هيكل يؤكد ما قاله د. أحمد صبحى منصور : وقف القتال بسبب أوباما

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٤ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم ـ أهل القرآن ـ الجزيرة


فى مقال (فى رثاء ضحايا غزة ) المنشور بتاريخ 20 يناير الماضى قال د. أحمد صبحى منصور : ( وبإعتبار أن إسرائيل هى الأقوى فهى التى تنهى الحرب وقتما تريد ، وقد أوقفت إطلاق النار من طرف واحد حتى لا تنغص إحتفالات ترسيم الرئيس الجديد فى واشنطن ، التى بدأت يوم الأحد 18 يناير 2009 .   )

وفى يوم الخميس الماضى 22 يناير تحدث الاستاذ محمد حسنين هيكل فى الجزيرة فقال : ( لكن توقف القتال الذى حصل، كان سببه هو الإدارة الأمريكية المنتخبة، لقد حدث اتصال بين هذه الإدارة، والحكومة الإسرائيلية، طلبت فيه إدارة أوباما أن تتوقف الحرب قبل مراسم تنصيب الرئيس الأمريكى الجديد، وأبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلى بوضوح، أن تتوقف الحرب لسبب لا يتعلق بنا، بل لأنها لا تريد أن تشوه الاحتفالات ببقع الدم، وأى كلام آخر هو للأسف الشديد، غير صحيح،    )

هذا هو النصّ الكامل لحديث هيكل فى الجزيرة وفقا لما نشرته المصريون اليوم:24 يناير :

كعادته بدأ هيكل حلقته الخميس، أمس الأول، على قناة «الجزيرة»، بتحيته «مساء الخير»، ومضى ليقول، إن حديثه اليوم ليس بالضبط حديثاً عن «تجربة حياة».. وليس بالضبط حديثاً عما هو جار، ولكنه محاولة لجسر الفجوة بين ضفتين، ضفة ما حدث خلال الشهر الماضى من أحداث جسام فى غزة، وضفة «تجربة حياة»، التى توقفت مؤقتاً.

وقال هيكل فى مستهل حديثه: «من غير المعقول أن أتحدث عن تجربة حياة، دون الحديث عما جرى، لأن ما جرى فى غزة حقيقة كان أمراً يستوجب أن تتوجه إليه جميع الطاقات، وأنا أظن أن ما حدث بالغ الخطورة، و«قناة الجزيرة» قامت بدور غير مسبوق فى كشف حقيقة الأمور، وتعريف العالم به، لأن إسرائيل عندما بدأت هذه العملية من التدمير المنظم أرادت أن تخفى الحقيقة، ومنعت وسائل الإعلام من الوصول إلى غزة، ولولا أنه كانت هناك استعدادات مسبقة لدى الجزيرة لما استطاع العالم أن يرى ما هو جار.

وتابع: بعد انتهاء الحرب علت أصوات تطالب بأخذ القادة الإسرائيليين إلى التحقيق، وهناك من طالب بمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية، وأنا أتصور أن هذا صعب، وأتصور وأقترح أن يدلى الأمين العام للأمم المتحدة بشهادته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أمس الأول كان بان كى مون فى غزة، وحاولت إسرائيل منعه من دخولها لهول ما يمكن أن يراه، كما حاولت أن تفعل مع كثيرين غيره، اتصلت به وزيرة الخارجية الإسرائيلية، وقالت له إنك سترى شيئاً فظيعاً أو مؤلما، و«لكن حكومة إسرائيل تتمنى أن تتذكر وأنت تشاهد ما تشاهد أن حماس هى من تسببت فى ذلك»،

أعتقد أنه ولو كإجراء سريع ومؤقت يجب، أن تطلب الدول العربية اجتماعاً للجمعية العامة للأمم المتحدة لسماع شهادة بان كى مون، وهذا اقتراح أقدمه للدول العربية إذا كانت جادة وتريد أن تفعل شيئاً، ما دام من الصعب جر إسرائيل لمحكمة الجنايات الدولية، فليس أقل من أن تسجل هذه الجريمة لأن ما جرى كان فادحاً.

وقال: ذكرت من قبل أن إسرائيل استغلت فترة الفراغ الذى حدث فى المنطقة، مع ذهاب إدارة أمريكية وقدوم أخرى، والدول العربية للأسف لم تكن تشعر بما يجرى فى هذه المرحلة، وتحركنا كلنا فى الوقت الضائع ولم يكن لنا دور لا فى بداية القتال ولا فى نهايته، عملية غزة بدأت بإشارة سماح أمريكية، قصدت أن تزيح من الأرض عقبات رأت أنها باتت تمثل عقبة فى طريق التسوية، وهى هنا حركة حماس،

وأوضحت أن لى ملاحظات على مواقف حماس، لكن كان واضحاً أنه بات من المطلوب التخلص من حماس، لأنها استطاعت أن تنشئ لنفسها محاولات للتسلح، عن طريق الأنفاق والبحرين الأحمر والمتوسط، ولهذا كان مطلوباً إزاحة حماس وتمهيد الأرض قبل مجىء أوباما، وانتهى القتال لأن إسرائيل - فيما تقدر هى - تعتقد أنها حققت أهدافها على الرغم من عدم تنفيذ المرحلة الثالثة، والجنرال أشكنازى قائد أركان الجيش الإسرائيلى كان رأيه أن تتم هذه المرحلة عند الضرورة،

لكن توقف القتال الذى حصل، كان سببه هو الإدارة الأمريكية المنتخبة، لقد حدث اتصال بين هذه الإدارة، والحكومة الإسرائيلية، طلبت فيه إدارة أوباما أن تتوقف الحرب قبل مراسم تنصيب الرئيس الأمريكى الجديد، وأبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلى بوضوح، أن تتوقف الحرب لسبب لا يتعلق بنا، بل لأنها لا تريد أن تشوه الاحتفالات ببقع الدم، وأى كلام آخر هو للأسف الشديد، غير صحيح، يمكن لأى جريدة أو أى مؤتمر أن يقول خلاف ذلك، لكن للأسف الشديد، الحقيقة أنه دار قتال على أرضنا وعلى مصائرنا فى المنطقة، ولم يكن لنا دور فى إيقافه.

الشواهد التى أمامى تؤكد أن الحرب كان مقصوداً منها إعطاء الدرس لآخرين، وأول هؤلاء المطلوب أن يتلقوا الدرس، سوريا، كان مقصوداً لها أن تعرف أننا مقبلون على مرحلة لم تتشكل بعد سوف توضع فيها حقائق على الأرض، لا أظن أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تدخل بنفس الطريقة المعتادة فى التفاوض، على الرغم من كل ما يقال إن هناك مبعوثين للشرق الأوسط، أو ما ظهر أمامى، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أنها لم تعد أمام طرف يمكن التفاوض معه، خاصة على الساحة الفلسطينية، وتعتقد أنها الآن أمام حماس جريحة، وأمام رام الله، أو سلطة فلسطينية مريضة،

وليس هناك أحد قادر الآن على أن يجلس على مائدة المفاوضات، وأن يتحمل مسؤولية تسوية شارك فى صنعها، ويقوم بتمريرها فى الشارع الفلسطيني، وهنا أريد أن ألفت النظر إلى خطاب التنصيب الذى ألقاه الرئيس الأمريكى المنتخب باراك أوباما، خاصة إحدى فقراته التى أعتقد أنها موجهة للعالم الإسلامي،

وأنا أعتقد أنها جديرة بالقراءة، هذا إطار عام، يقول فيها: أتوجه للعالم الإسلامى نحن سوف نتطلع للأمام، وسنتصرف وفق مصالحنا، واحترامنا للآخرين، وعلى هؤلاء القادة الذين يمسكون بزمام الأمور، عليهم أن يعرفوا أن شعوبهم سوف تحكم عليهم بأعمالهم، ليس بما يوردونه من حجج وإلقاء المسؤولية على الآخرين، ولكنها سوف تحكم عليهم بأعمالهم، والمهم ليس قدرتهم على القمع، وإنما قدرتهم على البناء،

ويواصل: وإلى هؤلاء الذين يتمسكون بالقوة ويحكمون على نظم فاسدة تخدع شعبها وتسقط صوت أى معارضة، عليهم أن يعرفوا أنهم يقفون على الجانب الخاطئ من التاريخ، ولكننا سوف نمد أيادينا إذا أحسسنا أن القبضة التى تعصف بالشعوب قد انفتحت لكى تصافح يدا أخري، هذا كلام أعتقد أنه يؤكد أن الولايات المتحدة مشغولة تماماً بأشياء أخري،

وأنها تتقدم إلى المنطقة بسياسات مختلفة، أولها سياسة بدأها الرئيس بوش فى آواخر أيامه، وهى سياسة فرض أمور على الأرض، وعلى الواقع، وأول هذه الأمور، المعاهدة التى عقدتها كوندوليزا رايس فى آخر أيامها مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفني، وهى معاهدة تفرض ترتيبات على المنطقة دون التشاور مع أطرافها، ويمكن للبعض أن يقول إن هذا خط أحمر أو أصفر، إلى آخره، لكنها فى نهاية الأمر سياسة أمريكية معتمدة وقادمة.

هذه السياسة الجديدة فيها نوع من اليأس من الأحوال فى المنطقة العربية، لأن الصورة أصبحت دموية بشكل مبالغ فيه، وأن العالم العربى يمر بمرحلة تحول، أو بمرحلة مخاض مؤلمة جداً، ولا أحد يبدى استعداداً لتحمل هذه الآلام إلى جوار العالم العربى، لأن الناس زهقت، وتوصل الغرب وأمريكا إلى أنه لم يعد مهماً أن نوافق أو نعترض، أن نقول نعم أو لا، لأننا تفرقنا تفرقاً شديداً، وأخطر ما أسفرت عنه هذه الفرقة هو أنه لم يعد هناك طرف على الأرض يمكن التفاوض معه.

أنا فى هذه اللحظة لا أريد أن أدخل فى معركة مع أحد، إنما أريد أن أطل على المنطقة فى لحظة تاريخية معقدة، نحن فى عصر الزمن المختلط، رئيس أمريكى من أب زنجى وأم بيضاء، ويبدو أن كل الأمر أصبحت مختلطة، وليس أدل على ذلك من هذه الاتفاقية الأمنية التى عقدتها السيدتان رايس وليفنى فى واشنطن، ونصوصها كلها أمامي، وأشعر بالألم كمواطن عربي، ومواطن مصرى من الدرجة الأولى.

الأمر الثانى عند الحديث عما جرى وما ينتظر، هو أننا إذا نظرنا للصور التى جاءت من القمة الأوروبية التى رأينها فى شرم الشيخ، وأنا أعلن من هو مهندس هذه القمة الأوروبية التى جاءت للمنطقة، وإسرائيل كانت تعلم عنها أكثر مما نعلم، لم يأت هؤلاء لمجرد تلبية دعوة، وأخشى أن أقول إن أى أحد يلقى نظرة سريعة يدرك أن حلف الأطلنطى قادم للمنطقة بقوة، ساحة عربية مفتوحة لمن يريد أن يعمل، ليس بها إلا بقية مواقف معارضة، نحن أمام أمريكا غير متفرغة، وأوروبا متطلعة، وبين هذين الطرفين، أبدى مخاوف كبيرة.

إذن دونما شك، هناك محاولة لإيجاد تعاون دولى للتعامل مع المنطقة، وأظن أن المرحلة القادمة ستشهد تعاظم دور حلف الأطلنطي، وهذه صور تستحق أن يلتفت إليها بعض الناس بشىء من العمق أكثر مما يعرض فى صفحات الجرائد.

أوروبا تدخل بقوة، وأرجو أن نلاحظ أن إسرائيل موجودة كعضو منتسب فى الاتحاد الأوروبى، وهنا أقول إن مهندس هذا التحرك الأوروبى هو تونى بلير، رئيس الوزراء البريطانى السابق، وممثل الرباعية الدولية، ومما أتيح لى من أوراق وبعض المعلومات، أعلم أنه هو الذى أوحى إلى قادة أوروبا أن يتحركوا فى الظرف الراهن، وأتصور أن ما رأيته، هو أن قوة جديدة تدخل للمنطقة ونحن لسنا مدركين لما يحدث بالقدر الكافى.

ومن خلال الدخان المتراكم فى غزة، يمكن أن ندرك أن الاجتماعات الأوروبية مع أطراف عربية وإسرائيلية، أوجدت مخرجاً من الأزمة يمكن أن تبنى عليه إسرائيل قرار وقف إطلاق النار، الذى اتخذته أيضاً حماس بشكل منفرد، وتمت عملية إخراج جيدة لهذه المأساة، وأعطت أوروبا صك غفران لإسرائيل، زيارة القادة الأوروبيين فى هذه اللحظة هى بمثابة إنقاذ إسرائيل من المطالبات الدولية بمحاكمتها على ما قامت به فى غزة، تستطيع أن تهرب به مؤقتاً من لحظة حساب لابد أن تجىء، ولذا أطالب مرة أخرى بضرورة أن يذهب بان كى مون للشهادة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وثمة أمر آخر، عندما أطل مرة أخرى على أوراقى ونرى خطة أمريكية وأوامر لمحمود عباس - وهى بالمناسبة نشرت فى جرائد أمريكية - تقول له بأن هذه فرصتك للتخلص من حماس، وقد كان هناك تخطيط كامل لتنفيذ ذلك، أمريكا فى بعض المرات تغرينا بأن ننقض على من نتصور أنه خطر ضدنا، وعندما نزيحه عن الساحة نزداد نحن ضعفاً، أنا شخصياً عندما أطل على الساحة لا أجد نفسى معجباً بهذا الذى يجرى فى رام الله، وعدم نجاح هذا المخطط، جعل إسرائيل تقوم بمهمة إسقاط حماس بنفسها، وجعل الساحة الفلسطينية تمتلئ بالفراغ.

الملمح الثالث فى المرحلة القادمة، هو أن العملية فى غزة لم تنته، وسوف تجرى محاولات حثيثة لإزاحة حماس، وهذه المرة عن طريق إعادة إعمار غزة، وأظن أن هذه هى المعركة المقبلة، معركة الإعمار، وأظن أنه سوف تتم عملية سياسية فى منتهى الأهمية، هى أن هناك مبالغ كبيرة سوف تخصص للإعمار، ولن تعطى لحماس ولا للسلطة الفلسطينية،

وأى دولة تتصور أنها سوف تشرف على الإعمار فى غزة فهى مخطئة، فى حقيقة الأمر، إن من سيشرف على عملية إعادة الإعمار هو حلف الأطلنطى، يتصور الإسرائيليون أنهم نجحوا فى غزة، وكسروا عظم حماس، ودمروا القاعدة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية لحماس، مع فعل مرتد متوقع، هو اليقظة بعد كابوس فظيع، وأن هناك مرحلة حماس ستوجه وسائلها لأمور أخرى، وأن خسائرها كبيرة،

وتتصور إسرائيل أنه يمكن استعمال قضية الإعمار فى تسوية الأرض أمام مطالبها، وتحقيق أمنها، وتضيع القضية الفلسطينية فى مقابل قضية الإعمار، وبالتالى نحن مقبلون على مرحلة الإعمار وتصفية حماس فى غزة، وتتصور إسرائيل وحلف الأطلنطى، ويتصور مهندسها تونى بلير أن ذلك فى متناول اليد، وهنا تتكرس سياسة فرض الأمر الواقع - لدرجة أن تتم اتفاقية ليفنى ورايس ضد بلد كبير فى المنطقة - وبنفس الطريق سيتم استعمال الإعمار لتسوية الأرض وقبول أمر واقع.

فى المرحلة المقبلة نحن لسنا أمام مفاوضات، ولا حلول، وبالنسبة للقضية الفلسطينية نحن أمام فرض ترتيبات عن طريق الإعمار والتهدئة، وفى نفس الوقت فإن العالم العربى متروك لتفاعلاته، وأحواله الطبيعية، لأن الشرق الأوسط ليس مهيأً للديمقراطية، فنحن بهذا الشكل مقبلون على تسوية على الأرض تفرضها سياسية الأمر الواقع، نحن مقبلون على مرحلة أعتقد أن كل قوتنا يجب أن تتحفز،

وكل قوانا يجب أن تتنبه، لأن العالم العربى يقرر مصيره دون إرادته، ونحن فى أحوال خطيرة جداً، وما هو مقبل مهم، نحن فى معركة مستمرة، ما كنت أتحدث عنه فى تجربة حياة هو صور من الصراع فى الشرق الأوسط، وما جرى هو جزء من فصول هذه القصة، قصة المعركة المستمرة، والتى تصب فصولها فى نهر الجنون.. واختتم هيكل «تصبحون على خير».

اجمالي القراءات 973
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق