من داخل الدولة.. 6 أوراق يعتمد عليها عنان كي يصل إلى القصر الجمهوري

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢١ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


من داخل الدولة.. 6 أوراق يعتمد عليها عنان كي يصل إلى القصر الجمهوري

الثورة تعود في النهاية لنظام أقرب للنظام التي قامت عليه الثورة في الأساس! مع تطبيق بعض الإصلاحات التي تُطيح بأسوأ ما كان عليه النظام القديم، غير أن الوضع في مجمله يصبح مشابهًا لفترة ما قبل الثورة، ولا يمكن وصف التغيير الذي تحدثه الثورة بـ«الجوهري». *كرين برينتن، من كتاب «تشريح الثورة»

أعلن سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري السابق، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، في بيانٍ مقتضب، لم تتعدَ مدته ست دقائق، ولكنه حمل الكثير من الرسائل، والأوراق التي يعتمد عليها في مشواره الانتخابي، نجمل أهمها بالسرد والتحليل في التقرير التالي.

1-قضايا ملحَّة: ارتفاع الأسعار وأزمة نهر النيل وبيع الأرض

استهل عنان خطابه: «أيها الشعب السيد… أتوجه إليك بهذا الحديث بعد سنوات عصيبة مرت بها بلادنا، التي تجتاز اليوم مرحلة حرجة من تاريخها مليئة بالتحديات، يأتي على رأسها توطن خطر الإرهاب الأسود في مصر، وتردي أوضاع الشعب المعيشية التي  تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، فضلًا عن تآكل قدرة الدولة في التعامل مع ملفات الأرض والمياه».

حملت تلك الكلمات العديد من الرسائل التي تمسَّك بها عنان في عدد من الملفات الحيوية، ليس فقط ملف «الإرهاب» الذي ربما لا يختلف على محاربته أي مرشح، وإنما أيضًا ملفات تجد بعض الانتقاد الشعبي للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، مثل تردِّي الأوضاع المعيشية، مع ارتفاع الأسعار المستمر في السلع والخدمات، ورفع الدعم عن الوقود.

كذلك فإن «تآكل قدرة الدولة في التعامل مع ملفات الأرض والمياه»، تأتي بإشارة إلى تنازل السيسي عن ملكية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والتي عارضها عنان سلفًا بقوة، مشككًا في وطنية من يعارضون مصرية الجزيرتين؛ عندما قال: «ليس المهم الآن إثبات مصرية تيران وصنافير؛ فمصريتهما ليس مشكوكًا فيها، ولكن المشكوك فيه هو مصرية من يعارضون مصرية الجزيرتين».

 

 

كذلك فإن ملف المياه يحمل إشارة لملف حصة مصر من نهر النيل، الذي يحيطه خوف شعبي على مصير النيل؛ بعد بناء سد النهضة، وهو الملف أيضًا الذي انتقده عنان سلفًا، مُحمِّلًا الحكومة المصرية مسؤولية الوضع «الكارثي والمهين» الذي وصلت إليه مصر في ملف النيل، لافتًا إلى فشل الحكومة بقوله عنه: « وصل إلى حد الخطيئة منذ أن وقعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثي في مارس (أذار) 2015، مؤتمر حسن النوايا ورفع الأيدي… العلاقات الدولية لا تُدار بحسن النوايا، ولكن بالمصالح».

 

 

2- المورد البشري فرصة وليس «أزمة»

تحدَّث عنان أكثر من مرة عن أهمية المورد البشري، منتقدًا الحكومة الحالية في التعامل مع ذلك الملف، عندما لفت إلى «تآكل قدرة الدولة على إدارة موارد الثروة القومية، وعلى رأسها المورد البشري»، كذلك وصف عنان الدولة المصرية بأنها «دولة البشر، قبل أن تكون دولة الحجر»، في انتقاد واضح لخطاب السيسي الذي يتعامل عادة مع زيادة سكان مصر على أنها «أزمة»، ويدعو لخفض معدل الإنجاب، محذرًا من إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال. وتحمل كلمات عنان أيضًا رفضًا ضمنيًا لخطاب السيسي الداعي لبناء البلد حتى  مع عدم توافر المقومات الأساسية، والذي قال: «ده إحنا مناكلش وهنبنى بلدنا… مش هناكل مناكلش، هنجوع يعني نجوع، إيه المشكلة يعني؟!».

3- لا احتكار اقتصادي سياسي للقوات المسلحة

قال عنان: إن المشاكل سالفة الذكر جاءت نتيجة «سياسات خاطئة حمّلت القوات المسلحة وحدها مسؤولية المواجهة، دون سياسات رشيدة تمكن القطاع المدني للدولة من القيام بدوره متكاملًا مع دور القوات المسلحة؛ لاستئصال هذه الأورام الخبيثة من جسد الدولة المصرية، ولا يمكن لهذا التمكين أن يحدث، دون نظام سياسي واقتصادي تعددي، يحترم الدستور والقانون، ويؤمن بالحريات، ويُحافظ على روح العدالة، وعلى قيم النظام الجمهوري الذي لا يقوم، إلا بتقاسم السلطة بين مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، نظام سياسي واقتصادي قادر على إدارة التنوع والاختلاف».

ويتجلى في هذه الكلمات رفض ضمني لتوسع دور القوات المسلحة، وتغوله في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهو التغول الذي يراه البعض «غير متكافئ» من منظور اقتصادي على الأقل؛ إذ يأتي على حساب دور القطاع المدني. ومن هنا جاءت كلمات عنان لتحمل رسالة إلى رجال الأعمال والقطاع المدني تعد بفرص أكبر لهم من أجل الاستثمار في القطاعات الاقتصادية، وذلك بتأكيده على تعددية النظام الاقتصادي.

كذلك فإن كلمات عنان التي حملت رسالة تفيد بفتح المجال العام والحريات والتنوع والتعددية، يؤكد عليها غلاف صفحة «سامي عنان رئيسًا لمصر 2018» الذي يحمل قولًا منسوبًا لعنان قال فيه: «يجب أن نعي وندرك، أن الاختلاف السياسي فيما بيننا يجب ألا يُنسينا أننا أبناء شعب واحد ووطن واحد».

إذ حملت كلمات عنان رفضًا لما يراه البعض تحكم الرئيس السيسي أو القوات المسلحة  في مختلف السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهو معنى أكده أيضًا عنان في نهاية بيانه؛ عندما طالب مؤسسات الدولة المدنية العسكرية بـ«الوقوف على الحياد وعدم الانحياز غير الدستوري لرئيس قد يغادر منصبه خلال شهور قليلة»؛ في إشارة إلى السيسي، الذي عاد وأكد ضرورة اعتباره: «مجرد مرشح محتمل بين مرشحين آخرين».

4- «مع ذلك أنا رجل من القوات المسلحة»

ولم ينس عنان التلويح بـخلفيته العسكرية في كلمات خطابه لإعلان الترشح؛ عندما قال: «عقدت العزم على تقديم أوراق ترشحي إلى الهيئة الوطنية للانتخابات وفق ما هو معلن، وفور استيفاء الإجراءات كرئيس أسبق لأركان حرب القوات المسلحة المصرية نظرًا للقوانين والنظم العسكرية».

 

 

صورة لعنان تجمعه مع قيادي عسكري أمريكي في القاهرة بعد ثورة 25 يناير 2011

تلك الكلمات التي تجد صدىً أكبر عند الناخبين الذين لا يثقون كثيرًا في المدنيين، ويُفضلون العسكريين، ومع ذلك يُعارضون السيسي حاليًا بعد تأييدهم المطلق له سابقًا؛ بسبب تزايد بعض الأزمات: كارتفاع الأسعار مثلًا؛ إذ ربما يجدون في عنان بديلًا مناسبًا للسيسي. كذلك؛ فإن عنان بكلماته هذه، يغازل مؤيدي الفريق أحمد شفيق المنزعجين من تراجعه عن الترشح، فضلًا عن الدعم المحتمل الذي قد يتلقاه عنان من جهات في أجهزة الدولة.

5-واجهة مدنية دعمت «30 يونيو» ويصعب «أخونتها»

مع تأكيد عنان على عسكريته، إلا أن الرجل لم ينسَ أيضًا إضافة الواجهة المدنية لترشحه عندما أعلن تكوين «نواة مدنية لمنظومة الرئاسة، تتكون من المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، نائبًا لشؤون حقوق الإنسان وتفعيل الدستور، والدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، نائبًا لشؤون الثروة المعرفية والتمكين السياسي والاقتصادي، ومتحدثًا باسمه»، إذ تأتي تلك الواجهة المدنية لتضيف إليه بعض الرافضين للسيطرة العسكرية المطلقة على الحكم.

ويبدو أيضًا أن اختيار عنان لهذه الأسماء كان دقيقًا؛ فالاسمان يحملان نوعًا من التوافق، فمن جهة يصعب «أخونتهما»  (أي اعتبارهما من جماعة الإخوان المسلمين)؛ لأن كلًا من جنينة وحسني أعلنا سلفًا دعم « ثورة 30 يونيو»، وما نتج عنها من إجراءات تضمنت عزل الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تصنّفها الحكومة الحالية «جماعة إرهابية».

من جهة أخرى، فإن المستشار هشام جنينة، يحمل معارضة للسيسي، وبالأخص بعد عزله من منصبه في رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات. أما حسني فقد أصبح منذ فترة معارضًا قويًا للسيسي معتبرًا إياه «ظالمًا لثورة 30 يونيو»، وبذلك فإن الرجلين قد يجذبان دعم بعض المؤيدين لـ30 يونيو، وبالأخص المؤيدين «السابقين» لها. في حين أن معارضتهم الحالية للسيسي، قد تُكسبهم بعض الدعم من معارضيه ورافضي بيان القوات المسلحة في 3 يوليو (تموز) 2013. كذلك فإن حديث عنان المتكرر عن الحريات وحقوق الإنسان والتعددية وروح العدالة، يُغازل المتضررين من نظام السيسي والرافضين سياسيًا له، الذين قد يجدون في عنان أملًا لتحقيق بعض التغيير في هذا الجانب، وتحسين وضع حقوق الإنسان في مصر.

اقرأ أيضًا: «هشام جنينة»: كيف تدير الدولة المصرية معركة إخضاع أجهزتها الرقابية؟

6- مُرشح من يرون أن الرئيس التالي للسيسي يجب ألا يكون «ثوريًا»

بالرغم من أن حديث خالد علي، المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية، يبدو أكثر «ثورية»، ويتبنى التأكيد على تحسين وضع الحريات وحقوق الإنسان ومناقشة قضايا المعتقلين والمختفين قسريًا، التي يُفضلها كثير من المعارضين، إلا أن عنان قد ينافس خالد علي في كتلته التصويتية أيضًا؛ ليس لأن عنان أكثر حرصًا على تلك المبادئ من علي، وإنما  لاعتقاد البعض بأن فرص عنان في النجاح أو مواصلة المشوار الانتخابي أكبر من علي، الصادر ضده حكم بالسجن ثلاثة أشهر؛ لاتهامه بارتكاب «فعل فاضح في الطريق العام»، وهو الحكم الذي يُعد بمثابة سكين على رقبته، قد يطيح به في أي وقت خارج المشوار الانتخابي، خاصة وأن النظر في استئناف ذلك الحكم سيكون في 7 مارس 2018، خلال الحملة الانتخابية، وإذا ثبت الحكم ضده؛ فسيُستبعد من المشوار الانتخابي؛ لأن شروط الترشح للرئاسة تتضمن ألا يكون قد حُكم على المرشح في جريمة «مُخلة بالشرف».

 

 

خالد علي المرشح اليساري المحتمل للانتخابات الرئاسية

ومن منظور انتخابي وسياسي يعتقد البعض أن أجهزة الدولة لن تسمح لمرشح بـ«ثورية» خالد علي أن يصل إلى كرسي الحكم، لكن ربما تسمح بوصول مرشح أقل ثورية، مثل عنان؛ إذ يرى البعض صعوبة القبول بمرشح ثوري، لا يلقى قبولًا كافيًا من مؤسسات الدولة العميقة، بخلاف عنان الذي قد يلقى قبولًا أكبر، وتوافقًا أكثر، فهو ليس ثوريًا كخالد علي، وفي الوقت نفسه ليس نسخة طبق الأصل من السيسي، وقد يسعى لتحقيق تغيير ولو طفيف.

وبتنفيذ المبادئ التي أكدها عنان في الخطاب، فقد يُحقق بذلك – لو وصل إلى الحكم – ما خلُص إليه كتاب «تشريح الثورة»، الذي كتبه – قبل 80 عامًا – كرين برينتن، المؤرخ والأكاديمي الأمريكي، وتتبع خلالها أربع مراحل تطابقت فيها الثورات الشعبية: الفرنسية، والأمريكية، والبلشفية الروسية، والحرب الأهلية الإنجليزية، وخلص إلى أن «الثورة تعود في النهاية لنظام أقرب للنظام التي قامت عليه الثورة في الأساس! مع تطبيق بعض الإصلاحات التي تُطيح بأسوأ ما كان عليه النظام القديم، غير أن الوضع في مجمله يصبح مشابهًا لفترة ما قبل الثورة، ولا يمكن وصف التغيير الذي تحدثه الثورة  بـ«الجوهري».

اجمالي القراءات 1212
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق