الرياض - محيط:

جاءت الأزمة المالية العالمية الراهنة لتكبد الاستثمارات العربية في الخارج خسائر فادحة, وظهرت مطالبات بضرورة عودة تلك الأموال للاستثمار في أوطانها وخاصة أن الأسواق العربية تعد أمنه نسبيا من تداعيات الأزمة الحالية, لكن وعلي الجانب الأخر تصاعدت مطالب بضرورة تمهيد قوانين الاستثمار العربية لتمثل عامل جذب للأموال المهاجرة.

وتوقع خبراء اقتصاد أن تكون الاستثمارات السعودية الخاصة في الولايات المتحدة والمقدرة بنحو 1.5 تريليون ريال (405 بلايين دولار)، فقدت 40 % من قيمتها جراء أزمة الاقتصاد العالمية وما سببته من إفلاس لمؤسسات مال كبيرة وانهيار لأسعار الأسهم في مؤسسات أخرى.

وأوضحوا في مقابلات أجرتها معهم صحيفة "الحياة" أن الإحصاءات الاقتصادية تشير إلى أن حجم الاستثمارات السعودية الحكومية والخاصة في الخارج كانت تُقدَّر بنحو 4.6 تريليون ريال (1.23 تريليون دولار)، عندما بدأت مشكلة الرهن العقاري قبل سنتين، حصة الولايات المتحدة 34 % منها.

وقدّر أستاذ الإدارة الاستراتيجية في "جامعة الملك فهد للبترول والمعادن" عبد الوهاب القحطاني استثمارات القطاع الخاص والأفراد السعوديين في الولايات المتحدة بنحو 1.52 تريليون ريال، موظفة في قنوات استثمار، منها العقارات والسندات الحكومية والأسهم والصناعات والشركات.

ولفت إلى أن المعلومات في هذا الصدد متباينة، لكن الاستثمارات لا تقل عن 1.5 تريليون ريال، "ما يؤكد أن عودة نسبة منها إلى المملكة ستدفع النمو الاقتصادي السعودي إلى أعلى في ظروف اقتصادية عالمية صعبة".

وتوقع "أن تتجه حصة كبيرة منها خلال الفترة المقبلة إلى أوروبا ودول آسيوية، لسهولة الإجراءات وقرب هذه الدول من المملكة". وأكد تضرر مستثمرين سعوديين جراء الأزمة الاقتصادية.

واستبعد القحطاني عودة نسبة كبيرة من أموال السعوديين المستثمرة في الخارج إلى السعودية خلال الفترة الحالية، "لأن قنوات الاستثمار محدودة في المملكة". لكنه رجّح عودة 80 إلى 100 مليار ريال، خصوصاً إلى قطاعات البتروكيماويات والاتصالات والتأمين والمصارف، داعياً إلى تسهيل الإجراءات والأنظمة للمستثمرين السعوديين أسوة بالمستثمرين الأجانب.

وأكد الخبير الاقتصادي عضو مجلس الشورى سابقاً عبدالعزيز الداغستاني ان معظم الاستثمارات السعودية المستثمرة في الخارج، خصوصاً في الولايات المتحدة قبل الأزمة، كانت في القطاع العقاري وأسواق المال وكلاهما تعرض لخسائر كبيرة.

واستبعد الداغستاني أن يصفي المستثمرون السعوديون في القطاع العقاري الأميركي استثماراتهم بالأسعار الحالية المتدنية. ولفت إلى ان السوق السعودية تملك عوامل جذب للأموال العائدة، خصوصاً في القطاع العقاري.

ولفت عضو جمعية الاقتصاد السعودية والمصرفي عبد الحميد العمري إلى أن بيانات أعلنتها "مؤسسة النقد العربي السعودي" "تشير إلى أن حجم الأموال السعودية الحكومية والخاصة المستثمرة في الولايات المتحدة فقط قبل الأزمة لا تقل عن تريليوني ريال في قطاعات عدة".

ورجح أن يكون مستثمرون سعوديون أعادوا إلى المملكة جانباً من أموالهم في الخارج قبل الأزمة العالمية، مشيراً إلى أن السوق السعودية تملك فرصاً كبيرة سواء في القطاع العقاري بمختلف منتجاته، أو الأسهم التي أصبحت مكررات الربحية فيها نحو 8.8 %.

وكان الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أحمد جويلي قد أكد أن حجم الخسائر المتوقعة للاقتصاد العربي نتيجة الأزمة المالية الراهنة تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار، وأن معدل النمو سينخفض من 5 إلى 3%، متوقعاً تزايد العجز في موازنات الدول العربية، خصوصاً غير البترولية، بسبب انخفاض سعر النفط.

وأكد جويلى أن الدول العربية تحتاج إلى العمل معاً للحد من أضرار الأزمة، وتبني سياسات مهمة لمواجهة آثارها. واقترح إنشاء صندوق عربي كإجراء وقائي لمواجهة أزمة الرهن العقاري التي تجتاح العالم، على غرار الصندوق الذي أنشأته دول مثل روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية.

وأشار إلى أن مجلس الوحدة سيعرض على القمة الاقتصادية العربية المقرر عقدها في الكويت إجراءات محددة لامتصاص تأثيرات أزمة المال على الاقتصاد العربي، من بينها إنشاء هيئة تمويل عربية برأس مال قدره مليار دولار تموّل مشاريع القطاع الخاص، يتبعها صندوقان لتمويل المشاريع الصغيرة بهدف الحد من الفقر، الى صندوق طوارئ عربي برأس مال 70 مليار دولار لتثبيت الدعائم المالية لأي دولة عربية يتعرض نظامها المالي إلى الخطر، واتخاذ إجراءات لمساعدة الاقتصاد من الانزلاق نحو انكماش اقتصادي بمضاعفة حجم الطلب على السلع العربية.