ما حققوه في 14 عامًا فقدوه في 14 يومًا! هكذا أصبح «حلم دولة الأكراد» شبه مستحيل

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


ما حققوه في 14 عامًا فقدوه في 14 يومًا! هكذا أصبح «حلم دولة الأكراد» شبه مستحيل

تجاهلتهم معاهدة سايكس بيكو قبل أكثر من 100 عام، فتوزعوا بين أربع دول، العراق وسوريا وتركيا وإيران، إنهم الأكراد. يعد أكراد العراق أفضل حالًا بكثير من قرنائهم في دول الجوار، فهم ومنذ عام 1991 حققوا مكاسب، وأنشأوا إقليمًا تحت الحماية الأمريكية والأممية ليحكموا أنفسهم منذ ذلك الحين، في الوقت الذي كان فيه النظام السوري يعد الأكراد من مواطني الدرجة الثانية، فضلًا عن عدم منحهم الجنسية السورية، وكذا حالهم في تركيا وإيران، وإن اختلف الحال في العراق؛ وفي هذا التقرير سنقف على أهم ما يواجه الأكراد الآن من محاولات عزلهم عن بعضهم البعض في سوريا والعراق.

مقالات متعلقة :

كانت القضية الكردية، وما زالت إلى وقت قريب، أداة سياسية تُوظّف بيد حكومات الدول الأربع التي تضم أكرادًا، وهي إيران وتركيا وسوريا والعراق، فكانت كلّ دولة في العديد من الأحيان تدعم أكراد الدولة الأخرى نكاية بها، أو من أجل مصلحة تودها.

تركيا تعزل أكراد سوريا عن بعضهم

ينتشر الأكراد في سوريا في ثلاث مناطق رئيسة منفصلة هي الحسكة، وكوباني «عين العرب» وعفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، ويعد هذا التوزع الجغرافي غير المتصل، إضافة إلى وجود مُكوّنات إثنية وقومية أخرى في ريف الحسكة، وعدم وجود الطبيعة الجبلية في المناطق ذات الغالبية الكردية كما في تركيا، وجبال قنديل في العراق، كلها عوامل وقفت عائقًا أمام أكراد سوريا في القيام بأي أعمال تمرد ضد النظام السوري.

عملية «درع الفرات» والتي أطلقتها تركيا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، كان لها ما وراءها، فأكثر ما تخشاه تركيا أن يؤدي الحال بالأزمة السورية إلى عزلها عن جيرانها العرب من خلال توسع الأكراد على طول الشريط الحدودي بين البلدين، فضلًا عن إقامة كيان أو دولة كردية قد تؤزم الوضع المضطرب أساسًا بين الحكومة التركية وأكرادها المتمثلين بحزب العمال الكردستاني، وبسيطرة المعارضة السورية المدعومة من تركيا على مدينة جرابلس ودابق والباب في الشمال السوري، باتت مناطق النفوذ الكردي في سوريا بحكم المنفصلة إلى جزأين اثنين، أحدهما إلى الشرق من نهر الفرات، والممتدة من كوباني إلى الحسكة، والجزء الآخر في مدينة عفرين في شمال غرب مدينة حلب.


أعلام وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة الرقة السورية

وما يلبث القادة الأتراك أن يصرحوا بين الفينة والأخرى باستعدادات عسكرية لتطهير مدينة عفرين من تنظيمات حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية السورية، وإذا ما نفذت تركيا تهديداتها تلك، يكون التواجد الكردي في سوريا محصورًا بمناطق شرق نهر الفرات، حيث بدأت قوات تركية تنتشر في محافظة إدلب السورية بهدف الحد من توسع وحدات حماية الشعب الكردية؛ ما يشكل مزيدًا من الضغط على الأكراد في مدينة عفرين.

عزل أكراد العراق عن أكراد سوريا

تمتد الحدود الإدارية الرسمية لإقليم كردستان العراق من مدينة السليمانية شرق العراق، وصولًا إلى مدينة دهوك في أقصى غرب العراق، ويمثل الخط الأزرق الحد الفاصل بين القوات العراقية التي كانت تتبع نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وبين الأكراد وقوتهم المعروفة بالبيشمركة، والخط الأزرق هو حدود افتراضية كانت الأمم المتحدة قد رسمته عام 1991 وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 688، والقاضي بفرض حظر طيران محدد بعد حرب الخليج الثانية، وكانت مناطق إقليم كردستان من ضمن المناطق التي يحظر فيها على القوات العراقية تجاوزها أو الطيران فوقها، إلا أن الأكراد، وبعد عام 2003، توسعوا وسيطروا على مناطق في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى.


خارطة المثلث العراقي التركي السوري

معبر فيشخابور الذي يربط كردستان بسرويا.. حلبة الصراعات الإقليمية

يقع معبر فيشخابور الحدودي على نهر دجلة، على بعد نحو 50 كيلومترًا غرب مدينة دهوك، وأنشئ عام 1991، ويعد المنفذ الوحيد الذي يربط إقليم كردستان بسوريا، يقع على المثلث الحدودي التركي العراقي السوري، ويسمى المعبر من جهة سوريا بمعبر «سيمالكا»، وبعد عام 2003 تراجع العمل في المعبر بسبب تنشيط معبر ربيعة التابع لمحافظة نينوى.

لا تعتمد الحكومتان العراقية والسورية معبر فيشخابور رسميًا، ويستخدم المعبر منذ بدء الثورة السورية عام 2011 لنقل الأشخاص بدرجة أساسية، فضلًا عن نقل بضائع محدودة، وتسيطر عليه حاليًا من الجانب العراقي البيشمركة، ويعد المعبر ممرًا استراتيجيا للأكراد في سوريا والعراق، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية، وسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية على مناطق واسعة في الشمال السوري، فضلًا عن أنه يعد أحد أهم المنافذ الخارجية لأكراد سوريا، وإذا ما فرضت الحكومة العراقية سيطرتها على المعبر، فسيكون أكراد سوريا بمعزل كامل عن أقرانهم في العراق، فضلًا عن خسارة أكراد سوريا منفذ تزويدهم بالأسلحة.


مدرعة للقوات العراقية على مقربة من فيشخابور

نشر موقع «واشنطن إكزامينر» الأمريكي مقالًا للكاتب «توم روغن»، أكد فيه على أنه يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية عدم السماح لإيران بالسيطرة على معبر فيشخابور الحدودي الذي يفصل بين العراق وسوريا، وحذر الكاتب من أن السيطرة عليه ستمثل انتصارًا استراتيجيًا لإيران، لأنه لن يقتصر على إيقاف حركة العبور بالنسبة للأكراد، بل إن الولايات المتحدة ستواجه التحدي ذاته، بحسبه، وأعلنت إدارة معبرِ فيشخابور الجمعة عن إيقاف جميع الحالات الإنسانية من الدخول والخروج من وإلى المعبر؛ بسبب الوضع المتأزم والعمليات العسكرية.

بغداد تسيطر على فيشخابور

فجر الاثنين 16 اكتوبر (تشرين الاول) الجاري، بدأت القوات العراقية المتمثلة بالجيش وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، إضافة إلى الحشد الشعبي بالتحرك نحو كركوك، انطلاقًا من جنوب المدينة، ومن منطقة طوزخورماتو في عملية أطلقت عليها بغداد اسم «عملية فرض الأمن في كركوك» بعد أسبوعين على مطالبة بغداد بتسليم مواقع هامة في المدينة، جاء هذا التحرك ردًا على استفتاء إقليم كردستان، لتسيطر القوات العراقية على كركوك دون اشتباك يذكر بمساعدة واتفاق مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والذي يقع مقره مدينة السليمانية، لم يتوقع الأكراد أن تمتد عملية فرض الأمن في كركوك إلى جميع المناطق التي سيطر عليها الأكراد بعد 2003 والتي تسمى بالمناطق المتنازع عليها.


القوات العراقية تستهدف البيشمركة قرب فيشخابور

يقول الصحافي العراقي علي الحيالي لـ«ساسة بوست» لم يكن الأمر متوقعًا على الإطلاق، كل العراقيين تفاجأوا بالخطوة الحكومية التي تصر على استرجاع كل المناطق المتنازع عليها، وفيما يخص معبر فيشخابور ومحاولة القوات العراقية السيطرة على المعبر، وأضاف الحيالي أن الحكومة لن توفر جهدا في السيطرة على المعبر، وأظن أن التحرك العراقي كان بعلم ومباركة أمريكية، فضلًا عن ارتياح تركي كبير، حيث ستوفر هذه السيطرة جهدًا كبيرًا على تركيا في حماية جزء من حدودها الجنوبية، فضلًا عن محاصرة حزب العمال الكردستاني.

ما قبل السيطرة على فيشخابور

وفي آخر التطورات الميدانية، وافقت الحكومة العراقية على هدنة توصلت إليها القوات العراقية والكردية في اجتماع لها في الموصل السبت 28 اكتوبر (تشرين الاول)، وكانت الحكومة العراقية قد أعطت الأكراد مهلة 24 ساعة لتنفيذ ما اتفق عليه بين الجانبين.

وفي السياق ذاته، قال رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول الركن عثمان الغانمي صباح يوم الأحد 29 أكتوبر (تشرين الأول)، إن القوات العراقية تنتظر رد إقليم كردستان بشأن ما طرح في الاجتماع الذي عقد السبت، وأضاف أن الاجتماع الأمني تناول محورين اثنين، يتمثل الأول في انتشار القوات العراقية الاتحادية بجميع المناطق والحدود الإدارية للمحافظات لعام 2003، وانسحاب البيشمركة منها، أما المحور الثاني فيتمثل في سيطرة الحكومة المركزية على جميع المنافذ الحدودية الدولية والمطارات، بما في ذلك معبر فيشخابور الاستراتيجي.


ومع ظهيرة يوم الأحد 29 أكتوبر (تشرين الأول)، توصلت القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية إلى اتفاق على نشر القوات الاتحادية المركزية عند معبر فيشخابور الاستراتيجي مع تركيا في شمال البلاد، وبذلك تكون الحكومة الاتحادية قد فرضت سيطرتها على المعبر الاستراتيجي بعد اشتباكات عنيفة ومفاوضات استمرت ليومين اثنين.

وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية «توصلنا إلى اتفاق مع البيشمركة لنشر قوات اتحادية في فيشخابور، من خلال عملية سلمية، ودون قتال».

خطة تركيا لعزل أكراد العراق عن سوريا

في ظل ما تشهده الساحة الإقليمية في شمال العراق وسوريا من أحداث متسارعة، لا تألو الحكومة التركية جهدًا في سبيل التخلص من حلم الأكراد في الاستقلال، وفي خطوة لعزل أكراد العراق عن سوريا، قال وزير الجمارك والتجارة التركي بولنت توفنكجي: إن بلاده توصلت إلى اتفاق مع الحكومة المركزية العراقية خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى تركيا في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، يقضي بفتح معبر حدودي جديد يربط بين البلدين، بدلًا من المعبر الحدودي الخاضع لسيطرة إدارة إقليم كردستان، وبين توفنكجي أنه يمكن فتح معبر «أوفا كوي» في ولاية شرناق جنوب شرقي تركيا؛ ليربط تركيا ببغداد، دون المرور بالإقليم.

ما حققه الأكراد في 14 عامًا.. فقدوه في 14 يومًا!

مكاسب كثيرة حققها الأكراد بعد عام 2003، تمثلت في سيطرتهم على مساحات واسعة من الأراضي في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى، فضلًا عن تحكمهم في الحدود والمنافذ الدولية، كالمطارات والمعابر البرية مع تركيا وإيران، يقول الصحافي العراقي علي الحيالي لـ«ساسة بوست» لو بقي الأكراد على حالهم قبل الاستفتاء لكان خيرًا لهم، كانوا يعيشون في حالة قريبة من الدولة، ويضيف الحيالي أن الحكومة العراقية الآن يبدو أنها عازمة على السيطرة على جميع المعابر البرية والجوية للإقليم، ويرى الحيالي أن ما حققه الأكراد في 14 عامًا منذ عام 2003 خسروه في 14 يومًا، وهو التاريخ الممتد من 15 أكتوبر (تشرين الأول)، موعد بدء العمليات العسكرية في كركوك.

اجمالي القراءات 4662
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق