المصائب لا تأتي فرادى.. الحرائق تلتهم لبنان الغارق في أزماته الاقتصادية

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١٥ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


المصائب لا تأتي فرادى.. الحرائق تلتهم لبنان الغارق في أزماته الاقتصادية

أزمة جديدة مفاجئة للغاية، حلت بـ«بلاد الأرز» منذ أول أمس 13 أكتوبر (تشرين الأول)، فاللبنانيون الذين يجدّون في البحث عن حلول لمواجهة أزماتهم السياسية والاقتصادية؛ وجدوا أنفسهم محاصرين بنيران حرائق ضخمة لم تشهدها البلاد بهذا الحجم منذ  عشرات السنين. حرائق لبنان هذه توزعت بين الشمال والجنوب وجبل لبنان، فيما كان لمنطقة المشرف في الشوف بجبل لبنان، الحصة الأكبر.

وهي في المحصلة أزمة جعلت اللبنانيين الآن في حالة ذعر كبير، بينما تقف الحكومة اللبنانية عاجزة لحد ما عن ملاحقة النيران الضخمة، التي تسببت حتى الآن في إصابة العديد، ووفاة الشاب سليم بومجاهد خلال مشاركته في إخماد الحرائق في بلدة بتاتر، التي تقع في محافظة جبل لبنان.

فاجعة حرائق لبنان.. «شبح» انفجار قذائف الحرب الأهلية حاضر

جلس أحد أصحاب البيوت المحترقة في منطقة «الدبية»، إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء الشوف، في محافظة جبل لبنان، واضعًا يديه على وجهه مذهولًا من هول ما يرى.

كانت النيران تلتهم بيته، فيما تحاول فرق الدفاع المدني والإطفاء إخماد الحرائق، قبل أن تنفجر أنابيب الغاز و«تزيد الطين بلة»، ويصف لنا حال هذا الرجل، الصحافي اللبناني وسام الحجار، الذي يباشر عمله الآن في تصوير ما يحدث في مناطق الجبل، فيقول: «رأيت صاحب البيت هذا في حالة يرثى لها، لقد أخلى أهل بيته إلى مكان آمن، ثم عاد ينظر إلى النيران تلتهم كل شيء في بيته». ويردف: «كان كما يقول اللبنانيون (مضروب على رأسه) ولم ينطق بكلمة واحدة».

يقول الحجار لـ«ساسة بوست»: «النيران كانت شديدة جدًّا جدًّا، في بعض الأوقات شعرت أنها تمطر علينا شرر النيران، لذا كانت النار تنتقل من منطقة لمنطقة بسرعة هائلة. فبينما يحاول الدفاع المدني الإطفاء في منطقة، يتفاجأ أن النيران انتقلت من مكان لمكان آخر بشكل خطير جدًّا».

ويتابع الحجار القول مشيرًا إلى حالة نزوح كبيرة: «هناك خطر كبير في بعض المناطق بسبب وجود بعض المتفجرات من أيام الحرب الأهلية اللبنانية، الخشية من تفجير هذه القذائف القديمة أو المتطرفة كبير».

الحجار أشاد بالنخوة الكبيرة التي شهدها من المواطنين، وكذلك تدخل الدفاع المدني الفلسطيني الموجود في المخيمات الفلسطينية في إطفاء حرائق لبنان، فيقول: «لم يُعتمد فقط على الإطفاء والدفاع المدني، وقد كان هناك الكثير من الشباب المتطوعين الذي اجتهدوا في إطفاء النيران منذ منتصف الليل إلى ساعات الصباح الأولى، عبر جلب الماء بالشاحنات، ثم إجراء عملية الإطفاء بهمة عالية جدًّا».

ويوضح الحجار أن معظم المناطق السكنية التي حاصرتها النيران جرى إخلاؤها من السكان، وفُرض طوق أمني كبير على المنطقة لمنع دخول أي أحد إلى هذه المنطقة؛ خوفًا من أي عمليات قتل أو نهب.

أصابع الاتهام الأوليّة تشير إلى الطبيعة!

يقول اللبنانيون في تراثهم الشعبي إن «بين تشرين (أكتوبر/ تشرين الأول) وتشرين (نوفمبر/ تشرين الثاني) صيفًا ثانيًا» لكنهم لم يتوقعوا أن هذا «الصيف» الذي وصلت فيه درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية بارتفاع سبع درجات فوق معدلاتها الموسمية سيتحول إلى حرائق كبيرة، تعصف بلبنان.

فالبلاد تقع هذه الأيام تحت تأثير موجة حارة بدأت في 13 أكتوبر، وساهمت الرياح الحارة في امتداد النيران إلى أراضي عدة بلدات، وفُقدت السيطرة عليها، حتى خلفت أكثر من 104 حريق في 24 ساعة، وفق وسائل إعلام لبنانية.

فعلى سبيل المثال، يفيد مركز الدفاع المدني في بزبينا (تقع قضاء عكار في محافظة الشمال)، بأن: «الحريق ما يزال مشتعلًا، وأن عناصر وآليات الدفاع المدني من مركزي بزبينا وعكار العتيقة والأهالي وشرطة البلدية تمكنوا من تطويق النيران ومنع تمددها، لكن وعورة المنطقة وعدم توفر طرقات فيها، منعت وصول سيارة الإطفاء الكبيرة الى موقع الحريق».

أما في بلدات قضاء عكار شمالي لبنان، فقد التهمت النيران مساحات واسعة من أشجار الزيتون والأعشاب اليابسة، واقتربت من مناطق سكنية. والتهمت النيران مساحات كبيرة من الأعشاب اليابسة وأشجار الزيتون، والأشجار المختلفة، ولامست المنازل في بلدات شمال لبنان، وكادت تصل إلى أعمدة الاتصالات الخلوية الموجودة على رأس الجبل.

وتذكر المصادر اللبنانية أن الحريق أتى على مساحة آلاف الأمتار المتصلة بعدد من الأبنية السكنية، وجامعة رفيق الحريري، إضافة إلى الإحراج، إلا أن الخسائر حتى الآن اقتصرت على الماديات، والأشجار، والطبيعة.

هل حرائق لبنان مفتعلة؟

«المشهد مُبكٍ هنا، المشهد مبكٍ في الدامور، لا أستطيع أن أتمالك نفسي، الناس تصرخ في بيوتها فهم عالقون في الداخل، دخلت النار إلى المنازل وحاصرت سكانها ونسمع صراخ الناس دون وجود مساعدة من أحد».

فجع مقطع الفيديو السابق، الذي لم تتجاوز مدته 45 ثانية، العالم بأسره؛ إذ كانت مراسلة قناة  «الجديد»، حليمة طبيعة، تتحدث أمام الكاميرا وأصوات المواطنين المحاصرين داخل منازلهم بسبب الحرائق يفجعها، فلم تجد سبيلًا للتعبير عن مشاعرها إلا البكاء وتحويل تقريرها الإعلامي إلى مناشدات عاجلة لإنقاذ الضحايا.

لكن هل كانت تلك الحرائق مفتعلة؟ يجيب المتخصص في الأحوال الجوية الأب إيلي خنيصر، لوكالة «سبوتنيك» الروسية: «حرائق لبنان مفتعلة؛ لأنه لا يمكن أن تحدث حرائق في عدة مناطق، عبر شرر، هذه الحرائق مفتعلة، خاصة أن الحرائق وقعت عند الساعة الرابعة بعد الظهر، وعند المساء. 90% من الحرائق مفتعلة». بينما يستبعد الصحافي اللبناني وسام الحجار خلال حديثه لـ«ساسة بوست» وجود دلائل حتى الآن على كون حرائق لبنان مفتعلة، خاصة مع وجود حرائق في الوقت نفسه في المناطق السورية، لكنه لم يستبعد أن يكون هناك أخطاء بشرية تسببت في الحرائق.

فيما تمهل رئيس الحكومة، سعد الدين الحريري،​ عن مسألة تأكيد أن الحرائق مفتعلة من عدمه، منتظرًا نتائج التحقيق في الأمر. وقال في أول تصريح له بعد اجتماع لجنة إدارة الكوارث لبحث موضوع إخماد الحرائق إنه: «إذا ثبت أن الحرائق التي تجتاح لبنان مفتعلة، فهناك من سيدفع الثمن». مضيفًا أن «ما حصل كارثة، وتكلمنا مع عدة دول لإرسال طوافات إضافية لإخماد هذه الحرائق، كل المناطق تعاني، ونحن نقوم بجهد كبير».

وتصدر وسم «لبنان يحترق» شبكات التواصل الاجتماعي، وتعالت الأصوات التي تطالب بإنقاذ الوضع في لبنان، إذ بدت السلطات اللبنانية عاجزة عن السيطرة على الحرائق في ظل إمكانياتها المحدودة، وأجرت اتصالات مع عدد من الدول المجاورة لمساعدتها.

اجمالي القراءات 1864
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق