لوموند: موجة الصدمة.. هل يؤدي كورونا إلى زعزعة أنظمة الحكم في أفريقيا؟

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٥ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الجزيرة


لوموند: موجة الصدمة.. هل يؤدي كورونا إلى زعزعة أنظمة الحكم في أفريقيا؟

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن مذكرة بحثية من مؤسسة الفكر بوزارة الخارجية الفرنسية حذرت من "موجة الصدمة" التي قد يحدثها وباء كورونا (كوفيد-19) في الدول الأفريقية الضعيفة سياسيا واقتصاديا، مما يؤدي إلى "زعزعة استقرار" أفريقيا.

وفي تقرير مشترك بقلم فريديريك بوبين وجوان تيلوين، قالت الصحيفة إن الباحثين والدبلوماسيين في مركز التحليل والتنبؤ والإستراتيجية، وهو أداة تفكير بوزارة الخارجية الفرنسية، قد حذروا الجهاز التنفيذي في بلدهم من خطر "زعزعة الاستقرار الدائم" في أفريقيا، حيث يمكن للوباء "تضخيم عوامل أزمة المجتمعات والدول"، خاصة في البلدان الأفريقية الهشة وتلك القوية ظاهريا.

وتدخل المذكرة في إطار جهد تفكير شامل حول الجغرافيا السياسية لوباء ما بعد كورونا بعنوان "تأثير البانغولين: العاصفة القادمة إلى إفريقيا؟"، وجاء فيها أن "موجة الصدمة القادمة من كوفيد-19 يمكن أن تكون بمثابة ضربة كبيرة لأجهزة الدولة في أفريقيا".

وقد أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن "المذكرات الصادرة عن مركز التحليل والتنبؤ لا تخدم سوى تغذية النقاش الداخلي حول مجمل السياسة الخارجية بطريقة حرة، وأنها "لا تمثل بحال من الأحوال موقف وزارة الخارجية" الفرنسية.

وقال التقرير إن أزمة كورونا لم تستفحل بعد في أفريقيا، حيث تم رسميا تسجيل 7028 حالة إصابة و284 حالة وفاة حتى يوم 3 أبريل/نيسان الحالي، إلا أن كوفيد-19 يمكن أن يصبح "فيروسا سياسيا"، خاصة عندما "تثبت الدولة هناك عدم قدرتها على حماية سكانها"، في إشارة إلى بعض الدول الفرنكوفونية الضعيفة اقتصاديا وغير المستقرة سياسيا.

وفاة السياسي رقم صفر
وضربت الورقة مثالا بوفاة "شخصية قد يؤجج موتها النزاع، سواء كانت تنتمي إلى النظام القائم أو إلى المعارضة"، حيث "يمكن أن تؤدي إصابة زعيم مسن ويعاني من أمراض أخرى إلى عواقب وخيمة، وتفرض الاصطفاف بسرعة من أجل إنهاء نظام أو الدخول في مرحلة انتقالية".

وقالت الصحيفة إن مثل هذه الحالة "غير مواتية" لبعض الدول الهشة أو ذات السياسات العامة الفاشلة كدول في الساحل ووسط أفريقيا، حيث "يمكن أن يشكل مثل هذه الأزمة المرحلة النهائية من المحاكمة الشعبية للدولة التي فشلت في الاستجابة للأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية".

ووفقا للمحللين، فإن إجراءات الحجر الصحي التي تفرضها السلطات ويصعب الحفاظ عليها على مدى أسابيع عديدة، قد تؤدي إلى انهيار اقتصاداتها التي تعتمد إلى حد كبير على الشركاء الغربيين والمساعدات التنموية المعرضة للنهب، مما "سيقوض التوازن الهش للاقتصاد غير الرسمي الضروري للحفاظ على العقد الاجتماعي".

أما بالنسبة للدول المنتجة للنفط في أفريقيا الوسطى الناطقة بالفرنسية، فإن انخفاض سعر البرميل إلى جانب الانخفاض الحاد في الإنتاج قد يؤدي إلى نقص البنزين والطاقة والمواد الضرورية الأساسية.

ذعر حضري
وقالت الصحيفة إن مثل هذا المناخ المشبع بالقلق من شأنه أن يؤدي إلى احتجاجات شعبية تهاجم شرعية السلطات المستبدة والفاسدة، وبالتالي ظهور "الذعر الحضري" مدعوما بصعود "المؤسسات السياسية الشعبوية" التي تنخرط في "التلاعب بالمشاعر الشعبية"، لا سيما لدى "الطبقات المتوسطة التي تعاني من السقوط".

واستدل خبراء الخارجية الفرنسية على قوة هذا الاحتمال بأن "أطروحات المؤامرة بدأت بالفعل في الازدهار، داعمة المعلومات الخاطئة ومشاركة في فقدان السيطرة على الرأي العام".

ولمواجهة ذلك، يوصي مركز التحليل والتنبؤ والإستراتيجية باستباق هذه التغييرات المحتملة بالتعامل مع أربعة أنواع من القوى، أولها السلطات الدينية ذات المصداقية التي يمكنها الوقوف في وجه مشاريع الإنجيليين في ما يسمى بكنائس "الصحوة" من جهة، والأشكال الأكثر ثورة بين الحركات السياسية الإسلامية، من جهة أخرى.

ومن بين هذه القوى، يجب أن يحظى الشتات ثم الفنانون الشعبيون المحليون الموصوفون بأنهم "سلطات أخلاقية ذات مصداقية تشكل الرأي العام" باهتمام باريس الكامل في جهدها لتجديد محاوريها، كما يجب أن يحظى بالاهتمام نفسه رجال الأعمال "المقاولين المساهمين في الاقتصاد ورجال الأعمال النيوليبراليين".

وفي مواجهة السلطات السياسية التي فقدت مصداقيتها، يوصي المحللون "بالمساهمة بشكل عاجل في ظهور أشكال أخرى من السلطة الأفريقية ذات المصداقية لمخاطبة الناس من أجل مواجهة المسؤوليات المترتبة على الأزمة السياسية التي ستنشأ من صدمة كوفيد-19 في أفريقيا".

تحليل وجيه
وقد جرى تداول مقتطفات من هذه الوثيقة الداخلية المحدودة، يوم 2 أبريل/نيسان على وسائل التواصل، مما تسبب في ضجة في بعض مقار الحكم في دول أفريقية ناطقة بالفرنسية تعتبر أن مركز التحليل والتنبؤ والإستراتيجية هو مهندس الفكر السياسي الأفريقي في فرنسا، وهو ما علقت عليه الصحيفة بالقول إن هذا المركز مسؤول عن إنتاج تحليلات مستقبلية وجيهة وسرية في الغالب مخصصة للدبلوماسيين وصناع القرار السياسي.

وقد انتهى المطاف بهذه المذكرة -التي لا تعكس الموقف الرسمي لقصر الإليزيه أو الدبلوماسية الفرنسية- إلى أن أصبحت جزءا من النقاش العام، وقد علق عليها -تحت غطاء عدم الكشف عن الهوية- العديد من الدبلوماسيين وكبار المسؤولين في الاتحاد الأفريقي ممن قابلتهم "لوموند أفريك" وحيوا فيها الجرأة في التحليل الذي اعتبره بعضهم "وجيها" و"ودامغ الحجة" و"مزعجا وواقعيا"، في حين رأى فيها آخرون محسوبون على الأنظمة الاستبدادية "مذكرة غير مقبولة".

وقالت الصحيفة إن النقاش امتد بين المثقفين حول رؤيتهم للأزمة، فكتب الفيلسوف الكاميروني أخيل مبمبي على صفحته في فيسبوك أن "معظم الأنظمة الاستبدادية في أفريقيا غالبا ما تستخدم الفوضى كواحدة من أكثر الينابيع فعالية لبقائها"، وتساءل هل سيستخدمون هذه المرة أيضا الموت الجماعي للبقاء في السلطة بعد استخدامهم للاضطرابات فترة طويلة؟".

وأضاف مبمبي "أن الفيروس مع ذلك إذا فرض إغلاق آبار النفط وعجل بالأزمة المالية، سوف نواجهه بكل تطرف ما لم يكن في الحسبان منذ إنهاء الاستعمار"، وهو "العاصفة القادمة" التي تنذر بها مذكرة المركز الفرنسي.
اجمالي القراءات 367
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق