بعضها لم يكتشف النار بعد.. قبائل حول العالم لا تزال تعيش حياة بدائية

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٤ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


بعضها لم يكتشف النار بعد.. قبائل حول العالم لا تزال تعيش حياة بدائية

منذ آلاف السنين، عاش أجدادنا حياةً كاملة قائمة على الصيد وجمع الفواكه والخضروات حتى اكتشف البشر الأوائل النار، ومن رحم النار ولدت الحضارات التي استمرت لآلاف السنين، وقُسم العالم إلى بلدانٍ ومدن، وأصبح لكل دولة حدودها وقوانينها التي تحكمها؛ وبدأت الثورة التكنولوجية تحول العالم مرة أخرى إلى قرية صغيرة، لكن وعلى الرغم من كل التطور الإنساني الذي شهده العالم على مر العصور يبدو أن هناك شعوبًا تمكنوا من الفرار بأنفسهم من قوانين العالم الحديث، وفضلوا عزلتهم.

مقالات متعلقة :

تشير منظمة «Survival International»، وهي المنظمة المعنية بالحفاظ على المجتمعات البدائية إلى أن هناك أكثر من 100 شعب مُنعزل حول العالم؛ إذ يعيش هؤلاء في مجموعات صغيرة أو كبيرة تعرف بالقبائل موزعين على أكثر من 60 دولة، ويبلغ مجموع أفرادهم حوالي 150 مليونًا، تعتبر البرازيل هي الدولة التي تحتوي على أكبر عدد من القبائل المنعزلة؛ إذ يُذكر بأن لديها حوالي 77 شعبًا بدائيًّا، يعيشون في غابات الأمازون المطيرة.

بعض هذه القبائل يعرف بوجود العالم الخارجي، إلا أنهم قد فضلوا البقاء بعيدًا عن المدنية والتمدن، وبعضهم اكتشف العالم الخارجي حديثًا، إلا أن هناك أعدادًا قليلة منهم اختاروا الخروج نحو العالم الغريب والمتوحش بالنسبة إليهم.

قبيلة كورواي.. «آكلو لحوم البشر»

في عام 1974، تم اكتشاف شعب قبيلة كورواي، وهي قبيلة تعيش في غابات بابوا بدولة إندونيسيا، وكان الكورواي يعيشون في منازل بُنيت فوق أشجار الغابات من أجل حماية أنفسهم من الأخطارِ؛ إذ يبلغ ارتفاع بعض البيوت نحو 45 مترًا عن قاع الغابة، كما تساهم العمارة المتميزة لمنازل الأشجار في تحصينهم من ارتفاع مستويات مياه الفيضان، وتعتبر تلك المنازل هي وسيلتهم في الدفاع عن أنفسهم من القبائل والعشائر المنافسة لهم؛ إذ عانوا من عمليات خطفٍ خاصة للنساء والأطفال سواء من أجل العبودية أو من العشائر الأخرى آكلي لحوم البشر.

يعيش شعب الكورواي في مستوطناتٍ صغيرة؛ كل مستوطنة لا يزيد عدد منازلها عن خمسة بيوت فوق الأشجار، مقسمون إلى مجموعاتٍ صغيرة من 10 إلى 20 فردًا، وكل مجموعة أو عشيرة لها أرض معينة تحت سيطرتها، وعندما ينخفض عدد الأشجار، أو تبدأ الموارد القريبة بالنضوب، تبحث العشيرة عن موقع جديد داخل أراضي الصيد المحيطة بهم، ويعيدون بناء أكواخهم، ويبلغ عدد القبيلة كاملًا نحو 3 آلاف فرد.

كان أكل لحوم البشر بالنسبة إليهم شعيرة مُقدسة، لا من أجل الجوع؛ بل يؤمنون بأن تلك الممارسات تساعدهم على طرد الأرواح الشريرة، فهم يقتلون ويأكلون السحرة الذكور، الذين يسمونهم «خاخوا»، هكذا تُعرف قبيلة كورواي باعتبارها واحدة من آخر القبائل الآكلة للحوم البشر، وعلى الرغم من أن تلك الممارسة كانت معروفة بين البشرية في فترة ما قبل التاريخ، إلا أنه وحتى القرن 19؛ استمرت بعض المناطق المعزولة في جنوب المحيط الهادئ في ممارسة تلك الثقافة.

يحكي بول رافائيل عن زيارته لقبيلة الكورواي، قائلًا: «كان مرشدي الخاص قد سافر حول مناطق نفوذ كورواي لمدة 13 عامًا؛ إلا أنه في الوقت ذاته يقول أن أحدًا لا يستطيع الاقتراب أكثر من هذا داخل أراضي القبيلة، ولا حتى هو؛ إذ إنهم يقتلون الغرباء، كما أن بعض عشائرهم يخافون منا، نحن أصحاب البشرة الباهتة -إشارة إلى البشرة البيضاء- ويسموننا أشباحًا».

بعد أن أوشك رافائيل على الوصول إلى ضفة النهر، اندلع الصراخ، وفي لحظات كان هناك جمع من الرجال العراة، يقفون على ضفة النهر ويمسكون بالأقواس والسهام، فما كان من رافائيل ورفاقه سوى أن قاموا بالتجديف نحوهم، خوفًا من الهرب، وهم يصيحون من خلال مرشدهم والمترجم الخاص بهم، «لقد أتينا في سلام».

 

وثائقي عن الكورواي وأكل لحوم البشر

يذكر رافائيل أن الدخول إلى عمق غابات كورواي المطيرة كان أشبه بالدخول في كهفٍ مائي عملاق، رطوبة قاتلة وثعابين وعناكب عملاقة، وأرض موحلة انزلق فيها أكثر من مرة وكاد أن يكسر ساقه، لكنه واصل الرحلة، والتي تشبه جحيمًا أرضيًا، وذلك لمقابلة أحد هؤلاء ممن يُقال عنهم «آكلي لحوم البشر».

كان كيمبارن -مترجمي الخاص- يحكي لنا عن طقوس القتل في وقت الراحة والعشاء، قائلًا أن كورواي غالبًا ما يأكلون بعضهم بعضًا ولكن من العشائر الأخرى، إذ يتنكر الخاخوا -وهو ساحر- غالبًا في شكل رجل صديق أو قريب لمن يريد قتله* يقول رافائيل.

أما بواس وهو أحد أبناء القبيلة، هاجر منها إلى العالم لاكتشافه، فيقول إنهم لا يأكلون البشر، فقط يأكلون الخاخوا. وقد شارك بواس رافائيل في رحلته، من أجل العودة للديار، مرتديًا زي التمدن والحضارة؛ إلا أنه ما زال يحمل بيت شجرة أبيه في قلبه، ويُقال أن أباه أحرق البيت عدة مرات غضبًا على رحيله.

ويصرح -بيلوم أحد المشاركين في الرحلة- أنه قتل خاخوا من قبل، واستخدم فأسًا حجريًا لتقطيع رأسه، وأبعد الرأس عن الجسد في حين بدأ آخرون في تقطيع أوصاله، ويستكمل: «قطعنا أمعاءه وفتحنا القفص الصدري، وفصلنا ذراعه اليمنى مع القفص الصدري الأيمن واليسرى مع الجزء الأيسر»، مُضيفًا أن الأوصال كانت تُلف في أوراق الموز ويتم توزيعها على أفراد العشيرة، أما الرأس فإنها تنتمي دائمًا للعائلة التي قتلت الخاخوا.

 

العيش في شجرة عالية يحمي من الأرواح الشريرة؛ لأن الأرواح تبقى دائمًا على الأرض. * أوني رئيس العشيرة

في عام 1978 دخل المبشرون الهولنديون أراضي كورواي الخاصة، وبنوا لهم بيوتًا، على طول الساحل الترابي، استعان بها بعض أسر الكورواي؛ إلا أن البعض الآخر قد رفض ذلك، خشي الهولنديون من التبشير بالمسيحية في تلك المناطق، لأن الكورواي كانت لديهم عقيدة قوية تحذرهم من الانفتاح على الغرباء، زلزال مميت سيضرب الأراضي، والهلاك سيكون من نصيبهم إن فعلوا.

قبيلة سينتينل.. لم يكتشفوا بعد الزراعة

كانوا متوحشين عارين، وقفوا على الشاطئ وقد طلوا أنوفهم باللون الأحمر، حاملين السهام، يصدرون أصواتًا غير مفهومة. * قبطان ناج من تحطم سفينته على شواطئ الجزيرة

في عام 1867، تحطمت سفينة تجارية هندية على الشعاب المرجانية المحيطة بشمال جزيرة سينتينل، وأفادت التقارير أن حوالي 80 راكبًا على قيد الحياة، و20 من طاقم السفينة قد هبطوا بأمان على الشاطئ؛ إلا أنهم وفي اليوم الثالث قد تعرضوا لهجوم عنيف من السكان المحليين، لكن تمكن القبطان حينها من الهروب على متن قارب الإنقاذ في السفينة المحطمة.

بعد هذه الحادثة بقيت جزيرة سينتينل بدون إزعاج ما يقرب من 13 عامًا، وفي عام 1880، نجحت حملة بريطانية مسلحة في دخول أراضيها بقيادة موريس فيدال بورتمان، وهو الضابط المسؤول عن منطقة خليج أندامان، إلا أنه لم يجد سوى مجموعة من الطرق والقرى المهجورة حديثًا، وبعد فترة من البحث لم يجد سوى ستة أفراد فقط، زوج من العجائز وأربعة أطفال مختبئين، فقاموا بأسرهم ونقلوهم إلى ميناء بلير؛ إلا أن العجائز ما لبثوا أن مرضوا بسرعة مذهلة وماتوا إثر تغيير بيئتهم، وهو ما دفع بورتمان لإعادة الأطفال إلى مسقط رأسهم محملين بالهدايا.

الجدير بالذكر أن أول اكتشاف لجزيرة سينتينل حدث عام 1771، عندما صرح المسّاح البريطاني جون ريتشى، عن وجود جزيرة مأهولة بالسكان في تلك المنطقة، إلا أنه وبعد عدة محاولات فاشلة من أجل إدماج سكان سينتينل مع الحضارة والمجتمعات المحيطة في السنوات الأخيرة، صرح ستيفن كوري مدير منظمة «Survival international»، أنه من الأفضل ترك السكان المحليين بعيدًا عن العالم الخارجي كما أرادوا، فمناعتهم تفتقد مقومات البقاء على قيد الحياة وسط الغرباء، وستفتك بهم الأمراض، ويكون الانفتاح بالنسبة إليهم تسونامي آخر لن يستطيعوا النجاة منه.

 

تقرير عن جزيرة سينتينل

في عام 2004، وقبل أن يضرب زلزال المحيط الهندي تسونامي أرض الجزيرة؛ انتقل سكان الجزيرة إلى ربوة مرتفعة قبل وقوع الكارثة، تمامًا كما لو كانوا يعرفون أن موجة المد العملاقة قادمة، وهي الكارثة الطبيعية التي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف من البشر.

يعيش السينتينليين في جزيرة صغيرة شمال سينتينل، وهي جزء من مجموعة جزر أندامان في خليج البنغال، وتعرف هذه القبيلة بالأكثر عزلة بين الجميع؛ إذ اعتمد أفرادها نظامًا عدائيًّا صارمًا، رفضوا خلاله جميع أنواع التواصل مع الغرباء. يُعتقد أن سكان سينتينل يتراوح أعدادهم ما بين 50 إلى 400 فردًا ويعيشون في عزلة منذ أكثر من 60 ألف عام، قاوموا خلالها محاولات السلطات وعلماء الأنثروبولوجيا لدراسة ثقافتهم ودمجهم في المجتمع.

ويقيم السينتينليون نظام حماية عنيفًا، يقتلون خلاله بلا هوادة كل من يتجرأ وتطأ قدماه أرض جزيرتهم، وهو ما حدث عام 2006، عندما حاول مجموعة من الصيادين التجول في أراضيهم؛ إذ قتلوهم وألقوا بهم في قبور الشواطئ الضحلة، وعندما حاولت طائرة هيلكوبتر تابعة لخفر السواحل الهندي استعادة جثث الصيادين، استقبلتهم سهام رجال القبيلة، مما منع الطائرة من الهبوط. ويشير بعض العلماء إلى أن هذا العنف الذي تعامل به المحليون مع الدخلاء ربما كان هو ما أنقذهم من الانقراض.

لم يكتشف سكان سينتينيل الزراعة بعد ولم يعرفوا أبدًا طريقة لإشعال النار، إلا أنهم يعتمدون على الصواعق الطبيعية، ويحافظون على الجمر مُشعلًا لأطول فترة ممكنة، هكذا يصرح علماء الأنثروبولوجيا. ويعتمد نظامهم الغذائي على ما تجود به الطبيعة من خيرات؛ إذ يعتبر جوز الهند هو الطعام الرئيسي لأهل الجزيرة، إلى جانب ما يجدونه في البحر من أسماك؛ وبعض لحوم السلاحف والطيور الصغيرة المتواجدة حولهم، ولولا أن سكان الجزيرة قد قاموا بنحت سهامهم ذات الرؤوس المعدنية من حطام السفن لتم اعتبارهم من العصر الحجري؛ إلا أنهم قد قاموا أيضًا بعمل سفن صغيرة للصيد من الشواطئ القريبة.

القبائل الأمازونية

تعتبر القبائل الأمازونية أن الغابات المطيرة موطن للحياة الروحية، وكل زهرة وحيوان ونبات يملك زمام روحه الخاصة، وهم يمارسون طقوسهم باستخدام مخدرات الهلوسة التي أعدت خصيصًا من لحاء شجرة «Virola»؛ إذ لديهم اعتقاد راسخ بأن تلك الشجرة تمكنهم من التواصل مع الأرواح.

تعتبر غابات الأمازون المطيرة في البرازيل هي الرئة التي يتنفس منها كوكب الأرض كله، فهي أكبر غابة على سطح الأرض، تعج بملايين الأنواع من النباتات والحيوانات، وعلى مدى العصور اتخذتها بعض القبائل منزلًا لهم؛ إذ كان السكان الأصليون للأرض يعيشون في البدء بالغابات، نظام حياة طبيعية؛ حتى اختفت معظم هذه الشعوب الأصلية، ولم يبق منها سوى قبائل متفرقة تعيش على طول الغابة المطيرة.

في الآونة الأخيرة تم تصوير آخر عضو من إحدى القبائل على قيد الحياة بعد أكثر من عقدين من الزمان عاشها بمفرده في الغابة؛ إذ كان الناجي الوحيد من قبيلة منعزلة تمامًا قتل أعضاؤها الست الآخرين على يد مجموعة من مُنتهكي الأراضي والمزارعين.

 

قبائل الأمازون المطيرة

عانى سكان هذه القبائل المنعزلة على مدى عصور من احتكاكهم بالبشر، سواء جاء ذلك في شكل استعمار وقتل، أو تدمير أراضيهم الخاصة وحرق منازلهم من قبل تجار المخدرات الذين تتقاطع طرقهم ووجود بعض هذه القبائل، وهو ما نتج عنه خوف السكان الأصليين من الغرباء ورؤيتهم شرًا يجب الابتعاد عنه، وتطوير تقنيات دفاعهم عن أنفسهم، سواء من خلال السهام أو الرماح، التي يطلقونها على الطائرات التي تحاول إقامة اتصال معهم من أي نوع.

 ويعيش في البرازيل وفي الغابات الممطرة تحديدًا العدد الأكبر من القبائل المنعزلة في العالم؛ يقدرهم بعض الخبراء حوالي 3000؛ في حين تُعلن الدولة بأن لديها حوال 77 شعبًا منعزلًا فقط. بعض هذه القبائل من البدو الرحل، يتنقلون باستمرار بين أراضي الغابة الواسعة، والبعض الآخر مستقرون في أراضيهم، ويعيشون في بيوت مجتمعية، ويزرعون المحاصيل في الغابات، ويعيشون على صيد الأسماك وأكل لحوم الزواحف.

ومعظم أطفال القبائل يتعلمون أصول الحياة في الغابة من آبائهم، ويأتي على رأسها السبل التي ينتهجونها للبقاء على قيد الحياة، إضافةً إلى الصيد وجمع النباتات النافعة للطعام أو الدواء؛ إذ يعتمدون بشكلٍ كلي على الاكتفاء الذاتي.

يشير موقع «Survival international»، أن هذه القبائل تعاني خطر الانقراض، إذا ما تواصلت مع العالم الخارجي، ويجب حمايتهم؛ إذ وبعد أول محاولة للتواصل معهم مات أكثر من نصف قبيلة في غضون عام نتيجة أمراض مثل الحصبة والإنفلونزا، كما تم تعذيب بعضهم من قبل عمال مناجم الذهب من أجل الاستيلاء على أراضيهم في العام السابق، وذهب المعتدون بعدها إلى حانة وتفاخروا بما فعلوه، ورغمًا عن ذلك تعتبر قبائل الأمازون من القلائل الأكثر رغبة في التواصل مع العالم الخارجي وأقلهم عنفًا.

اجمالي القراءات 2711
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق