رايتس ووتش: تعديلات الدستور في مصر ترسخ لقمع طويل الأمد

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٠ - أبريل - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


رايتس ووتش: تعديلات الدستور في مصر ترسخ لقمع طويل الأمد

قالت كل من "هيومن رايتس ووتش" و"اللجنة الدولية للحقوقيين" السبت، إن على الحكومة المصرية سحب التعديلات الدستورية المقترحة والتي تعزز الحكم السلطوي، وستتسبب في تقويض استقلالية القضاء المصري المتآكلة وتوسيع قدرة الجيش على التدخل في الحياة السياسية.

وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "مايكل بَيْج" إن التعديلات "تهدف إلى خنق آمال المصريين في العيش بكرامة وفي ظل سيادة القانون. وعلى السلطات فورا وقف السعي إلى تمرير التعديلات عن طريق تهديد المنتقدين والمعارضين السلميين، وإخفائهم، واضطهادهم". 

وأضاف "بيج": "يتطور النظام المستبد في مصر إلى إعادة إنتاج نموذج 'الرئيس مدى الحياة'، الذي يعشقه الحكام الدكتاتوريون في المنطقة ويكرهه مواطنوهم. لكن التجارب الحديثة لمصر والدول المجاورة أثبتت أن هذا النموذج لم تُكتَب له الحياة".

فيما اعتبر مدير قسم الشرق الأوسط في اللجنة الدولية للحقوقيين "سعيد بن عربية" أن "هذه التعديلات اعتداء صارخ على سيادة القانون واستقلالية القضاء في مصر. إن تم اعتمادها، فستضع الجيش فوق القانون والدستور، وستعزز تبعية السلطة القضائية والنيابة العامة للسلطة التنفيذية".

وتثير التعديلات قلقا كبيرا خاصة بالنظر إلى القمع الواسع للحريات الأساسية، مثل حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، والحق في المشاركة السياسية، وجميعها ضرورية لإجراء تصويت عام حر ونزيه.

وستسمح التعديلات الدستورية لـ"السيسي" بالترشح لفترة واحدة إضافية، ومددت فترته الحالية من 4 إلى 6 سنوات، وهي خطوة جلبت انتقادات داخل مصر.

وفيما دعا تحالف من 10 أحزاب علمانية ويسارية إلى رفض التعديلات. أطلقت السلطات حملة شرسة لتشويه سمعة العديد من الناشطين والممثلين الحائزين على جوائز، وتنظر في إمكانية محاكمتهم، إثر مشاركتهم في جهود مناصرة عامة في واشنطن وعواصم أوروبية في مارس/آذار حول الوضع الحقوقي في مصر.

وبحسب محامين حقوقيين تحدثوا إلى "هيومن رايتس ووتش"، اعتقلت السلطات أو أحالت للنيابة في فبراير/شباط ومارس/آذار فقط أكثر من 160 معارضا أو أشخاص تنظر إليهم كمعارضين.

وتمنح المواد 185 و189 و193 المعدّلة الرئيس صلاحيات إشراف واسعة وغير خاضعة للرقابة على السلطة القضائية والنيابة العامة، في تعارض مع المبادئ الأساسية لسيادة القانون المتعلقة بفصل السلطات، واستقلالية القضاء، والحق في المحاكمة العادلة من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة.

بموجب المادة 185 المعدلة، سيكون للرئيس صلاحية تعيين رؤساء الهيئات والسلطات القضائية من بين 7 من كبار نوابهم الذين تسميهم المجالس القضائية. 

كما سيصبح الرئيس – وفي حال غياب وزير العدل – رئيس "المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية"، الذي سيشرف على السلطة القضائية والذي من المفترض أن يتمتع بالاستقلالية كأمر حيوي للحفاظ على استقلالية القضاء.

بموجب الفقرة 3 من المادة 193، سيحظى الرئيس بصلاحية اختيار رئيس "المحكمة الدستورية العليا" من بين أقدم 5 نواب لرئيس المحكمة، كما يحظى باختيار نائب رئيس المحكمة من بين شخصين يسميهما رئيس المحكمة والجمعية العامة للمحكمة، وهي نقابة المحكمة بحكم الأمر الواقع.

كما سيحظى الرئيس بصلاحية تعيين رئيس وأعضاء "هيئة المفوضين"، الذين سيسميهم رئيس المحكمة بعد التشاور مع الجمعية العامة للمحكمة. تتكون هيئة المفوضين من قضاة يقدمون آراء إلى رئيس المحكمة حول المسائل الدستورية والقانونية في القضايا المعروضة على المحكمة.

سيعطي تعديل الفقرة 2 من المادة 189 للرئيس أيضا سلطة تعيين النائب العام، وذلك من بين 3 أشخاص يسميهم "مجلس القضاء الأعلى" من بين نواب رئيس محكمة النقض، ورؤساء محاكم الاستئناف، والنواب العامين المساعدين.

ستعطي تعديلات المواد 185 و193، ومعها القانون رقم 13 لعام 2017، للرئيس – أي السلطة التنفيذية – سيطرة شبه كاملة على السلطة القضائية، ما سيسمح باستخدامها لخنق المعارضة السلمية.     

المعايير الدولية بشأن استقلالية القضاء

 

التعديلات الدستورية المُقترحة لا تتماشى مع الحق في المحاكمة العادلة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومُحايدة، وهو ما تكفله المادة 14 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي)، والمادتين 7 و26 من "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، والمادتين 12 و13 من "الميثاق العربي لحقوق الإنسان". جميع هذه الصكوك صادقت عليها مصر، وهي تشترط الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.

سبق للجنة الدولية للحقوقيين أن أوضحت في تقريرها "القضاء المصري: أداة للقمع"، الإطار الحالي الذي يحكم القضاء والنيابة العامة في مصر وعدم امتثالهما للحق في المحاكمة العادلة بموجب القانون الدولي. 

وأوضح التقرير أن مجلس القضاء الأعلى يتألف من قضاة يتم تعيينهم حسب الأقدمية بدلا من انتخابهم من قبل زملائهم، وليس لديه سلطة مستقلة في اتخاذ قرارات بشأن المهن القضائية، بما في ذلك تعيين بعض القضاة، أو إحالة القضاة للتأديب.

وستضفي التعديلات صفة دستورية على القانون رقم 13 لعام 2017؛ وتمنح للرئيس سلطة تعيين القضاة لقيادة جميع الهيئات القضائية، بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا، دون أي تدخل قضائي ما عدا من قضاة رشحهم مجلس القضاء الأعلى بناء على الأقدمية عوض الكفاءة.

 التدخل العسكري في الشؤون المدنية

 

ستوسع المواد 200 و204 و234 المُعدلة من الدستور بشكل كبير سلطة الجيش، في انتهاك لمبادئ سيادة القانون والحق في المحاكمة العادلة من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومُحايدة.

بموجب الفقرة 1 من المادة 200 المُعدلة، ستوكل إلى الجيش مهام "صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد"، إضافة إلى مهمتها في "حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها".

وبموجب المادة 234 المُعدلة، سيتم جعل الدور المؤقت الحالي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، في الموافقة على تعيين وزير الدفاع، وهو أيضا قائد القوات المسلحة، دور دائم.

يبدو أن التعديلات مُصممة لتمكين الجيش من التدخل في الحكم المدني، والمجالات العامة والسياسية التي تقع على عاتق أجهزة إنفاذ القانون. 

ويمتلك الجيش المصري فعلا سلطات واسعة لتحديد السياسات والتدخل في الشؤون المدنية دون إشراف مدني. 

وستقترن سلطة الجيش المُضاعفة بتوسيع غير مسبوق من اختصاص المحاكم العسكرية. بموجب الفقرة 2 من المادة 204 المُعدلة، ستكون للمحاكم العسكرية اختصاص على الجرائم التي يرتكبها مدنيون "تُمثل اعتداء" على منشآت الجيش، ومعداته، وأسلحته، ووثائقه، وأمواله العامة، من بين أشياء أخرى كثيرة، مع إزالة الشرط السابق على التعديل بأن يكون هذا الاعتداء "مباشر".

اجمالي القراءات 1102
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق