حكايات من 3 دول.. كيف تستخدم السلطة الخدمة العسكرية كورقة مساومة؟

اضيف الخبر في يوم السبت ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


حكايات من 3 دول.. كيف تستخدم السلطة الخدمة العسكرية كورقة مساومة؟

تنظر عدّة دول في العالم للتجنيد الإجباري باعتباره ورقة مُساومة أو وسيلة ضغط تجاه فئة الشباب، دون اعتبار للغرض العسكري والاحتياجات الأمنية التي يُفترض أن تكون هي الدوافع الأساسية لتجنيد الشباب، إذ يغيب المُحدد العسكري عادًة فى هذه الدول التي يستعرضها التقرير، ويرصد كيف تحوّلت الخدمة العسكرية الإلزامية لوسيلة مُساومة أو ورقة ضغط من قبل السلطة والمقربين إليها.

مقالات متعلقة :

كوريا الجنوبية.. الفوز على اليابان مُقابل الإعفاء

فى نهائي دورة الألعاب الآسيوية 2018، لم يكن أمام ثلاثة من لاعبي منتخب كوريا الجنوبية ومنهم نجم نادي توتنهام الإنجليزي هيونغ مين سون فى مواجهتهم المرتقبة مع اليابان بديلٌ عن الفوز؛ ليس فقط من أجل إسعاد جماهيرهم وعائلاتهم فقط، بل حتى لا تنتهي مصائرهم إلى معسكرات الجيش مُجنّدين لفترة زمنية تصل إلى عامين كاملين، وتوديع ملاعب كرة القدم التي منحتهم الشهرة والمال.

 

 

احتفال لاعبي كوريا الجنوبية بفوزهم بدور الألعاب الآسيوية 2018

ولحسن حظّهم، نجا اللاعبون الثلاثة من توقيف مسيرتهم الكروية من خلال الفوز على اليابان في المباراة النهائية التي تحولت إلى 90 دقيقة قد تحدّد مصير حياتهم المستقبلية؛ لترتسم ملامح فرحة هستيرية على وجوههم بعد نهايتها، وكأن حياة جديدة كُتبت لهم بعد شهور من القلق والخوف عززتها الروايات المنتشرة حول الظروف الصعبة للمجندين فى كوريا الجنوبية.

بدأت القصة بعدما فشل «سون» فى العبور ببلاده للتأهل لدور المجموعات في كأس العالم 2018؛ ليجد نفسه مُطالبًا بتأدية الخدمة العسكرية، وترك ناديه الإنجليزي، قبل أن تتهيأ له فرصة أخيرة للنجاة في نهائي دورة الألعاب الآسيوية بتحقيق فوز لبلاده ينجيه من مصير آلاف الشباب فى مرحلته العمرية.

وشهد الجيش الكوري الجنوبي، الذي يعمل بنظام التجنيد الإلزامي، حوادث انتحار للمجندين أو هروب لبعضهم من المعسكرات لأسباب متباينة لها علاقة بظروف الحياة المعيشية الصعبة داخل معسكرات التأهيل، فضلًا عن الاعتداءات التي يتعرّضون لها على أيدي أقرانهم لأسباب دينية أو أيديولوجية؛ والتي تنعكس عليهم فى صورة مشاكل نفسية وعقلية تلازمهم لسنوات طويلة بعد انتهاء خدمتهم.

ويُلزم القانون الكوري الجنوبي تجنيد جميع الذكور في البلاد قبل سن 28، لخدمة البلاد لمدة عامين، وذلك بعد اجتياز اختبار يقيس مدى استعداد القدرة البدنية للمُجند على الخدمة العسكرية؛ قبل أن ينتقل هؤلاء لمركز تدريب الجيش الكوري؛ والذي يبعد بحوالي ثلاث ساعات عن العاصمة الكورية.

وتستخدم كوريا الجنوبية ورقة التجنيد الإجباري دومًا لتحفيز لاعبيها في كافة البطولات الرياضية على تحقيق مراكز متقدمة مقابل إعفائهم من تأدية الخدمة العسكرية؛ وهو الأمر الذي تحول لما يُشبه المُكأفاة -أو الابتزاز- التي تُعلن عنها البلد الآسيوي في كُل مُنافسة رياضية للاعبيها خصوصًا أن مصير أي شاب يتخلف عن أداء الخدمة العسكرية في كوريا هو السجن؛ لذلك نجد أن البلد الآسيوي يُحصي أكبر عدد من الرجال المسجونين بسبب رفضهم تأدية الخدمة العسكرية.

تمتد القيود على كُل متخلّف عن أداء خدمة التجنيد الإجباري لتشمل حرمانه من العمل داخل القطاع العام في كوريا؛ وهي المسألة التى تجعل خيار الهروب أمرًا مستبعدًا للكثيرين في ظل التبعات غير الآمنة على الهارب بعد ذلك. وينص القانون في كوريا الجنوبية على حصول اللاعبين على الإعفاء من التجنيد ما لم يبلغوا سن 27 عامًا حال تحقيقهم إنجازًا رياضيًا.

وتضمنت مكافأة لاعبي كوريا الجنوبية بعد وصولهم إلى الدور نصف النهائي لنهائيات كأس العالم 2002، والتي أقيمت مبارياتها في اليابان وكوريا الجنوبية، في استصدار قرار رسمي بحصول لاعبي المنتخب على إعفاء من أداء الخدمة العسكرية.

تكرّرت نفس الواقعة مع لاعبي كوريا الجنوبية ممن نالوا ميداليات في الألعاب الأولمبية والألعاب الآسيوية، وكذلك أولمبياد لندن سنة 2012 عبر إعفائهم من أداء الخدمة العسكرية، والسماح لهم بمواصلة عملهم سواء خارج أو داخل البلاد.

المغرب.. البعض يرى في التجنيد الإجباري وسيلة لإجهاض الاحتجاج

في شهر أغسطس (آب) من العام الجاري، صدر مرسوم لإعادة اعتماد التجنيد الإجباري في المغرب بالنسبة للشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19 و25 سنة لفترة زمنية تصل إلى 12 شهرًا، بناء على توجيهات ملكية، وذلك بعد 12 عامًا على إلغائها.

 

 

استعراض للجيش المغربي

ويمنح القانون إعفاءات وتأجيلات للشباب، وفقًا لشروط تتمثل في العجز البدني وتحمل مسؤوليات عائلية ومتابعة الدراسة.

وحددت عقوبة المتخلفين عن تلبية نداء التجنيد بالسجن لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة واحدة، وفق نص مشروع القانون، الذي روّجت له الأوساط الإعلامية الحكومية باعتباره قرارًا هامًّا في ظل ارتفاع المخاطر الخارجية، وتأهيل الشباب المغربي وإصلاحهم بعد انتشار البطالة واندماج أعداد كبيرة في تناول المخدرات.
ويتراجع التفسير العسكري لتمرير هذا القانون أمام تفسيرات أخرى؛ وذلك لاعتبارات تتعلق بالعدد الكبير للجيش المغربي في المرحلة الحالية؛ إذ يضم بين صفوفه أكثر من 400 ألف جندي، والاستقرار العسكري الذي تعيشه المملكة في ظل تمسكها بموقع الحياد دومًا تجاه القضايا الكُبرى في الشرق الأوسط.

ويحظى التفسير الآخر الذي يربط صدور القانون باستخدامه سياسيًا لدمج القطاع الأكبر المُحتجّ على سياساته داخل بنية الدولة الملكية بقبول منطقي أكبر، خصوصًا في ظل توسع رقعة الاحتجاجات الأخيرة من جانب قطاعات شبابية بعد حراك الرّيف الأخير، وتحذير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة رسمية، قبل أسابيع من تفشي البطالة وسط الشباب لتبلغ 20%، منبهًا إلى أن 82% منهم لا يمارسون أي نشاط، ويقضون 72% من وقتهم في أنشطة «غير منتجة للرفاه الاجتماعي».

يتشابه هذا السيناريو الذي يفترضه بعض المعارضين مع  ما فعله والد الملك الحالي، الراحل الحسن الثاني حين فرض تأدية الخدمة العسكرية للمرة الأولى في المغرب في 1966 كوسيلة لتفريغ التظاهرات والأنشطة آنذاك للطلاب في الدار البيضاء والمدن الأخرى، وذلك من قادتها عبر إلحاقهم بالخدمة العسكرية؛ ليضمّ أوّل فوج يلتحق بالخدمة العسكرية مُعظم قيادات اتحاد الطلبة المُعارض للملك آنذاك.

ووجد هذا القانون رفضًا كبيرًا من جانب أصوات يسارية احتجاجية كحزب النهج الديمقراطي، عن طريق تنظيمه الشبابي، الذي طالب بتشكيل لجنة وطنية من أجل سحب قانون التجنيد بالمغرب، وربط بين صدور القانون بالرغبة الحكومية في «تأديب» المناضلين الشباب المُشاركين في الاحتجاجات في المناطق المهمشة، مثل منطقة الريف الشمالية، ومدينة جرادة الشرقية في الأشهر الأخيرة، وفقًا لبيان صادر عنه.

مجتمع

منذ 4 شهور
200 ألف هارب منها.. لماذا يعزف شباب تونس عن الخدمة العسكرية؟
5545
عبد القادر بن مسعود

مصر.. الخدمة العسكرية وسيلة للمساومة

مينفعش يتعمل كده مع لاعبي الزمالك؛ الكلام ده مش هيمشي مع حد؛ مبنخافش من حد، يعني تاخدوه وتقولي أننا مش عايزين نمنح نادى طلائع الجيش لعيبة؛ فتاخد أحمد توفيق الجيش؛ فيه أربع لاعبين من الأهلي وماراحوش الجيش وفي كل الأندية

يرسم هذا التعليق الصادر من جانب رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور في مداخلة تليفونية له تعليقًا على ذهاب لاعب فريقه الأول لتأدية خدمة التجنيد الإجبارية، احتمالية وجود استثناءات ممنوحة للاعبي كرة القدم أو نجوم الفن عن طريق العلاقات الشخصية والمحاباة، لتجنيبهم تأدية الخدمة العسكرية.

«درع الوطن فوق دماغنا؛ بس مش كده بقى؛ عايز تتعامل مع الناس كلها؛ اتعامل؛ إنما أنت واخد لعيب 20 يوم، وضيعت منه 5 مباريات» أكمل مرتضى مداخلته التي نقل فيها غضبه إلى المسؤولين. وبحسب الشهادات تبرز في الحالة المصرية استثمار العلاقات الشخصية بشكل غير رسمي مع المسؤولين داخل المؤسسة العسكرية كوسيلة لتحسين ظروف معيشة المُجند، أو منحه إجازات لفترات طويلة، وغيابه عن حضور دورات التدريب العسكرية؛ وهي المسألة التي يستخدمها رؤساء الأندية المصرية لكرة القدم أو المسؤولين أحيانًا للضغط لمنح اللاعبين إجازات لفترات طويلة، وكذلك استخدامها ورقة عقاب لهم حال تمردوا عليهم.

وتُجسد قصة اللاعب الشاب توفيق نموذجًا لتبلور العلاقات كورقة مساومة في نظر البعض؛ فقد ظهر اللاعب بعد التصريحات في مباريات فريقه من جديد، دون انقطاع كما حدث له في المرات السابقة، في دلالة على تجاوب المسؤولين مع رئيس الزمالك.

قبل أن يخرج توفيق إثر خلاف مالي حول تحسين أجره السنوي في عقده مع النادي يهاجم «منصور»؛ الذي لم يلبث أن عاد من جديد فى تصريح تلفزيوني وردّ على اللاعب الشاب: «عيل كان بيعيط في الجيش علشان قعد عشر أيام؛ وروحت جبته ورجعته يلعب كورة».

لم يمض على تصريح رئيس الزمالك الأخير يوم واحد؛ حتى وجد توفيق نفسه مُستدعى للجيش من جديد بمقر خدمته في سلاح القوات الخاصة؛ وسط تفسيرات من البعض ربطت بين استخدام إدارة الزمالك حينها لعلاقاتها في عودته للخدمة العسكرية تأديبًا له على تصريحاته التي انتقد فيها سياسات منصور داخل نادي الزمالك.

ظهرت ورقة التجنيد الإجباري مع اللاعب محمد صلاح في أزمته الأخيرة مع الاتحاد المصري لكرة القدم حول حقوق الرعاية؛ إذ جرى تداول بيان لاتحاد كرة القدم المصري على شبكات التواصل الاجتماعي، ونشر تغريدة منسوبة لحساب مجدي عبد الغني عضو الاتحاد المصري لكرة القدم تم نفيهما لاحقًا، يلوحون فيها باستخدام هذه العقوبة حال استمرار صلاح ووكيله في النزاع معهم حول حقوق استخدام صور «صلاح» في الرعاية.

محمد صلاح – المصدر: تويتر

ولم تكن هذه المرة الاولى التي واجهت «صلاح» مشكلة تأدية الخدمة العسكرية؛ إذ سبق لرئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب التدخل حين كان في منصبه قبل أربعة أعوام وذلك بإلغائه قرار استدعائه لتأدية الخدمة العسكرية.

تُجسد قصة لاعب الكرة أحمد توفيق واقعًا لكثير من مشاهير عالم الفن وكرة القدم أو من ذوي الحظوة والنفوذ؛ إذ يتمكن بعض هؤلاء من أخذ استثناءات لهم تجعلهم قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية دون المرور بأزمة التجنيد الإجباري.

نموذج آخر جرى تسويقه باعتباره نموذجًا للفنان الذي يؤدي الخدمة العسكرية، وهو محمد رمضان، المُمثل المصري الشاب، الذي أنتجت له هيئة الشئون المعنوية للقوات المُسلحة، مقاطع فيديو تسجيلية وثقت فترته داخل معسكرات التدريب، ونمط حياته في التجنيد مع زملائه من العساكر.

لم يستمر ذلك طويلًا؛ إذ لم تمض شهور على التحاق رمضان لتأدية الخدمة العسكرية؛ حتى وجد المشاهدون رمضان يعود إلى عمله كفنان يمارس عمله دون قيود كالتي يعيشها أي مُجند يؤدي الخدمة لمدة عامين كاملين؛ كونه حاصلًا على مؤهل متوسط على خلاف أصحاب المؤهلات العليا الذين يقضون الخدمة لمدة عام واحد.

إذ شارك الفنان الشاب في مسلسل من بطولته في رمضان العام الماضي بعد أن قام بفسخ تعاقده مع قناة mbc، وأعلن تعاقده مع شركة «العدل»، برغبة من المؤسسة العسكرية؛ ليُؤدي دور ضابط الشرطة في مسلسل من إنتاج الشركة السينمائية بالتعاون مع الشؤون المعنوية، ويؤدي دورًا لم يعتده جمهوره منه؛ فهو ضابط الشرطة «الشريف» كبير بلدته، الذي ينتصر للحق دومًا؛ وتتقاطع أحداث المسلسل مع استعراض لبطولات الجيش في مُحاربة الإرهاب.

مجتمع

منذ 9 شهور
160 ألف هارب منها.. لماذا يتهرّب الشباب الجزائري من أداء الخدمة العسكرية؟
 
اجمالي القراءات 1634
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق