أتلانتيك كاونسيل: إلى متى يستمر الصراع السعودي الإيراني؟

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٥ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


أتلانتيك كاونسيل: إلى متى يستمر الصراع السعودي الإيراني؟

عندما قام ضباط المخابرات السعوديون بقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في قنصلية المملكة بإسطنبول أكتوبر/تشرين الأول 2018، عبر مسؤول في الحرس الثوري الإيراني عن قلقه إزاء تصاعد الهجمات الإعلامية الأمريكية على المملكة. وفي ترديد لوجهات نظر إيران حول الولايات المتحدة، تساءل مسؤول الحرس الثوري الإيراني عما إذا كانت واشنطن تخطط لتقويض الرياض. ثم أصر على أن طهران تندد بمثل هذه التحركات.

ويتم اتهام إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، لكن يبدو أن طهران تريد أن تبقي على استقرار السلطة في الرياض. وأدى التدهور السريع للأمن الإقليمي إلى إخماد رغبة إيران في مشاهدة الدول العربية المنافسة تنهار. وهناك إدراك بأن الصعود المحتمل للتنظيمات المسلحة في المملكة، إذا سقط نظام آل سعود، قد يزعزع استقرار إيران. وعلى نفس المنوال يظهر القلق في الرياض من أن المملكة قد تدفع ثمنا باهظا إذا اندلعت حرب مع إيران.

وكدولتين متجاورتين، تدرك السعودية وإيران أنهما يجب أن يعيشا معا في الأوقات الجيدة أو السيئة. وحتى في أسوأ الأوقات، واصل آلاف الحجاج الإيرانيين السفر إلى السعودية كل عام، وسافر الشيعة السعوديون إلى إيران.

وتفضل كل من طهران والرياض عدم التخلي عن الحذر عند التعامل مع بعضهما البعض. ويعد ضبط النفس في مواجهة التوترات هو الأسلوب الذي تفضله كل من المملكة السنية والجمهورية الإسلامية الشيعية عندما تندلع الأزمات المحيطة بهما. وكان هذا واضحا عندما تم اتهام طهران بالهجوم على 4 سفن للنفط، بما في ذلك ناقلتان سعوديتان، قبالة سواحل الإمارات في 13 مايو/أيار، تلاه هجوم بطائرات بدون طيار نفذه الحوثيون على خط أنابيب سعودي.

وألقت طهران باللوم في الهجمات على أطراف ثالثة تحاول الاستفادة من الاضطرابات الإقليمية المستمرة. وقالت وكالة "تسنيم" الإخبارية، التابعة للحرس الثوري الإيراني، إن القتال بين الفصائل المتناحرة في اليمن قد يكون السبب في وقوع الهجمات. وأعلن تلفزيون "المسيرة"، الذي يديره الحوثيون، مسؤولية الأخيرة عن الهجوم بطائرة بدون طيار. لكن الحوثيين أصروا على أن طهران لم تكن وراء ذلك.

وامتنعت الرياض عن إصدار بيان رسمي يلقي باللوم مباشرة على إيران في تلك الهجمات، رغم أنها ذكرت أن مرتكبي الهجوم على خط الأنابيب كانوا مدعومين من طهران.

ومع ذلك، قال نائب وزير الدفاع السعودي "خالد بن سلمان"، ووزير الدولة للشؤون الخارجية "عادل الجبير"، على موقع "تويتر"، إن الهجمات كانت أعمالا استفزازية إيرانية. ورأى مقال منشور في صحيفة "عرب نيوز" السعودية اليومية أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد إيران. لكن رئيس تحرير الصحيفة قال إنه ينبغي حل التوترات بين الولايات المتحدة وإيران قبل اندلاع التصعيد في المنطقة.

وجاءت الهجمات الأخيرة بعد قرارات إدارة "ترامب" بالضغط على صادرات النفط الإيرانية لإيصالها للصفر، من خلال تشديد العقوبات أحادية الجانب ضد طهران، وتأكيد الرياض على توفير إمدادات نفط كافية للحفاظ على الأسعار العالمية ثابتة.

تصعيد الصراع

ورفضت الرياض وطهران حتى الآن خوض الحرب، رغم أن المملكة وافقت على طلب أمريكي بنشر قوات في الخليج العربي. وحذرت إيران من أن أمن المنطقة سيصبح في خطر إذا شعرت بأنها محاصرة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها العرب الإقليميين. وينتقد محللو السياسة في طهران الرياض بسبب طموحات الهيمنة الإقليمية للمملكة.

ولم تكن السعودية تاريخيا قوة مهيمنة، لكن تصرفاتها الأخيرة ردا على التحركات الإقليمية الإيرانية تشير إلى أن المملكة تريد التأكد من أن أهداف الهيمنة الخاصة بطهران، التي تنفي بشدة وجودها، تخضع للسيطرة.

ومنذ أواخر 2015، قادت السعودية تحالفا عسكريا إسلاميا لمحاربة الإرهاب يضم 34 دولة. وقادت المملكة تحالفا آخر يخوض الحرب في اليمن، وحصلت على دعم الولايات المتحدة. وفي مارس/آذار، استضاف "مركز استهداف تمويل الإرهاب" في الرياض ورشة عمل لبناء القدرات ركزت على مخططات التمويل الإيراني غير المشروع. وتم إطلاق المركز عام 2017، وهو جهد متعدد الأطراف بقيادة الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي. ومنذ 10 أبريل/نيسان، تقود المملكة والولايات المتحدة سلسلة من المناقشات حول إيران. ويدعم الرئيس "ترامب" فكرة وجود تحالف "ناتو عربي" بقيادة السعودية للمساعدة في احتواء نفوذ إيران الإقليمي. وفي الشهر الماضي، عقدت الرياض اجتماعا تمهيديا لتشكيل الهيئة الجديدة.

ويصر محللو السياسة في طهران على أن السعودية لن تكون قادرة على مواجهة إيران، حتى مع دعم إدارة "ترامب". وقد تضع أجندة الخليج أحادية القطب، التي تركز على القدرات السعودية، المملكة بين المطرقة والسندان. وقد تضطر المملكة للدفاع عن نفسها ضد إيران، بينما تنتظر لترى ما هي الخطوة الأمريكية القادمة بشأن طهران، والتي قد تكون اشتبا" dir="rtl" style="box-sizing: border-box; margin: 0px 0px 10px; text-align: justify; color: rgb(55, 55, 55); font-family: aljazeera; font-size: 16px; background-color: rgb(252, 252, 252);"> ومع ذلك، سافر القادة العراقيون إلى السعودية وإيران لمحاولة بناء السلام الإقليمي في أبريل/نيسان، حتى أنهم رعوا اجتماعا برلمانيا شارك فيه الطرفان. كما أعاد حلفاء المملكة فتح سفاراتهم في سوريا، في حين تجاهلت طهران دعواتهم السابقة للإطاحة بالرئيس "بشار الأسد" المدعوم من إيران. وقد تنشأ فرص أخرى، بما في ذلك عودة دمشق للجامعة العربية بعدما غادرتها بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية.

وبالمثل، في اليمن، توجد فرصة لحل النزاع. وقد عملت السعودية وإيران مع الرئيس السابق "علي عبد الله صالح"، الذي كان معروفا عنه عدم اهتمامه بالولاءات الطائفية. وعلى الرغم من أن "صالح" عمل مع الحوثيين المدعومين من إيران، فقد كان قريبا من السعودية عندما كان في السلطة حين دعمت المملكة الانتقال السياسي في البلاد عام 2011.

ويعد إقامة وضع إقليمي تتشارك فيه السعودية وإيران هو الهدف الواقعي لحل هذا الصراع. لكن الهدف لا يمكن تحقيقه لأن الولايات المتحدة ليست على إدراك تام للفكرة، وهي غير راغبة في الاضطلاع بالمهمة الصعبة المتمثلة في المساعدة في استعادة توازن القوى بين السعودية وإيران؛ لذلك فإن الصراعات تستمر في المنطقة.

وفي حين أن البلدين قد أظهرا علامات مشجعة لاحتواء النزاعات، تصر السعودية على أن إيران بحاجة إلى تغيير سلوكها بدلا من محاولة توسيع نفوذها الإقليمي. ولم تتسبب المشاحنات الدائمة والمصالح المتنافسة بين السعودية وإيران في إضعافهما على المستوى الإقليمي فحسب، لكنها وضعتهما على حافة صراع دائم يمكن أن يشتعل في أي وقت.

اجمالي القراءات 849
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more