مترجم: تنظيم «داعش» يعود من جديد.. وهذه المرة الغرب ليس مستعدًا لمواجهته

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٢٩ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


مترجم: تنظيم «داعش» يعود من جديد.. وهذه المرة الغرب ليس مستعدًا لمواجهته

بعدما خسر تنظيم الدولة خلافته وزعيمه، تُظهِر الهجمات الأخيرة التي شنَّها «داعش» أنه بدأ يستعيد عافيته، بينما ينخر الانقسام في جسد المجتمع الدولي. 

نشرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية مقالًا للكاتب حسن حسن، الزميل المساعد في معهد تشاثام هاوس، والكاتب المشارك في تأليف كتاب «داعش: داخل جيش الإرهاب»، عن الهجمات التي شنَّها التنظيم مؤخرًا داخل العراق وسوريا ودلالاتها، والتحديات التي تواجه التصدي للتنظيم، مشددًا على الحاجة إلى وجود تكاتف دولي لاحتواء نشاطه المتجدد، قبل أن يتنامى خطره مجددًا لدرجة تصعِّب إيقافه.

هجمات منسقة

يقول الكاتب في مستهل مقاله: خلال الشهرين الأخيرين، نفَّذ تنظيم الدولة سلسلة من الهجمات المنسقة واسعة النطاق في أجزاء من سوريا والعراق. جدَّد تصاعد الهجمات المخاوف بشأن عودة التنظيم، بعد عام من انهيار خلافته في شرق سوريا، وبعد ستة أشهر فقط من مقتل زعيمه السابق أبي بكر البغدادي. هذا النشاط المتزايد للتنظيم مثير للقلق على نحوٍ خاص؛ لأن الظروف التي جعلت هذه العودة ممكنة يبدو أنها ستتفاقم خلال الأشهر المقبلة.

ولم يوقف التنظيم هجماته على الإطلاق داخل البلدين منذ خسارة أراضيه، إلا أن العمليات الأخيرة تمثل أنباء سيئة على نحوٍ خاص. وبصرف النظر عن الهجمات، تشير تقارير من على الأرض إلى أن التنظيم يتمتع بقدر أكبر من الحضور والحركية خلال العام الجاري في قرى وضواحٍ بشتى أنحاء العراق وسوريا.

وتشير طريقة تنفيذ بعض الهجمات أيضًا إلى أن المجموعة بإمكانها الوصول إلى معلومات حول تحركات القوات والأفراد التي تسعى لاستهدافهم. وعادة ما تكون هذه الاتجاهات بمثابة إرهاصات مبكرة على أن التنظيم رسَّخ جذوره، واقتطع مساحة لنفسه، وأسس البنية التحتية الضرورية لشن الهجمات.

استفاقة بعد هزائم مريرة

يضيف الكاتب: حدث هذا التعافي مؤخرًا، بعد عام من الضعف في كلا البلدين؛ نظرًا إلى خسارة التنظيم مركزَيه في مدينتي الموصل والرقة، والحملات العسكرية المكثفة ضده. ووصل هذا الضعف لأسوأ حالاته بمقتل البغدادي في أكتوبر (تشرين أول) الماضي.

وبدا أن التنظيم غير قادر على شن هجمات انتقامية لمقتل الشخص الذي نصَّب نفسه خليفة للمسلمين، أو استغلال ثغرات مهمة، مثل: إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا، وهو الأمر الذي أعقبه غزو تركيا لأجزاء من شمال البلاد.

داعش لم ينتهِ

في البدء، لم تتحقق التحذيرات من أن مثل تلك الأحداث ستفتح المجال أمام التنظيم ليعاود الظهور. لكن بعد عدة أشهر أعاد التنظيم بناء قدراته، وأصبح أكثر نشاطًا، أو بالأحرى الأكثر نشاطًا منذ انهيار الخلافة.

يمثل هذا الفاصل الزمني بين انخفاض الضغوط على التنظيم وقدرته على العودة أهمية؛ لأنه يكشف بدقة كيف يمكن إعادة التنظيم إلى قمقمه، على حد وصف الكاتب.

تطلَّب الأمر بعض الوقت من تنظيم الدولة ليستعيد نشاطه؛ لأن الضغط العسكري المتواصل ضده منعه من الاستغلال السريع لثغرات واضحة، مثل: الفوضى التي أعقبت الانسحاب الأمريكي – والذي أُلغي لاحقًا – والغزو التركي.

انحسار الضغط العسكري ضد التنظيم

كان الضغط يتزايد باطراد ضد تنظيم الدولة منذ استعادة السيطرة على الموصل في 2017 والرقة في 2018، وتركيز القوات التي تقودها الولايات المتحدة إلى حد كبير على عمليات التطهير في القرى المهجورة والجبال والصحاري؛ لضمان هزيمة أكثر استدامة للتنظيم. ولربما كان من الصعب احتواء التنظيم حال استعداده للهجوم عندما سنحت فجأة تلك الفرص في أكتوبر الماضي.

وتوقف الضغط المستمر على تنظيم الدولة بسبب سلسلة من الأحداث في كلا البلدين، مما مهد الطريق لعودة التنظيم. وأدى الانسحاب الأمريكي المبدئي من سوريا إلى لجوء حلفائها على الأرض، قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، إلى طلب المساعدة من روسيا والنظام في دمشق؛ لمنع تركيا من الاستيلاء على أراضيها.

حتى بعد أن ألغت الولايات المتحدة قرارها بالانسحاب، جرى تقاسم جزء من ثلث سوريا، الذي كان يسيطر عليها التحالف الدولي سابقًا، مع الروس. وكان الضرر قد وقع بالفعل، إذ تقلص التفويض الدولي ضد التنظيم، من حيث النفوذ والأراضي، وفق التحليل.

في العراق أيضًا، أثارت الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في أكتوبر الماضي عدة أحداث، ورفعت درجة الاحتقان السياسي في البلاد. وأجبرت الاحتجاجات في وسط العراق وجنوبه الحكومة على الاستقالة، وأدت إلى ركود سياسي استمر حتى قبل أسبوعين عندما اتفقت الأحزاب السياسية على اختيار رئيس وزراء جديد، وهو مصطفى الكاظمي.

هجمات جديدة متطورة داخل سوريا والعراق

يلفت المقال إلى أن هذه الاحتجاجات، التي كانت تنطوي في بعض الأحيان على لهجة معادية لإيران، فاقمت التوتر بين القوات الأمريكية والشيعية داخل العراق. وآلت الهجمات والهجمات المضادة بين الولايات المتحدة ووكلاء إيران في نهاية المطاف إلى مقتل الجنرال الإيراني وقائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني، والقائد البارز بميليشيا الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس.

ورغم ما ظهر وكأنه عاصفة عارمة، لم يستطع تنظيم الدولة توسيع نفوذه حتى وقت قريب. إذ وقع أول هجوم بارز في 9 أبريل (نيسان) الماضي، بين التنظيم وقوات النظام السوري قرب مدينة تدمر في الصحراء السورية.

بدا ذلك الهجوم متطورًا؛ إذ نصب التنظيم كمينًا لقوات النظام، واشتبك معهم لعدة ساعات. في وقت لاحق من الشهر ذاته، شن تنظيم الدولة عدة هجمات في كركوك، وديالى، وصلاح الدين.

وشملت هذه الهجمات محاولة اقتحام مقر جهاز مكافحة الإرهاب والاستخبارات في كركوك، والعديد من الهجمات المنسقة في محافظة صلاح الدين، وكانت إحدى أكثر الهجمات تطورًا منذ سنوات.

يعلق الكاتب على هذه التطورات قائلًا: استفاد تنظيم الدولة بوضوح من الفراغ الأمني، وتراجع الضغط عليه في كلا البلدين. وفي الوقت الذي يؤسس فيه التنظيم موطئ قدم، سيغدو من الصعب تقويضه دون مشاركة دولية أكبر.

تعافٍ هش

هذه العمليات التكتيكية المتجددة قد تجبر التنظيم على العمل تحت الأرض، إلا أنها لن تستطيع تفكيك شبكاته؛ لأن هذه العملية تتطلب استراتيجية متأنية لمكافحة الإرهاب بدا وكأنها موجودة قبل عام.

ما يزال تعافي التنظيم جديدًا وهشًّا، وبالتالي يمكن وقفه بسهولة في حال إعادة فرض الضغوط عليه. ومع ذلك، فإن المشكلة هي أن الاتجاهات الحالية تبدو ملائمة لتنظيم الدولة أكثر منها للقوات المحلية.

كما أن التوتر القائم بين القوات الأمريكية والعراقية يجعل من الصعب على الشريكين العمل في تناغم كما فعلا خلال القتال ضد تنظيم الدولة في مناطق مثل الموصل. إذ انسحبت الولايات المتحدة فعليًّا من عدة قواعد تكتيكية في غرب ووسط العراق، في المناطق نفسها التي نفذت فيها هجمات في الآونة الأخيرة.

يختم الكاتب بالقول: بعبارة أخرى، تتزايد فرص استعادة تنظيم الدولة للمزيد من عافيته مع انخفاض احتمالات وجود حملة أكثر صرامة تقودها الولايات المتحدة. وهذا هو النمط الذي يجعل المرحلة الحالية خطيرة على نحوٍ خاص. وفي حال استمراره خلال الأشهر المقبلة، فمن المرجح أن يصبح التنظيم تهديدًا أكبر يصعب احتواؤه أكثر مما هو عليه الآن.

اجمالي القراءات 444
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق