ن. تايمز: خاشقجي يهز آل سعود.. والجميع خائف من بن سلمان

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢١ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


ن. تايمز: خاشقجي يهز آل سعود.. والجميع خائف من بن سلمان

مع تزايد الغضب الدولي في المملكة العربية السعودية بسبب مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في إٍسطنبول أرسل الملك "سلمان" مبعوثا ملكيا رفيع المستوى لمعالجة الأمر مع الرئيس التركي.

لكن الأمير "خالد الفيصل" عاد إلى بلاده من أنقرة حاملا رسالة قاتمة إلى العائلة المالكة: "من الصعب حقا الخروج من هذا الأمر"، وكما يذكر أحد أفراد الأسرة فقد كان الأمير: "منزعجا بشدة مما حدث".

وتواجه المملكة العربية السعودية أكبر أزمة دولية منذ الكشف عن تورط بعض مواطنيها في تخطيط وتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001.

وينتاب أعضاء الأسرة الحاكمة قلق متزايد بشأن اتجاه البلاد تحت قيادة ولي العهد "محمد بن سلمان"، الحاكم الفعلي في المملكة.

لكن بخلاف عام 2001، عندما اجتمعت العائلة المالكة لحماية مصالحها الجماعية، فإن هذا السلوك ليس ممكنا اليوم، وبدلا من ذلك، هناك قلق عميق سائد، حيث يبحث أفراد العائلة المالكة حتى الآن دون جدوى عن طريقة لاحتواء ولي العهد، الذي عزز سلطته بشكل كامل بعدما همش الجميع تقريبا.

الملك المعزول والشاب النافذ

ويبقى الشخص الوحيد القادر على التدخل هو الملك نفسه، لكن كبار الأمراء وجدوا أنه من المستحيل تقريباً نقل مخاوفهم إلى الملك البالغ من العمر 82 عاماً، مع وجود شكوك كبيرة حول إدراكه لما يحدث أو رغبته في تغيير المسار.

وقال موظف لدى أمير بارز، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "لا يملك الملك القدرة على التعامل مع الأمر".

وأَضاف: "ولي العهد هو المسؤول رقم 1 ورقم 2 أيضا".

منذ تأسيس الدولة السعودية في عام 1932 كثيرا ما انقسمت العائلة المالكة بسبب الخلافات وحتى الاغتيالات، لكن الآلاف من الأمراء والأميرات الذين يشكلون أسرة آل سعود وجدوا في نهاية المطاف طرقاً للحفاظ على الأسرة الحاكمة.

السبب في ذلك، أنه لم يكن من الممكن السماح بحدوث انشقاقات عائلية تعوق أنماط الحياة الفخمة، والبدلات الباهظة والامتيازات التي لا تضاهى.

ولكن منذ صعود ولي العهد الشاب "محمد بن سلمان"، فإنه قام بشكل منهجي بتفكيك نظام الإجماع الذي أبقى السلام لعقود، ومع تركز السلطة في يده، تخلى ولي العهد الشاب عن عن أسلوب السياسة الخارجية السعودية التقليدي الذي طالما اعتمد على التعامل الهادئ وراء الكواليس ودبلوماسية دفتر الشيكات.

وبدلا من ذلك تحرك "بن سلمان" بقوة ودشن تدخلا عسكريا مأساويا في اليمن، واختطف رئيس وزراء لبنان، وفرض حصارا على قطر، وقطع العلاقات مع كندا، وفي الوقت نفسه حرص على تسويق نفسه في الخارج كمصلح اقتصادي واجتماعي.

ونجحت دعاية ولي العهد في الوصول إلى إدارة "ترامب" التي جعلته دعامة لسياستها في الشرق الأوسط. لكن صعوده أثار غضب العديد من أبناء عمومته الذين يواجهون الآن أسوأ مخاوفهم وهم يراقبون هذا الانهيار في سمعة المملكة.

وقال مسؤولون أتراك إن فريقا سعوديا من 15 شخصا قام بقتل الصحفي "جمال خاشقجي" وتقطيع جثته داخل القنصلية، ويبدو من غير المحتمل أن تتم هذه العملية بدون معرفة ولي العهد.

مواقف مضطربة

وقد خلق هذا الوضع حالة اعتقد أقارب الأمير أنهم لن يواجهوها أبدا ولن يكونوا مضطرين لتلمس طريقهم حيالها، ولا يبدو أن لديهم الرغبة أو القدرة على مضاهاة التكتيكات الميكافيلية للأمير الشاب.

يقول المنتسبون للعائلة المالكة إن كبار الأمراء لا يمكنهم الوصول إلى الملك "سلمان" أسوة بأسلافه من الملوك مما يصعب من قدرتهم على التعبير عن مخاوفهم.

كما أن بعض الأمراء لا يمكنهم دخول البلاط الملكي أو قصر الملك إلا إذا تم إدراج أسمائهم مسبقا على لوائح الدخول، كما اشتكى أحد أفراد العائلة المالكة.

وبخلاف ذلك فهم يرون الملك فقط في المناسبات الرسمية، حيث يصبح من الصعب مناقشة هذه القضايا الشائكة، أو يزورونه في الليل وهو يلعب الورق، وحينها لا يكون في مزاج جيد للحديث.

في الوقت نفسه، كان "بن سلمان" يكافح للتخفيف من الأضرار.

وقال أحد مستشاريه الغربيين أنه انتابته نوبات من الغضب.

وانعكس هذا الاضطراب في القصر على تفسيرات المملكة المتغيرة لما حدث للسيد "خاشقجي".

وطوال أسابيع، أصر المسؤولون الحكوميون على أنه غادر القنصلية بعد وقت قصير من دخوله، وأنهم ليس لديهم فكرة عن مكان وجوده.

ولكن في فجر السبت، قالت وسائل إعلام سعودية إن "خاشقجي" قتل في مشاجرة داخل القنصلية وأن 18 سعوديا غير معروفين محتجزون إثر وفاته، وكان هذا أول اعتراف من المملكة أن "خاشقجي" قد مات.

رفض ولي العهد بثبات طلبات المديرين التنفيذيين في "وول ستريت" بتأجيل مؤتمر للمستثمرين المقرر عقده في الأسبوع القادم في الرياض بعد انسحاب العديد من المشاركين، بما في ذلك وزير الخزانة الأمريكي "ستيفن منوشين".

وبدلاً من ذلك، شكل ولي العهد لجنة أزمة تضم ممثلين لأجهزة الاستخبارات ووزارة الخارجية وأجهزة الأمن لإطلاعه على آخر التطورات في في فضيحة "خاشقجي".

كما استدعى شقيقه الأصغر الأمير "خالد بن سلمان"، السفير في واشنطن، لتسريع خططه لتعيينه في وظيفة أقرب إلى مستشار الأمن القومي.

وبدا أن البيان المقتضب، الذي صدر في ساعة مبكرة من صباح السبت، حول مقتل "خاشقجي" داخل القنصلية كان جزءاً من استراتيجية الاعتراف بوفاته، لكن مع نفي المسؤولية عن ولي العهد.

وفي الأيام الماضية، كان المسؤولون السعوديون يزنون إذا ما كان يجب إلقاء اللوم على اللواء "أحمد العسيري"، نائب رئيس المخابرات المقرب من الأمير الشاب.

وقال أشخاص على دراية بالخطة إنها ستتهم "عسيري" بتدبير مؤامرة تهدف إلى القبض على "خاشقجي" لكنها تسببت في مقتله في نهاية المطاف، وهي رواية يأمل السعوديون أن يساعد في حماية ولي العهد من المزيد من الاتهامات.

وفي فجر السبت، تم إقالة "عسيري" من منصبه بصحبة 3 مسؤولين آخرين.

الأمراء خائفون

كانت المملكة العربية السعودية تحكم تقليديا بواسطة مجموعة من الأمراء الكبار الذين قسموا المحافظ الكبرى بينهم واتخذوا القرارات الكبرى التوافق في ظل الملك. ولكن العديد من هؤلاء الأمرءا فقدوا سلطتهم وتنحوا عن المشاركة العامة بينما حوصر آخرون في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض العام الماضي تحت ذريعة الاتهامات بالفساد.

ولا يزال بعض الأمراء وأسرهم ممنوعين من السفر ويخشون من الاعتقال حال التحدث بصوت عال.

ولا يزال "محمد بن نايف"، ولي العهد السابق وقيصر مكافحة الإرهاب تحت الإقامة الجبرية، وتم تجميد الحسابات المصرفية الخاصة به وبزوجته وابنتيه في وقت سابق من هذا العام.

وتم تحييد جميع أبناء الملك السابق "عبد الله" الذي توفى مطلع عام 2015، وأقيل الأمير "متعب بن عبد الله" من موقعه في رئاسة الحرس الوطني، وجرد من العديد من أًصوله، بما في ذلك ساحة للخيل ورثها عن والده، وتم اعتقال شقيقه، وهو حاكم سابق للرياض، وكذلك ابن آخر لملك سابق. وهناك أخ آخر يختبئ في أوروبا، مع مخاوف من أن يمكن اختطافه وإرساله إلى الوطن.

هذا لا يترك سوى والد ولي العهد، الملك "سلمان"، كشخص أوحد قادر على الحد من سلطته، لكن العديدين يتساءلون إذا كانت صحة الملك تسمح له بفهم كل ما يحدث.

تقول "مضاوي الرشيد"، الأستاذ الزائر في كلية لندن للاقتصاد: "هناك قلق بشأن الحالة العقلية للملك سلمان وهل هو حقا في وضع يتيح له اتخاذ هذه القرارات في هذا العمر المتقدم؟".

وسوف يكون إبعاد ولي العهد المتنفذ عملية مزعزعة للاستقرار، وهناك القليل من الأمراء الراغبين في التصدي لهذه المهمة في ظل المقاومة التي سيبديها الأمير لخطط استبداله.

لكن أحد الدبلوماسيين الغربيين الذين يتمتعون بخبرة طويلة في المملكة أشاروا إلى أن الملك قد يحجم الأمير الصغير عبر تقليص سلطته وربما يعيد توزيع السيطرة على الأجهزة الأمنية إلى أمراء آخرين يحظون بالاحترام.

وقد يكون الأمير "خالد الفيصل" البالغ من العمر 78 عاما من بين القلائل اللذين يتمتعون بمكانة قوية لحث الملك على إجراء مثل هذا التحول.
والأمير هو ابن الملك الراحل فيصل وهو الحاكم الحالي لمنطقة مكة المكرمة ويحظى بالتقدير داخل العائلة المالكة، كما أن اختياره لمهمة تركيا يدل على أنه يحظى بثقة الملك، وكان أخوه غير الشقيق الأمير "تركي الفيصل" صديقًا قديمًا لـ"خاشقجي".

يأمل بعض أعداء ولي العهد في أن يتم تحدي العرش من قبل الأمير "أحمد بن عبد العزيز"، شقيق الملك "سلمان". ويعد الأمير أحمد، (73 عامًا)، هو الأصغر بين سبعة أبناء من أبناء الملك الراحل "عبد العزيز" من زوجته "حصة السديري"، وقد شكل هؤلاء الأمراء كتلة قوية داخل العائلة ومرروا العرش من الأخ إلى الأخ وهو نمط كان من المرجح أن يصل إلى الأمير "أحمد" ما لم يقم الملك "سلمان" بتحويل خط ولاية العهد إلى نجله.

لذا، فقد شعر نقاد ولي العهد السعودي بالحماس، الشهر الماضي، حين خاطب الأمير "أحمد" المتظاهرين في الشارع في لندن حين كانوا يهتفون ضد العائلة المالكة بسبب الحرب في اليمن.

وقال الأمير أحمد في تصريحات تم التقاطها بالفيديو: "ما ذنب آل سعود في كل هذا؟ المسؤولون هم الملك وولي عهده".

وعندما سئل عن الحرب في اليمن، أجاب: "آمل أن ينتهي الوضع، سواء في اليمن أو في أي مكان آخر، اليوم قبل الغد".

وعلى شبكة الإنترنت، قام منتقدو ولي العهد بنشر قسم الولاء للأمير "أحمد"، لكن دوره كزعيم للمعارضة لم يدم طويلا. وسرعان ما أصدر بيانا قال فيه إن تعليقه قد أسيء تفسيره، لكنه بقي في لندن خائفا من العودة إلى بلاده.

اجمالي القراءات 1748
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق