًا على تجاوز الاختبارات والصعوبات سواء من الداخل والخارج. غير أن تزامن الأزمات الداخلية مع الخارجية في العامين الأخيرين وضعت الحزب في موقع صعب، وفتحت الباب أمام السؤال عن الكيفية التي سينجو بها التنظيم من هذا الكم من الأزمات التي يواجهها. 

على مستوى الداخل يعجز التحالف الحاكم المدعوم سياسيًا من جانبه عن العبور بالبلاد من الأزمة المالية الصعبة، وسط عودة للاحتجاجات والاعتصامات بكافة المدن اللبنانية من جديد تحت وطأة الظروف الاقتصادية، بعدما فقدت الليرة نحو 70٪ من قيمتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأبرز مظاهر الأزمة الداخلية تخلي سعد الحريري، أحد أركان التحالف الحاكم، عن الأخير، فيما اعتبره التنظيم «طعنة في ظهورهم». 

خارجيًا انضمت للدول التي صنفت «حزب الله» جماعة «إرهابية»، وحظرت جميع أنشطته على أراضيها، ألمانيا وبريطانيا في العام الماضي، لتبلغ عدد الدول التي تصنفه إرهابيًا 57 دولة، بحسسب «الإندبندنت» العربية. وتمتد أزمات الخارج بالنسبة للحزب في الحصار التي تواجهها إيران، حليفه السياسي والمادي، على خلفية العقوبات الأمريكية، والأزمات الاقتصادية الداخلية. 

وكان آخر الأزمات صدور قانون قيصر من جانب واشنطن كوسيلة جديدة من جانب الأخيرة لعقاب النظام السوري، وتمتد آثار تطبيق القانون الذي مرره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على «حزب الله» الذي ينخرط بمقاتليه في الحرب الدائرة منذ تسع سنوات.

في عداد المشاكل التي تحاصر التنظيم، يُمثل انخفاض شعبيته عربيًا التي حققها من التصدي لإسرائيل، وبروزه كتنظيم أفشل اعتداءات تل أبيب، واحدة من أبرز هذه الأزمات. فالشعبية والزخم التي حققها بمواجهته مع إسرائيل، خفتت بنسبة ملحوظة بين قطاعات بعدما انخرط مع قوات نظام بشار الأسد ضد المتظاهرين في عام 2011 ، والتي أفقدته كذلك أبرز قادته الميدانيين في الحرب. كما تراجعت داخليًا، بين المناطق الحاضنة لمؤيديه في لبنان، بعدما وقف الحزب معارضًا للاحتجاجات ضد فساد السلطة الحاكمة في 17 أكتوبر الماضي.

الربيع العربي

منذ 8 شهور
الجنوب اللبناني الذي لا نعرفه.. «مَن ضد مَن» في المظاهرات اللبنانية؟

كان أبرز الشواهد على انخفاض الشعبية داخل المنطاق السكنية الخاضنة لمؤيدييه هو خروج محتجيين من قرى ومدن الجنوب احتجاجًا على سوء إدارة السلطة، ورفع بعضهم شعارات تنتقد سياسات التنظيم. ولا تغيب عن مشهد الأزمات التي تحاصر حزب الله الصعوبات التي تواجه أعضاءه في العراق، بعد صعود مصطفي الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء، بدعم أمريكي؛ إذ صدرت التعليمات بالعمل على توقيف عناصر من كتائب «حزب الله العراقي» لضلوعهم بقضية الهجمات الصاروخية المتفرقة داخل العراق، واعتقال قادة بارزين منهم. 

الحزب أمام أزماته.. ما الذي سيتغير من إستراتيجته؟

أمام هذا الكم من الأزمات الداخلية والخارجية، وسط سياج من السرية يفرضها التنظيم على خططه وأسماء قادته الجُدد، تثار التساؤلات حول الكيفية التي يواجه بها التنظيم أزماته، وخصوصًا مسألة الشعبية التي شكلت أحد أدوات حضوره داخليًا وخارجيًا. ظاهريًا، يتمسك الحزب بسياسته داخليًا وخارجيًا، غير عابيء بما يواجهه، إذ يخرج أمينه العام حسن نصر الله، عبر شاشة قناة «المنار»، منبر التنظيم الإعلامي، مروجًا لسياسات التنظيم، ومتحدثًا عن مؤامرات يواجهها الحزب في الداخل والخارج بحد تعبيره، ومشددًا بأن «السلاح سيبقي في أيديهم، ولن يجوعوا».

المؤامرات التي يتحدث عنها نصر الله في خطبه الدائمة، تدفعه لفرض سياج من السرية على خطط التنظيم مع الأزمات؛ إذ لا أحد مسموح له بالحديث عن خطط لمواجهة هذه الأزمات المتشابكة الأخيرة، ولا يمكن كشف أسماء القادة الجُدد ممن صعدوا محل قادة التنظيم الذين قتلوا خلال المعارك في سوريا، أو ممن تم اغتيالهم.

لهذه السرية التي يحيط بها التنظيم أسماء قادته الجدد وخططه أسباب، أبرزها الاختراقات داخل التنظيم من جانب أجهزة استخباراتية، للدرجة التي تجعل بعض القرارات الهامة، لا تعرفها سوى دائرة مصغرة جدًا، وخير مثال على هذه السرية جواب حسن نصر الله، على سؤال في أحد المقابلات الإعلامية عما إذا كان هناك شخص اسمه عماد غنية؛ قبل مقتله، فكان جواب نصر الله: «ليس لدينا شخص بهذا الاسم». مظهر آخر لهذه السرية يتمثل في تشدد التنظيم في الكشف عن أسماء القادة الجُدد ومهامهم، وأمام هذه السرية؛ تزداد الصعوبة في العثور على أجوبة للأسئلة المُلحة حول التنظيم، وآثار الأزمات الداخلية والخارجية التي تعصف به.

غير أن ما هو ظاهر من آثار هذه الأزمات هو تأثر التنظيم ماليًا جراء العقوبات المفروضة على داعمه الأساسي إيران؛ مما اضطرته للتخلي عن جزء كبير من الخدمات الاجتماعية التي كان يقدمها لسكان الجنوب اللبناني، المنطقة الحاضنة لأنصاره، وأوضحت دراسة منشورة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، أن أحد انعكاسات الأزمة المالية على «حزب الله» تمثلت في خفض رواتب عدد من موظفيه، إلى جانب دمج عدد من مؤسساته، وتخفيض عملية التوظيف فيها، فضلًا عن إقفال نحو ألف مكتب وشقة سكنية تابعة له في لبنان.

 

وكان الحزب قد أصدر بيانًا حمل إدانة لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بضم أراض واسعة في الضفة الغربية، وأرجع تمرير هذه الخطة «لظروف أسهمت في تشكيلها «المواقف الخليجية الداعمة للعدو»، بينما تسربت معلومات – بحسب موقع المدن – حول قيام الحزب بالمساعدة على بناء أنفاق خارج الحدود اللبنانية، لمساعدة حركة «حماس» وتنظيم «الجهاد الإسلامي» على المواجهة المستقبلية، لتكون هذه الأنفاق ممرًا للأسلحة بين جنوب سوريا، والأردن، والضفة الغربية.

ويتفق ذلك مع بحث منشور بجامعة ستانفورد الأمريكية، يؤكد أن نقاش داخلي استقر على أن تظل إسرائيل في قائمة الاهداف المستهدفة من جانب التنظيم، بالرغم من انخراط قواته في أكثر من صراع خارجي، ويؤكد البحث أن الشواهد على ذلك أبرزها بدء مجموعة تابعة للتنظيم إنشاء خلايا وتجنيد نشطاء في مرتفعات الجولان السورية خلال العام قبل الماضي، فضلًا عن اكتشاف إسرائيل أنظمة لأنفاق تحت الأرض تسمح لمقاتلي «حزب الله» بدخول إسرائيل دون أن يتم اكتشافها.

ويؤكد المصدر الإعلامي المقرب من حزب الله لـ«ساسة بوست» أن انهيار العملة اللبنانية بالتأكيد سيضع الحزب أمام المزيد من الضغوط؛ لأنه يُحمَّل مسؤولية الضغوط الخارجية اقتصاديًا بسبب تمسكه بسلاحه، لكن «مجتمعه» بشكل عام الأكثر قدرة على التأقلم نسبيًا، وليس بالضرورة لوقت طويل، مع ظروف الانهيار الاقتصادي كون مقاتليه ومؤسساته يتقاضون رواتبهم بالدولار.

ويُضيف أن مسألة تصنيفه كمنظمة إرهابية لا تؤثر عليه بشكل كبير، موضحًا أنه مصنّف منذ سنوات على اللائحة الأمريكية ولم يمنعه ذلك من القتال في سوريا واليمن، بينما يوضح أن الحزب في الداخل لا يعير اهتمامًا ما دام يحافظ على تحالفات مع طرف مسيحي هو ميشال عون. يُكمل حديثه قائلًا: «بالتأكيد البلد في أزمة كبرى ولا سيما اقتصاديًا. انهيار مريع. لكن لا أعتقد سيؤثر في مصير الحزب».

أما على مستوى الخطط الإستراتيجية، فما يمكن أن يغيّر وضع الحزب هو «تغيّر جذري» في وضع النظام بإيران، بحسب المصدر الثاني، الذي يُضيف كذلك أنه ما دام النظام الإيراني قادرًا على مدّ الحزب بالدعم اللازم فلا تغيير في مصير الحزب. ويُضيف أن ما يمكن أيضًا أن يضعف الحزب هو سقوط مفاجئ للنظام في سوريا لمصلحة القوى المناهضة له ولإيران، مؤكدًا أن ذلك سيؤثر على قدرات الامداد العسكري للحزب، لكن نتائجه لن تُلحَظ فورًا؛ لأن الحزب عزّز في السنوات الأخيرة ترسانته الصاروخية في لبنان. وينتهي لما يقول عنها «الخلاصة» بالتأكيد أن مصير الحزب مرتبط بمصير نظام الجمهورية الإسلامية في ايران.

اجمالي القراءات 910
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق