الكتالوج المصري.. 4 وسائل قمعية تعلمها ابن سلمان على الأرجح من مستشاره «العادلي»

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٩ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


الكتالوج المصري.. 4 وسائل قمعية تعلمها ابن سلمان على الأرجح من مستشاره «العادلي»

باتت المعلومات التي تحدَّثت عن  استقدام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لوزير الداخلية المصري في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، حبيب العادلي للإشراف على جهاز أمن الدولة السعودي، الذي استُحدث في 20 يوليو (تموز) الماضي، بأمرٍ ملكي، أمرًا قريبًا من الحقيقة. تأكَّدت تلك المعلومات بعدما نقلتها جريدة «نيويورك تايمز»، في تقرير منشور لها، الأسبوع الماضي.

عزز من فرضية استدعاء العادلي للمملكة التحولات الكبيرة في أساليب قمع جديدة، وأنماط تقسيم الصلاحيات بين الأجهزة الأمنية بصورة تقترب من تلك التي كانت خلال عهد مبارك. يحاول التقرير التالي رصد أبرز الطرق التي استحدثتها المملكة في نظامها الأمني، ترتبط بشكلٍ وثيق بآليات أسسها العادلي خلال ولايته وزيرًا للداخلية طيلة 12 عامًا كأطول وزير داخلية في عصر مبارك، أو حتى فى تاريخ مصر الحديث.

 

1- المنع من السفر

استحدث محمد بن سلمان، ضمن مساعيه لتأسيس منظومة القمع الجديدة، وسيلة المنع من السفر لأهالي من جرى اعتقالهم، وهي الوسيلة التي لم تُستخدم على مدار السنوات الماضية في السعودية، خصوصًا حيال ذوي المعتقلين. فسياسات المملكة الأمنية لم تعهد طيلة السنوات السابقة هذه الوسيلة ضمن محاولاتها الدائمة لحصار مُعارضييها وذويهم.

ومنعت السلطات السعودية أولاد الداعية السعودي سلمان العودة من مغادرة السعودية، حسبما أكد نجله الأكبر المتواجد في الخارج. عائلة العودة ليست الوحيدة التي تعرَّضت للمنع من السفر، حسبما أعلن حساب يُسمي «العهد الجديد» على «تويتر»، دأب على نشر تسريبات عن أروقة السلطة داخل المملكة، حيث أكَّد «أن أجهزة الأمن التابعة لابن سلمان تمنع سفر أهالي المعتقلين، حتى الأطفال، كما منعت أيضًا جميع المشايخ والدعاة (حتى أولئك المسبِّحين بحمد النظام)»، وذلك بحسب التغريدة.

جمال خاشقجي الكاتب السعودي، الذي كان مُقربًا من السلطة، تعرَّض هو الآخر للمنع من السفر على مدار شهورٍ طويلة، قبل أن ينجح في مُغادرة المملكة بطريقةٍ قد تكون غير شرعية، تباينت التأويلات حول ماهيَّة الطريقة، وما إذا كان خرج بضغط بعض الأمراء ممن يتمتَّع معهم بصلةٍ وثيقة، أم عبر منافذ غير رسمية!

وتُعد سياسة المنع من السفر للمعارضين وعائلاتهم هي ملمحًا من ملامح السياسة الأمنية لعهد مبارك؛ إذ كان أبرز الممنوعين من العودة للبلاد طيلة عهد مُبارك هو المُعارض السياسي آنذاك سعد الدين إبراهيم، الذي قضى ثلاث سنوات في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتوسَّعت السلطات الحالية في مصر من استخدام المنع من السفر في العامين الأخيرين. ويوضح تقرير صادر من مبادرة «دفتر أحوال» الحقوقية أنه يوجد حوالي 185 حالة منع من السفر خلال خمس سنوات في الفترة بين 11 فبراير (شباط) 2011 إلى 20 فبراير (شباط) 2016، وتتصدَّر حالات المنع من السفر بسبب أنشطة سياسية وحقوقية ودينية القائمة بواقع 121 حالة، بينما يأتي المنع من السفر على ذمَّة قضايا (مع الضبط) في المرتبة الثانية بواقع 54 حالة، يليهما المنع من السفر على ذمة قضايا (دون ضبط) بواقع 10 حالات.

اقرأ أيضًا: سلمان العودة.. شيخٌ أغضب الملك كلما تحدث أو صمت

2- تشويه سمعة المُنافسين: محمد بن نايف مدمن.. ومتعب بن عبد الله مرتش

واحدة من الطرق التي استخدمها محمد بن سلمان حيال منافسيه المحتملين تمثَّلت في تشويه سمعتهم، وإطلاق تهم أخلاقية وجنائية حيالهم. يظهر هذا الأمر في تسريب معلومات من مصادر ملكية سعودية رسمية لـ«رويترز» يستبعد كافة المعلومات التي تربط بين إطاحة ابن نايف بسعي الأمير الشاب للاستحواذ على السلطة. ويزعم: «أن الإطاحة بمحمد بن نايف مرتبطة بتلقِّيه علاجًا بعد تعرضه لعملية اغتيال. وأدمن هذا الدواء الذي يؤثر بصورة خطيرة على قراراته». وأوضح: بأن «هناك محاولات من الأمير الشاب لأكثر من عامين جرت لإقناعه بالعلاج والابتعاد عن إدمان المسكنات، لكن دون جدوى».

وذكرت تقارير صحافية أن نشر قصة إدمان ولي العهد السعودي السابق، محمد بن نايف، للعقاقير المُخدرة هي واحدة من الحكايات التي نسجها فريق محمد بن سلمان لتشويه سمعته، وتصويره أمام الخارج أنه غير قادر على الحُكم، وذلك في سياق احتدام المنافسة بينهما، وتصوير ابن سلمان لإزاحة ابن عمه الأكبر بأنها ليست مرتبطة بصراعٍ حول السلطة. وذكرت كذلك أنَّ من سرب هذه المعلومات هو المستشار في الديوان الملكي، سعود القحطاني، الذي نظم لقاء مع الصحافيين بهذا الشأن لتشويه سمعة ابن نايف وتقديمه كمدمن مخدرات.

تتضاءل مصداقية هذه الرواية أمام المصادر السعودية التي كذَّبتها في التقرير نفسه. وحسب ما أضافت المصادر في تقرير رويترز: «الأمر كان انقلابًا»، وأضافت: أن «ابن نايف» لم يتوقع حدوث ذلك، خصوصًا بعد «الأخطاء السياسية» التي قام بها ابن سلمان في اليمن، وتخفيضه للمزايا المالية للموظفين الحكوميين بالمملكة.

عزَّز كذب رواية الإدمان المصادر التي تحدثت لجريدة «وول ستريت جورنال» عن «أن القيادة الحالية للمملكة تغيرت بالقوة بواسطة شخص يُصدر نفسه على أنه إصلاحي». دعم ذلك أيضًا رواية نيويورك تايمز التي ذكرت أن «محمد بن نايف احتجز على غير رغبته، وتعرض لضغوط استمرت لساعات من أجل التنازل عن ولاية العهد لمحمد بن سلمان».

ابن نايف ليس الوحيد الذي تحركت أذرع الأمير الشاب الإعلامية والسياسية لتشويه سمعتهم عبر إطلاق تهم ومزاعم لمحو الصورة الذهنية المرسومة لدى المواطن السعودي أو الغرب عنهم. طالت هذه الحملة عددًا من الأمراء، أبرزهم الأمير متعب بن عبد الله؛ فهو رئيس للحرس الوطني، وهو الجهاز العسكري الداخلي الأقوى الذي أسسه الملك الراحل قبل نحو 40 عامًا، ويتمتع بالولاء المطلق من أفراد الجهاز العسكري.

لم تكن هناك حيلة للتخلص من نفوذ متعب بن عبد الله، سوى الزعم بأن عزله من منصبه كان بعدما كشفت نتائج التحقيقات عن تورطه في «اختلاس وتوظيف وهمي، وإرساء مشاريع مختلفة، ومنها عقود تشغيل وصيانة على شركاته الخاصة».

وتضمنت قائمة الاتهامات الموجهة لمتعب بن عبد الله أنه متورط في التربح من «عقود غير شرعية بـ10 مليار دولار لأجهزة اتصال وملابس عسكرية واقية من الرصاص تفوق قيمتها عشرة أضعاف نفس الملابس في وزارتي الدفاع والداخلية».

وتُعد هذه الوسيلة واحدة من الطرق المُفضلة للأجهزة الأمنية تحت قيادة حبيب العادلي، حيث سعى عبر جهازه الأمني والآلة الإعلامية التي تعمل – وفقًا لتعليماته – على نشر شائعات بحق معارضي مُبارك، أو تبرير إقالة مسؤولين كبار. كان من أبرز هذه الوقائع  تسريب فيديوهات جنسية لرجل الأعمال حسام أبو الفتوح، الذي كان على خلاف مع مبارك آنذاك، ونشر معلومات عن أن عمرو موسى «خمورجي» على خلفية الإطاحة به من منصب وزير الخارجية، أو تسريب معلومات عن علاقة مصطفى الفقي بإحدى سيدات الأعمال؛ وانتهت بخروجه من رئاسة الجمهورية.

واعتاد نظام مبارك الأمني الذي كان يقوده العادلي في تحريك بلاغات قضائية من جانب منتمين للحزب الوطني، أو محامين على صلة وثيقة بالأجهزة الأمنية حيال المُعارضين لنظام مبارك.

3- الكتائب الإلكترونية.. حسابات وهمية على تويتر تروِّج لولي العهد

لجأ الأمير الشاب محمد بن سلمان إلى تأسيس جهاز دعاية جديد له عبر لجان إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي عبر تويتر وفيسبوك. الهدف الأساسي لإنشاء الأمير الشاب مجموعة إلكترونية تابعة له، الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، وحشد جمهور من المؤيدين لسياسته.

 

يظهر هذا على موقع تويتر، الذي يُتيح شراء متابعين للحساب، مقابل مبالغ مالية يدفعها المستخدم.  فحساب «موجز الأخبار»، الذي تأسس عام 2012 على تويتر، ويتابعه نحو 4 مليون، اعتاد على نشر تغريدات تُثمن قرارات ابن سلمان بنفس مفردات حسابات مُشابهة. يغرد في إحدى تغريداته: «للتاريخ فقط: الدولة السعودية الرابعة رسم ملامحها ولي العهد سيدي الأمير #محمد_بن_سلمان، رجل التنمية والرؤية، وعدو الفساد الفكري والمالي».

وفي حساب آخر يحمل اسم «أمير الأمراء»، تأسس عام 2014، ويضع صورة ولي العهد. يتابع هذا الحساب نحو 13 ألف، وينشر دومًا تغريدات تُشيد بمواقف وقرارات ابن سلمان، مُرفقة بصور شخصية له. واحدة من هذه التغريدات تقول: «ولي العهد محمد بن سلمان – حفظه الله – لايهنأ له نوم، ولا تغمض له عين، ولا يهدأ له بال، حتى يطمئن على أحوال مناطق المملكة كافة  الله يحفظ خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، بحفظك».

وعبر حساب آخر يحمل اسم «محبي محمد بن سلمان»، ويضع صورته، دأب على نشر تغريدات داعمة وترويجية للأمير الشاب. واحدة من هذه التغريدات: «بجهد شباب سعودي طموح، بفكر مبدع ومتميز  يعشق التحدي والتغيير للوصول بهذا الوطن إلى القمة، وبلقاء الشباب مع نخبة من قيادات العالم، شكرًا لمجهودكم»، ويرفقها بصورة لمحمد بن سلمان ومدير مكتبه بدر العساكر.

ولا تنفصل هذه الوسيلة عما فعلته الأجهزة الأمنية خلال ولاية العادلي من تأسيس حسابات وهمية داعمة لنظام مُبارك ونجله في سنواته الأخيرة.

وبدأت اللجان الإلكترونية في مصر بشكل منظم مع تصعيد جمال مُبارك، تحديدًا بداية من عام 2009، وذلك وفقًا لمحمد عاطف، وهو مُدير تسويق إلكتروني من مصر، الذي يضيف كذلك في تصريحات سابقة لـ«ساسة بوست»: «إن تلك المجموعات كانت تتخذ من مبنى الحزب الوطني المُنحل مقرًا لها. وعمل على تدريبها والإشراف عليها بعض الصحافيين المعروفين بانتمائهم للحزب الوطني». ويُكلف استخدام شخص للعمل في لجنة إلكترونية حوالي 3 آلاف جنيه مصري شهريًا، في حين أن شراء 100 ألف متابع، قد يصل إلى 10 آلاف جنيه، حسب عاطف.

وشكل الهدف الرئيس لتشكيل هذه اللجان – آنذاك – هو تسليط الضوء على جمال مُبارك كوريث شرعي لوالده، والترويج لمحاسنه كوجه شاب، ويحمل فكرًا متطورًا.

4- تأسيس جهاز أمني يتبعه بشكل مباشر

في  20 يوليو (تموز) 2017، أصدر الملك سلمان سلسلة من الأوامر الملكية، تضمنت تعديلات في الأجهزة الأمنية. وشملت القرارات الجديدة  إنشاء جهاز أمني باسم «رئاسة أمن الدولة»، يتبع رئاسة الوزراء، ويعنى بعدد من الاختصاصات، من بينها مكافحة الإرهاب وتمويله. منح ولي العهد آنذاك هذا الجهاز الأمني صلاحيات مُطلقة، وسلطات واسعة، تفوق بها على نفوذ الأفرع الأمنية الأخرى.

كانت هذه واحدة من محاولات الأمير الشاب لتقليص صلاحيات الجهات الأمنية التي كانت تخضع لنفوذ منافسيه، كمحمد بن نايف ومتعب بن عبد الله. ووسيلة لتهميش «مجلس الشؤون السياسية والأمنية» الذي لم يمض وقتًا طويلًا على إنشائه، وكان يخضع لإشراف ابن نايف.

يسير محمد بن سلمان في استحداث جهاز أمني يتبعه بشكل مباشر، وتوسيع صلاحيات بحيث تكون له السُلطة المُطلقة على بقية الأجهزة الأمنية، على درب العادلي في إدارته لوزارة الداخلية المصرية. وسَّع العادلي من صلاحيات جهاز أمن الدولة، الذي أصبح لاحقًا الأمن الوطني، عبر سلطات مفتوحة تغولت على باقي الأجهزة الأمنية داخل وزارة الدفاع المصرية نفسها.

في مارس (آذار) 2011، حاصر جموع المتظاهرين مقر الأمن الوطني بمدينة نصر، شرق القاهرة. أدى هذا الحصار إلى تدافعهم نحو المبنى المُحصَّن واقتحامه، والعثور على آلاف الوثائق. كشفت هذه الوثائق آنذاك عن السلطات الواسعة للجهاز الذي كان يرأسه العادلي قبل ترقيته لمنصب وزير الداخلية. أحد  هذه الأدوار الكاشفة لتضخَّم جهاز أمن الدولة، ما أوضحه عدد من وثائق جهاز أمن الدولة بمدينة نصر عقب اقتحامه في 2011، وكشف عن قيامه بعمليات تنصت على مهاتفات قيادات الجيش، وهو الدور المسؤول عنه المخابرات العسكرية في الأساس

اجمالي القراءات 1915
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق