هل ستنقذ الإصلاحات السياسية النظام المصري؟ الإجابة لا، لكن القادم أصعب

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٧ - أكتوبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عربى بوست


هل ستنقذ الإصلاحات السياسية النظام المصري؟ الإجابة لا، لكن القادم أصعب

قالت  صحيفة The Independent البريطانية إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وحكومته قد أصيبا بالقلق والتوتر جراء الاحتجاجات التي اندلعت قبل أسبوعين، وهي حدث نادر بالنظر إلى حملة القمع التي يشنها السيسي ضد كل أشكال المعارضة في مصر. يشير مسؤولون وشخصيات بارزة مُقرّبة من الحكومة إلى أنَّ الفترة المقبلة ستشهد إصلاحات سياسية واجتماعية وإعلامية، في لفتة غير مسبوقة منذ تولِّي الرئيس السيسي منصبه في عام 2014.

ماذا حدث؟

أولاً، أُلقي القبض على الآلاف المصريين، في واحدة من أكبر موجات الاعتقال التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. ثم، اتَّخذ رئيس البرلمان المصري، علي عبدالعال، منعطفاً جديداً هذا الأسبوع الماضي عندما طالب بمزيد من الحريات للمعارضين والمنتقدين. في الوقت نفسه، وعد السيسي بإعادة الدعم التمويني لنحو مليوني مواطن مصري كانوا قد اُستبعدوا من منظومة دعم المواد الغذائية، التي تشمل الأرز والمعكرونة وزيت الطهي وغيرها من السلع الضرورية.

احتجاجات ضد السيسي في القاهرة مساء 20 أيلول/ سبتمبر، رويترز

هتف المتظاهرون، الذين خرجوا بالمئات إلى الشوارع في عدد من المدن الرئيسية في مصر: «ارحل يا سيسي»، وذلك لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013.

يُشكّك كثير من المحلّلين في مصداقية وعود الإصلاح، إذ يرونها محاولة وليدة اللحظة من جانب الحكومة لتهدئة التوتر. وأضافوا أنَّ الاحتجاجات أظهرت للعالم أنَّ الاستقرار في ظل حكم السيسي قد يكون محل شك ولا ينبغي اعتباره أمراً مسلماً به.

ما الذي يخشاه السيسي حقاً؟

ثمة خوف من عدم الاستقرار. عبَّر السيسي مراراً طوال السنوات الخمس الماضية عن قلقه إزاء أي تكرار محتمل لاحتجاجات على غرار ثورة 2011، التي أنهت حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بعد 30 عاماً له في السلطةً. سيؤدي اندلاع انتفاضة جماهيرية أخرى إلى إضعاف قبضة السيسي على السلطة وتراجع المكاسب الاقتصادية. وبحسب مؤيديه، قد يمهد ذلك الطريق لعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسية.

أشرف السيسي أيضاً على حملة قمع ضد المعارضة وصفتها جماعات حقوقية أنَّها الأعنف في الذاكرة الحديثة، والتي امتدت لتشمل جماعات ليبرالية، بالإضافة إلى الجماعات الإسلامية. سُجن قادة جماعة الإخوان أو فرّوا إلى الخارج.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس

أدَّت الاحتجاجات الأخيرة إلى تراجع سندات مصر الدولارية، مع خسارة المكاسب التي حقَّقها المؤشر الرئيسي للبورصة عام 2019 في ثلاثة أيام فقط.

يقول محامو الدفاع إنَّ عدة مئات من أولئك المعتقلين خلال الأسبوعين الماضيين -من ضمنهم كُتّاب ونشطاء بارزون وشخصيات معارضة لم يكن لهم صلة مباشرة بالاحتجاجات الحالية- قد أحيلوا للتحقيق بتهم تشمل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة، والانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة والخروج في احتجاجات بدون تصريح.

هل الأمر يتعلّق فقط بالاستقرار؟

وبحسب الصحيفة البريطانية، الإجابة: لا. خرجت الاحتجاجات تلبية لدعوات من رجل أعمال مصري يعيش في المنفى اتَّهم السيسي والجيش بالفساد في مقاطع فيديو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. وصف السيسي هذه الادعاءات بأنَّها «كذب وافتراء»، لكن المحلّلين قالوا إنَّ قادة جيشه يشعرون بقلق بالغ لأنَّ مزاعم الفساد، لأول مرة، تسيء لصورة الجيش البطولية المحفورة تاريخياً في وعي المصريين العاديين.

وقال محامٍ وناشط بارز في القاهرة تحدَّث لصحيفة «The Independent» البريطانية شريطة عدم الكشف عن هويته: «الجنرالات لا يريدون أن يُدفع بهم للدخول في أي مواجهة مع الشعب المصري. هذا خط أحمر بالنسبة لهم».

حتى الآن، لا يتَّضح لماذا بدت قوات الأمن على استعداد للتسامح مع الاحتجاجات عندما اندلعت لأول مرة. يقول سياسيون مقرَّبون من الحكومة إنَّ قوات الأمن فوجئت بالتظاهرات، لكنهم رفضوا أي مزاعم بوجود خلاف داخلي بين جهات في الحكومة، الأمر الذي ربما تسبَّب في ابطاء الاستجابة.

وقد ألقى الرئيس السيسي باللوم على تيار «الإسلام السياسي» في إثارة الاحتجاجات خلال قمة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

لماذا تغيّر المسار الآن؟

يبدو أنَّ الحكومة المصرية بدأت تدرك إلى أي مدى تأثرت بشدة الطبقة العاملة والمتوسطة جراء التدابير التقشفية القاسية التي اتّخذتها البلاد على مدى السنوات الثلاث الماضية من أجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

مظاهرات مؤيدة للرئيس المصري
مظاهرات مؤيدة للرئيس المصري

بدأ مسؤولون على أعلى مستوى يدركون أنَّ استمرار فرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام ترك السلطات في حالة شك حيال الطريقة الملائمة لمواجهة سلسلة مقاطع الفيديو، التي نشرها المقاول والممثل المصري، محمد علي، على مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي ومقره القاهرة: «حقيقة أنَّ الحكومة مضطرة إلى إعلان إجراءات لمحاولة إرضاء الرأي العام تعني أنَّ استجابتها التقليدية المُتعنّتة المتعجرفة، التي تتجاهل الانتقادات العامة، بدأت تتغيّر».

هل وعود الحكومة كافية؟

من السابق لأوانه معرفة ذلك، يتوقف الأمر برمته على كيفية تلقّي الجمهور لتلك الوعود. لكن العلامات المبكرة تشير إلى أنَّ ما جرى الإعلان عنه حتى الآن قليل للغاية ولا يقترب من مستوى توقعات الشعب المصري.

يقول صادق: «على الرغم من أنَّ وعود الإصلاح تبدو لفتة إيجابية، لكنَّها غير كافية لأنَّ ما قُدّم لا يلبي الحد الأدنى من إجمالي المظالم الاقتصادية والسياسية». وأضاف أنَّ «السماح بانتقاد الفساد الحكومي، وعدم الكفاءة وانعدام المساءلة السياسية لا يزال خارج مجموعة العطايا الصغيرة التي تقدّمها الحكومة».

ما ينبغي توقّعه الآن؟

يبدو أنَّ الدعوات إلى مزيد من الاحتجاجات تتلاشى، لكن النظام الحاكم لا يزال في حالة تأهب قصوى، وقد تدفع حكومة السيسي ثمن كل ذلك؛ إذ تتوقع صحف محلية إجراء تعديل وزاري شامل في الأيام المقبلة.

ثمة توقع بحدوث تغيير حقيقي في فترة يبدو فيها الشباب العربي مستعداً أكثر من أي وقت مضى للمحاولة والإطاحة بالنخبة السياسية الراكدة الجامدة.

وفي هذا الصدد، يقول سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي: «ما نحتاج إليه حقاً هو المزيد من الشفافية فيما يخص ميزانية الدولة وأوجه الإنفاق العام، بالإضافة إلى استراتيجية واضحة وفعّالة وخاضعة للمساءلة فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب في شمال سيناء ومزيد من التسامح مع المعارضة السياسية المدنية».

اجمالي القراءات 555
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق