جيش إيران ليس من الـ5 الكبار».. 4 أشياء ذكرها ابن سلمان في حوار «CBS» مخالفة للواقع

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢١ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


جيش إيران ليس من الـ5 الكبار».. 4 أشياء ذكرها ابن سلمان في حوار «CBS» مخالفة للواقع

أول أمس نشرت شبكة تلفزيون «CBS» حوارًا مصورًا مع ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، تحدث فيه عن إصلاحاته، والتي تم وصفها بالثورية، فهو – بحسب الحوار – يحرر النساء في بلاده، ويقدم للشعب السعودي المنغلق الحفلات الموسيقية، وقاعات السينما، ويشن حملة على الفساد، حتى وإن كان المتورط فيها أمراء سعوديين من العائلة المالكة.

وفي أول حوار له مع شبكة تلفزيون أمريكية، قال ابن سلمان إنه يسعى إلى مواجهة وتغيير الصورة المنطبعة في أذهان المجتمع الغربي عن المملكة العربية، لكن الحوار، وعلى الرغم من أنه نجح في تقديم الأمير كولي للعهد في الثانية والثلاثين من عمره، بصورة جيدة، إلا أنه اشتمل على عدة مفارقات ومغالطات تاريخية، سنحاول أن نتتبعها معًا في السطور القليلة القادمة.

1- «الجيش الإيراني ليس ضمن أقوى خمسة جيوش في العالم الإسلامي»

يقول ابن سلمان في حواره: إن إيران ليست منافسة قوية للمملكة العربية السعودية، وبعيدة كل البُعد حتى عن المنافسة، ذاكرًا أن الجيش الإيراني ليس من ضمن الخمسة جيوش «الكبار» في العالم الإسلامي، وأن الاقتصاد السعودي يفوق نظيره الإيراني.

والحقيقة أن الواقع ينافي ما قاله ولي العهد السعودي؛ إذ يعتبر الجيش الإيراني الرابع في ترتيب الجيوش الأكثر قوة في الشرق الأوسط، بحسب ترتيب «globalfirepower» لعام 2017، يليه جيش المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من أن الإنفاق العام على الجيش السعودي يتخطى الإنفاق العسكري للجيش الإيراني بمليارات الدولارات، ووصل إلى 63.7 مليار دولار، في مقابل نظيره الإيراني الذي لم يتخط 12.3 مليار دولار، إلا أن تعداد الجيش نفسه لم يتخط 230 ألف جندي في الخدمة، و325 ألف جندي احتياطي، جاء ذلك في مقابل 550 ألف، هم تعداد الجنود الإيرانيين في الخدمة، ومليون و800 ألف جندي احتياطي، كما يتفوق الجانب الإيراني في تعداد صواريخ المدفعية وامتلاكه أسطولًا بحريًا كبيرًَا مقارنةً بالأسطول السعودي.

ورغم أن اقتصاد إيران مضطرب بسبب إنفاقها على معاركها الخارجية في المنطقة، إلا أن الحال لا يختلف كثيرًا في المملكة من هذه الناحية؛ فقد ورد في دراسة أخيرة لجامعة هارفارد أن الممكلة العربية قد اضطرت لبيع 1.2 مليار دولار من إجمالي أسهمها الأوروبية البالغة 9.2 مليار دولار لتمويل الحملة العسكرية على اليمن؛ مما أضر كثيرًا بالاقتصاد السعودي، وأدى إلى تدهوره.

2- «الثورة الإسلامية الإيرانية كانت السبب في صعود التطرف بالسعودية»

يشير محمد بن سلمان في حواره إلى أن الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، وصعود روح الله الخميني إلى الحكم، كانت السبب في تغير شكل ونمط الحياة في المملكة السعودية؛ إذ كانت المملكة ما قبل 1979، مثل بقية دول الخليج، بحسبه، يتمكن فيها النساء من قيادة السيارات، ومن العمل في كل مكان، كما كان هناك دور للعرض السينمائي، وكانت المملكة تتطور مثل أي بلدٍ في العالم، حتى جاءت الثورة الإيرانية في أواخر السبعينات من القرن الماضي، وأدت إلى صعود التيار المتطرف دينيًا بالمملكة السعودية؛ فاستولوا على أقدس موقع في الإسلام، وهو المسجد الكبير في مكة، وبدأ السعوديون حينها قمع وعزل النساء عن الحياة اليومية، وكان جيله ضحية هذا النوع من التطرف الديني، بحسبه.

 

على الرغم من إشارة ابن سلمان إلى أن تاريخ التطرف في المملكة السعودية يعود إلى ما بعد عام 1979، إلا أن تاريخ الفكر السلفي الوهابي في المملكة متأصل فيها منذ نشأة دولة السعودية الأولى، حتى وإن كان ذروة التشدد الحالي نابعًا من حركة الصحوة التي تلت الثورة الإيرانية بالفعل؛ إذ كانت نشأة الدولة السعودية الأولى مرتبطة فعليًا بتحالف محمد بن سعود آل مقرن أمير الدرعية والأحساء مع محمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية في جزيرة العرب، واعتمدوا في مرجعيتهم الفكرية على أفكار الإمام ابن تيمية وابن القيم، خاصةً في كتاب ابن عبد الوهاب: «المسائل التي لخصها الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية»، وفي ذكر ما قاله ابن تيمية عن المرأة، كان أنه يرى للرجل الحق في منع المرأة من الخروج من بيتها إلا للضرورة، كما ذُكر في كتابه: «فقه الأسرة»، أن قرار المرأة في بيتها هو مهمتها الأساسية لتربية الأولاد ورعاية البيت والزوج، فخروج المرأة من بيتها لا يكون إلا بإذن من زوجها، إن شاء تنازل عنه، وإن شاء تمسك به؛ لما قد ينتج عن خروجها من مفسدة.

هذا إلى جانب ولاية التأديب، فعلى الزوجة أن تكون مطيعة لزوجها، وإن خالفته فإن له عليها ولاية التأديب، من الموعظة الحسنة وحتى الضرب، والمرأة عند زوجها أشبه بالرقيق والأسرى، بحسبه، وله عليها حق الطاعة التامة، كما قام بتحريم زيارة النساء للقبور؛ إذ رأى ابن تيمية أن زيارة المرأة للقبور مفسدة أعظم من تشييع الميت، واستشهد بمنع المرأة من الوجود في صلاة الجنازة، فكيف لها بالزيارة.

كما اعتمد الفكر الوهابي على تكفير الفرق والمذاهب الصوفية، وعمم حكمه على الجميع، فقال: «الحمد لله الذي بغضنا في دين الصوفية»، مُشيرًا إلى الصوفية وكأنها دين آخر، ومؤكدًا أن الصوفية عُرف عنهم فساد مذهبهم، بحسبه، واعتبرهم من المبتدعة.

وكان ابن عبد الوهاب يسير على هذا النهج في أمور العقيدة خاصةً؛ إذ رأى في تكريم الأولياء بدعة يمكن أن تؤدي إلى الشرك، كما كان يرى أن العقيدة بحاجة إلى تنقية تامة؛ لما علق بها من بدعٍ وخرافات، كما حرم تزيين القبور وبناءها مقببة.

يشير لويس دو كورانسي في كتابه: «الوهابية: تأريخ ما أهمله التاريخ»، إلى أن محمد بن سعود، والذي تكونت إمرته حينذاك على الدرعية والأحساء، من خلال المعارك التي خاضتها قبيلته وفتوحاتهم لإخضاع الكثير من القبائل العربية حينذاك، كان لديه ميل في مواصلة انتصاراته؛ فوجد في مبادئ محمد بن عبد الوهاب حجة قوية لغزو القبائل العربية، ولذلك تبنى الدعوة الجديدة، وفي ذلك الوقت اتخذ اتباع تلك الدعوى لأنفسهم اسم الوهابيين، واتخذ ابن سعود لنفسه لقب «إمام الوهابيين».

أسس محمد بن سعود حينها دولة السعودية الأولى عام 1744، وكانت الدرعية عاصمة لدولته، وإمبراطوريته التي تتوسع، وعندما توفي عام 1765 تولى الحكم بعد وفاته ابنه الأمير عبد العزيز آل سعود، والذي استكمل ما بدأه والده، ونجح في إخضاع العديد من القبائل العربية تحت لوائه، ولواء دعوته الجديدة. فيشير دو كورانسي إلى أن ما هي إلا مدة قصيرة، وقد أصبح أتباع ابن عبد الوهاب يغطون الصحراء الواسعة، والتي تمتد من الخليج حتى البحر الأحمر، ومن بلاد العرب السعيدة حتى حلب ودمشق، وبالتالي فإن نشأة الدولة السعودية قد اقترنت منذ اللحظة الأولى بالفكر السلفي، والذي ظلَّ كامنًا في أعماق دولتها، حتى أتى عام 1979، وأيقظ «تيار الصحوة» في أواخر الثمانينات، والذي استقطب الشباب السعودي حينذاك هذا الفكر السلفي المتجذر، وزايدوا عليه بفتاوى ابن باز وابن عثيمين اللذين لاقوا احتضانًا من السلطة الحاكمة في المملكة، كما دعا هذا التيار ورموزه للإصلاح السياسي؛ إذ عمد رموزه إلى الحصول على توقيعات العلماء حينذاك من أجل منع أي وجودٍ لأجنبي داخل الأراضي السعودية، كما تشير التقارير المؤرخة لتلك الفترة.

3- «السعودية تدافع عن نفسها في اليمن»

عندما سُئل ابن سلمان عن مأساة اليمن، ووُجِه بتقرير الأمم المتحدة، والذي يفيد بأن أكثر الوفيات بين المدنيين في اليمن نتيجة مباشرة للغارات الجوية السعودية، وحصارها الذي منع الدواء والطعام عن الوصول إلى مئات الآلاف من اليمنيين الذين يحتاجونه، أشار إلى أن المليشيات اليمنية يجب أن تتوقف عن استخدام الوضع الإنساني في اليمن لصالحها من أجل الحصول على التعاطف الدولى، مُشيرًا إلى أنهم من يمنعون وصول الغذاء والدواء لليمنيين من أجل خلق مجاعة وأزمة إنسانية.

 

(تقرير البي بي سي عن مجاعة اليمن)

رغم تصريحات محمد بن سلمان، والتي تبرئ ساحة المملكة السعودية من ويلات حرب اليمن، إلا أن البحث الأخير لوكالة «ديفينس ون» الإخبارية، والذي جاء بمناسبة مرور ألف يومٍ من حرب اليمن، قد كشف الستار عن الكثير من خبايا تلك الحرب، والتي جاءت مخالفة لما صرح به ولي العهد السعودي.

يشير البحث إلى أنه ومنذ بدأت القوات الجوية السعودية قصفها الجوي على الأراضي اليمنية، تحولت حينها حرب اليمن إلى مأساة إنسانية، ملايين من البشر شُردوا، وانتشرت المجاعة والكوليرا، هذا إضافةً إلى أن الحرب قد عززت دور تنظيم «القاعدة» في الأراضي اليمنية؛ إذ كانوا على أهبة الاستعداد ليُستأجروا من جانب المملكة وحلفائها، بحسب الورقة البحثية.

تشير إيونا كريغ في البحث، وهي صحافية مستقلة، إلى أن هناك وجهًا آخر للحرب، عانى منه اليمنيون على وجه الخصوص؛ إذ أدت الحرب إلى تحطيم البنية التحتية للدولة اليمنية، والتي كانت بالأساس هشة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، دمرت الغارات الجوية السعودية جسر الإمداد الرئيس للأراضي اليمنية، والذي كان واصلًا بين ميناء الحديدة على الساحل الغربي للبحر الأحمر، والعاصمة صنعاء، فتقول كريغ: «كان ذلك متعمدًا بشكلٍ واضح»، إذ لم يكن الجسر على قائمة الأهداف العسكرية، إلا أن القوات السعودية قد تجاهلت ذلك تمامًا، وقامت بتدميره.

«ما يقرب من ثلث الضربات الجوية التي قادتها المملكة العربية السعودية، قد استهدفت أهدافًا غير عسكرية، وذلك يشمل الأسواق، ومحطات المياه والكهرباء، ومنافذ تخزين المواد الغذائية، والمستشفيات والمراكز الطبية والمساجد» – تقول كريغ الصحافية المستقلة.

وفي بيانٍ تفصيلي تشير كريغ إلى قصف محطات المياه والكهرباء أكثر من مائة مرة، هذا إضافة إلى حوالي 68 غارة قد استهدفت المرافق الطبية، و183 استهدفت الأسواق، وهو ما يخالف تمامًا ما جاء في حوار ابن سلمان.

 

(هجمات المملكة العربية السعودية على الحوثيين في اليمن)

«إيران تدعم القاعدة».. والسعودية أيضًا!

يشير ابن سلمان إلى أن إيران هي السبب الرئيس في خوض حرب اليمن؛ وذلك دفاعًا عن النفس من هجمات الحوثيين على الحدود السعودية، كما يتهم الأمير الشاب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتعامل مع عملاء القاعدة، الذين يتخذون من تلك الدولة درعًَا لهم؛ إذ ترفض الحكومة الإيرانية تسليمهم إلى العدالة، بحسبه، ويضيف أن ابن أسامة بن لادن يعيش الآن في إيران، ويباشر إدارة شئون تنظيم القاعدة كقائد للتنظيم من داخل وخارج إيران، وبدعم إيراني.

وعلى الرغم من صحة الادعاءات التي أشار إليها ابن سلمان عن حقيقة تحالف إيران مع تنظيم القاعدة؛ إذ كان قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني أول من منح ملجأً لعائلة زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في إيران بعد فرارهم من أفغانستان عام 2001؛ حيث قام سليماني ببناء مجمع سكني في مركزٍ تدريبي بطهران، ونشأ هناك أول تحالف ممول بين القاعدة والدولة الإيرانية.

إلا أن المملكة العربية السعودية تواجه هي نفسها بعض الاتهامات بالتحالف مع تنظيم القاعدة في اليمن؛ وذلك من أجل القتال جنبًا إلى جنب ضد مليشيات الحوثيين في الأراضي اليمنية، وذلك طبقًا لوثائقي «هيئة الإذاعة البريطانية»، والذي صور جهاديين وقوات موالية للتنظيم تقاتل متمردين حوثيين قرب مدينة تعز اليمنية بدعم من جنود الإمارات، الشريك الرئيس للسعودية في حربها باليمن.

 

(فيلم صفاء الأحمد الوثائقي .. وكالة بي بي سي الإخبارية)

وفي أواخر عام 2015 صورت صفاء الأحمد، مخرجة الأفلام الوثائقية، أعضاء في جماعة «أنصار الشريعة»، التابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة اليمن، وهم يهاجمون الحوثيين على أحد التلال بالقرب من مدينة تعز؛ وهو الأمر الذي أدى إلى إثارة الادعاءات حول تحالف المملكة العربية السعودية مع تنظيم القاعدة، هي ودول التحالف العربي، وذلك خلال الحرب الدائرة في اليمن.

أما إليزابيث كيندال، الباحثة في الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أكسفورد، فتشير في بحث اليمن إلى أن تنظيم القاعدة في اليمن لم تمكن عبر السنوات من تكوين تحالفات قوية مع القبائل، خاصًة في مرتفعات البيضا شمال عدن؛ فهم يقاتلون العدو نفسه – مُشيرة إلى الحوثيين – إلا أن الفرق الوحيد يكمن في أنهم من يلوحون بالأعلام السوداء.

التنظيم في اليمن، بحسب كيندال، وبعد أن تعرض لهجمات خطيرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، كان يفقد كل بضعة أسابيع الكثير من مناطق نفوذه، إلا أن المليشيات التابعة للقاعدة قد وجدت – بحسبها – في القتال إلى جانب دول التحالف التابعة للمملكة السعودية تعويضًا جيدًا لها من خلال أموال دول التحالف، وهو ما أشارت إليه على أنه علامة خطيرة قد جعلت الوضع في اليمن أشبه باستبدال مليشيات مسلحة بمليشيات أخرى في حالة الانتصار على الحوثيين.

4- «السعودية تستطيع تطوير قنبلة نووية إذا فعلت إيران»

في حواره يقول ولي العهد السعودي: «إن المملكة السعودية لا تمتلك حتى الآن قنبلة نووية، إلا أنه وفي حالة امتلاك إيران لسلاحٍ نووي، فستسعى للحاق بها في أقرب وقت»، وهو أمر كان قد صرح به في أكثر من حوارٍ سابق، فهل المملكة قادرة بالفعل على امتلاكِ سلاح نووي؟

في ورقة بحثية نُشرت بمركز «كارنيجي» عام 2015 أشير إلى أنه، وعلى الرغم من التهديد الدائم من قبل المملكة العربية السعودية، بأنها على مقربة من حيازة سلاح نووي، إلا أن المملكة تستخدم ذلك كورقة ضغط على واشنطن؛ إذ إنها لا تملك المقومات اللازمة لحيازة التكنولوجيا النووية، مُشيرة إلى أن المملكة تفتقد للوسائل التقنية التي تمكنها من تحقيق طموحاتها؛ فالمملكة العربية السعودية لديها عدة مراكز بحثية صغيرة، ولكنها تفتقر إلى القدرة على إنتاج المواد الانشطارية التي تدخل في صناعة السلاح النووي، وهو ما يشير إلى أن السعودية بدائية من حيث التقنيات العلمية في هذا المجال، وإذا كانت ترغب في أسلحة نووية، فستسعى للحصول عليها من واحدة من الدول الكبرى .

يشير البحث إلى أنه، وفي حالة تمرير الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هذا لا يعني أن المملكة قادرة تقنيًا على تخصيب اليورانيوم، أو صناعة أسلحة نووية.

اجمالي القراءات 136
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق